مجتمعمنوعات

ادعاء القوة كدليل على الضعف

ادعاء القوة كدليل على الضعف

Psychologytoday- ميل شوارتز

ترجمة دعاء جمال

مفتاح الثقة بالنفس يكمن في صدقك مع نفسك

 

من الموضوعات المزعجة التي تقابلني كمعالج نفسي وكملاحظ للأشخاص في العموم، هو الاعتقاد بأن علينا ادعاء القوة دائماً وإخفاء عدم أمننا ومخاوفنا. إلا أن الضرر الذي تسببه هذه “الحكمة الشائعة” لا يحصى. حيث يدمر الثقة بالنفس ويضر علاقاتنا.

ادعاء القوة لا يزال ادعاءً.عندما نتصرف أو ندّعي بأننا مختلفين عما نحن في الحقيقة، نتخلى بهذا عن أنفسنا الحقيقية بوضع قناع. نفعل ذلك في محاولة للسيطرة على ما نأمل أن يعتقده بنا الآخرين. لذلك نتلاعب ونخفي ضعفنا بينما نبحث عن القبول من الآخرين، أو على الأقل لتجنب عدم قبولهم.  مما يعد أساس لخيانتنا لحقيقة أنفسنا.

نستخلص ثقتنا الفعلية من علاقتنا بأنفسنا. نتحكم في شخصيتنا لنبحث عن الاعتراف أو الموافقة من الآخرين، نسعى لما أدعوه ثقة الآخرين، لأنها لا تأتي من داخلنا، لكن نسعى للحصول عليها من الإطار الذي يحيط بنا. نحاول بذلك أن نخدع أنفسنا وادعاء أننا أفضل. كيف تعتقد أنه يمكن لذلك أن ينجح؟ كلما تماديت في هذا، كلما ابتعدت عن ثقتك الفعلية بنفسك. هذا عكس ما يجب علينا القيام به. يجب علينا التسامح مع حقيقة أننا قابلين للتعرض للجرح.

ماذا أعني بـ قابل للجرح؟ بالنسبة لي كلمة قابل للجرح لا تعني الضعف، لكن الانفتاح. لا تحللها لتعني هش. كبشر نختبر جميعنا مشاعر جرح، مثل عدم الأمان، الشك والخوف. هذه مشاعر شائعة. لكن بسبب ثقافتنا التي يمكن وصفها بأنه يمكن تتلاعب بنا لغويا، نجد أنه مطولب منا إظهار القوة، نقرر إخفاء تلك المشاعر عن بعضنا. وهكذا  نعيش حياتنا معتقدين بشكل خاطيء أن قصورنا وشكنا في أنفسنا أمراً ننفرد به. غير أن السخرية المؤسفة تكمن في كون نفس هؤلاء الأفراد الذين يقلقنا رأيهم للغاية على الأرجح يفعلون مثلنا. لذلك فالغالبية العظمى من الأشخاص مسلوبين القوة أنفسهم، يعتقدون بأن الآخرين أكثر ثقة وأمن. وتحِدّ هذه الخرافة المأساوية من حياتنا.

إخفاء حقيقتنا عن الآخرين يجعلنا نشعر بالهشاشة. أن تكون نفسك أمر يجعلك قوياً. عندما اشجع الناس على هذا الانتقال يسألوني، ” لكن ماذا سيعتقدون بي؟” كيف سيروني؟ هذا قلق مشترك بين الذين يصارعون مع كشف نفسهم الحقيقية. قد أشير إلى أنني أرغب في أن تتم رؤيتي كما أنا حقاً، على حقيقتي. هذا هو الطريق لثقة قوية بالنفس.

عند نتسامح مع حقيقة قابليتنا للجرح، لا يكون لدينا ما نخفية عن الآخرين وبالمقابل يجعلنا هذا أقوياء . يمكنك إيجاد المفتاح لثقة بالنفس أكثر مرونة عبرتتسامح لقابليتك للجرح، ومخاوفك وما يشعرك بعدم الأمان. فبفعل هذا، تحرر نفسك من جعل الآخرين حكماً عليك، فليس لديك شيئاً لتخفيه. عليك أن تتسامح قابليتك للجرح وتحقق قوتك الداخلية. والتخلى عما يقلقك بتسليط الضوء عليهم سيسمح لهم بالتبدد.

من يحق له الحكم على ؟ لماذا يهمنا أكثر اعتقاد شخص آخر بنا أكثر من تفكيرنا بأنفسنا؟ عندما نخضع قيمتنا لأنفسنا بوضع شخص آخر كحكماً علينا، نستمر في إيذاء أنفسنا عاطفيا. فالأشخاص الآخرين ليسوا حكما علينا؛ لماذا نضعهم بمركز سلطة؟ لكل شخص رأيه بالتأكيد، لكن رفع آراء أحد لقوة الحكم، غير منطقي وغير مستحق. ما تفعله هو الحكم على نفسك ثم عكس قوة الحكم لشخص آخر. أنا مولع بالقول أن الشخص الوحيد الذي يحق له الحكم على يرتدي رداء أسود طويل ويرأس قاعة المحكمة.

لتزدهر العلاقات يجب علينا اختبار التقارب العاطفي. ما أعنيه بهذا هو تشارك شفاف وآمن لمشاعرنا. عندما نكبح المشاعر التي نعتقد بأن الآخرين سينتقدوها أو يتفحصوها، نمنع التقارب العاطفي.

نريد جميعاً أن نُحب فقط، لكن لكي تُحب عليك أن تكون قابلاً للمحبة. يكافح أغلبنا في أن يكون محبوباً حقاً. لكن عندما نحتاج للتصرف من خلف قناع القوة، نبني حائطا  دفاعيا لا يسمح للآخرين بالدخول. نصبح غير قابلين للاختراق وهكذا، تصبح غير محبوبين. في عملي مع الأزواج والعائلات، عندما يعبر شخص عن مشاعره الرقيقة، لا يستمع الآخرين فقط، بل يهتمون أيضاً.

أليس جنونيا إخفائنا نفس المميزات التي قد تجعلنا نشعر بالتصديق  والحب؟ تبني هذا بدلاً من إنكار قابليتنا للجرح يجعلنا متسقين مع أنفسنا وأقوياء. يقترح هذا أن نتقبل ونقدِّر أنفسنا كما نحن، بدون خوف مما قد يعتقده الآخرين بنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى