سياسة

حين حملتُ “أجزاء أمي”..قصص لاجئين سوريين في “بشر نيويورك”

لقاءات مع عائلات في تركيا والأردن تم قبولهم في أمريكا قبل سفرهم

زحمة

تجاوز عمر الحرب السورية الخمس سنوات، وتجاوزت أعداد اللاجئين حاجز الأربعة ملايين سوري وفقاً لتقرير الأمم المتحدة الأخير، والعدد الفعلي بالتأكيد أكبر من ذلك بكثير.

منتشرين في أوروبا ولبنان والعراق ومصر وتركيا، ومع الهجوم الكبير ضد اللاجئين من قبل بعض مرشحي الرئاسة الأمريكية وخصوصاً دونالد ترامب قررت صفحة هيومانز أوف نيويورك (Humans of New York)على الفيسبوك الاحتفاء باللاجئين السوريين وإبراز بعض القصص الشخصية المؤثرة، وذلك من خلال قيام المسؤولين عن الصفحة بالسفر إلى الأردن وتركيا من أجل لقاء بعض ممن تم قبول إقامتهم بالولايات المتحدة الامريكية.

”كان والدي مزارعا وأمي ربة منزل، شجعاني على التعليم. بالرغم من أنهما لم يعرفا الكثير عن العلوم. في فترة المراهقة عملت في مواقع البناء، ثم تخرجت من الجامعة وحصلت على الدكتوراة. عانيت من أجل الوصول إلى حلمي. لو كان معي 100 ليرة فقط لكنت أنفقهم لشراء كتاب. كان حلمي الكبير هو أن أكون عاملاً وأقدم إسهاماً للبشرية يظل للأبد.“

وأضاف صاحب الصورة من مكان إقامته بتركيا ”تعرفت على زوجتي وعشنا سوياً الأيام الجيدة والسيئة، أيام الفقر والغنى. لم نكن ننتمي إلى أي حزب أو إلى النظام. لقد أحبنا الجميع.“ ثم أظهر صورة لمجمع سكني وقال إنه قد بناه من أجل عائلته. ”صممته بنفسي وأشرفت على بنائه“ لكنه أضاف أن أول قذيفة اخترقت المبنى الأصفر وانفجرت في البنفسجي و”كانت قذيفة حكومية.“

”أما القذيفة الثانية التي تعرضنا لها فقد سقطت على المبنى الأخضر –منزلي- لم تنفجر. لو انفجرت لم يكن ليبق لي أي أطفال. لكنها دمرت فقط قمة المبنى حيث كانت زوجتي وابنتي. قتل 16 شخص في الهجوم، سبعة منهم من عائلتي.“ وأكمل أنه لم يكن هناك وقت القصف وكان على ابنه -14 عاماً آنذاك- ”حمل أجزاء “أشلاء”  أمه،  أما ابنتي فمازالت تحمل علامات الشظايا في رقبتها.

”لقد نجونا  لكننا موتى نفسياً. كل شئ انتهى بالنسبة لنا في ذلك اليوم. كان ذلك قدرنا ونصيبنا من الحياة.“

سافر إلى تركيا منذ عامين. ويقول ”لا حياة أو احترام لي هنا. أبنائي لا يذهبون إلى المدارس. أحمل دكنوراة لكنني لا أستطيع العمل لعدم وجود تصريح إقامة. هناك جامعة قريبة تقوم بتدريس كتاب ألّفته، لكنهم رفضوا منحي وظيفة.“ وأضاف أنه يركز حالياً على عمل تصميمات ويبيعها لأتراك يحصلون على حقوقها ويدفعون له القليل من المال الكافي لتكاليف معيشته. ”صممت مشروع سكني يضم 270 منزلا سكنيا. وحصلت على 1% مما كان سيحصل عليه التركي. لا احترام لعملي هنا، فقط الاحترام للمال.“

لم ينته الأمر معه عند هذا الحد بل أضاف أنه يعاني من سرطان بالمعدة وأخبره صديق أمريكي أنها جراحة سهلة لكن الوقت هو ما يحارب ضده.

وأنهى حديثه قائلاً ”مازلت اعتقد ان لدي افرصة لأقدم إسهاما في العالم. لدي ابتكارات عديدة آمل أن أطبقها حينما أصل إلى أمريكا. أحد ابتكاراتي يستخدم الآن في مترو اسطنبول لتوليد الكهرباء من حركة القطارات. لدي تصورات مبدئية لطائرة تستطيع التحليق لمدة 48 ياعة دون وقود. علمت أنني سأذهب إلى تروي بميتشجان. لا أعرف شيئاً عن المكان، لكنني أتمنى ان يكون آمناً ومكان يقدر العلم. أريد العودة إلى عملي. لا أريد أن يعتقد العالم أن أمري انتهى.“

وتقول لاجئة أخرى سورية من مكان إقامتها بجازينتيب التركية ”كنت الطبيبة الوحيدة بالمنطقة، لذا عندما سيطر تنظيم داعش على البلدة، علمت أنهم سيطلبون مني العمل معهم. كان يجب علينا الرحيل حينها. في إحدى الليالي جاء خمسة رجال أمام المنزل. كانت لغتهم العربية بلهجة غير السورية. زعموا انهم يبحثون عن أسلحة وتنقلوا من غرفة لغرفة بالمنزل. لقد عرفوا عني بالفعل قبل ذلك. كانوا ينادونيي ب-دكتورة. بعد التفتيش قبضوا على زوجي.“

وقال الزوج ”كان التنظيم بحاجة إلى المتعلمين جيداً. لم ينه أي منهم دراسته. لا يستطيعون إدارة المدن التي احتلها لأنهم لا يمتلكون أي مهارات. عندما اصطحبوني إلى السجن، كانوا عدوانيين في البداية، وضعوا الأسلحة على رأسي. لكن بعد دقائق، تحدث أحدهم معي بطريقة جيدة وقال (من فضلك كن مسلم جيد وساعدنا. نريد من زوجتك أن تفتتح مستشفى هنا لصالحنا. ونريدك إدارتها). أخبرتهم أنني قد أساعدهم. وعندما تركوني اعود لمنزلي حزمنا حقابنا وهربنا.“

وتحدثت الزوجة عن قيامها بكل القابلات اللازمة وتنتظر منذ عامين ثم جائهم خطاب بالتأجيل. وتقول ”لا أعرف ماذا يعني ذلك. أريد أن أستمر بعملي كطبيبة في أمريكا. هنا يدي مقيدة. لا يسمح للاجئين بالعمل. لا أمتلك أوراق.بدأت أفكر في الطريقة الغير قانوينة عبر البحر.“

تم قبول إقامة الثنائي الزوجة والزوج وصورتهم بعد دقائق من معرفتهم بالخبر.

سبعينية في الأردن

وفي قصة أخرى، من عمّان بالأردن، تروي سيدة تجاوزت السبعين من العمر وتقول ”كان يجب علي مغادرة منزل ظللت به 30 عاماً. في أحد الأيام كان علي فقط أن أغلق الأبواب، وأترك كل شئ ورائي. عمري 72 عاماً، لا يريد أحد أن يغادر وطنه في هذا السن. لكنني أمتلك ستة أولاد، وأعرف أنه في يوم ما سيأتي الجنود من أجلهم. أبنائي ليسوا سياسيين. لا يفقهون شيئاً في القتل، لكن ذلك لا يهم. يعامل الجيدين والسيئين بنفس الطريقة. رأيت الجنود يأخذون أبناء جيراننا أمام عيني. كانوا طيبين فقد عرفتهم طوال حياتي. تركت كل شئ وراء ظهري لكن الآن عائلتي بخير وأنا سعيدة جداً.“

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى