سياسة

خرافات هآرتس.. إسلام البحيري والأزهر والسيسي

زحمة- تقرير مليء بالمعلومات المغلوطة من هآرتس الإسرائيلية حول أزمة إسلام البحيري مع الأزهر ودور السيسي

في صحيفة هآرتس الإسرائيلية كتب تسفاي برئيل مقالا حول أزمة برنامج إسلام البحيري مع مؤسسة الأزهر، وعن علاقة الرئيس السيسي بالأزمة، وفضلا عن أن المقال لم يغطي التطورات الأخيرة المتعلقة بإيقاف البرنامج رغم أنه منشور بتاريخ أول أمس السبت 25 أبريل، فالمقال شهد أيضا الكثير من المعلومات المغلوطة، أبرزها أن قرارات مجلس شورى العلماء بالأزهرملزمة بحكم القانون للحكومة المصرية، كما ادعى   المقال علاقة نسب بين السيسي وطارق نور صاحب قناة القاهرة والناس، زاعما أن زوجة الرئيس هي شقيقة طارق نور (وهي شائعة قديمة تبناها المقال دون تمحيص)، كما قال المقال إن الأزهر هو من يحدد فتوى الخطب الدينية في المساجد، بينما يعود هذا الأمر إلى وزارة الأوقاف.

وإلى نص المقال

هآارتس – تسفاي بارئيل – ترجمة: محمد الصباغ

قال الشيخ محمد مهنا، المتحدث باسم هيئة كبار العلماء بجامعة الأزهر: ”الرسول علمنا أن نطيع الحاكم حتى لو كان عبدا أسود. نحن نحب (الرئيس عبد الفتاح) السيسي، المؤسسة والجيش، ونحترم دور الجيش“.

كانت هذه التصريحات حلقة جديدة من الملحمة التى جذبت اهتمام الجميع في مصر منذ أسابيع حول ما يقوله إسلام البحيري، الذي يقدم برنامجاً دينياً على قناة ”القاهرة والناس“ الخاصة. يعتبر البحيري نفسه مفسراً معتمداً للدين وخلال العام الماضي استخدم برنامجه لعرض وجهات نظره التي ينتقد فيها بقسوة الإسلام المتشدد.

لكن قائمة أهدافه لم تقتصر على المنظمات المتشددة، بل انتقد أيضاً مؤسسة الأزهر ورئيسها، الشيخ أحمد الطيب. اتهم البحيري شيخ الأزهر بعدم إبعاد المئات من الداعمين للإخوان المسلمين من الأزهر، وبرفض أي إصلاح لنظام التعليم الديني التقليدي، وأيضاً اتهمه بإصدار فتاوى دينية مرجعيتها كتب دينية ترجع إلى ألف عام مضت ولا تتناسب مع العصر الحديث.

يعد الأزهر مجموعة من المؤسسات التي يعود تاريخها إلى القرن العاشر، ويشمل الآن مسجد ونظام تعليمي بالإضافة إلى الجامعة ومجلس شورى العلماء الذي تعتبر فتاواه الدينية ملزمة للحكومة المصرية (بينما هي غير ملزمة للمواطنين).

وقعت المؤسسة في فخ لعدة عقود. وبعد أن كانت مؤسسة مستقلة لقرون، أممها الرئيس جمال عبد الناصر عام 1961 ومنذ ذلك الحين أصبحت جزء لا يتجزأ من بنية الحكومة.

تمتلك مؤسسة الأزهر القدرة على التحكم في الشؤون الثقافية والتعليمية المتعلقة بالدين. والمؤسسة مسؤولة عن محتوى الخطب الدينية في أكثر من 140 ألف مسجد مرخص. وفوق كل ذلك تضفي المؤسسة الشرعية الدينية على أفعال الحكومة.

وفي المقابل، تقول الجماعات المتطرفة ومعها الدعاة الموقرين إن المؤسسة أصبحت دمية في يد الحكومة، توافق على كل فعل تقوم به حكومة القاهرة.

ونتيجة لذلك، سعى رؤساء مصر بقوة إلى تعزيز وجود الأزهر كدرع ديني يحميهم أمام منافسيهم. لذا فيتوقع الجميع أن البحيري ومن مثله على دراية تامة بأن أي هجوم مباشر على الأزهر أو رئيسه أحمد الطيب هو هجوم على النظام.

لكن بشكل مفاجئ خرج البحيري من الأمر دون أي ضرر. وعندما طلب الأزهر من المنطقة الحرة الإعلامية –مؤسسة حكومية- توجيه أمر للقناة بإلغاء برنامج البحيري، قوبل طلب الأزهر بالرفض. وأرسل خطاب تحذير للقناة كي تكون حذرة أكثر فيما يتعلق بالبرنامج.

واجهت السلطات مشكلتين، الأولى حينما دعا السيسي المصريين إلى ”تصحيح وتجديد الخطاب الديني“، وبلغ نداءه حد الأمر.

كما قال: ”تشترك بعض العوامل في خلق الإرهاب والتفكير المتشدد، وتشمل الجهل، والفقر وخطابنا الديني الضعيف، بالإضافة إلى العزلة ورفض الإعتراف بثقافة الآخر“. وبالتالي يمكن أن نعتبر هجوم البحيري العنيف يتماشى مع نشر أفكار السيسي.

لكن على الجانب الآخر، يحتاج السيسي إلى الأزهر وأشار بوضوح إلى ضرورة أن يكون تصحيح وتجديد ”الخطاب“ الديني بواسطة فقط خبراء الدين والدولة، وفي مقدمتهم الأزهر.

المأزق الثاني ينبع من حقيقة أن القناة التي تبث برنامج البحيري يمتلكها طارق نور، عملاق الدعاية في مصر، الذي يمتلك شركة تهيمن على سوق الدعاية في مصر. ليس فقط لأن نور قريب جداً من السيسي، فشقيقته هي زوجة السيسي، وكان نور من نظم وموّل حملة السيسي الإنتخابية الناجحة كما فعل مع الرئيس السابق مبارك عام 2005.

طارق نور كالسيسي  يعد معارضاً قوياً للإخوان المسلمين. وعندما تقوم قناة مملوكة لشخص تربطه صلات قرابة بالسيسي بمهاجمة الأزهر بتلك الطريقة، فإنه من المستحيل تقريباً أن تقوم السلطات بمنع المذيع المتمرد من الظهور على الهواء.

وبالمناسبة لا تنتاب السيسي أي مخاوف حين يأمر بالقبض أو إبعاد الصحفيين الآخريين. فقد وافق على إبعاد وزير الثقافة جابر عصفور من منصبه منذ شهرين تقريباً بسبب هجوم مشابه على الأزهر. لا تعتبر قضية حرية التعبير مطروحة هنا، فالأمر يتعلق بطلب الرئيس تصحيح الخطاب الديني في مصر.

لم ييأس الأزهر، فبعد رفض الطلب بإيقاف برنامج البحيري، أقام شيخ الأزهر دعوى قضائية ضد هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية، والمنطقة الحرة الإعلامية وأيضاً ضد البحيري. وتعتمد الدعوى على مادة في الدستور المصري تنص على أن الإسلام هو دين الدولة والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع.

وجه الطيب إلى البحيري أيضاً تهمة الإضرار بالأمن القومي وتكدير السلم. سيكون من الممتع رؤية الحكم في القضية، مع وجود العلاقات الوثيقة بين طارق نور، رئيس البحيري، والرئيس.

يواجه الأزهر أيضاً مشكلة اخرى وهي الخطط التي يقوم بها الكاتب والصحفي شريف الشوباشي الذي يخطط لتنظيم مليونية نسائية في التحرير في الأول من مايو للتظاهر ضد القرار الديني الذي يطالب المرأة بغطاء للشعر.

قال الشوباشي: ”تعاليم الأزهر بارتداء الحجاب أثناء الصلاة مفاجئة. لم تعرف مصر مثل هذه الأمور قبل خمسين عاماً. هل كان علماء الأزهر في الخمسينيات والستينيات على ضلال؟“

تتزايد أزمة الحجاب لتصل إلى حد عاصفة أخرى قد تطول الرئيس، الذي يمتلك شخصياً علامة على جبهته يعرفها المسلمون بأنها إشارة على تكرار أداء الصلاة.

لكن الأزهر على دراية تامة بالتعقيد الناتج عن العلاقات الوثيقة بين السيسي وطارق نور. وهذا يوضح أسباب حرص الشيخ الأزهري مهنا على إعلان “حب الجامعة (الأزهر) للسيسي”، لجعل الأمر واضحاً بأن الدين شىء و الرئيس شىء آخر. ولنر ما إذا كان السيسي سيقبل بذلك أم لا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى