ترجمات

بعد ثبوت الأدلة.. ميانمار مُتورّطة في جرائم حرب والأمم المتحدة تُطالب بالتحقيق

الجيش ارتكب جرائم قتل واغتصاب دون تمييز

يعيش أكثر من 900 ألف شخص من الروهينجا معظمهم من الأطفال في 5 مخيمات للاجئين

ترجمة: رنا ياسر

المصدر:

The Guardian 

Quartz

The Guardian 

في يونيو عام 2012، وضعت السلطات في ميانمار (بورما سابقًا) قيودًا، جعلت من الصعب للمنظمات الحقوقية التأكد من حقيقة ما يحدث على أرض الواقع هناك، خاصة بعدما استهدف مسلحو الروهينجا المدنيين وسقط على إثر ذلك مئات القتلى وشُرد الآلاف من مسلمي الروهينجا، فاندلعت نيران العنف الطائف في إقليم “راخين” غربي ميانمار.

ومنذ ذلك الوقت أطلق جيش ميانمار “عمليات تطهير” ضد ما وصفوه بالإرهابيين في قرى الروهينجا، مما دفع غالبية المجموعة العرقية الاتجاه إلى بنجلاديش المجاورة.

والآن صار يعيش أكثر من 900 ألف شخص من الروهينجا، معظمهم من الأطفال، في 5 مخيمات للاجئين تقع في منطقة كوكس بازار في جنوب بنجلاديش، أحد هذه المخيمات يُسمى “كوتوبالونج”، هو أكبر مُخيم للاجئين في العالم، مع ما لا يقل عن 700 ألف شخص آخر، في إطار توفير الطعام للروهينجا والاعتناء بهم.

“ميانمار بلدنا الأصلي، أرضنا، ونرغب في العودة بأسرع ما يمكن”، هكذا قال مهيب الله، رئيس جمعية أراكان روهينجا للسلام وحقوق الإنسان، حيث ينتظر أكثر من مليون شخص من الروهينجا في جنوب بنجلاديش العودة، في الوقت الذي تتفق فيه كل من بنجلاديش وميانمار على ضرورة عودة اللاجئين إلى موطنهم الأصلي.

وفي هذا الإطار، نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية تقريرًا يوضح اتهام الأمم المتحدة في تقريرها لجيش ميانمار بالإبادة الجماعية في حق الروهينجا في ولاية راخين، وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن الجيش يُعد مسؤولا عن كل جرائم الحرب التي ارتكبها ضد الأقليات في البلاد.

ففي حقيقة الأمر، جاء هذا التقرير مُستندًا إلى لجنة تقصي الحقائق، التي أعربت أنها وجدت أدلة قاطعة حول الأعمال التي ارتكبتها القوات المسلحة في البلاد، تلك القوات المعروفة باسم “تادماداو”، وصُنفت بقيامها “بأبشع الجرائم” بموجب القانون الدولي في راخين وكذلك في ولايتي كاشين وشان والبلاد التي طالتها أيدي الصراع الداخلي.

ورغم أن المحققين التابعين للأمم المتحدة مُنعوا من دخول ميانمار فإنهم أجروا مقابلات مع 875 شخصًا فروا من البلاد، ووجدوا أن “الجيش ارتكب جرائم قتل دون تمييز، وقام باغتصاب النساء والاعتداء على الأطفال وحرق قرى بأكملها” في راخين، موطن الروهينجا المسلمين، وفي شان وكاشين، جنبًا إلى قيام تادماداو بعمليات قتل وسجن وتسببت في الاختفاء القسري للكثيرين فضلا عن التعذيب والاعتقال واتباع أسلوب الاستعباد الجنسي وأشكال أخرى من العنف والاضطهاد والاسترقاق، وكلها جرائم ضد الإنسانية.

وفي هذا الإطار، عرض تقرير الأمم المتحدة الحجة القانونية لحدوث الإبادة الجماعية، مُشيرًا إلى أن “الجرائم المُرتكبة في راخين والطريقة التي ارتُكبت بها، مُتشابهة في طبيعتها وخطورتها ونطاقها حتى وصلت إلى حد الإبادة المقصودة”.

وعليه، فإن التقرير الفعال للجنة تقصي الحقائق يبرهن على الحاجة الواضحة لاتخاذ خطوات ملموسة من أجل تعزيز العدالة الجنائية في الجرائم الوحشية بدلا من الإدانات الفارغة المُجوفة، حسبما قال براد آدامز، مدير قسم آسيا في منظمة “هيومن رايتس ووتش”.

والجدير بالذكر أنه من بين الأفراد الذين تم اختيارهم لخضوعهم للتحقيق والملاحقة القضائية بتهمة الإبادة الجماعية والجرائم الإنسانية، القائد العام للقوات المسلحة “تادماداو”، أونج هلاينج، الذي أعلن صراحته عن نيته حل “المشكلة البنغالية القائمة منذ أمد بعيد”.

ومن خلال ذلك “هناك معلومات كافية تبرر التحقيق والملاحقة القضائية لكبار المسؤولين في التسلسل القيادي للقوات المسلحة في ميانمار”، تبعًا لما أشار إليه تقرير “الجارديان”، بحيث يُمكن لمحكمة مختصة أن تحدد مسؤوليتها من الإبادة الجماعية في ما يتعلق بالوضع في ولاية راخين، لذا طالبت لجنة لجنة الأمم المتحدة بأن يخضع جيش تادمادوا إلى تحقيق من المحكمة الجنائية الدولية على الرغم من أن الدولة ليست موقعة على قانون روما الأساسي.

وبالملاحظة فإنه عقب دقائق من تقرير الأمم المتحدة، سرعان ما قامت شركة “فيسبوك” بتعطيل 18 حسابًا و52 صفحة مُرتبطة بالجيش المسلح في ميانمار، ويأتي ذلك في أعقاب أشهر من الانتقادات الموجهة للشركة لفشلها في مكافحة انتشار خطاب الكراهية على “فيسبوك” في ميانمار، بسبب السماح لقوات التادمادوا بنشر معلومات مضللة ومشاعر مُناهضة للروهينجا، مثل نشر صور لأطفال قتلى، والادعاء بأنهم قُتلوا على إيدي “الإرهابيين المسلمين”.

وبُيد أن “عدم خضوع هذا الجيش للتحقيق يبعث برسالة خطيرة أن جيش ميانمار سيتمتع بالإفلات من العقاب، بل ستكون له حرية أكبر في ارتكاب مثل هذه الفظائع”، هكذا نقلت الصحيفة البريطانية عن تيرانا حسن، مديرة الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية.

أما من ناحية الحكومة والجيش في ميانمار، من المرجح للغاية أن يثير تقرير الأمم المتحدة غضبهما، حيث نفى كل منهما الإبادة الجماعية التي وقعت في راخين وزعما أن الروهينجا “مهاجرين بنغاليين غير شرعيين” حرضوا على العنف من خلال مهاجمة قوات الأمن ثم حرقها، وعليه فقد صرحا بأن أعمال القوات المُسلحة في راخين ما هي إلا “استجابة مناسبة للإرهابيين”.

ومن خلال ذلك، أشارت الأمم المتحدة إلى أن مسؤولية فشل ميانمار المتكرر -في الاعتراف بالإبادة الجماعية مع الإفلات القانوني- تقع على عاتق المجتمع الدولي.

ولأنه لا ينبغي أن نغفل وضع الأطفال الذين لا تمثل لهم المدرسة خيارًا في جميع أنحاء العالم، فبعد عام من قيام جيش ميانمار بقمع وحشي أجبر أكثر من 700 ألف لاجئ من الروهينجا من الفرار إلى بنجلاديش فإن الأمم المتحدة تحذر من أن هناك “جيلا كاملا من الأطفال يفقد حقه الإنساني في الحصول على تعليم لائق”، وفقًا لصحيفة “كوارتز” الإفريقية.

ومع عبور ما لا يقل عن 6 آلاف من أطفال الروهينجا الحدود دون آبائهم، إلا أن بنجلاديش تحظر دخول أكثر من 380 ألف طفل من الروهينجا -يعيش في مخيمات اللاجئين- إلى المدارس، لأن الحكومة في بنجلاديش لا ترغب في بقاء اللاجئين بصورة مستمرة في بلادها ووفقا لمنظمة اليونيسف.

ومن هنا لا يخفى أن هؤلاء الأطفال سيكونون أكثر عُرضة للعمالة وسوء المعاملة فضلا عن إمكانية استغلالهم من قبل الجماعات المسلحة، حسبما نقلت صحيفة “كوارتز” عن أحد المسؤولين في اليونيسف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى