ثقافة و فنمجتمع

هل يمحو “محمد” صورة الإسلام العنيفة؟

يهدف الفيلم الإيراني إلى إظهار صورة مغايرة عن الإسلام، ويقدم ردوداً على التفسيرات المتطرفة للدين. لكن هل ينجح الفيلم في القضاء على الصورة السائدة؟

لقطة من فيلم “محمد رسول الله”

دويتش فيله – شامل شمس – ترجمة: محمد الصباغ

قال مخرج فيلم ”محمد رسول الله“ مجيد مجيدي الجمعة الماضية خلال مهرجان مونتريال السينمائي ”كلما زادت الأفلام حول حياة النبي، كلما كان أفضل“. يعرض الفيلم ،المخطط له أن يكون من ثلاثة أجزاء، الحياة قبل ميلاد النبي وطفولته منذ أكثر من 1400 عام. فيما بدأت دور العرض الإيرانية بالفعل في عرض الفيلم باهظ التكاليف منذ 27 أغسطس الماضي.

المخرج الإيراني الشهير بفيلمه الذي رشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي 1998  عن (Children of Heaven- أطفال السماء)  ، واجه مصاعب لإظهار ”الصورة الصحيحة للإسلام في فيلمه الجديد الذي تبلغ مدته  171 دقيقة  وتكلف 40 مليون دولار و7 سنوات من العمل الشاق. لكن هل سيكون قادراً من خلال فيلمه على تعديل صورة الإسلام والنبي محمد التي تعرضت للتشويه؟

مخرج الفيلم: مجيد مجيدي

تحدث مجيدي لمجلة (حزب الله لاين – Hezbollah Line) الإيرانية المحافظة، وقال: ”قررت صناعة الفيلم لمواجهة الموجة الجديدة من الإسلاموفوبيا في الغرب. صورة الإسلام في الغرب مليئة بالعنف والإرهاب“.

أعلنها صناع الفيلم واضحة، أن ”محمد رسول الله“ يهدف إلى تغيير الصورة السائدة حول نبي الإسلام في العالم، وخاصة في الغرب. وسواء كان ذلك خاطئاً أم صحيحاً، أصبح الإسلام كلمة مرتبطة بمنظمات إرهابية كالقاعدة والدولة الإسلامية وأيضاً بعدم التسامح والتطرف.

مازالت ذكرى الهجوم الجهادي على مجلة “تشارلي إيبدو” الساخرة حاضرة في العقل الغربي، أدى الهجوم إلى مقتل 12 شخصا بما فيهم محرري الصحيفة. كان استهداف المجلة بسبب نشر رسوم كارتونية ”مسيئة“ لمحمد، وتلك الحقيقة يبدو أنها تثبت أن الكثير من المسلمين لا يؤمنون بالخطاب العقلاني.

ونتيجة لذلك تستحق جهود مجيدي الثناء. يريد بناء خطاب مضاد حول الإسلام ورسوله من خلال الفن. يريد بعمله الإبداعي أن يقنع غير المسلمين بأن الإسلام هو دين سلام وأن عملية القتل بتشارلي إيبدو، وحرق الأجساد وتخريب الممتلكات العامة هي رد فعل لأفلام معادية للإسلام كـ(براءة المسلمين – Innocence of Muslims) التي فقط قد تقوي الانطباع بأن المسلمين يؤمنون بالعنف. (براءة المسلمين: فيلم مثير للجدل عن المسلمين نشر على “يوتيوب” في 2012 وأدى لمظاهرات غاضبة في عدة دول ذات أغلبية مسلمة).

تغضب التعليقات السلبية أو الرسوم الساخرة للإسلام والنبي محمد المسلمين حول العالم. ويعد أي تجسيد للنبي ليس من الإسلام وإهانة، خاصة من جانب الأغلبية السنية من المسلمين.

أصدر آية الله الخميني عام 1989 فتوى تبيح قتل المؤلف البريطاني سلمان رشدي بسبب روايته المثيرة للجدل ”آيات شيطانية“، التي اعتبرها الكثير من المسلمين إهانة للنبي محمد. وفي عام 1993، كتبت المؤلفة البنجلاديشية، تسليمة نسرين رواية ”لاجا“، التي أثارت غضب مسلمين كثر في شبه الجزيرة الهندية. وكان عليها الاختباء خوفاً من تهديدات القتل الكثيرة. كما تظاهر المسلمون حول العالم عام 2005 عندما نشرت الجريدة الدنماركية (Jyllands-Posten ) رسوماً تجسد نبي الإسلام للرسام كورت فيسترجارد.

طالب العديد من رجال الدين السنة بحظر الفيلم الذي يظهر فيه صبي يجسد دور النبي ويتم تصويره من الخلف. فيقول عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، عبدالفتاح الهواري: ”هذه القضية محسومة. تمنع الشريعة تجسيد الأنبياء“، ويضيف لرويترز: ”من غير المسموح في الإسلام (لأن الممثل) يقوم بأدوار متناقضة وكثيرة، في بعض الأحيان نراه مثلاً في حالة سكر، وأحياناً زير نساء… ثم يجسد دور النبي… هذا غير مسموح“.

كما انتقد مسعود فراستي، الناقد السينمائي الإيراني، الفيلم. وقال: ”فيلم مجيدي ليس واضحاً ومثيرا للقلق“، وأضاف أن الأزياء والممثلين لا تتناسب مع ثقافة الفترة الزمنية التى تدور حولها الأحداث.

ويؤمن الشاعر والباحث الإيراني افتخار عارف أن أكثر الأشخاص تديناً سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو أي دين آخر، هم الأكثر حساسية تجاه معتقداتهم. ويقول: ”لا يتعلق الأمر بالمسلمين، فعندما أخرج مارتن سكورسيزي فيلم (الإغواء الأخير للمسيح)، قامت مجموعات متطرفة مسيحية بالتظاهر ضده وضد الفيلم“.

يبدو أن الإيرانيين هم القادة في العالم الإسلامي حين يتعلق الأمر بإظهار ”صورة ناعمة“ للإسلام أمام بقية العالم. وكان فيلم الرسالة للمخرج السوري الأمريكي مصطفى العقاد عام 1976 ناجحاً بشكل كبير بين الشيعة الإيرانيين. وأيضاً يعد فيلم مجيدي ناجحاً في دور العرض الإيرانية.

ورغم الإشادات بالفيلم، تبقى القضية هي إذا ما كان يستطيع تغيير الخطاب المهيمن حول الإسلام ونبيه. وطالما تمتلأ وسائل الإعلام بتقارير حول مذابح الجهاديين والتفجيرات الانتحارية في بلدان المسلمين والغرب، فوجود فيلم أو اثنين قد لا يكون قادراً على تغيير الرأي العام حول الإسلام. وربما تكون الحقائق الاجتماعية والسياسية في الدول الإسلامية أكثر إفادة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى