ترجماتمنوعات

الحياة البرية تعود إلى تشيرنوبل بعد 33 عامًا من الكارثة النووية

اليوم.. يمكن للسائحين زيارة تشيرنوبل ومدينة برابيت القريبة

 

المصدر: heritagedaily – metro

ترجمة وإعداد- غادة قدري

على مدار 33 عامًا ظل لحادث “تشيرنوبل” تأثير كبير على السكان في تلك المنطقة الأوكرانية، غير أنه لا توجد أرقام واضحة حول الدمار في ذلك المكان، رغم أن الخسائر البدنية في الأرواح البشرية والعواقب الفسيولوجية كانت هائلة. وتقديرات عدد الوفيات البشرية غير دقيقة.

كان التأثير الأولي على البيئة مهمًا أيضًا، فقد كانت إحدى غابات الصنوبر القريبة من المصنع إحدى المناطق الأكثر تضرراً من الإشعاع، والمعروفة منذ ذلك الحين باسم “الغابة الحمراء”. إذ تلقت هذه المنطقة أعلى جرعة من الإشعاع، وماتت أشجار الصنوبر على الفور وتحولت جميع أوراقها إلى اللون الأحمر، وقليل من الحيوانات نجت من أعلى مستويات الإشعاع.

ورغم أن ذكر منطقة “تشيرنوبل” صار مرادفًا للكوارث النووية ومخاطر التسمم الإشعاعي، فقد أصبحت المنطقة المحيطة بالموقع اليوم، موطنًا مزدهرًا لأنواع عديدة من الحيوانات.

وفي أعقاب الكارثة التي وقعت في 26 أبريل 1986، فقد تم إجلاء حوالي 350 ألف شخص من منطقة الحظر التي تبلغ مساحتها 1000 ميل مربع، في أوكرانيا، وحتى الآن لم يعد أحد إلى ذلك المكان.

بعد الحادث، افترض أن المنطقة ستصبح صحراء مدى الحياة. بالنظر إلى الوقت الطويل الذي تستغرقه بعض المركبات المشعة لتتحلل وتختفي من البيئة، كانت التوقعات أن المنطقة ستبقى خالية من الحياة البرية لعدة قرون.
ولكن اليوم، بعد مرور 33 عامًا على وقوع الحادث، تسكن منطقة استبعاد تشيرنوبل، التي تغطي مساحة كبيرة في أوكرانيا وبيلاروسيا، الدببة البنية، والبيسون والذئاب، والوشق، وخيول برزوالسكي، وأكثر من 200 نوع من الطيور، من بين الحيوانات الأخرى.
وبدأ الباحثون في دراسة الكيفية التي تنمو بها هذه المنطقة بشكل طبيعي وتطورها، عقب الكارثة، وكان الأمر المبدئي أنه لا شيء يستطيع العيش هناك نسبة إلى الإشعاع العالي، لكن يبدو أن ذلك ليس السبب الصحيح.

بدأ العالم البريطاني نيك بيريسفورد، من مركز علم البيئة والهيدرولوجيا بالمملكة المتحدة مشروعاً استكشافياً في المنطقة، بهدف دراسة التغيرات التي يمكن أن تحدث، ولهذا الغرض فقد قام بتركيب 42 كاميرا متحركة في الموقع.

وفي مارس 2019، التقت معظم مجموعات البحث الرئيسية العاملة حول تشيرنوبل في بورتسموث، وقدم حوالي 30 باحثًا من المملكة المتحدة وأيرلندا وفرنسا وبلجيكا والنرويج وإسبانيا وأوكرانيا. شملت هذه الدراسات العمل على الثدييات الكبيرة، والطيور التي تعشش، والبرمائيات، والأسماك، والطحالب، وديدان الأرض، والبكتيريا، وتحلل فضلات الأوراق.

وأظهرت هذه الدراسات أن المنطقة تستضيف حاليًا تنوعًا بيولوجيًا كبيرًا. بالإضافة إلى ذلك أكدوا على النقص العام للآثار السلبية الكبيرة لمستويات الإشعاع الحالية على الحيوانات والنباتات التي تعيش في تشيرنوبل. تحافظ جميع المجموعات المدروسة على مجموعات مستقرة وقابلة للحياة داخل منطقة الاستبعاد.

عني هذا المشروع بدراسة “تأثيرات التغيرات والتحول” وعرف اختصارًا باسم “تري” TREE وحيث يقوم بمراقبة الحيوانات في البيئة منذ سنوات.

وقد تم رصد العديد من الثدييات الكبيرة مثل الدببة البنية والذئاب والوشق والبيسون الأمريكي والأوروبي والخيول، ما سجل أدلة على وجود هذه المجموعات في المنطقة.

كتب أحد المتعاونين الأوكرانيين في المشروع، في دراسة تشرح النتائج التي توصلوا إليها أن منطقة CEZ (منطقة تشيرنوبل للاستبعاد)، يمكن أن تكون أفضل حيز في أوكرانيا لتربية حيوانات البيسون الأوروبي في البراري.

أما باحث آخر اسمه جيرمان أوريزاولا، يقوم بدراسة البرمائيات في منطقة الاستبعاد، فقد قال: “يبدو أن هناك تأثيراً قليلاً نسبياً لمستويات الإشعاع الحالية على الحيوانات والنباتات حول تشيرنوبل”.

وكتب في The Conversation يضيف: “عبر عملنا مع البرمائيات في تشيرنوبل، اكتشفنا أعداداً وفيرة في منطقة الاستبعاد، حتى في المناطق الأكثر تلوثاً”.

يقول: “علاوة على ذلك، وجدنا أيضاً علامات يمكن أن تمثل استجابات تكيف للحياة مع الإشعاع.. على سبيل المثال، فإن الضفادع الموجودة داخل منطقة الاستبعاد بدت أكثر قتامة في اللون من الضفادع التي تعيش خارجها، وهذا قد يمثل دفاعاً محتملاً ضد الإشعاع”.

اليوم، يمكن للسائحين زيارة تشيرنوبل ومدينة برابيت القريبة طالما لديهم دليل سياحي مع اتباع إجراءات الترخيص المناسبة.

لكن لا يزال الإشعاع يمثل تهديدًا حقيقيًا (فمعدل التسرب في منطقة الحادث يفوق 400 مرة إشعاع انفجار هيروشيما).

رغم ذلك فإن الباحثين وبناء على الدلائل التي ذكرت حول تطور البيئة بالمنطقة، يقولون إن الحياة البرية التي خلقت في الموقع يجب استخدامها للدراسة المستقبلية.

فما حدث فعلياً أنه على مدار 33 عاماً خلت، تحولت تشيرنوبل من كونها صحراء محتملة للحياة، إلى منطقة ذات أهمية كبيرة لحفظ التنوع البيولوجي.

وكتب جيرمان أوريزاولا: “قد يبدو ذلك غريباً، لكننا بحاجة الآن إلى العمل للحفاظ على سلامة منطقة الاستبعاد كمحمية طبيعية إذا أردنا أن نضمن أن تشيرنوبل في المستقبل ستظل ملجأ للحياة البرية”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى