أخبارترجماتسياسة

مشروع قانون يمنح الولايات المتحدة الحق في “حرب عالمية” على الإرهاب

الكونجرس بحزبيه يؤيد تفويضًا بمحاربة الإرهاب دون قيود استراتيجية أو جغرافية

السيناتور بوب كوركر صاحب القانون المُقترح

بينما ينصب تركيز العالم على الضربة الدولية التي تقودها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على سوريا، ثمة جهد لا يحظى بنفس الاهتمام العالمي ويهدف إلى ترسيخ “وضعية الحرب” التي تتخذها الولايات المتحدة دوليًا وتوسيع نطاقها. حيث أعلن السيناتور بوب كوركر، رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ، أنه بصدد تقديم مقترح بتشريع جديد يسمح للولايات المتحدة بشن “الحرب” على تنظيمات القاعدة وطالبان وداعش ومجموعة متنوعة من “القوات التابعة لهم”.

وفقًا لما تذكره صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية التي حصلت على ملخص للتشريع المُقترح، فإنه يغطي جميع التنظيمات الإرهابية التي تتعامل الولايات المتحدة معها الآن، ولا يقدم شيئًا يقيّد العمليات التي تشنّها الدولة على هذه التنظيمات، فضلًا عن كونه لا يضع قيودًا للمواقع الجغرافية التي تمتلك الولايات المتحدة سلطة شنّ الحرب بها، وهو ما يقنّن فكرة “الحرب العالمية”.

توضح دافني إيفياتار مديرة برنامج “الأمن المرتبط بحقوق الإنسان” في منظمة العفو الدولية، في مقالة لها عبر منتدى “Just Security” الأمريكي المهتم بالشئون الأمنية، أن هذا القانون المُقترح خطير لعدة أسباب. إليكم نص انتقاداتها للقانون المُقترح.

الولايات المتحدة تستخدم بالفعل “القوة المميتة” ضد مجموعة واسعة من المجموعات المسلحة في الشرق الأوسط وإفريقيا، تحت ذريعة أن لديها تفويضًا لفعل ذلك وفقًا للتفويضات باستخدام القوة العسكرية الصادرة في 2001 و2002.

هذا تفسير مبالغ فيه لهذين القانونين، اللذين تم تمريرهما بسهولة في أعقاب هجوم الحادي عشر من سبتمبر ولهدف مواجهة التهديد المزعوم من الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في ذلك الوقت. أما الآن، حيث تقتل الولايات المتحدة الملايين يوميًا بمن فيهم من مدنيين، فلا يبدو مفاجئًا أن يعبر سياسيون عن قلقهم ورغبتهم في مراقبة هذا النشاط العسكري، لا سيما في ظل ما يُنقل عن ترامب من تخفيفه القيود على الضربات الجوية خارج مناطق الحرب، وتصريحاته الأخيرة التي تعبر عن “إهمال مثير للاشمئزاز للخسائر الواقعة في صفوف المدنيين”.

قانون كروكر لن يتلاقى مع القانون الدولي، الذي ينص على أن أية دولة قومية مثل الولايات المتحدة تكافح بالسلاح ضد مجموعة لا تمثل دولة، مثل داعش، فإن عليها أن تحترم قوانين الحرب، أي قانون الإنسانية الدولي IHL والقوانين الدولية لحقوق الإنسان.

يضع قانون الإنسانية الدولي قواعد لمن يجب استهدافهم ولكيفية حماية المدنيين؛ لكنه ينطبق فقط في حالة وجود نزاع مسلح حقيقي يتضمن طرفين مختلفين منظّميْ القوات، تحارب القوات المسلحة لكل منهما قوات الآخر بمستوى من الشدة أكبر كثيرًا من الهجمات المتقطعة. كذلك يجب أن تكون المجموعة التي تحارب الدولة منظمة بكفاءة، ذات هيكل قيادي قادر على توجيه أعضائه.

حين يتم تعريف النزاع على أنه حرب ضد “الإرهاب”، أو ضد مجموعة مسلحة بعينها لا تمثل دولة إلى جانب “قوات تابعة” غير مُسماة، ودون النظر إلى امتلاكهم التنظيم الضروري في القانون من عدمه أو موقعهم الجغرافي أو مدى قوة المواجهات المسلحة، فإن ذلك لا يُعد نزاعًا من النوع الذي يتناوله القانون الدولي. قوانين الحرب الفضفاضة لا تنطبق حين لا يوجد نزاع مسلح حقيقي، حيث تنطبق قوانين حقوق الإنسان وليس قانون الإنسانية؛ وفي هذه الحالة لا يمكن للدولة استخدام القوة المميتة سوى في الظروف القصوى، حين يواجه شخص ما بالحرب خطرًا وشيكًا على حياته وتصبح هذه القوة مطلوبة لإيقاف الخطر.

ما يستعد البرلمان الأمريكي (الكونجرس) لنظره الآن هو تفويض بالحرب سيؤدي إلى تكرار مشاكل التفويضات السابقة، إن لم يؤدِّ إلى تفاقمها، وتقويض قوانين الحرب والقوانين الدولية لحقوق الإنسان، وسيمثل تأشيرة من الكونجرس للإدارة الأمريكية الحالية التي يتصاعد استخدامها للقوة المميتة على نحو مأساوي بالفعل. وفي ظل التقارير التي تتناول الخسائر بين المدنيين والقتل المتصاعد غير القانوني، ونقص غدراك الطراف الرسمية لهذه الانتهاكات أو التحقيق فيها، فهذا “يرسل الإشارة الخاطئة” إلى البيت الأبيض بدلًا من كبح جماحه.

هذا التشريع يؤكد المفهوم الخاطئ المضلل القائل بأن الولايات المتحدة في نزاع مفتوح ضمن حرب عالمية ضد المجموعات المسلحة الغامضة حول العالم، المعروفة منها وغير المعروفة، وبالتالي فهو يشتت الأنظار عن التمييز الهام بين النزاع المسلح والأشكال الأخرى من العنف؛ أو ببساطة التمييز بين الحرب والعنف الخارج عن إطار الحرب.

إنه يضع الحياة والحقوق في خطر؛ ليست حياة ملايين الأشخاص الموجودين بالمناطق التي تستخدم فيها الولايات المتحدة القوة المميتة بالفعل، بل حياة ملايين آخرين مُحتملين إذا قررت الإدارة الأمريكية تفسير هذا التفويض الجديد لتوسيع النشاط العسكري، حتى يشمل أعضاء المجموعات المسلحة ذات الصلة التي توجد في بلاد لم تقصفها الولايات المتحدة بعد.

هذه خطوة شديدة الخطورة تدعو إلى مزيد من القتل غير القانوني وإيقاع الخسائر بين المدنيين وارتكاب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، فضلًا عن خطر دخول دول أخرى في المنافسة على هذه الجرائم!

هذا، بالتأكيد، ليس ما يبتغيه كوركر ورفاقه المؤيدين لمشروع القانون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، لكن في إطار الحرص على ممارسة الكونجرس رقابة مسؤولة على استخدام البلاد للقوة المميتة فإن عليه ألا يندفع إلى تمرير قانون جديد يؤدي إلى استمرار القتل غير القانوني والانتهاكات الأخرى إلى الأبد، بل إنه يدفع إلى توسيع نطاقها، ويعرض القوات المسلحة الأمريكية للوقوع تحت طائلة القانون الدولي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى