مجتمع

بي بي سي: المصريات ..يتركن بيت العائلة

بي بي سي: يتزايد عدد الفتيات اللواتي يعشن وحدهن في القاهرة

بي بي سي – ترجمة: محمد الصباغ

بعد أن تأكدت بحرص أن لا أحد ورائها، أغلقت يارا بوابة المبنى الموجود في شارع ضيق بالقاهرة وصعدت إلى الشقة التي استأجرتها. تعيش الصحفية الشابة بعيداً عن والديها، وهي واحدة من بين عدد متزايد في مصر حيث لا تترك الفتاة عائلتها إلا بعد الزواج.

تقول يارا: ”يجب أن أحقق أهدافي بغض النظر عما يقوله الناس. اخترت أن أعيش منفصلة عن أخي الذي يعيش في القاهرة أيضاً، من أجل وقت أكثر للكتابة والقراءة“، وتتابع: ”بقية العائلة تعيش في العريش بشمال سيناء، ولا توجد فرص مهنية مناسبة لي هناك“.

غرفتها بها طاولة بمرآة لارتداء الملابس، لكن حوائط المنزل مليئة بصور لنشطاء سياسيين وشعارات تنادي بالحرية.

وتضيف: ”تقبلت أمي رغبتي في أن أعيش باستقلالية لأنها ناشطة اجتماعية، لكنها تواجه مشاكل مع خالها حيث يقول لها إنه من غير المقبول أن أعيش بمفردي لأن ذلك قد يسيء لسمعتي“.

وأكملت: ”ذلك كسر عزلتهن وجعلهن أكثر جرأة في المطالبة بحقوقهن الشخصية“. كما تقول للشابات إن ترك منازلهن عملية تدريجية لأنهن كن مقيدات بامتعاض المجتمع تجاه ذلك. وتؤكد: ”الطريق إلى الاستقلالية عموماً يبدأ عندما تصل البنات إلى المدن الكبرى للدراسة ويرين أن الحياة ليست مخيفة كما وصفت لهن“.

وتعيش بطريقة مشابهة لها منة الشرقاوي، التي تدرس الإعلام بالقاهرة ولا تنتوي العودة إلى عائلتها بصعيد مصر بعد التخرج. وتقول: ”اخترت ألا أكون لافتة للنظر بالعيش في مبني سكني به الكثير من الأطباء. الفتيات الذين يعيشون بمفردهن يكن أكثر عرضة للتحرش والملاحقة إلى منازلهن“.

منة الشرقاوي

وأوضحت أن ”الاستقلالية تعطيك مسؤوليات أكثر وليس حرية أكثر. نصيحتي للفتيات هي ألا يستقلن بحياتهن دون موافقة آبائهن“.

بينما يرى بعض الفتيات أن طريقة تعامل الآباء تكون متناقضة. وتقول أحد الفتيات التي تعمل في منظمة غير حكومية، التي لا ترغب في إعلان اسمها لأن عائلتها قد ينتقدونها لقول ذلك: ”لا يستطيع الآباء تقبل أن تعيش بناتهن وحيدات في ضاحية مجاورة، وقد يقبلن أن تعيش بناتهن بمفردهن إذا سافرن للدراسة في الخارج“.

عادت وهي في مرحلة العشرينيات من عمرها للعيش مرة أخرى مع عائلتها بعد عام ونصف تقريباً من الحياة باستقلالية. وتضيف ”في أي مكان في مصر، يتابع الناس كل حركة للفتاة، يراقبون موعد مغادرتها وعودتها، ومع من تخرج، وملابسها“، وتؤكد: ”حتى الغرباء تماماً، في مثل هذه المواقف يصبحون حراساً أخلاقيين، وينصبون انفسهم كحراس للفتاة في غياب والديها“.

وتكمل الفتاة التي رغبت في عدم ذكر اسمها أن ”الفجوة بين الإناث من جيلي وجيل الأمهات يبدو أنها في اتساع. النساء من جيلهن مازلن محتفظات بالتوقعات التقليدية للمرأة“ وبسبب ذلك القليل من الفتيات يرغبن في ترك منازلهن والحديث في الموضوع مع آبائهن.

وتوضح الدكتورة ألفت علام، استشارية الطب النفسي، أن ”أغلب الفتيات المصريات يناقشن رغبتهن في الحياة بعيداً عن عائلاتهن مع بعضهن البعض، لكن 35% فقط منهن يتحدثن في الأمر مع أمهاتهن أو وآبائهن“ لكن تحذر الطبيبة أيضاً مما تطلق عليه استقلال ”زائف“ بالحياة، حيث تعيش الفتاة بمفردها لكنها مازالت في حاجة إلى مساعدات مالية من عائلتها.

وفي بعض الحالات تقوم الفتيات بإظهار القدرة على تحمل كلا العبئين. فتقول مي عبد الغني، مترجمة: ”أنا فخورة بحياتي المستقلة. لم أطلب أبداً من أبي مساعدات مالية وتعاملت مع كل المشاكل التي واجهتني بنفسي“، ورغم ارتدائها الحجاب ومظهرها المتدين، تقول مي إنها لاتزال تعاني من مشاكل مع ملاك العقارات.

مي عبدالغني

وتضيف: ”يعاملنا الملاك وكأننا ملكيتهم الخاصة أو أطفالاً يمكن التحكم فيهم وعلينا طاعتهم. على سبيل المثال، يريدون تفاصيلاً عن أين نذهب، ومع من نتقابل، ومتى سنعود للمنزل ومن يزورنا –حتى لو كان الزوار من الإناث“.

حتى لو كانت عائلة الفتاة قريبة منها، تبقى المخاطر كما هي. فشيماء تعيش على مسافة 20 دقيقة من منزل والديها. ورغم ذلك تقول إنها ملاحقة من قبل جارها. وتضيف: ”اشتريت كلباً كبير الحجم وحينها اختفت ملاحقته“.

وتؤكد: ”أكون أشد صرامة مع نفسي حين أعيش وحيدة عما أكون عليه عندما كنت أعيش مع والديّ. على سبيل المثال، سأسمح فقط لاثنين من صديقاتي بزيارتي في شقتي عادة، ودائماً أعود إلى المنزل قبل التاسعة مساء وإلا سيتحدث الجيران. ونصيحة لكل فتاة تريد أن تعيش بمفردها، اشتري كلباً“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى