إعلامسياسة

مصر “لا تتحول” ..افتتاحية الواشنطون بوست

ww

 

 

افتتاحية واشنطن بوست – ترجمة : ملكة بدر

بينما كان وزير الخارجية جون كيري يهلل للنظام العسكري الجديد في مصر، ويعبر مرارًا وتكرارًا عن تفائله به وبقيادته البلاد مرة أخرى إلى طريق الديمقراطية، كانت كل الأدلة دامغة على أن ما يحدث هو العكس. والأسبوع الماضي فعلها كيري مرة أخرى، في جلسة استماع في الكونجرس، عندما سئل عن الوقت الذي ستستأنف فيه إدارة أوباما إرسال المساعدات العسكرية إلى نظام الجنرال عبد الفتاح السيسي، رد كيري “أنا آمل جدًا جدًا في أن يحدث ذلك في أسرع وقت، وأننا سنكون قريبًا قادرين على تجاوز ذلك، والتقدم في الأمر”.

يواجه كيري بالرغم من ذلك مشكلة، فالكونجرس مرّر تشريعًا يتطلب تقديم ضمان على أن مصر تتخذ خطوات فعلية تجاه التحول إلى الديمقراطية، قبل الإفراج عن أية مساعدات لها، وفي الوقت نفسه، يتحرك الجنرال السيسي بقوة في الاتجاه الخطأ. إن الآلاف من نشطاء المعارضة السياسيين، عددهم بين 16 ألف إلى 21 ألف معتقل، محشورون في السجون، معظمهم لم توجه إليه أي اتهامات بعد، والصحفيون مقموعين، والمظاهرات ممنوعة، ويبدو أن الجنرال يستعد للإعلان عن نفسه مرشحًا في انتخابات رئاسية تبدو بفجاجة كأنها أحادية الجانب. ومن ثم، سيكون من الصعب أمام كيري أن يقدم تأكيدات ضرورية وضمانات كهذه للكونجرس. وكان كيري قد قال لأعضاء مجلس النواب من قبل إن “الجنرالات في حاجة إلى أن يساعدونا لنساعدهم من خلال تطبيق بعض الإصلاحات التي كنا قد تحدثنا معهم عنها بشأن الشمولية، والصحفيين، وبعض حالات الاعتقال، إلخ”.

ومن المشجع أن كيري يبدو وكأنه يربط بين استئناف المساعدات وتحقيق “إصلاحات” ملموسة في مصر، لكن هذه الكلمات كانت تتناقض مع تأكيده على أنه سيتم تحقيق “تقدم في الأمر” وتجاوزه “في فترة قصيرة”، على حد قوله.

ولكي تكون هناك استجابة ذات معنى للقضايا التي أشار إليها كيري، يجب أن يكون هناك تغيير راديكالي – لن يحدث غالبًا- في مسار نظام السيسي، الذي فضلا عن شموليته، كان يسعى طوال الفترة الماضية لتدمير أكبر حركة إسلامية في مصر، هي الإخوان المسلمين، وفي الوقت نفسه كان يقوم باعتقال القادة العلمانيين لثورة يناير 2011 الذين وقفوا سابقًا أمام الاستبداد المدعوم من الجيش.

ومن بين الآلاف القابعين في السجون، هناك الرئيس السابق محمد مرسي ومعظم قادة الإخوان المسلمين، وثلاثة من صحفي شبكة الجزيرة المحترمين، منهم اثنان يحملان جوازات سفر غربية، وعدد من أفضل المدافعين في مصر عن الديمقراطية الليبرالية المدنية، فضلا عن النشطاء أحمد ماهر ومحمد عادل وأحمد دومة الذين حكم عليهم في ديسمبر الماضي بالسجن 3 سنوات لاحتجاجهم على قانون التظاهر الجديد الذي يجرّم معظم التظاهرات، وعند ظهورهم الأسبوع الماضي في جلسة استئناف، قالوا إنهم تعرضوا للضرب على يد الحراس في طريقهم إلى قاعة المحكمة. كل هؤلاء في السجون، بالإضافة إلى الناشط العلماني البارز علاء عبد الفتاح المحبوس منذ أكثر من ثلاثة أشهر دون اتهامات.

ربما يتوقع كيري الإفراج عن عدد من المحبوسين في مقابل الإفراج عن المساعدات الأمريكية لمصر، لكن مصر لا تشهد الآن انتقالًا حقيقيًا للديمقراطية، وقد حان الوقت لإدارة أوباما لتقبل ذلك و عليها أن تأقلم سياستها بناء عليه.

كانت نصيحة  آدم سكيف، نائب كاليفورنيا، لوزير الخارجية كيري، جيدة، إذ قال “بالرغم من رغبتنا القوية في وجود علاقة مع مصر، إلا إنني أحث على الحذر بدلا من السرعة فيما يخص المساعدات. وأفضّل أن أكون داعمًا لمصر من خلال مؤسسات بناء الديمقراطية فيها، بدلا من اتخاذ أي خطوات يمكن أن تظهر كما لو أنها.. تتغاضى عن القمع”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى