سياسة

تحليل .. كيف تطورت عمليات “أنصار بيت المقدس” في سيناء؟

يقدم تقرير لموقع “جين” البريطاني المتخصص في الشئون العسكرية نظرة شاملة للتطور النوعي لعمليات تنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء وكيف سيؤثر ذلك على الهجمات المسلحة في “الداخل” المصري.

ansar-bayt-al-maqdis-israel-mossad-beheading

جين

ترجمة – محمود مصطفى

يوم الرابع والعشرين من أكتوبر، شن جهاديون مسلحون هجوماً مركباً ومتطوراً على كمين أمني شمال سيناء ما تسبب في مقتل 28 جندياً وإصابة 3 جنود كذلك في إطلاق نار في نفس اليوم في العريش.

ووفقاً للإعلام المصري، استهدف انتحاري يستقل سيارة مفخخة مركبتين للجيش متوقفتين في كمين كرم القواديس بالقرب من الشيخ زويد، وبعد الهجوم المبدئي بالسيارة المفخخة هاجم الجهاديون المسلحون بالقنابل اليدوية وقاذفات الآر بي جي قوة الإستجابة الموجودة بالموقع ليقتلوا 28 جندياً ويصيبون 30 شخصاً، وبعد ساعات قتل 3 جنود عندما فتح مسلحون النار على كمين أمني بالقرب من العريش.

وقالت جماعة أنصار بيت المقدس الناشطة في سيناء أن الهجمات جزء من حملتها المسلحة ضد الجيش المصري الذي تعتبره الجاعة “كافراً” يرتكب مذابح بحق المسلمين المصريين. وتتهم “أنصار بيت المقدس” الجيش بكونه القوة الرئيسية وراء الإنقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق محمد مرسي في يوليو 2013.

وبحسب إحصاءات الحكومة المصرية الرسمية، قُتل أكثر من 500 شخص معظمهم من رجال الشرطة والجنود في مختلف أنحاء مصر نتيجة هجمات إسلامية مسلحة تتصدرها أنصار بيت المقدس منذ الصيف الماضي.

ويتحمل التنظيم مسئولية هجمات بعبوات ناسفة وإطلاق نار ومركبات مفخخة وهجمات إنتحارية ضد أفراد أمن ومقار أمنية في كل من سيناء وفي المراكز الحضرية مثل القاهرة والإسماعيلية والدقهلية.

وبجانب كونه الإعتداء الأكثر دموية الذي تنفذه أنصار بيت المقدس منذ ظهورها في 2011، فإن هجوم الرابع والعشرين من أكتوبر يشير إلى درجة من التعقيد والتخطيط والتطور لم تظهر في أي هجمات سابقة ويشير كذلك إلى عجز الجيش عن ترتيب تأمين هذا الكمين وسقوطه في فخ أعدته تكتيكات المسلحين الإستفزازية.

ويشير هذا إلى أن عمليات الجيش المسلحة في شمال سيناء كانت غير مؤثرة في تقليص قدرات أنصار بيت المقدس التي تحافظ على قدرتها على الضغط على الجيش من خلال هجمات متكررة ومرتفعة المستوى ضد أهداف أمنية.

نجاحات محدودة للجيش ضد الإرهاب

أعلنت قوات الأمن المصرية عن عدد من العمليات الناجحة ضد أنصار بيت المقدس في إطار عمليات كبر ضد الإرهاب أُطلقت في شمال سيناء بشكل متقطع منذ أغسطس 2013.

في ديسمبر 2013، زعم الجيش أنه قتل قائد التنظيم، أبو شعيب، وفي 10 و18 أكتوبر كان قد أعلن مقتل قائدين آخرين، ومع ذلك فمقتل شعيب أعلن بعد ذلك مرتين أخرتين فيما لم يصر التنظيم أي بيان ينعي فيه زعيمه كما هو معتاد إذا كان قُتل، ويرجح ذلك أن مزاعم الجيش غير صحيحة.

وتشير الهجمات الأخيرة كذلك إلى أن الجيش أحرز تقدماً محدوداً في تقليص القدرات الهجومية لأنصار بيت المقدس التي تمكنت من تكييف تكتيكاتها لتجنب عمليات الجيش في سيناء. وعلى سبيل المثال، بحسب ما قالته مصادر قبلية لصحيفة الوطن، بدأ مسلحو التنظيم في الأشهر الثلاثة الأخيرة في التحرك من مخابئهم الجبلية إلى قرى شمال سيناء حيث يختلطون بالسكان المحليين للهرب من ضربات الجيش الجوية لمواقعهم.

مخاطر تفجير العبوات الناسفة عن بعد

بدأت جماعةأنصار بيت المقدس في زرع عبوات ناسفة بشكل منتظم تحت أشجار زيتون أو على جوانب الطرق التي تسلكها قوات الأمن عادة كل يوم، ويتم التفجير عن بعد باستخدام أجهزة تحكم تعلم باستخدام بطاقات تعريف الهاتف المحمول. وبين يوليو وأكتوبر أسقطت العمليات من هذا النوع حوالي 85 ضحية من قوات الأمن التي بدورها بدأت في قطع شبكات الهاتف المحمول والإنترنت أثناء تنقل مركبات الجيش بين قرى سيناء.

وبالنظر إلى قدرة الجماعة على الوصول إلى ما هو أبعد من سيناء وإلى تاريخ حوادث إطلاق النار على مركبات وكمائن قوات الأمن في الطرق السريعة الرئيسية بالقرب من قناة السويس، على سبيل المثال، هناك خطر متزايد من أن هذا النوع ن العبوات الناسفة سيبدأ استخدامه كذلك في مناطق أخرى من شمال مصر خارج سيناء.

الخيار الوحيد المتاح للجيش لتقليص خطر فخاخ العبوات الناسفة سيكون على الأرجح زيادة استخدام طائرات الهليكوبتر في التحركات العادية، لكن هذه الطائرات ستكون عرضة للنيران الأرشية إذا حلقت على ارتفاع منخفض.

إدماج التنظيم لنفسه في سيناء

في الوقت ذاته يحاول التنظيم أن يرسخ وجوده في شمال سيناء من خلال اتباع منهج مزدوج يركز على الإندماج واستغلال غضب القبائل المحلية تجاه الحكومة وكذلك على ترهيب من يرفضون قبول وجود التنظيم أو يشكون في تعاونه مع الجيش.

وزعمت المصادر القبلية التي تحدثت لصحيفة الوطن، على سبيل المثال، أن التنظيم أسس جناحاً استخباراتياً مهمته جمع المعلومات عن أبناء القبائل غير الداعمين لهم وكذلك عمن يمدون الجيش بالمعلومات. وأشارت نفس المصادر إلى أن أفراد التنظيم يقيمون نقاط تفتيش من آن لآخر حول القرى ويفتشون السكان ويفصحون أوراقهم باستخدام أجهزة كومبيوتر محمولة مزودة بقاعدة بيانات للأشخاص المطلوبين.

في السادس من أكتوبر الماضي أصدر التنظيم مقطع فيديو مدته 26 دقيقة بعنوان “هم العدو فاحذرهم” حذر فيه أحد أفراد التنظيم “كل قبائل سيناء” من أن أي نوع من التعاون مع الحكومة المصرية سيكون “عقابه شديداً” ودعا القبائل إلى دعم التنظيم في مواجهة الجيش المصري. وفي الفيديو كذلك أعلنت الجاعة مسئوليتها عن قطع رؤوس أربعة من البدو اتهمهم التنظيم بالتعاون مع الجيشين المصري والإسرائيلي، وهو الإعدام السادس من نوعه منذ أغسطس المنصرم.

يوضح استهدام هذا التكتيك المدى الذي يصل إليه إلهام الدولة الإسلامية للمسلحين السنة في سيناء. خلال السنوات الماضية حدث عدد من حالات الاختطاف لسياح وعاملين في مجال الطاقة من قبل الجهاديين في سيناء إلا أن الأمر كان ينتهي دائماً إما بالفدية أو بتبادل السجناء.

وبالرغم من أن الهجوم الأخير في سيناء شارك فيه بدو محليين أكثر من الأجانب، إلا أن شركة “آي إتش إس”، شركة بريطانية  متخصصة في المعلومات العسكرية، تقدر أن أي مختطفين أجانب سيتم على الأرجح إعدامهم.

تنبؤات

التبعات الرئيسية لتمكن أنصار بيت المقدس من ترسيخ ومد وجودها في سيناء هي أن التنظيم على الأرجح سيكون قادراً على زيادة عملياته في “الداخل” المصري خلال العام المقبل سواءاً عبر توفير دعم لوجيستي وخططي لجماعات مسلحة أخرى مثل أجناد مصر أو لخلاياها المسلحة خارج سيناء.

بالرغم من أن وجود أنصار بيت المقدس يظل أكبر في شمال سيناء، يحافظ التنظيم على شبكة مسلحة في المراكز الحضرية وهو ما يشير إليه إعتقال العديد من ناشطيها في القاهرة والسويس والإسماعيلية بين شهري أغسطس وسبتمبر.

قدرة معظم المجموعات في الداخل المصري على صناعة المتفجرات تظل محدودة بإنتاج قنابل منزلية الصنع لا تتسبب على الأرجح في إحداث خسائر ضخمة في الأرواح أو أضرار كبيرة في الممتلكات. ومع ذلك فإن هجوم الخامس عشر من أكتوبر ياستخدام سيارة مفخخة بالقرب من دار القصاء العالي في قلب القاهرة والذي أسفر عن 11 مصاباً يشير إلى أن البعض يستعين بخبرات أكبر.

على الأرجح ستنفذ هجمات متطورة باستخدام مركبات مفخخة وانتحاريين أكثر في المراكز الحضرية إذا نقلت أنصار بيت المقدس خبراتها إلى هذه المجموعات. وفضلاً عن ذلك، سيزيد التدخل العسكري الغربي ضد الدولة الإسلامية في العراق وسوريا على الأرجح رغبة التنظيم في استهداف مواقع سياحية أو فنادق كبرى أو ممتلكات مرتبطة بدول أعضاء في التحالف العسكري مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا وتركيا وكندا.

وفي الوقت ذاته، على الأرجح ستتزايد هجمات العبوات الناسفة وإطلاق النار من على دراجات نارية ومركبات والإغتيالات التي تستهدف أبناء القبائل ومجندي الشرطة والجيش في المناطق النائية في شمال سيناء وفي الطرق الرئيسية مثل الشيخ زويد – العريش أو طريق رفح – العريش وفي قرى ومدن كـ”عواجة” و”العريش” و”الشيخ زويد”.

تهديد أنصار بيت المقدس باستهداف مصالح حكومية إقتصادية يعني أن هناك أيضاً مخاطر مرتفعة من هجمات على منشآت الطاقة في سيناء مثل خط الأنابيب الذي ينقل الغاز الطبيعي للأردن.

في سيناء، سيتم حراسة المنتجعات والمطار في شرم الشيخ بشكل جيد على الأرجح، لكن السياح والأفراد المسافرين بين المنتجعات الكبرى في خطر داهم من أن يمت اختطافهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى