اقتصادسياسةمجتمع

أوروبا لديها أزمة لاجئين؟ انظروا إلى الأردن ولبنان

فورين بوليسي: لو استقبلت أمريكا نسبة اللاجئين مقارنة بعدد السكان كالتي بالأردن لتوجب عليها استقبال 30 مليون لاجئ

فورين بوليسي – كريستيان كارل – ترجمة: محمد الصباغ

أوروبا ليست الخط الأمامي لأزمة اللاجئين حول العالم. تنتشر بوسائل الإعلام حول العالم صوراً لأشخاص يتدفقون عبر المزارع المجرية ولحشود على مراكب صيد بالبحر المتوسط، مما جعلنا نعتقد أن الأمر كما ظهر بالصور فقط. لكن الواقع مختلف تماماً. وفقاً للإحصائيات التالية، أغلب النازحين يعيشون في دول لا تمتلك موارد كافية لاستضافة هؤلاء الأشخاص.

الأردن مثلاً، لديها القليل من الموارد الطبيعية، لاشئ عند مقارنتها بالممالك الخليجية الغنية بالنفط. وبالرغم من ذلك تستضيف حوالي 685 ألف نازح حنى منتصف 2015، وهو رقم كبير بالنظر إلى الدولة صغيرة المساحة وتعداد سكانها 6,6 مليون نسمة، (لو طبقنا تلك النسبة على الولايات المتحدة، فيجب أن نستقبل30 مليون لاجئ.)

وفقاً لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فالأردن تأتي في المركز الثاني بين الدول التي تستقبل اللاجئين بالنظر إلى عدد سكانها، بنسبة 90 مقابل كل 1000 مواطن. أما الدولة الأعلى في تلك النسبة فهي لبنان فيصل إلى 209 مقابل كل 1000 شخص.

refugees

وتسبب تدفق اللاجئين إلى الأردن في ارتفاع معدل البطالة من 14,5% إلى 22,1% بين عامي 2011 و2014، في المناطق التي تعج باللاجئين السوريين.

أما تركيا، الدولة الأكبر والأكثر ازدهاراً فربما لا تواجه تحدياً كبيراً لنظامها الداخلي من التدفق السوري. حتى مع وصول حوالي 2 مليون نازح فهم لا يمثلون إلا عدد ضئيل مقارنة بعدد السكان، وأغلبهم يستقرون في أجزاء من تركيا تعاني من مشاكل اقتصادية وسياسية بسبب الحرب السورية والتمرد الكردي الذي ظهر مرة أخرى إلى الواجهة.

يعتبر كثيرون أن الحروب في أفغانستان والتي بدأت بالغزو السوفيتي، ونتج عنها نزوح ملايين الأفغان إلى الحدود الشرقية، هو سبب رئيسي في الاستقطاب السياسي الكبير بين أفغانستان والجارة باكستان. فمن المنطقي إذاً أن يقلق البعض من حدوث شئ مماثل في تركيا، وأن آثاره قد تكون كبيرة، بالنظر إلى دور الدولة كعضو كبير في حلف الناتو حصن الإستقرار الأوروبي من الجنوب الشرقي.

نفس المخاوف تنطبق على قارة إفريقيا. في التصميم الواضح لمفوضية شؤون اللاجئين، الصراعات الدائرة في دول الكونغو الديمقراطية، والسودان وجنوب السودان والصومال، ووسط إفريقيا، مسؤولة عن تحول كبير في سكان القارة ومن المحتمل أن يسفر ذلك عن مضاعفة عدد السكان (إلى حوالي 2,4 مليار) بحلول عام 2050. مالم تتوقف الحروب، ستصل أعداد النازحين إلى معدلات لا يمكن تخيلها في العقود التالية، مع تأثير مدمر على عملية التنمية.

ومن الامثلة الرئيسية أيضاً دولة إثيوبيا، من أسرع الاقتصادات نمواً في القارة. وفقاً لمفوضية اللاجئين فهي خامس دولة حول العالم من حيث أعداد اللاجئين الذين تستقبلهم، والأكبر في دول الصحراء الإفريقية. ما الذي سيحدث -للاقتصاد وللإثيوبيين، وللاجئين الجدد- عندما تحدث الكارثة؟ والتي قد نراها قريباً: تواجه الدولة مجاعة قد تخلف حوالي 15 مليون شخص بلا طعام كافي خلال العام الحالي، والكثير من العاملين في القطاع الزراعي، يمثلون 80% من العاملين، سيفقدون دخلهم.

لا أقصد بكل ذلك أن ما يحدث بعيداً في الشمال ليس حالة طارئة. بروكسل على سبيل المثال لديها القدرة على مجابهة ذلك. في الواقع، التحدي الذي يفرضه اللاجئون قد يقدم دفعة إيجابية لأوروبا كي تقوم ببعض الواجبات التي أهملت منذ فترات مثل: تعزيز السيطرة على الحدود الخارجية، وتعميق الاندماج السياسي، واتخاذ خطوات حيوية نحو سياسات أمنية وخارجية مشتركة. لو تم التعامل مع ذلك بطريقة ناجحة، فهؤلاء اللاجئين والمهاجرين قد يساعدون في مواجهة ارتفاع معدل السن في أوروبا، وقلة المشروعات الناشئة.

على النقيض، دول مثل الأردن وإثيوبيا ممن يستضيفون النازحين حول العالم لا يستطيعون فعل شئ سوى القليل أجل مواجهة الأزمة. على الأقل، لا يمكنهم فعل ما هو مطلوب بمفردهم. الدول الأكثر ثراءاً –من بينهم الولايات المتحدة وكندا واليابان والذين حمتهم الجغرافيا من تدفق اللاجئين- يجب أن يواجهوا حقيقة أن حجم النزوح الحالي يحتاج إلى مواجهة دولية. يعني ذلك تحمل المسؤوليات بشكل أكثر عدالة وإعطاء اللاجئين منازل والتبرع لمفوضية شؤون اللاجئين، والعمل على خلق ودعم السلام والرخاء في الدول التي في حاجة إليه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى