إعلاماقتصادسياسة

رويترز: رجال مبارك يستعدون لخدمة السيسي

 

 floools

 

تحقيق لوكالة رويترز تتبعت فيه خطط اثنين من رجال مبارك في شبين الكوم بالمنوفية، للعودة إلى المشهد السياسي عبر خدمة السيسي بدلا من مبارك.

تحقيق / رويترز  / ترجمة  موقع زحمة

عندما أطاحت الانتفاضة الشعبية بالديكتاتور المصري حسني مبارك، اختفى رجال مثل أحمد سيف الذي كان أحد أعضاء شبكة العلاقات الواسعة لنظام الديكتاتور.

بعد ثلاث سنوات، سيف، وأعضاء آخرون في حزب مبارك، عادوا مرة أخرى للنشاط في مناطق الريف المزدحمة، حيث يقدمون كل شيء من الثلاجات إلى الإعانات الاجتماعية للفقراء مقابل أًصواتهم الانتخابية.

وهذه المرة، يحشدون التأييد لقائد الجيش “المشير” عبد الفتاح السيسي، الذي يتوقع أن يصبح رئيسا للبلاد، بعدما أطاح، بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، أول رئيس  مصري جاء بانتخابات حرة.

عودة أنصار مبارك السابقين تلقي شكوكا جديدة حول التحول السياسي المتعثر في أكبر دولة عربية.

    و على الرغم من أن المتوقع ، أن يفوز السيسي بالانتخابات بأغلبية ساحقة، فإن النشاط والدعم الذي تقدمه  “زعامات المصالح المحلية”  الغنية  يوحي بأن السيسي يمكن أن يرسخ حكمه بنفس أساليب مبارك.

كان من المفترض أن تخلص ثورة 2011 المشهد السياسي المصري من أمثال سيف، الذي حاز عضوية البرلمان في عهد مبارك، أمواله وعلاقاته منحته نفوذا كبيرا في الريف المصري، حيث كان الناس يصوتون عادة لمن يمنح الوظائف أو النقود.

باب سيف:

باب سيف مفتوح دائما لأي شخص في شبين الكوم بدلتا النيل شمال القاهرة.

“اجلسوا” يقول وهو يدور السبحة بين أصابعه ويرشف الشاي في صالون يعتلى شركته السياحية، ومستقبلا رجلين يريدون المال لإصلاح مسجد.

“إذا أراد أي شخص خوض الانتخابات، ينبغي أن يقدم الخدمات للناس”

في الغرب، يتعاقد السياسيون مع شركات علاقات عامة متخصصة أثناء الحملات الانتخابية، أما هنا، فإن السياسيين مثل سيف، يجلسون في مكاتبهم ويستمعون إلى الناخبين، ويقترحون الحلول عبر فتح محافظهم .

ويقول محللون أن من طبيعة السياسية المصرية  تأثير الوجهاء المحليين على اتجاهات التصويت، خصوصا في البلدات والقرى الريفية، حيث يعيش معظم السكان، ومن المرجح أن يبقى الوضع كذلك لسنوات مقبلة.

ومع وجود العديد من أتباع مرسي في السجن أو تحت الأرض، وعدم قدرة الأحزاب الليبرالية على تحدي السيسي، لم يبق سوى قوى قليلة تستطيع إصلاح النظام.

 حزب مبارك، الحزب الوطني الذي تم حظره بعد انتفاضة 2011، لم يكن إيديولوجيا كالأحزاب الشيوعية في أوروبا الشرقية، بل كان وسيلة فعالة لتوزيع المحسوبية.

السيسي، الذي تهيمن ملصقات صوره على شبين الكوم، ربما يحتاج إلى الاعتماد في المدى الطويل على الزعامات المحلية التي يمكنها تأمين التجاوب الشعبي الذي لا يمكن أن يتحقق عبر القوة وحدها.

للحفاظ على شعبيته، فإن السيسي ينبغي أن يمتلك استراتيجية في الريف، تماما مثل مبارك.

 ” بدون المناطق الريقية والسكان خارج المدن  الكبيرة، لا يمكن لحكومة أن تأمل في تكتل للدعم السياسي”

يقول ه.أ. هيلير.  وهو خبير في الشؤون المصرية ، وزميل غير مقيم في معهد بروكينغز . ” إذا كان لديك القاهرة فقط ، لا يمكن أن تستمر في الحكم  “

 عودة

 قبل انتخاب سيف لعضوية برلمان 2005، كان يمنح النقود للناخبين في دائرته،  “خدمة المجتمع” ساعدت سيف على تكوين وضع يسميه الأستاذ في جامعة هارفر طارق مسعود “الوجيه المحلي” وهو ” شخص له  عدد لا يستهان به من الناس  يذهبون للتصويت لصالحه بغض النظر عن أي شيء آخر”.

بعد الإطاحة بمبارك، تراجع  سيف إلى الخلفية  وراقب الإخوان المسلمين يهيمنون على الانتخابات.

 الربيع الماضي، وجد سيف فرصته للعودة إلى المنافسة، مع تصاعد الغضب على حكم الإخوان،  أول ما فعله، هو دفع المال لتمويل حملة توقيعات محلية “تمرد” التي دعت إلى إقامة انتخابات مبكرة.

 وقال نشطاء مناهضون للإخوان  لرويترز،  أن سيف بدأ  يتبرع للاحتجاجات المؤدية إلى يوم 30 يونيو، الموعد المحدد للمظاهرات على الصعيد الوطني. كما أنشأ منصة، مع نظام صوت وخيام و ووفر وجبات مجانية يومية.

وبعد أيام، أطاح السيسي بمرسي، وكشف النقاب عن خارطة الطريق السياسية التي وعدت بانتخابات حرة ونزيهة.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الدولة حملة أمنية على الإخوان، كرر سيف دورا كان قد أجاده خلال حكم مبارك،

قدم 10،000 وجبة طعام خلال شهر رمضان للمواطنين كما اشترى وأهداهم لعب للأطفال ، و أقام اتصالا وثيقا مع الحكومة الجديدة المؤقتة المدعومة من الجيش .

 بعد حضور اجتماع في ديسمبر الماضي مع الرئيس المؤقت عدلى منصور على الدستور الجديد ،   عقد سيف ما أسماه ” المؤتمرات” ، حيث صدحت الأغاني الوطنية ، وتم تقديم الأغذية والمشروبات.

 وجاءت الموافقة على الدستور بنسبة 98 في المئة من الناخبين هذا الشهر لتمهد الطريق للسيسي ليعلن ترشحه للرئاسة ، وسيف على استعداد للمساعدة  

” السيسي رجل وطني أنقذ البلاد” ، قال.

 مشكلة صورة

 الحكومة في القاهرة حريصة على تصوير كل من الموالين للإخوان أو مبارك،  كأعداء الأمة .

 ” لن تكون هناك عودة إلى  ممارسات ما قبل 25 يناير لأن المصريين لن يسمحوا بعودة أولئك الذين كان لهم دور في وصول الأمور التي أدت  الثورة “، هكذا قال مصطفى حجازى، مستشار الرئيس المؤقت عدلي منصور .

مع ذلك ، يقول منتقدون ،  أن إحياء  مثل هذه الشبكة من الدعم تحت السيسي،  يمكن أن يقلل من احتمال اختلاف السياسة الاقتصادية و المالية الدولة عن سمات  النخبة السياسية الحاكمة في  حكم مبارك التي – وفقا للمنتقدين- قد خنقت الاقتصاد المصري .

 وتقول الادارة المدعومة من الجيش ، أن الدعم العالي للدستور،  يتيح فرصة للقطع مع الماضي.

 ولكن عودة ظهور القوى المرفوضة من قبل الأقلية الليبرالية، والموصوفة بأنها “فلول” أي”  بقايا ” من عهد مبارك،  تشير – وفقا لمحللين – إلى أن  السيسي قد يعتمد على قاعدة عريضة قوامها العديد ممن دعموا مبارك.

 في محافظة المنوفية ، موطن ” سيف” و مسقط رأس مبارك ، أعرب بعض السكان الذين قابلتهم رويترز  عن عدم الارتياح إزاء عودة سياسيي عهد مبارك .

 وقالت  “مروة” ( 28 عاما) ،إنها فقدت الأمل في العملية السياسية التي تبعت انتفاضة عام 2011، وإنها لنن تصوت في الانتخابات المقبلة، وتضيف “لا أعتقد أنه سيكون أمرا جيدا إذا عادوا (أي الفلول) إلى السياسة”

 مع ذلك، هناك كثيرون غيرها ممكن ينجذبون مرة أخرى إلى “فلول” مثل سيف، وغيره، ممن يضمنون شريان الحياة الاقتصادية للحكومة المركزية في القاهرة، أو مساعدتها على الأقل.

 flooolsis

اسم مألوف :       

 عبر المدينة نفسها ، هناك دليل آخر على أن عودة نظام الزعامات القديمة للهيمنة مرة أخرى  على السياسة المحلية.

بالعودة إلى 2010، سامر التلاوي، الذي ورث أحد مصانع معسّل الشيشة، الدارجة على نطاق واسع في مصر، فاز بمقعد في انتخابات اعتبرت على نطاق واسع أن تزويرها كان أحد أسباب ثورة 2011.

 نشط منذ وقت مبكر كأمين الشباب في الفرع المحلي للحزب الوطني، وضع تلاوي كسليل عائلة ثرية لديها علاقات جيدة جعلته المرشح الطبيعي للمنصب.

مزرعته للماشية، والخيول العربية التي يربيها شقيقه في اسطبلات بالقرب من أهرامات الجيزة،  تكشف  عن الثروة التي جمعها أنصار مبارك.

 يعمل في مصنع تلاوي  نحو 2600 شخص، وهو واقع يمنحه   شعبية في الأوقات الاقتصادية الصعبة في مصر.

 فقد أغلقت آلاف المصانع منذ انتفاضة 2011، ما أضاف  مئات الآلاف إلى صفوف العاطلين عن العمل في بلاد حيث يعيش حوالي 40 % منها عند أو قريبا من خط الفقر.

 عندما وصل الإخوان إلى السلطة، فاز  عضو بالجماعة الاسلامية بمقعد تلاوي في انتخابات عام 2011.

 يقول ” استهدفوني ، هاجموني ، “يضيف  تلاوي ( 36 عاما). “كان لديهم مشكلة مع شعبيتي “.

 الآن تعود  نجوميته السياسية إلى  الارتفاع مرة أخرى . ومثل سيف ، يقول إانه يرى السيسي كوسيلة لمواجهة مشاكل لا تعد ولا تحصى في مصر.

 ” كانت 30 يونيو ثورة شعبية، والناس هم من جعلوا السيسي زعيما لها، لذلك نجح في مهمته ” يقول تلاوي ، في إشارة إلى الاحتجاجات التي دفعت قائد الجيش للاطاحة مرسي .

 رجل الأعمال الأنيق، يقدم  الخدمات للمواطنين الفقراء من خلال الجمعية الخيرية التي تديرها عائلته والتي تمنح  رواتب شهرية لحوالي 350 عائلة ، تساعد المكفوفين ، وتوفر أيضا الأجهزة كالغسالات للمتزوجين حديثا..

 وعلى الرغم من أن تلاوي لا يكشف خططه السياسية ، يتوقع الكثيرون له الترشح للانتخابات المقبلة.

 “لديه فرصة كبيرة للفوز “، يقول مصطفى أشرف الطالب في المدرسة الثانوية، عن التلاوي ، مما يعكس المزاج المحلي.

وربما بسبب الحساسية  ضد المنتمين لحزبه السابق، ركز تلاوي خلال السنوات الثلاث الماضية على تشغيل مصنعه وأنشطة جمعيته الخيرية، محاولا تعزيز الذاكرة المؤقتة لناخبيه .

 ويقول مسعود من جامعة هارفارد أن عودة ” زعامات المصالح المحلية ” إلى المناصب المنتخبة يثير تساؤلات عن الديمقراطية المصرية ، مضيفا أن نظام المحسوبية ذاك  “ليس مثاليا “.

 ” مصر الآن يفصلها شوط طويل عن المثالية على أي حال ، ما تريده هو نوع من  عملية انتخابية عادية،   تسمح للناس الذين يريدون الحصول على السلطة،  أن  يتقبلوا  شرعية الانتخابات كوسيلة للحصول على السلطة” يضيف مسعود.

” إذا حصلنا فقط على عدد قليل من انتخابات حرة ونزيهة لا يتم إلغاؤها، ربما هذا هو أفضل ما يمكن أن نأمل لمصر في الوقت الحالي.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى