منوعات

لماذا نعجز عن البكاء في بعض المواقف المؤلمة؟

العلم يجيب

 

bustle

ترجمة- غادة قدري

 

مررنا جميعًا بتلك اللحظة عندما شعرنا أن هناك صرخة في حناجرنا  لكننا عجزنا وقتها عن زرف الدموع.

في حين أننا قد نبكي  في بعض الأحيان وفي مواقف أو حوادث مؤلمة، أو في لحظات إنسانية مثل يوم التخرج، أو مشاهدة إعلانات مؤثرة على التلفزيون، قد لا نبكي في مواقف أخرى بلا تفسير.

حول ذلك، يقول المعالجون إن غالبًا ما تكون هناك أسباب معقدة لعدم القدرة على البكاء، منها أسباب جسدية وأخرى  تتعلق بحالاتنا العاطفية أو معتقداتنا حول البكاء والضعف أو الصدمات السابقة، وعلميًا يستحيل أن يوجد إنسان بلا دموع على الإطلاق.

فوفقًا للأكاديمية الأمريكية لطب العيون، فإننا ننتج حوالي 15 إلى 30 جالونًا* من الدموع سنويًا، معظم هذه الدموع مصممة لتليين أعيننا أو لطرد المواد الضارة، إذ يجب أن تظل العين رطبة باستمرار حتى تعمل بشكل صحيح، لذلك تكون الغدد المنتجة للدموع لدينا في حالة تأهب قصوى في جميع الأوقات.

ومع ذلك، يمكن أن تكون هناك مشكلات إكلينيكية تمنع إنتاج الدموع، مثل العمليات الجراحية في العين والظروف الطبية التي يمكن أن تمنع القنوات الدمعية.

لقد ثبت أن الالتهاب وبعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب والتغيرات الهرمونية أثناء الولادة واضطرابات الجفن ومرض السكري تعرقل إنتاج الدموع وتنتج جفاف العين.

ولكن في حالة عدم وجود حالة طبية، فمن المحتمل أنك تتساءل عن سبب عدم قدرتك على البكاء في بعض الأحيان على الرغم من أنك تريد ذلك بالفعل.

إذا لم تكن المشكلة متعلقة بالغدد المسيلة للدموع، فمن المحتمل أن يكون مصدر صعوبات البكاء هو الاكتئاب.

يتسبب الاكتئاب في حدوث تغييرات عاطفية لدى الأشخاص.

آني رايت وهي طبيبة نفسية، تقول، إن الاكتئاب السريري قد يسهم في تسطيح  المشاعر، يعني أن المكتئب لا يستطيع تحديد مشاعره –قد يتصور أنه يجب أن يشعر بالحزن- لكن في الواقع، المصاب بالاكتئاب لا يتواصل مع عواطفه على الإطلاق.

في بعض الحالات، حتى تحديد الرغبة في البكاء يمكن أن يكون تحديا.

تقول أخصائية العلاج النفسي، كارين ر. كونيج إن البكاء العاطفي يتطلب أن تكون على اتصال مع مشاعرك، والأشخاص الذين يقمعون أو ينفصلون عن عواطفهم قد لا يتعرفون على مسبباتهم الداخلية للدموع، “قد لا ندرك أننا حزينون، لأننا لسنا متفقين مع عواطفنا” ، كما تقول. “قد نعرف أن هناك شيئًا غير مريح يحدث في الداخل، لكن لا يمكننا وصفه بالحزن”.

وقد يكافح بعض الناس البكاء بسبب احساسهم بالعار من إظهار الدموع “إذا اعتقدنا أن البكاء أمر صحي ومفيد وطبيعي ومناسب لتخفيف التوتر العاطفي، فقد ندع الدموع تتدفق” ، يقول كوينج لبوستل. “إذا كنا نعتقد أن الأشخاص الذين يبكون” ضعفاء”، وأنه أمر مخيف، فمن المحتمل أن نمنع الاستجابة للبكاء”.

تتكون هذه المفاهيم حول البكاء أثناء الطفولة، ويؤثر الآباء والبالغين من حولنا تجاه نظرتنا للبكاء.

ويواجه الكثير من الناجين بعد الصدمات صعوبة في البكاء لأنهم شعروا بالخزي عندما بكوا.

يقول كوينيج لبوستل، قد تعجز عن البكاء إذا كان لديك قريب أو نموذج تحتذى به دائمًا في أحزانه ونادراً ما يبكي، أو نادرا ما يخبرك أنه يبكي.

يمكن أن تتأثر القدرة على البكاء بالمعتقدات الثقافية، كما يقول رايت لبوستل، فإذا كنت تنحدر من خلفية اجتماعية أو ثقافة لا يُنظر فيها إلى البكاء على أنه مقبول، فمن المحتمل أنك تكافح لكي تمنع التعبير عن نفسك عبر البكاء عندما تشعر بالعواطف.

المحظورات الاجتماعية حول الرجال الذين يبكون، على سبيل المثال، يمكن أن تجعل الرجال يترددون في التعبير عن الضعف والعواطف السلبية من خلال بضع دموع، إذ تعبّر الدموع عن الضعف، لذلك إذا كنا في مواقف نخشى أن نكون عرضة لها ، فقد نجد أنفسنا خائفين من البكاء على الرغم من الأسباب العاطفية القوية للقيام بذلك.

وبينما يبكي بعض الناس عند سقوط القبعة من على رؤوسهم، قد لا يستجيب آخرون للمنبهات العاطفية بنفس الطريقة.

يلاحظ الأستاذ آد فينجاهويتس، وهو عالم نفسي سريري قام بدراسة البكاء، أن بعض الناس قد يبكون أقل من الآخرين لعدة أسباب عاطفية، وفقا لشدة الأحداث العاطفية في حياتهم، أو تقييم هذه الأحداث العاطفية بشكل مختلف، أو ببساطة هم أكثر قدرة على التحكم في دموعهم. فالبكاء النادر لا يعني أنك شرير. هذا يعني أن السجل العاطفي للأحداث الجديرة بالبكاء قد يختلف من شخص للآخر.

وبالنسبة لبعض الناس، يمكن أن يكون البكاء صعبًا – حتى عندما يكون هناك سبب وجيه للبكاء.

وينصح الأطباء بالذهاب إلى الطبيب المعالج إذا كان عجزك عن البكاء يثير قلقك؛ قد ترغب في فحص حياتك العاطفية من أجل أن تصبح قادرا على البكاء بشكل طبيعي.

تقول رايت: “غالبًا ما تكون هناك أسباب معقدة تجعل شخصًا ما يعاني من عدم القدرة على البكاء، ويتعين على أي شخص يعاني من هذا أن يخضع لاختبار على يد طبيب الرعاية الأولية لاستبعاد أي أسباب فسيولوجية أساسية”.

 

  • الجالون الأمريكي يساوي 3,785,411 سنتيمتر مكعب (8و3 لتر)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى