ثقافة و فنمنوعات

جراهام هانكوك: أبو الهول أقدم من الفراعنة .. والأهرامات “مكتبة أسرار”

الأهرامات بنيت كمكتبة لحفظ أسرار الحضارة المفقودة

التليجراف – روبرت هاوكسلي – ترجمة: محمد الصباغ

وصلت لاهثاً إلى منزل جراهام هانكوك، عالم الآثار الهاوي الذي يعيش في منزل في منتصف أحد التلال وكنت أعاني في حمل الحقيبة المليئة بكتبه الأكثر مبيعاً. فتح ذو الـ 65 عاماً باب منزله الأمامي، وأشار لي بالتوقف عن اعتذاراتي، واتجهنا مباشرة إلى مكتبه. قدم لي القهوة وسأل عن رحلتي.

أغضب هانكوك الأكاديميين منذ 20 عاماً عندما نشر كتاب باسم ”بصمات الآلهه“، وهو إعادة تقييم لماضي الجنس البشري الذي زعم أن الحضارة المتقدمة تم محوها بواسطة مذنب عملاق مع نهاية العصر الجليدي.

وفقاً لتحقيقات هانكوك ولقاءاته مع علماء الآثار والفضاء، زعم الكتاب أن الناجين من الطوفان ذهبوا للاستقرار في مصر قادمين من المكسيك، ونقلوا معرفتهم القديمة إلى بقية البشر.

ومن بين المزاعم اللافتة في الكتاب أيضاً: أن أهرامات الجيزة قد صممت من أجل تخزين كتب المعرفة التي كتبت في عصر الحضارة القديمة، وأن تمثال أبو الهول سبق وجود المصريين القدماء بآلاف السنين، وأيضاً أن بلاتو –الذي كتب أتلانتيس في كتبه تيماوس وكريتياس- عرف بالتحديد مكان وجود المدينة الأسطورية المفقودة.

حقق الكتاب مبيعات كبيرة جداً وإلى الآن بيعت منه أكثر من 9 ملايين نسخة حول العالم. كان هانكوك مراسلاً للإيكونومست في شرق أفريقيا، وذهب لتقديم سلسلتين وثائقيتين للقناة الرابعة البريطانية، ثم أصبح محاضراً شهيراً في ”التاريخ البديل“، وأصبحت له قاعدة قوية من المعجبين على الانترنت.

والآن، كتب جزء اخر من كتابه، واسمه “البصمات: سحر الآلهه”، وفيه يكشف عن دليل قوي جديد يدعم مزاعمه. كما يحذر الجزء الجديد من مذنب آخر سيضرب الأرض عام 2030.

أثبت الكتاب، الأكثر مبيعاً بالفعل، أن المعجبين بحديث هانكوك لا يمكنهم مقاومته، وكان يعقد حلقات نقاشه على العشاء، وأصبحت مشهورة جداً وجذبت عدد هائل من المتابعين أكثر من المهتمين بالفائزين بجائزة البوكر.

ما لم يحققه هانكوك إلى الآن رغم كل شئ هو المصداقية. استنكر كبار علماء الآثار نظرياته لعقود. وتم مقارنته بمؤلف كتاب شفرة دافنشي دان براون، ووصف بأنه عالم آثار زائف. كما أن المنظمة التي تنظم له ندوته القادمة في 15 أكتوبر، تقوم بتنظيم أحداث تتعلق بالأشباح و قراءة المستقبل والقوى الخارقة.

لا يمتلك هانكوك أي مؤهل رسمي في علم الأثار، أو التاريخ أو الفضاء. كان اهتمامه لفترة طويلة مرتبط بعقاقير الهلوسة لكن دعمه لتلك الأمور لم يسىء لسمعته أيضا. ويقول هانكوك: ”هي أشياء المجتمع في حاجة ماسة إليها“.

لكن المؤلف لم يزعم مطلقاً أنه أكاديمي. قدم نفسه كصحفي يقوم بتغطية نظريات علماء يعتقد أنهم قادرون على ملئ بعض فجوات التاريخ البشري، فجوات معترف بها من جانب كل الأكاديميين.

قال هانكوك: ”لنبدأ من أن كل الأسس التي يرتكز عليها التاريخ يمكن التشكيك فيها. دعونا لا نحيط أنفسنا بخيال أن المؤرخين وعلماء الأثار لا يقهرون“، وأضاف أن هناك شيئين لا يقبلان الجدل. الأول، نوع من الالماس معروف بالنانو، واكتشف مؤخراً في أمريكا الشمالية. في عام 2014، أكدت جريدة الجيولوجيا أن هذا الأمر تشكل منذ 12.800 عام.

وقال: ”بالنسبة لشخص ذكر في كتابه بصمات الآلهه أن الطوفان الكبير كان من 12 ألف أو 13 ألف عام، فتقريباً هدية من العالم أن يقول بعض كبار العلماء الآن إنه بالفعل كان هناك تأثير لمذنب عملاق منذ 12.800 عام“.

الامر الثاني هو أن عمليات التنقيب في أحد المواقع الأثرية بتركيا (كوبيكلي تيب – Göbekli Tepe) قد اكتشف فيها بقايا تعود على الأقل إلى 11.600 عام. أي سبق كل المواقع الصخرية الأخري مثل (ستونهنج) بأكثر من 6 آلاف عام. كما أن الحضارة المعتمدة على الهندسة والفن الموجودة بموقع “كوبيكلي” ليس من المفترض أن تتواجد قبل 11.600 عام.

جراهام هانكوك

ما هو التفسير؟

يقول: ”نبحث عن المكان الذي استقر به الناجون من الحضارة المفقودة“، وأشار إلى أن الناجين يمكن أن نجدهم في ثقافات متنوعة، ووصفهم بأنهم هم الحكماء أو السحرة أو ”معلمي الغموض السماويين“.

وأضاف: ”عندما بدأ الدليل في الوضوح، كان شعوري الأول هو الضجر، لأن كتبي كانت ناجحة، ورغم ذلك تعرضت لهجوم حاد على نوعية عملي وقدراتي كإنسان من قبل المجتمع الأكاديمي أكثر من أي شخص آخر. لكن هذه القصة يجب أن تروى. وسيكون خطأ واضح مني لو لم أفعل“.

هل أزعجك الهجوم؟

”في الواقع لا استمتع بالهجوم أو أستاء منه أيضاً. لو قمت بإعادة كتابة التاريخ بطريقة غير عادية، فيمكنك أن تتوقع ممن أفنوا عمرهم في دراسة الماضي الإنساني أن يقولوا لك (انتظر دقيقة)“.

كما يعتقد هانكوك أن فصل آخر في التاريخ البشري على وشك النهاية. ففي خاتمة كتابه الجديد، كتب ”الأمر ممكن –في الواقع محتمل جداً- أننا لم ننته من المذنب الذي غير سطح الأرض منذ 12.800 أو 11.600 عام مضت“.

ويفسر، يتبقى على الأقل مذنب آخر كبير في نفس مسار النيازك، وفي عام 2030، قد نصطدم به مرة أخرى.

”لقد ابتعدنا عن التناسق مع الكون… بطريقة أسطورية، نحن نسير على نفس خط الحضارة المفقودة“. ويضيف هانكوك: ”قال بلاتو إنه واضح لسكان أطلانتس: كان هناك وقتاً عندما أحبوا حياتهم النقية والجيدة لكنهم أصبحوا مغرورين وقساة وابتعدوا عن اعتدالهم وازدهارهم. أعتقد أننا نشبه كثيراً ذلك”.

هل يعتقد هانكوك أن الكون سيعاقبنا في عام 2030 بسبب مجتمعنا غير الأخلاقي؟ يبدو هذا الزعم شائناً حتى بمقاييسه. مال هانكوك إلى الأمام ونظر في عيني مباشرة وقال :”أقول أن هذا ما تشير إليه التقاليد القديمة“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى