اقتصادسياسة

داعش ..اقتصاد دولة لا مثيل لها

صارت داعش تنظيماً عابراً للإقليم ومكتمل التسليح وشديد الثراء بحيث صارت “القاعدة” مقارنة بهم مجموعة من الجهاديين المبتدئين. والآن تجني داعش 3 ملايين دولار يوميا من بيع النفط في السوق السوداء

 ISIL

تيرانس مكوي – واشنطن بوست

إعداد وترجمة – محمود مصطفى

أسلوب الدولة الإسلامية في توسيع نفوذها  أصبح معروفاً، فبعد أن استحوذت على مدينة سنجار جاء دور الإعدامات ثم صدرت الأوامر إما الإنضمام للدولة وإما الموت .. علم الدولة الأسود يرفرف .. الآلاف يفرون .. وأخيراً الصور المبتهجة المرعبة تنتشر في وسائل التواصل الإجتماعي.

الحركة المسلحة التي تنامت في العدد والموارد والثروة في الأسابيع الأخيرة استحوذت أيضاً على بلدة وانا الأسبوع الماضي، ووفقاً لمراسل واشنطن بوست لافداي موريس فإن الدولة الإسلامية اكتسحت جيشاً كردياً معتداً بنفسه وأجبرت سكاناً قدرتهم الأمم المتحدة بمئات الآلاف على الخروج من البلدة.

ووصف مبعوث للأمم المتحدة إلى العراق الوضع بأنه “تراجيديا إنسانية” وقال في تصريح إن خروج الأهالي كان أليماً.

إلياس الحسيني، 27 عاماً، قال لواشنطن بوست “الناس كانوا مرعوبين. إنهم همجيون ، وقد رأينا ماذا فعلوا بأناس من نفس معتقدهم، تخيل ماذا سيفعلون بنا نحن غير المسلمين.”

ما يثير القلق بنفس القدر أيضاً هو ما ستفعله الدولة الإسلامية بقيادة الغامض والملغز أبو بكر البغدادي في سد الموصل الذي ستسيطر عليه قريباً إن لم تكن فعلت.

كانت هناك تقارير متضاربة يوم الأحد عن من سيطر على السد، نقلت رويترز عن تليفزيون الدولة العراقي “عصابات الدولة الإسلامية الإرهابية سيطرت على سد الموصل بعد سحب القوات الكردية دون قتال” إلا أن مسئول كردي رفض هذا التصريح إلا أن قال في على أية حال إن “الأوضاع آلت إلى الأسوأ.”

هذه هي فقط الخطوة الأخيرة التي قامت بها الدولة في توسعها الإقليمي، وما كان  منذ وقت قريب  مجرد كوادر سابقة في القاعدة تجمعت من هنا وهناك أصبح تنظيماً عابراً للإقليم ومكتمل التسليح وشديد الثراء يقال الآن إنه يسيطر على ثلث الأراضي السورية وهو ما يجعل القاعدة بالمقارنة بهم مجموعة من الجهاديين المبتدئين.

بريت مكجورك نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون العراق وإيران قال للكونجرس “إنها اسوأ من القاعدة، لم تعد مجرد منظمة إرهابية هي الآن جيش كامل يسعى لتأسيس دولة حكم ذاتي في وادي دجلة والفرات أو ما يعرف الآن بالعراق وسوريا.”

بعض الآراء تقول إنهم لم يعودوا يسعون لهذا بعد الآن، لقد حققوا ذلك بالفعل. في مدينة الرقة السورية، والتي تسمى عاصمة الدولة الإسلامية، يحكم التنظيم بقبضة صارمة وبربرية ولكن بشكل منظم. وفقاً لتقرير لنيويورك تايمز الذي أمضى مراسلها ستة أيام يحاور سكان المدينة فإن الجرائم أصبحت نادرة وضباط المرور ينظمون حركة الشارع وجامعوا الضرائب منظمون وأيضاً من يسرقون تقطع أيديهم. هذه لمحة عما قد تصير عليه باقي الأراضي التي تقع تحت سيطرة الدولة.

لكن الأمر ليس بشأن الأرض فقط، ما تحويه الأرض هو ما يحدد النفوذ الحقيقي للدولة الإسلامية. جانين ديفيدسون خبيرة الدفاع بمجلس العلاقات الخارجية كتبت “الدولة تسيطر الآن على موارد وأراضي بحجم لم يسبق له مثيل في تاريخ الجماعات المتطرفة.” وأضافت “إذا استمر في هذا النهج من التدعيم والتوسع، سيكون هذا الجيش الإرهابي قادراً على إحداث تأثير مزعزع للاستقرار على مدى أبعد بكثير من النطاق الحالي.”

الدولة تضع نصب أعينها الموارد والنقود حيث يرجح البعض أنهما نقطة الإرتكاز لنمو الدولة المستمر. بالإضافة إلى السرقة وبيع الآثار التي تساوي عشرات الملايين ونهب مئات الملايين من البنوك، استولت الدولة مؤخراً على حقل غاز سوري شرق حمص إضافة إلى حقول بترول أخرى، بحسب رويترز.

يقدر الخبراء حصيلة الدولة الإسلامية اليومية من عوائد البترول، بيع المادة الخام في السوق السوداء في الشام، بحوالي ثلاثة ملايين دولار.

يقول ثيودور كاراسيك مدير الأبحاث بمعهد الشرق الأدنى والخليج للدراسات العسكرية “إنهم يحاولون تأسيس دولة، ومثل هذه العوائد مهمة لتشكيل الدولة لأنها تشكل جزءاً مهماً من الدخل،” ويضيف “السيطرة على هذه الحقول جزء من خطة مستمرة لتطوير نظامهم الإقتصادي الخاص.”

سد الموصل شمال العراق

ليس واضحاً الآن كيف ستؤثر السيطرة على سد الموصل على هذه الخطط، حيث يولد أكبر سدود العراق، وأحد أقلها تحصيناً أيضاً، ملايين الكيلووات سنوياً والأثر الإقتصادي للسيطرة على مورد كهذا قد يكون هائلاً، لكنه قد يكون مدمراً كذلك.

المراقبون يخشون منذ زمن مما قد يحدثه تفجير في السد. يقول تقرير لبرنامج إعادة إعمار العراق إن خرقاً في السد قد يتسبب في موجه طولها 65 قدماً (حوالي 20 متراً) تكتسح شمال العراق وأن اسوأ السيناريوهات سيكون “خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.”

الأسوأ من ذلك أن المسلحين لهم سجل في استخدام المياه كأداة إرهاب. وقد تفتح البوابات لتغمر مدناً عراقية وقد تمنع المياه عن المزارع. في بداية العام وبعد أن سيطرت على سد الفلوجة أغلقت الدولة الإسلامية 8 من بوابات السد العشرة محدثة فوضى في المجتمعات المحلية.

أحد مستشاري وزارة المياه قال “استخدام المياه كسلاح في قتال هو جريمة شنيعة. إغلاق السد والعبث بمياه الفرات سيكون له نتائج أليمة.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى