سياسةمجتمع

نيويورك تايمز: مراسل الإعلام المصري بائع سندوتشات من المنوفية

 يحلل حاتم الجمسي الأوضاع السياسية للقنوات المصرية أثناء عمله في بيع السندوتشات

نيويورك تايمز  – ترجمة فاطمة لطفي

بدأ حاتم الجمسي، مدرس اللغة الإنجليزية السابق وبائع سندويتشات البيض في نيويورك العمل كمحلل سياسي لدى محطات تليفزيونية مصريّة بعد أن كتب مقال رأي تنبأ خلاله بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر العام الماضي.

ويظهر الجمسي، 48 عامًا، من يوم لآخر، ليقدم آرائه وتحليلاته السياسية في الشأن الأمريكي لمتابعي الساحة الإخباريّة في بث تليفزوني مباشر من نيويورك.

وعندما ينتهي البث التليفزيوني، يزيل الجمصي سماعات الأذن ويفتح باب الأستوديو البدائي الخاص به ليعود لممارسة عمله اليوميّ.

يملك الجمسي متجرًا لبيع المأكولات الخفيفة” لوتس ديلي” في ريد جوود بحي كوينز في نيويورك، يبيع فيه السندويتشات ومجموعة مختارة من البيرة. يعرفه زبائنه بالمالك السخي الودود لكن القليل منهم يعرف، وغالبًا لا أحد من متابعيه في مصر، أن الرجل الذي يعد سندويتشات البيض هو نفسه الذي يظهر في برامج إخباريّة في محطات تليفزيونية معروفة، مسهبًا في الحديث عن مواضيع مختلفة بداية من سياسات الهجرة وحتى كوريا الشمالية.

ولا يعرف الكثيرون حتى أن الاستديو الذي يطل منه في مقابلاته التليفزونية هو غرفة خلفية في متجره كانت تستخدم في وقت سابق لعرض رقائق البطاطس.

حاتم الجمصي في “الستديو” الخاص به في محله

لكن بعد أن تعرّض صحفي لمهنة الجمصي الأخرى، قرر أن يعلن عن ذلك بنفسه لأوّل مرة ” خوفي من افتضاح الأمر كان بسبب أن يقولوا أنه مجرد بائع شطائر، كيف له أن يتحدث في مثل هذه القضايا الكبرى؟”

يتابع ” لكنني شخص متعلم أيضًا وكوني بائع سندويتشات ليس فعلًا منافيا للقانون”. مضيفًا ” استمع إلى ما أقوله لتجده كيف يتسم بالمصداقية”.

بدأت مهنة الجمسي كمحلل سياسي العام الماضي، بعد فترة ليست طويلة من كتابته لمقال رأي لمؤسسة إخبارية مصرية تنبأ فيه بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر عام 2016، في وقت كانت فيه هيلاري كلينتون تتقدم ترامب بنحو 20 نقطة في استطلاعات الرأي.

ظل الجمسي يكتب مقالات رأي على مدى أعوام كهواية فقط. لكن استرعى المقال الذي تنبأ بفوز ترامب انتباه أحد العاملين في قناة “Nile TV” المملوكة للدولة، والذي كان يبحث عن أمريكي مصري لإجراء مقابلة معه بشأن الانتخابات الأمريكية.

وسارت المقابلة على ما يرام. وبدأ هاتف الجمسي يدق بالمزيد من طلبات الظهور إعلاميًا، وساهمت جميعها في زيادة شهرته الصحفية في بلاد لطالما عرفت باعتقال صحافييها. إذ قال محمد المحمدي، معد في قناة “ONTV Live” في مقابلة من مكتبه بالقاهرة “إن الجمسي شخص مثقف ولديه معرفة بالحياة السياسية والأخبار السياسية في أميركا”. وأضاف ” كما يمكنه التحدّث في مواضيع سياسية متنوعة”. بداية من منشورات ترامب على تويتر وحتى الإعصار، موضحًا أنه يحضر نفسه جيدًا لكل مقابلة.

“إذا قلت أنني أحتاج شيئًا بعينه يقول لي أن أنتظر حتى يتحقق منه. وإذا كان لا يعرف بهذا الشأن يقول ذلك”.

في المنتصف الغرفة التي كان يعرض فيها حاتم رقائق البطاطس قبل تحويلها إلى ستديو

انتقل الجمسي الذي كان يعمل مدرسًا للغة للإنجليزية في وقت سابق، والقادم من المنوفية بمصر، إلى بروكلين عام 1999 لدراسة تعليم  اللغة الإنجليزية باعتبارها لغة ثانية بجامعة سانت جونز. وليدعم نفسه ماليًا في ذلك الوقت عمل في قسم الوجبات الخفيفة في سوبرماركت في مانهاتن.

وبينما كان يعمل هناك في عام 2003 ظهرت أمامه، امرأة من شيكاجو تعمل كطبيبة نفسية، وطلبت منه تحضير شطيرة. يقول ” ذهبنا لتناول البيتزا بعد ذلك، كنت أعرف أننا ستناول أكثر من بيتزا معًا وأننا سنتزوج”.

بالفعل تناولنا أكثر من بيتزا سويًا، وتزوج الجمسي ولينيت جرين منذ 13 عامًا، ولديهما طفلين، فايزة 12 عامًا وعُمر ثمانية أعوام.

اشترى الجمسي متجره في حي كوينز منذ أربعة أعوام، واستطاع وسط قوالب الجبن واللحوم الباردة تكوين وجهة نظر مطلعة في دواخل الشخصية الأمريكية. وخلال الفترة التمهيدية للانتخابات الرئاسية، ساعده تردد الوافدين الشباب (جيل الألفينيات) في فهم استياءهم مما يحدث في مجريات الحياة السياسية والضغينة التي يحملونها تجاه الحزب الديمقراطي بسبب معاملته للسيناتور بيرني ساندرز، واشمئزازهم من آبائهم أبناء الطبقة الوسطى خارج نيويورك الذين خططوا للتصويت لترامب. “كان معظم الزبائن ينفسون عما بداخلهم إليّ، وكنت أستمع جيدًا”.

وعندما اتصل معد قناة “ONtv Live” هاتفيًا بالجمصي لمعرفة إذا ما كان متاحًا للظهور إعلاميًا. أزال الجمسي القفازات البلاستيكية، وغطاء الرأس الذي يستخدمه لإبعاد شعره عن الشواية، ومئزر المطبخ وارتدى سترته وسماعته من استديو أنشأه في غرفة خلفية في متجره، زين حيطانها بخرائط للولايات المتحدة وخلفية تبدو أكاديمية لأجل ظهوره التليفزيوني.

“أحيانًا أكون منشغلًا مع زبون للمتجر ويكون عليّ أن أسرّع لأني سأظهر على الهواء مباشرة”. يصف الجمسي حياته بين مهنتين.

فيما يوضح المحمدي إنه لم يكن يعلم أن الجمسي يملك متجرًا لبيع الشطائر، كما أن الأمر لا يعنيه كثيرًا ” جودة العمل أكثر أهمية من مظهر الشخص”.

قال الجمسي إنه سيظهر كمراسل في اجتماعات الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل لصالح عدة محطات إخبارية مصرية. ويضيف أن جزءا من دوره سيكون كمترجم لبلاده عن الأمريكيين، وجزء كسفير للنوايا الحسنة لبلاد يشعر أنها موطن له أكثر من مسقط رأسه. إذ يوضح” مع ترامب رئيسًا، أشعر أني مضطر لشرح أميركا أكثر للشرق الأوسط”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى