مجتمع

نيويورك تايمز: الأسلحة تقتل أمريكيا كل 16 دقيقة.. ماذا نفعل؟

300 مليون سلاح ناري في أيدي مواطني الولايات المتحدة الأمريكية

نيويورك تايمز – نيكولاس كريستوف – ترجمة: محمد الصباغ

بلغ متوسط حوادث إطلاق النار في الولايات المتحدة أكثر من حادث في اليوم الواحد حتى الآن خلال هذا العام، وذلك وفقا لموقع حصر عمليات إطلاق النار الجماعية (ShootingTracker). ويكون الحصر للحالات التي يكون فيها إطلاق النار على أربعة أشخاص أو أكثر. والآن شهدنا هجوماً الأربعاء بسان برناردينيو في كاليفورنيا، أدى إلى مقتل 14 شخصاً على الأقل.

من المبكر جداً معرفة ما حدث بالتحديد في سان برناردينيو، لكن فقط خلال الأربع سنوات الماضية، قتل عدد أكبر من الأشخاص في الولايات المتحدة بسبب الأسلحة (من بينهم الانتحار والحوادث) أكثر من الأمريكيين الذين قتلوا في الحروب في كل من كوريا وفيتنام وأفغانستان والعراق مجتمعين. عندما يموت شخص في أمريكا كل 16 دقيقة بسبب سلاح ناري، فنحن هنا بحاجة إلى مناقشة حلول بشكل عاجل.

أكد الديموقراطيون ومن بينهم الرئيس أوباما على الحاجة إلى مواجهة المشكلة الأمريكية مع الأسلحة. وتحدث الجمهوريون عن الحاجة إلى مواجهة الصحة العقلية. كلاهما على صواب.

أولاً؛ الأسلحة هي القضية الجوهرية: نريد نهجاً للصحة العامة لا يعتمد على التخلص من الأسلحة (وهو أمر لن يحدث في دولة بها حوالي 300 مليون سلاح ناري) بل على تقليل المذابح التي تسببها تلك الأسلحة.

بشكل روتيني نقوم بعمل سياسات تقلل من حصيلة المنتجات المميتة من حولنا. هذا ما نفعله مع السيارات (رخصة القيادة، وأحزمة الأمان، وأسوار الطريق). هذا ما نفعله مع حمامات السباحة (أسوار، بوابات حماية للأطفال، وغطاء لحمام السباحة). وهذا ما نفعله أيضاً مع مسدسات الأطفال (الرؤوس البرتقالية).

هذا ما يجب فعله مع الأسلحة الحقيقية.

يمكننا تحسين الأمن العام دون التخلص من الأسلحة. في سويسرا الأسلحة في كل مكان تقريباً لأن كل الرجال قد قضوا فترة من حياتهم في الجيش (يقال إن سويسرا لا تمتلك جيشاً، بل هي جيش).ورغم انتشار أسلحة الجيش في كل مكان إلا أن نسبة الجريمة منخفضة.

يجب أن نركز على منع وصول الأسلحة إلى الأشخاص الذين يمثلون خطراً كبيراً. والخطوة الأولى الضرورية هي فحص عالمي عند طلب الحصول على سلاح. أشارت أبحاث “نيو هارفارد” إلى أن حوالي 40% من الأسلحة في أمريكا يتم الحصول علها دون أي فحص أو تحقق، وهو أمر غير معقول.

المدهش، عندما يقوم أشخاص على قائمة الإرهاب بمحاولة شراء أسلحة في الولايات المتحدة فذلك قانوني تماماً.  أقبل أكثر من 2000 مشتبه بهم بالإرهاب على شراء أسلحة بالولايات المتحدة في الفترة بين 2004 و 2014. كرر الديمقراطيون كثيراً مقترحهم بإغلاق هذا المنفذ، لكن الرابطة الوطنية لحيازة الأسلحة وحلفائها من الجمهوريين تصدوا لتلك الجهود لذلك مازال المنفذ موجود وقانوني.

بينما يعارض الجمهوريون في الكونجرس أكثر الخطوات التي تحد من وصول الأسلحة إلى مرتكبي العنف، فإن العامة مسؤولون أكثر. وهناك 85% من مالكي الأسلحة يوافقون على الفحوصات الدولية لحيازة السلاح، وذلك وفقاً لإحصائية أجريت هذا العام.

كما أن الغالبية الساحقة من ملاك الأسلحة يدعمون التضييق على تجار الأسلحة النارية الذين لا يهتمون أو يفقدون مسار تلك الأسلحة. غالبية مالكي الأسلحة يوافقون على منع الأشخاص أقل من 21 عاماً من امتلاك سلاح يدوي، ويطلبون أن تكون الاسلحة مؤمنة تماماً داخل المنازل.

تلك خطوات مسؤولة، لكن بشكل مؤسف تم اعتراضها من جانب الجمعية الوطنية لحيازة الأسلحة وحلفائها. واعتادت الجمعية أن تكون مسؤولة، عندما دعمت أول قانون عام فيدرالي للسلاح عام 1934، ووقفت بشكل كبير خلف قانون السيطرة على الأسلحة لسنة 1968. وكطفل مزرعة نشأ في ريف أوريجون، تلقيت بندقية في عيد ميلادي ال12، وحصلت على تدريب في الأمان تقوم به الجمعية، ومعه عضوية لمدة عام. لكنها تحولت إلى ”لوبي“ متطرف يعارض بعنف حتى القوانين التي يدعمها بشكل واضح ملاك الأسلحة.

أما بالنسبة للصحة العقلية، فالجمهوريون على حق في أن ذلك يرتبط بعنف استخدام الأسلحة. لكن صحيح أيضاً أنه في بعض الحالات اقتطعوا أجزاء من ميزانيتهم المخصصة للصحة العقلية. مثلاً تقدم النائب الجمهوري عن بنسلفانيا، تيك مارفي، بمشروع قانون قد يحسّن نظام الصحة النفسية الكارثي، وربما يقلل أعداد الأشخاص الذين يتحولون إلى العنف. لكن بعض الديمقراطيين كانوا قلقين من المشروع لأن الجمهوريين راضين عنه. هذا سخف: نحتاج إلى نظام صحة نفسية أفضل كما نريد فحوص بخلفية دولية على حيازة الأسلحة.

ليس من الواضح أي سياسة، كانت ستمنع القتل في سان برناردينيو. فليس كل إطلاق نار جماعي كان من الممكن منعه. لكننا لم نحاول حتى.

عندما عالجنا القيادة تحت تأثير الخمر، قمنا بخطوات مثل رفع سن تناول الخمر إلى 21 وضيقنا على المذنبين. هذا لم يمنع القيادة تحت تأثير الخمر، لكنه أنقذ الآلاف من الأرواح.

لأسباب مشابهة، يتم الثناء على رونالد ريجان في كل سياق يميل إلى تنظيم استخدام الأسلحة، ويشمل ذلك فترات الانتظار الإلزامية قبل الشراء.

كتب ريجان لـ”نيويورك تايمز” في افتتاحية عام 1991 داعماً فرض قيود على الأسلحة ”كل عام، بمعدل 9200 أمريكي يتم اغتيالهم بسلاح يدوي“، وأضاف أنه لو تم التشديد على حيازة الأسلحة ”قد تقل النسبة بمعدل 10 أو 15% من ذلك الرقم، ولذلك قيمة لو جعلناها قانون للدولة“.

أيها الجمهوريون استمعوا إلى زعيمكم المقدس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى