سياسة

لماذا سيصوّت أبي المُهاجر لصالح مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي؟

لماذا سيصوت أبي المهاجر لصالح مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي؟ 

4941

Mun Keat Looi- QUARTZ

ترجمة- فاطمة لطفي

أبي مهاجر من الجيل الأول. سيصوت اليوم الخميس 23 يونيو لصالح مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء القادم. ما هو مبرره الوحيد لذلك؟ الهجرة.

يبدو الأمر جنونيا، لكن من الصعب صرفه عن ما يريد فعله.

بالنسبة لوالدي، هذا الاستفتاء هو أكثر من كونه مُتعلقا بوجود بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، إنما هو فرصته لجعل الجميع يسمعه، بما في ذلك ابنه الذي هو أنا. عبر محادثاتنا اليومية هل استمعت إليه؟ أنا كنت أسأله فقط عما منحنا إياه.

أبي ماليزي المولد، جاء إلى بريطانيا في ستينيات القرن الماضي.

أبي ماليزي، صيني المولد من هونج كونج، ذهب إلى مدرسة في الريف الإنجليزي، درس المحاسبة في مانشستر، وعمل بعدها في المؤسسات الأكاديمية في لندن. أحب ملاقاة التلاميذ من خارج البلاد. مُعجب بتشارلز ديكنز، والمخرج السينمائي الهندي ساتياجيت راي، هو أيضًا مُمارس للبوذية. وأيضًا مُتابع قديم للجريدة اليسارية الشهيرة الجارديان. بعبارة أخرى، هو ذو روح متحررة ومهاجر تحترمه البلاد.

ولكن على مدى الخمسة وعشرين عامًا الأخيرة، لندن التي يعرفها تغيّرت بشكل كبير، من وجوه البريطانيين ذوي البشرة البيضاء إلى خليط من الهنود والباكستانيين والصرب والصينيين.

قد تعتقد بأن تعدد الثقافات والحضارات سيكون مريحًا لشخص ينتمي لأقلية عِرقية، لكنه قال: “يرفض المهاجرون الاندماج في المجتمع، كم نعرف من جيراننا الآن؟ غالبًا لا أحد”.

الناس هذه الأيام ينغلقون على أنفسهم. تعزلهم المحادثات الثقافية بدلا من مساعدتهم على الاندماج أكثر في المجتمع. أستطيع أن أفهم الأسباب وراء ذلك. في العصر الرقْميّ، من سخرية القدر أن يصبح أسهل الاستناد إلى أصولك الثقافية بدلا من الخبرات التي يمتلكها من هم بجانبك.

يقول والدي: “الأقليات دائمًا تطالب بشيء”. وبطبيعة الحال هو يعرف ذلك.

إذا كانت لديك أقليات صاخبة ومحافظة، فأنت في مشكلة فعلًا، تأتي ثقافات كهذه داخل البلاد وتطالبها بالتكيّف والتلاؤم مع ظروفها بدلا من أن يتكيفوا هم مع ظروف البلاد.

ويكمل: “يهاجر الصينيون دون أي حواجز ولا نعزلهم في أحياء وحدهم، لكنني أحتج عندما نجد شيئًا كـ”الحي الصيني” و”أعمال الصينيين” وغيرهما.

يعتقد أن الثقافات الأخرى لا تقوم بهذا. لا يستطيع أن يرى أن ذريعته هي نفسها التي استخدمت ضد المهاجرين الجدد من قبل المهاجرين السابقين.

وبما أنه وُلد ونشأ في بلد مسلم، يتم تذكيره دومًا بتاريخ ماليزيا المليء بالتوترات السياسية والعرقية. الخطر كما يراه هو أن بعض الحريات الشخصية وحقوق المساواة التي نقدّرها، مثل حقوق المرأة والمثليين جنسيا لن يتم التسامح معها داخل الأحياء المغلقة على أصحابها. يخشى حدوث تغيّر في السلطة أو تحوّل سياسي قد يؤدي إلى المساومة بين الحريات الشخصية والطريقة التي تعمل بها المملكة المتحدة.

من أجل ذلك اتخذ موقفه وقرر التصويت بمغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي. “أنا أفعل هذا من أجلك. من أجل أطفالي، وأطفالك ومن أجل مستقبلنا”.

تبدو أسبابه أنانية بالنسبة لي: “ماذا عن مساعدة هؤلاء من لا يملكون سوى القليل؟”.

أبي رجل طيب ومعطاء. دائمًا ما يشتري أشياء كثيرة لدعم من لا مأوى لهم. يتبرع للجمعيات الخيرية التي تكافح الفقر، وينشئ ملاجئ للحيوانات.

لكنه يؤمن أن “الهجرة غير المتحّكم بها” تهدد الحلم الذي جاء من أجله إلى بريطانيا. يخشى أنها قد تخفض من كون المملكة المتحدة وجهة للتعليم والفرص والاستقرار الاقتصادي. هذه هي الأشياء التي تقدمها الدول الغربية لبلده الأم.

واجهته بحقيقة تنبؤ الاقتصاديين أن المملكة المتحدة ستصبح أكثر سوءًا دون عضوية الاتحاد الأوروبي. وتحذير السياسيين عبر العالم من أن المملكة المتحدة ستخسر نفوذها في مسرح القوى العالمي إذا غادرت الاتحاد الأوروبي، فضلا عن شيخوخة المجتمع الذي سيكون محتاجًا إلى تدفق الشباب للحفاظ على مستوى الحياة الكريمة.

لكنه لم يبنِ قراره بالتصويت على الحقائق والبيانات، إنما على المشاعر فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى