اقتصادسياسة

تأمين ضد الإرهاب؟

فايس: ظهرت فكرة التأمين ضد الإرهاب لأول مرة في أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر

فايس – كول كازدين – ترجمة: محمد الصباغ

التأمين ضد الإرهاب، صناعة لم ُتعرف قبل هجمات 11 سبتمبر عام 2001، وتشهد صعوداً كبيراً في هذه الفترة مع تقديم الشركات لعروض لتغطية أضرار الممتلكات والخسائر عندما تتحول الكوابيس الدموية إلى واقع. اليوم، يخضع حوالي 62% من الأعمال والنشاط التجاري في الولايات المتحدة لشكل من أشكال التأمين ضد الإرهاب، وفقاً لبوب هارتويج، رئيس معهد معلومات التأمين، وهو منظمة غير ربحية.

كما توقع الخبراء أن تتزايد هذه النسبة في أعقاب عمليات إطلاق النار في سان برناردينيو وكولورادو سبرينجز.

قال هارتويج: ”أمر بديهي في عالم التأمين أن أكثر الأمور التى تروج للتأمين ضد المآسي هو وقوع المآسي نفسها”، وأضاف ”لو حدث زلزال كبير في سان برناردينيو بدلاً من الهجمات الإرهابية، يمكنني أن أؤكد لك  حدوث زيادة في مقابل التأمين ضد الزلازل“.

تتحول المخاوف إلى أموال، وشركات كـ”مارش”، إحدى أكبر شركات التأمين في العالم، دائماً ما تشهد ارتفاعاً في معدل اعمالها بعد التقارير الإخبارية عن العمليات الإرهابية.

كما أوضح طارق ناجيير، رئيس قسم الإرهاب بشركة مارش في نيويورك، إن التساؤلات والطلبات المقدمة تتزايد مع التغطية الإخبارية حول الإرهاب. وأضاف أن سيناريو ”ماذا لو“ يبدأ: ”ماذا لو حدث ذلك لنا؟“

مع زيادة الهجمات ضد الأهداف الناعمة وغير العسكرية، مثلما حدث في باريس وسان برناردينيو، فالكثير من الأعمال عرضة للأضرار. وبينما تعتبر ظاهرة التأمين ضد الإرهاب حديثة نسبياً في الولايات المتحدة، فدول أخرى كبريطانيا –ومع تاريخها الطويل من تفجيرات الجيش الجمهوري الايرلندي- وإسرائيل، عملتا بذلك النظام منذ فترة من الوقت.

بعد هجمات 11 سبتمبر، بدأت لعبة التأمين ضد الإرهاب في أمريكا تجذب الانتباه.

يعود مدير مكتب نيويورك بالذاكرة ويقول: ”كان وقتاً مثيراً لأن السوق كان شديد النشاط، كان يتطلب من البنوك سياسات للتأمين ضد الإرهاب… لم يقترض الأشخاص لعمل مشاريع بناء –من غيرالتأمين“.

أدت الهجمات على برجي التجارة ووزارة الدفاع الأمريكية منذ 14 عاماً إلى خسائر في الممتلكات المؤمن عليها تتخطى 24 مليار دولار. وفي عام 2002، وقّع الرئيس جورج بوش على قانون مقترح للتأمين ضد مخاطر الإرهاب، لخلق مخزون مالي لتأمين الحكومة، مما يتسبب في عدم توقف الشركات عن العمل حال حدوث كوارث أخرى مماثلة“.

وفقاً للقانون، تعريف الهجوم الإرهابي يفتقد الدقة، ويشترط أن تكون قيمة الأضرار على الاقل 5 ملايين دولار، كما حددتها وزارة المالية الأمريكية.

سريعاً وصفت التحقيقات الفيدرالية حادث سان برناردينيو بالإرهابي. واتهم يوم الخميس إنريكي ماركيز، جار مطلق الرصاص بسان برناردينيو، بالتخطيط وتقديم الدعم المادي للإرهابيين، مع شخصين آخرين. زعمت دعوى الشكوى أن منفذ الحادث، سيد فاروق، عرّف ماركيز على ”الأيدلوجية الإسلامية المتطرفة“ وقام الاخير بشراء أسلحة من طراز AR-15 التي استخدمت في الهجوم، بالإضافة إلى مواد متفجرة تم استخدامها لتصنيع قنبلة أسطوانية، والتي وجدت في موقع الحادث.

مع ذلك، يعد حادث إطلاق النار ليس إرهابياً وفقاً لرؤية شركات التأمين. فيقول هارتويج: ”حتى لو اتفق كل الأشخاص بالعالم على أنه فعل إرهابي“، ويضيف أن ما حدث هو نفس الذي وقع أثناء تفجيرات بوسطن، خلال ماراثون عام 2013، وقال: ”قنبلتا ضغط انفجرتا في الشارع. وتعرضت بعض الأعمال للتدمير، لكن تلك الخسائر لم تبلغ إلى 5 ملايين دولار”.

لم يغط القانون أيضاً فقدان الحياة، إلا إذا قتل أحد الأشخاص خلال أداء علمه، كما في حالة عمال الإنقاذ.

أما الشركات التي لديها تأمين ضد الإرهاب لكن لم تصل حجم أضرارها بعد حادث إلى مبلغ 5 ملايين دولار الذي حددته الحكومة، فيكون البت في أمرها وفقاً لخبراء شركة التأمين الذين يقررون ما إذا كان الضرر الواقع نتيجة عمل يرتقي للإرهاب. يشتمل ذلك ما إذا كان الفعل المتسبب في حالة الخوف، وتدمير الممتلكات، كان ورائه أسباب سياسية أو دينية أو أيدلوجية.

يقول ناجير: ”لا يجب أن يكون وراء العمل القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية، من الممكن أن يكون شخص يستهدف منظمات تهدف لتنظيم النسل أو نشطاء حقوق الحيوانات“.

إلى الآن، لم يستخدم البرنامج الفيدرالي للإرهاب. حتى لو تخطت الخسائر  5 ملايين دولار، فلا يمكن استخدام الاموال الفيدرالية إلا لو قدرت خسائر بقيمة 100 مليون دولار. خفضت شركات التأمين من معدلات المبالغ التي تطلبها مقابل التأمين، ومازالت تمتلك ربحاً ثابتاً.

يتنبأ هارتويج باستمرار ارتفاع المبيعات للأعمال في المدن الصغيرة في أنحاء البلاد، وخصوصاً بعد الهجمات في سان برناردينيو وكولورادو سبرينجز – وكلا المدينتان لا يمكن اعتبار هما مدن عالمية. ويضيف: ”رأينا ذلك بعد الفيضان. لديهم وعي كبير بالتهديدات بسبب كونهم معرضين للأمر، وقاموا فوراً بدفع المبالغ المستحقة مقابل التأمين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى