ترجماتسياسة

كاتب إسرائيلي لناتالي بورتمان: هوليوود لن تغفر لكِ.. لكن الاحتلال الخطيئة الأصلية

ليفي يثمّن خطوة الممثلة الإسرائيلية ويعتبرها “مجرد بداية” لإصلاح إسرائيل

فاجأت الممثلة والمخرجة الأمريكية-الإسرائيلية ناتالي بورتمان الأوساط الفنية بقرارها الامتناع عن حضور حفل تسليم جوائز “جينيسيز” الإسرائيلية الكبرى، وتسلم جائزتها التي يبلغ قدرها مليون دولار أمريكي، احتجاجًا على إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على التظاهرات الفلسطينية إحياءً لذكرى يوم الأرض، مما أسفر عن مقتل 36 فلسطينيًا وإصابة 1600 آخرين.

ونُقلت تصريحات عن وكيل أعمالها بأنها رفضت الحضور حتى لا يُنظر إليها على أنها داعمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كام من المقرر إلقاؤه كلمة خلال حفل تسليم الجوائز، وهو ما دفع وزراء إسرائيليون إلى مهاجمتها واعتبارها “مخدوعة”.

في مقال للمحرر جدعون ليفي بصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، يحلل موقف ناتالي ويرى فيه بداية للاعتراض على “خطايا إسرائيل الكبرى”، ولا يجب أن يتوقف عند انتقاد نتنياهو وقتل المتظاهرين الفلسطينيين.

إليكم نص المقال.

كان إعلان ناتالي عن عدم حضورها حفل توزيع جوائز “جينيسيز” بمثابة “تحفيز هائل”. هكذا هو، يأتي من قمة الحُسن من محِبّة لإسرائيل مثلها؛ يهودية تتحدث العبرية وُلدت في إسرائيل، مواطنة إسرائيلية وفخر لإسرائيل، لديها الكثير الذي يمكن أن تخسره بتصريح كهذا.

لم يأتِ هذا التصرف من معادية للسامية أو أصولية متعصبة، ليست يمينية متطرفة ولا يسارية راديكالية، ليست روجر ووترز (المغني البريطاني الداعم لفلسطين)، وليست حتى حركة BDS (الحركة الداعية إلى المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل). في صفعة من قلب المركز اليهودي يأتي الانتقاد لإسرائيل، يأتي “الجرح على يد صديق” كما وصفه الكتاب المقدس، يأتي حتى نوع من المقاطعة.

في الوقت الذي يخشى فيه الفنانون الإسرائيليون اليساريين مغني الراب ذي التوجه اليميني “ذا شادو”، ويخشون بشكل خاص من هم مثله بين صفوفهم، تظهر فنانة بمكانة ناتالي وتصدر تصريحًا واضحًا بشأن إسرائيل.

إذا فكرنا في الأمر بضمير حي فسنرى أن خطوة كهذه تحتاج كثيرًا من الشجاعة، لا سيما في وجه “هوليوود” اليهودية الصهيونية المتصلبة التي لن تسامح ناتالي ولن تنسى لها هذا الموقف، وكذلك لن يسامحها الجناح اليميني على هذا.

وزير الأمن العام جلعاد إردان، والذي يُعتبر أيضًا وزيرًا للحرب ضد حركة BDS، أسرع بنشر خطاب لتوضيح موقفه من ناتالي، قال فيه إن ما حدث في غزة لم يكن بسببنا؛ إنما بسبب حركة “حماس”، وإن “دعاية الأكاذيب والترهات المعتادة حول اليوم العنيف الذي ضرب فيه قناصة الجيش الإسرائيلي طفلًا آخر في الخامسة عشرة بدم بارد، وصورة الطفل محمد أيوب بينما ينزف على رمال غزة، انتشرت حول العالم”.

فيما بعد اتضح أن إردان، كمثل كثيرين آخرين، تأكد أن “ذبح” المتظاهرين في غزة هو ما أشعل النار في أحشاء ناتالي. لكن هذه ليست المشكلة الأساسية.

ما أعلنته ناتالي ثبّط من قوة الخطوة التي اتخذتها، حيث كتبت: “اخترتُ ألا أظهر لأنني لم أرِد أن أظهر كمؤيدة تقرّ بأفعال بنيامين نتنياهو”، وهذه خطوة كبيرة للأمام مع خطوة صغيرة إلى الوراء. نتنياهو يشكل أزمة في الواقع، لكنه ليس المشكلة التي يجدر بناتالي – كإنسانة ذات ضمير حي وصهيونية – أن يُسمع صوتها لأجلها. نتنياهو هو إسرائيل.

قطعت ناتالي مشوارًا طويلًا، ليس بين فيلمها الأول وحصولها على جائزة الأوسكار فحسب، بل بين الخطاب الذي نشرته بصحيفة “هارفارد كريمسون” الصادر عن جامعة “هارفارد” الأمريكية قبل 16 عامًا من الآن، دفاعًا عن إسرائيل وإنكارًا لوجود تمييز عنصري داخلها، وبين الخطوة التي اتخذتها الجمعة الماضية.

التغير الذي جرى لها، والذي جرى للعديد من اليهود، هو أمر جيد وهو الشجاعة؛ لكن الطريق لا تزال طويلة. كتبت ناتالي أنها لن تذهب بسبب “العنف والفساد وعدم المساواة وإساءة استخدام السلطة”، ولم تذكر كلمة واحدة حول الخطيئة الأصلية، وهي الاحتلال.

احتجاج ناتالي أيضًا لم يكن في الاتجاه الصحيح، بل يهدف إلى حماية الذات بلوم نتنياهو على كل شيء. مثل كل الليبراليين اليهود (والإسرائيليين) الآخرين، اعتبرت ناتالي نتنياهو أصل كل الشرور؛ وماذا عن أسلافه الذين زرعوا بذور الدمار والقتل في غزة ولبنان، وفرضوا الحصار القاسي على غزة، وعززوا الاحتلال في الضفة الغربية وضاعفوا عدد المستوطنين ثلاث مرات؟ هل تصافحهم كما لا تفعل مع نتنياهو؟

القوة الإعلامية لناتالي ضخمة، فقد حصد منشورها على منصة “إنستجرام” الجمعة الماضية 100 ألف إعجاب، ودفع اليهود – ومعهم العديد من الإسرائيليين – إلى شعور بالارتياح. تعارض ناتالي حركة BDS وتعارض نتنياهو، لكنه تستمر في الاحتفاء “بالطعام الإسرائيلي والكتب والفن والسينما والرقص الإسرائيليين”.

مع كامل احترامي يا سيدة ناتالي، الطعام والرقص السينما الإسرائيليين هم أيضًا ملوثين بالاحتلال بدرجة أكبر أو أقل. جميعنا نستحق اللوم على هذا. الطريق إلى إنهائه هذا، وهو الشرط الأول والأساسي لتصبح إسرائيل دولة بدرجة أكبر، يمر بخطوات شجاعة مثل الخطوة التي اتخذتِها؛ لكن هذه الخطوات يجب أن تستهدف قلب الجحيم وليس أطرافه، أن تركز على السرطان ذاته وليس ما ينتج عنه من أورام.

يجب أن تصبح هذه الخطوات عملية، مثل تلك التي تدعو إليها حركة BDS؛ فهذه هي الطريقة الوحيدة لتطهير إسرائيل من غرورها. أرفع لكِ القبعة في تواضع لشجاعتكِ يا سيدة ناتالي، فاتجاهكِ هو الاتجاه الصحيح، فمن دون الاستفادة من أشخاص مثلكِ لن يتغير شيء هنا؛ لكن هذه ليست إلا البداية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى