اقتصادسياسة

بلومبيرج: خطة السعودية لإطالة زمن النفط

بلومبيرج: السعودية تعمل على إطالة زمن استخدام النفط  في مواجهة مصدر الطاقة البديلة

Alex Nabaum/Bloomberg Markets

بلومبرج – بيتر والدمان

إعداد – محمد الصباغ

في الخريف الماضي، ومع الانخفاض الكبير في أسعار النفط  الذي وصل إلى  21% ، وهو أشد انخفاض منذ 4 سنوات، لم يتحدث على النعيمي، وزير النفط السعودي والقيصر الفعلي للطاقة في العالم بكلمة أمام العامة.  لكنه كعادته كان متواجداً في المؤتمرات الصناعية في ثلاث قارات.

ووفقاً للتقرير الذي نشرته “بلومبرج” عن أسواق النفط عام 2015،ظل سوق النفط العالمي يحلل إشارات النعيمي التى تظهر إلى أين تتجه العروض والأسعار لمدة 20 عاماً. عزا  النعيمي انخفاض أسعار النفط  إلى التدابير التي اتخذتها الدول الأعضاء في “أوبك” بتخفيض الإنتاج خلال الأزمة الإقتصادية الآسيوية عام 1998 والأزمة العالمية منذ عشر سنوات، لكن مع انخفاض الأسعار في هذه المرة، لم يتحدث النعيمي.

و في 27 نوفمبر الماضي في فيينا ضمن الاجتماع النصف سنوي، أحبط النعيمي مقترحاً مدعوماً من 12 دولة بتخفيض الإنتاج، وذلك من أجل استراتيجية أكثر جرأة وهي الاستمرار في الضخ والانتظار حتى تنخفض الأسعار لإجبار الشركات المنتجة بتكلفة عالية على الانسحاب من السوق. وانخفضت الأسعار بنسبة 10% واستمرت في الانخفاض في اليوم التالي.

يقول دانيل يرجين، المؤرخ المتخصص في صناعة النفط لبلومبرج: ”ما فعلوه كان تاريخياً. لقد قالوا (نحن نستقيل. نحن ننسحب. لن ندير أسواق النفط بعد الآن. لنترك الأسواق تدار بنفسها) هذا النوع من ردود الأفعال يصيب بالصدمة ويؤدي  للوصول إلى معدلات الأسعار التي رأيناها“.

وحسب ما ذكره مسئولون أطلعوا على ما حدث في الجلسات المغلقة بجينيف، فقد سيطر النعيمي على النقاش. وقال لنظرائه في “أوبك” إنهم يجب أن يستمروا في معدلات إنتاجهم ليحافظوا على حصتهم في السوق من تزايد الإمدادات من النفط الصخري الأمريكي، الذي يكلف أكثر في عملية استخراجه، وبالتالي سيكون غير قادر على الصمود في مواجهة انخفاض أسعار النفط.

انتاب النعيمي والقادة السعوديين القلق لسنوات لأن تغير المناخ وارتفاع أسعار النفط الخام سوف يشجع على استخدام مصادر الطاقة المتجددة، ويزيد من سرعة التحول إلى وقود بديل مثل الغاز الطبيعي، وتحديداً في المجتمعات الناشئة التي تعتمد على الطاقة في النمو. يرى السعوديون أن حجم الطلب على السلعة التي صنعت ثروة المملكة الهائلة اقترب من الوصول إلى الذروة. و هذا الأمر لا يستطيع وزير النفط السعودي مناقشته بعمق بشكل علني، مع القلق العالمي بسبب انبعاثات الكربون وجهود تقليل الاعتماد على الوقود العضوي.

أما لو انخفض استهلاك النفط قريباً، فسيكون ذلك تحولا خطيراً على المملكة السعودية التي يأتي نصف ناتجها المحلي من صادرات النفط.

و في خطاب بالرياض الأسبوع الماضي، قال وزير النفط السعودي إن المملكة ستقف بقوة مع الآخرين المعارضين لمحاولة تهميش استهلاك النفط. وأضاف: ”هناك من يحاولون الوصول إلى اتفاق دولي للحد من استخدام الوقود العضوي، وهذا سيدمر مصالح منتجي النفط على المدى الطويل”.

وحسب ما أظهرته وثائق “ويكيليكس” من تسريبات للخارجية الأمريكية، فالاهتمام السعودي بإطالة فترة اعتماد العالم على النفط يعود إلى عقد مضى. ففي محادثات بين دبلوماسيين سعوديين وأمريكيين، رد النعيمي على الإصرار الأمريكي على ”تأمين الانتاج“ بالحاجة السعودية إلى ”تأمين الطلب“، وفقاً لرسائل السفارة عام 2006.

وكتب السفير الأمريكي إلى الرياض عام 2010 أن ”المسئولين السعوديين ينتابهم القلق بأن معاهدة تغير المناخ سوف تقلل بشكل كبير من دخلهم القومي“.

ومنذ اجتماع نوفمبر بجينيف، قال النعيمي عدة مرات إنه لا يعرف إلى متى ستستمر الأسعار في الإنخفاض أو متى ستتعافى، وإن السعوديين سينتظرون ليروا ماذا سيحدث.

كان النعيمي قد قال في واشنطن عام 2013: ”هدفنا الأسمى هو تنويع مصادر دخلنا بعيداً عن الاعتماد المفرط على عائدات النفط“.

الوقت الذي تمتلكه المملكة السعودية لتبدأ في التحضير لتراجع عصر النفط قد يعتمد على مدى تطور الحلول البديلة خلال  تلك الفترة من النفط الرخيص. فمثلاً، هل ستبقى مولدات الطاقة باستخدام الرياح والطاقة الشمسية متواجدة بقوة؟ أم سيدخلون في حالة من الفوضى كما حدث في الأزمة  الاقتصادية العالمية؟ وهل ستستمر مبيعات السيارات الكهربائية في الارتفاع مع انخفاض أسعار الوقود؟

يقول بيل ماكبين، الناشط البيئي: ”يبدو أن السعوديين مرة أخرى يحاولون إطالة عصر النفط. لكن الانخفاض التدريجي الكبير في تكاليف الطاقة المتجددة قد يجعل الأمر مختلفاً عن السابق“.

لم يقل النعيمي إلى أي مدى قد وصل العالم من ذروة الطلب على النفط. لكنه أوضح رأيه بوضوح بأنه أصبح من الصعب فهم ما يحدث في سوق النفط الخام دون النظر إلى تأثير وجود مصادر الطاقة البديلة. وقال في مقابلة مع (the Middle East Economic Survey)، نشرت في ديسمبر: ”يجب أن نكون واقعيين. هناك العديد من الأشياء في سوق الطاقة التي ستتحكم في الأسعار مستقبلاً“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى