أخبارإعلامسياسة

هكذا تناولت الصحافة الأمريكية والبريطانية “مجزرة مسيرة العودة”

الصحف الأمريكية الأكثر اهتمامًا.. والبريطانية تتجنب الجدل بتناول بسيط

صورة من “مسيرة العودة الكبرى” بغزة أمس، من صحيفة “يو إس آية توداي” الأمريكية

سيطرت أنباء التظاهرات الفلسطينية، المستمرة منذ أسابيع تحت شعار “مسيرة العودة الكبرى” والتي شهدّت أوجّها بالأمس، على عناوين كبرى الصحف العالمية، ما بين تأييد للمتظاهرين وذم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووصم للتظاهرات بالعنف وربطها بحركة حماس الحاكمة لغزة، واهتمام بأنباء تشييع جنائز الشهداء الفلسطينيين اليوم الثلاثاء.

في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية سيطرت أصداء مسيرة العودة الكبرى على عناوين الصفحة الرئيسية في أقسام السياسة والعالم ومقالات الرأي في الصحيفة، بعناوين رنانة مثل “موت في غزة وسفارة في القدس ولا بشائر بالسلام”، “السفارة نصر لترامب وعقبة في طريق السلام”، “أفواج الغزاويين في مواجهة الرصاص: الصخب الأكثر دموية منذ أعوام”، “الصور المتناقضة في غزة والقدس”.

ونشرت الصحيفة مقاليْ رأي بعنواني “فشل ترامب في القدس” و”مشهد متناقض في القدس”، ورواية لأحد الكتاب بعنوان: “ساعدتُ في انطلاق شرارة التظاهرات بغزة، ولستُ بنادم على ذلك”.

لكن التناول الأهم تمثل في تقرير مصوَّر بعنوان “مشهدان مختلفان إلى حدٍ درامي يبعدان 40 ميلًا”، جاء فيه: “في القدس احتفال بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى تلك المدينة (مشهد لإيفانكا ابنة ترامب ومستشارة البيت الأبيض: سفارة الولايات المتحدة هنا في القدس عاصمة إسرائيل)، وفي مكان ما آخر قُتل 50 فلسطينيًا على الأقل على يد القوات الإسرائيلية (صوت غناء مغنية إسرائيلية احتفالًا بينما تتزامن معه هتافات الفلسطينيين معلنةً التوحيد “مسيحية ومسلمين”). يتظاهر الفلسطينيون منذ أسابيع ويحاولون اجتياز السياج الحدودي”.

ثم يظهر جاريد كوشنر، مستشار البيت الأبيض ومفوّض ترامب للسلام، يقول: “كما رأينا من هذه التظاهرات التي انطلقت الشهر الماضي واليوم، فإن هؤلاء هم جزء من المشكلة وليسوا جزءً من الحل”. ويظهر بعده محمود العالول، المسؤول الرفيع بحركة فتح: “ترامب ينقل السفارة إلى القدس، وكأنه يهدي القدس التي لا يمتلكها إلى هذا الاحتلال الإسرائيلي”.

وبينما يصف باستور جون هاجي، من جمعية “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل”، مشهد الافتتاح الذي اصطفّ فيه المسؤولون على الطريقة الدبلوماسية باليوم المجيد والتاريخي، يتزامن معه مشهد المتظاهرين الفلسطينيين تصلي أعداد كبيرة منهم جماعةً وسط ضربات الرصاص وقنابل الغاز الإسرائيلية.

وعلى نهجها سارت “واشنطن بوست” الأمريكية، التي جاء عنوانها الرئيسي على غلاف عدد اليوم بعنوان “مقتل 58 فلسطينيًا في غزة”، مع تقرير في الصفحة الرئيسية للموقع بعنوان “الولايات المتحدة تفتتح سفارتها في القدس تحت راية السلام، وعلى بُعد 60 ميلًا يُقتل عشرات الفلسطينيين”. التقرير المصوَّر الذي صاحب الخبر ركّز أيضًا على التناقض بين المشهدين، وجاء فيه: “هذا الانتقال للسفارة أنهي السياسة الأمريكية التي طالما منعت الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل”.

نقل التقرير قول كوشنر في الافتتاح أن هذا النقل للسفارة “يُري العالم أن الولايات المتحدة يمكن الوثوق بها، وأنها تساند أصدقاءها وحلفاءها، وأنها ستفعل ما هو صحيح وهو ما فعلناه للتو”. ثم أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ذلك بقوله: “شكرًا للرئيس ترامب على امتلاك الشجاعة لتنفيذ وعوده، والحقيقة هي أن القدس طالما كانت وستظل عاصمة الشعب اليهودي، عاصمة الدولة اليهودية”.

يشير التقرير: “في أول مرحلة من الانتقال، انتقل الطاقم الرئيسي للسفارة من تل أبيب إلى القدس، ولم ينتقل سوى جزء بسيط من موظفي السفارة كانتقال تمهيدي رمزي. وخارج احتفال الافتتاح، فرّقت الشرطة الإسرائيلية المتظاهرين الفلسطينيين بالقوة، ومنهم نواب عرب إسرائيليين بالكنيست. وعلى الحدود في غزة، قتل الجنود الإسرائيليون أكثر من 50 متظاهر فلسطيني وجرحوا 2400 آخرين؛ ليصبح هذا اليوم هو الأكثر دموية منذ بدأت التظاهرات قبل 6 أسابيع مضت”.

ثم يتابع: “وعند مقر البنك الغربي، أطلق الأطفال الفلسطينيون بالونات لإحياء الذكر السبعين للاحتلال، حيث يحيي الفلسطينيون في الخامس عشر من مايو ذكرى “النكبة”، اليوم الذي فقدوا فيه أرضهم حين تأسست إسرائيل في 1948، وستكون هذه الذكرى هي ذروة تظاهرات مسيرة العودة”.

اتخذت صحيفة “يو إس آيه توداي” الأمريكية مسارًا مختلفًا، وجاء تقريرها الرئيسي بعنوان “نقل السفارة ليس وحده السبب في العنف القاتل بغزة”. وأوضحت الصحيفة في تقريرها أن الفلسطينيين يطالبون بعودة اللاجئين إلى المناطق التي تم هربوا أو طُرِدوا منها عند تأسيس دولة إسرائيل في 1948، واعتبرت أن مسيرة العودة تأتي أيضًا كردّ على تحكم السلطات الفلسطينية والإسرائيلية والمصرية في البضائع التي تدخل غزة.

وتزعم الصحيفة أن التظاهرات بدأت على يد المدوّن الفلسطيني أحمد أبو أرتيمة، الذي دعا إلى مسيرة حتى السياج الحدودي عبر موقع “فيسبوك”، ونقلت عنه تصريحات بأنه “لا يؤمن بالتحرير” ويهدف إلى “تعايش الفلسطينيين مع الإسرائيليين وعدم الفصل بينهم”.

وقالت إن المتظاهرين كانوا سلميين حتى تدخل مسلحون، وأقنعوهم بإشعال إطارات السيارات وإلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف على الجنود الإسرائيليين.

من جانبها لم تولِّ شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية المؤيدة للرئيس الأمريكي اهتمام كبير للتظاهرات الفلسطينية، واكتفت بخبر صغير بعنوان “مقتل أكثر من 50 متظاهر بغزة، وحماس تدعو إلى مزيد من العنف”. وتحدثت في نشرتها عن “انطلاق مزيد من العنف على الحدود الإسرائيلية مع غزة.

فيما تناقض تناول صحيفة “تايمز” البريطانية للحدث في نسختيها المطبوعة والإليكترونية، فقد جاء عنوان العدد المطبوع اليوم “العشرات يموتون بينما تفتتح الولايات المتحدة سفارتها الجديدة في القدس”، بينما جاء عنوانها الرئيسي على الموقع الإليكتروني “غزة تستعد لمزيد من العنف بينما يرتفع معدل الوفيات، حماس تدعو إلى انطلاق مزيد من التظاهرات بعد قتل 59 فلسطينيًا على يد لقوات الإسرائيلية”، مشيرةً إلى تصريح وزارة الصحة في غزة بأن معظم من قُتلوا من الفلسطينيين لقوا حتفهم بيد القناصة الإسرائيليين.

لكن الصحف البريطانية الأخرى كانت أكثر اهتمامًا بالحدث؛ فرغم أن صحيفة “تيلجراف” لم تنشر أية أخبار حول التظاهرات على صفحتها الرئيسية، فيما تضمن قسم “العالم” تقريرًا مصورًا بعنوان “غزة تستعد ليوم ثانٍ من العنف بينما يشيع الفلسطينيون جنائز 59 شخصًا قُتلوا بيد القوات الإسرائيلية”، وأطلقت على الأمس “يوم التناقضات القبيحة في الأرض المقدسة، وفق تعبير راف سانشيز مراسل الصحيفة بالشرق الأوسط.

وجاء العنوان الرئيسي لصحيفة “جارديان” البريطانية “الفلسطينيون يودّعون 58 شخصًا قُتلوا في تظاهرات ضد السفارة الأمريكية”. وركّزت الصحيفة على مشاهد الجنائز التي انطلقت لتوديع المتظاهرين الفلسطينيين الذين قُتلوا برصاص القوات الإسرائيلية، حيث صرّح خالد البطش رئيس لجنة تنظيم القاعدة الشعبية بأن اليوم الثلاثاء سيكون يومًا لتشييع الجنائز، مرجّحًا أنه لا توجد خطط لاستكمال المسيرات بعد تظاهرات الأمس الأكثر دموية في غزة منذ 2014. ونقلت الصحيفة عن الشرطة الإسرائيلية أن بعض المتظاهرين “أخذوا خيامهم وانصرفوا”.

وأشارت “جارديان” في تقريرها المصور إلى عبارة ترامب احتفاءً بنقل السفارة، بينما يقول: “أملنا الأعظم في السلام، تظل الولايات المتحدة ملتزمة تمامًا بتسهيل الوصول إلى اتفاق سلام دائم”؛ في حين تظهر بعدها مشاهد تدخلات الصليب والهلال الأحمر لإنقاذ القتلى والجرحى. وتضمن التقرير جزءً من كلمة نتنياهو قال فيه: “لعل افتتاح هذه السفارة في هذه المدينة ينشر الحقيقة على مدى بعيد وواسع، ولعل الحقيقة تؤدي إلى تقدم في السلام الدائم بين إسرائيل وجميع جيرانها. حفظ الرب الولايات المتحدة والقدس”.

من جانبها ركّزت مجلة “تايم” الأمريكية الشهيرة أيضًا على الجنائز التي تُشيَّع اليوم، مع الاتجاه إلى مسار آخر لتناول الحدث من خلال تقرير بعنوان “كيف أصبحت غزة أرضًا للنزاعات”، والذي تناول الوضع الخاص لهذا الإقليم الذي تتشارك حماس ومصر وإسرائيل التحكم في مصيره عبر تاريخه مع النزاع منذ قيام الدولة الإسرائيلية.

إليكم بعض عناوين الصحف الأمريكية والبريطانية الأخرى، والتي ركّزت على التظاهرات الفلسطينية بشكل أساسي ولم تمنح سوى مساحة صغيرة لنبأ افتتاح السفارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى