سياسة

بعد مأساة الطائرة الألمانية: امنحوا الطاقم مفتاحا

  عن ” سي إن إن”: امنحوا الطاقم والركاب سلطة فتح  كابينة القيادة في الحالات الاستثنائية

سي إن إن –أخيل عمار – ترجمة: محمد الصباغ

بطريقة ما يقود الرئيس الأمريكي الوطن كطيار يقود طائرة، ومع هذا التشبيه هناك احتمال واحد لتجنب كارثة الطائرة الألمانية: امنحوا طاقم الرحلة سلطات  مثل التي تمنح للحكومة الأمريكية في المواقف النادرة والمرعبة حين يكون الخلاف على أشده بين الرئيس ونائبه.

الرؤساء والطيارون يجب أن يكونوا بمنأى عن الإرهابيين والمهووسين. لهذا السبب قامت شركات الطيران في جميع أنحاء العالم بتشديد الحماية على أبواب كبائن القيادة في الطائرات عقب أحداث 11 سبتمبر، ولهذا أيضاً يستاء الأمريكيون بجميع انتماءاتهم من أن جهاز الاستخبارات السرية في مناسبات عديدة قد فشل في توفير إجراءات الأمن للبيت الأبيض.

الرؤساء والطيارون بشر، وقد يكونوا عرضة لكل ما يواجهه الأشخاص العاديون، بداية من تعطيلهم مؤقتاً بسبب الفواصل التي توضع حول استراحات المراحيض (بالنسبة للطيارين) والعمليات الجراحية المحدد موعدها بالنسبة للرؤساء، إلى الموت المفاجئ.

يجب أن تكون العمليات الانتقالية في كابينة القيادة أو المكتب البيضاوي مجهزة  بأبسط طريقة ممكنة. وبسبب ذلك جاءت فكرة وجود نائب للرئيس يكون دائماً على أهبة الاستعداد لتولي منصب الرئيس في أي لحظة. والتشبيه الأخير مقصود به الطيار الثاني في كابينة القيادة.

في حالة الموت المفاجئ يتولى نائب الرئيس أو الطيار المساعد بكل بساطة القيادة فوراً. وفي حالة عدم القدرة المؤقتة على القيادة، يمكن للرئيس أن يجعل نائبه يمارس سلطاته على أن يعود هو للقيام بها عقب انتهاء الفترة المؤقتة كما يمكن أن يحدث في حالة قيام الرئيس بعملية جراحية. وهو بالضبط ما حدث عندما خضع الرئيس جورج دابليو بوش لجراحة في القولون عامي 2002 و 2007.

وفي تلك المناسبتين، سلم سلطته إلى ”طياره المساعد” الموثوق به ،ديك تشيني، ثم عاد لممارسة سلطاته عندما أصبح قادراً على ذلك. وذلك وفقاً للتعديل رقم 25 الذي أجرى على الدستور الأمريكي عقب الإغتيال المفاجئ للرئيس جون كينيدي.

لكن ماذا سيحدث لو لم يستطع الرئيس التنبؤ بعجزه المستقبلي عن إدارة البلاد، أو لم يكن قادراً على إدراك تعرضه لعجز حقيقي في الوقت المناسب؟ يسمح التعديل الدستوري رقم 25 لنائب الرئيس بتولي السلطة في هذا الموقف، لكن ماذا سيفعل، يحتاج نائب الرئيس إلى دعم أغلبية معينة من الحكومة كان الرئيس قد عينهم مسبقاً، وبالتالي من الصعب أن يقوم نائب الرئيس بالاستيلاء على السلطة. أما في الطائرة، فالطيار المساعد يمكن أن يتولى القيادة في ظروف معينة. لكن تصميم الطائرة أفشل الطريقة المثلى لعمل الطاقم.

حصنّ الطيار المساعد نفسه في كابينة القيادة بينما وقف الطيار الرئيسي يطرق الباب طالباً الدخول إلى الكابينة. تصميم الطائرة يسمح للشخص الموجود داخل الكابينة بضغطة زر أن يمنع طلب دخول أي شخص آخر. فكر في الأمر وكأنه (فيتو صريح). وفي بعض شركات الطيران يتم التغلب على تلك المشكلة بإلزام أحد المضيفات بالتواجد في كابينة القيادة في حالة خروج أحد الطيارين وبالتالي يتواجد دائماً شخصان بالداخل.

لكن كان من الممكن أن تستوحي شركات الطيران شيئاً من الدستور الأمريكي. فالرجل المتواجد داخل كابينة القيادة يستطيع أن يمنع دخول أي شخص آخر بشكل مؤقت، لكن يمكن تجاوز هذا الفيتو لو فقط من يقوم بطرق الباب تم دعمه بأغلبية المتواجدين على الطائرة.

يتضح الحاجة لنوع ما من تأمين غلق كابينة القيادة. ربما يكون الشخص الذي يطرق الباب طلباً للدخول قد أصابه الجنون أو تم احتجازه كرهينة باستخدام سكين، أو إرهابي. لكن الحاجة إلى إمكانية اجتياز باب الكابينة واضح أيضاً. فربما يكون الشخص السيئ هو من بالداخل.

و كما أن في الحكومة الأمريكية أشخاص مؤهلين لفض النزاع الذي قد يحدث بين الرئيس ونائبه على مفتاح المكتب البيضاوي، أيضاً زر إغلاق كابينة القيادة يمكن أن يتم إعداده إليكترونياً للسماح بمرور الشخص إلى الداخل حينما يضغط غالبية الركاب على أزرارهم الفردية المحمية بكلمة مرور مما يسمح بفتح باب الكابينة من الخارج.

هذا الإصلاح التكنولوجي المقترح لن ينهي كل المآسي. فلا يوجد نظام إنساني مضمون. لكن إعطاء الطاقم مفتاحا جماعيا  يشرك عقول بشرية أكثر في المعادلة، كما يفعل التعديل 25 من الدستور الأمريكي الذي يسمح للحكومة بالتدخل لحل التنازع على السلطة في أعلى مستوياته. أما على الطائرات فكما في الديموقراطيات الدستورية، تكمن السلامة بالأرقام غالباً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى