إعلامترجمات

نيويورك تايمز: نهاية عهد “صحافة السوشيال ميديا”؟ فيسبوك “ينفصل” عن الأخبار

نهاية عهد صحافة “السوشيال ميديا”؟ الناشرون يستعدون لإجراءات “فيسبوك” الجديدة!

تقرير عن نيويورك تايمز

ترجمة: فاطمة لطفي، غادة قدري

قال مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوك” في مقابلة صحفية مع نيويورك تايمز الأمريكية يوم الخميس الماضي، إنه يريد أن تركز شبكة التواصل الاجتماعي  على “التفاعل الايجابي”. وأوضح في بيان نشره عبر حسابه على “فيسبوك” في اليوم نفسه، إن الموقع سيقلل إلى حد كبير من المحتوى العام (الأخبار ومقاطع الفيديو والعلامات التجارية) ليركز على التفاعل بين الأصدقاء والعائلة”، في خطوة من شأنها أن تتعارض مع المواد التي تنتجها المؤسسات الإخبارية، والتي تنظر إلى فيسبوك باعتباره منصة ضخمة لتداول الأخبار. 

وتستعد المؤسسات الإعلامية والإخبارية للتغييرات التي سيجريها فيسبوك الفترة المقبلة في “صفحة آخر الأخبار أو ما يعرف بـ “News Feed” التي ستمنح منشورات الأصدقاء الأفضلية عن المواد التي تصدرها المؤسسات الإخبارية وغيرها من العلامات التجارية.

وقال جاكوب فايسبرج، مدير ورئيس تحرير “Slate Group”، هيئة نشر إلكترونية أمريكية، يوم الجمعة ” لا أحد يعرف بالتحديد تأثير هذه القرارات، لكنها أشبه بنهاية عهد ما يعرف بـ(أخبار السوشيال ميديا)” وأضاف “إن عدد الزيارات القادمة عبر “فيسبوك”(الترافيك) في انخفاض على مدار العام الماضي، وهو ما يعني أنهم يقللون من شأن الأخبار. ولا أعتقد أنها كانت خطوة متوقعة”.

ومع أن مستخدمي موقع “فيسبوك” يحبون إجراء محادثات عبر صفحاتهم الشخصية، ويمنحهم الصحفيون مادة للتحدث عنها، إلا أن العلاقة بين المنصة ووسائل الإعلام لم تكن مثالية منذ البداية.

أصبح “فيسبوك” قوة محركة لتناقل الأخبار في غير رغبة من صناعها في ذلك، وقد تحالف المديرون التنفيذين للمؤسسات الصحفية معه في أغلب الأحيان بدافع الضرورة، آخذين بالاعتبار ملياري مستخدم يستخدمون شبكة التواصل الاجتماعي.

وعلى مر السنين، ومع تكاتف فيسبوك مع المؤسسات الإعلامية، بعد أن كانت صفحة آخر الأخبار لمستخدم موقع التواصل الاجتماعي مليئة بدردشات حول التخرج، وتغيير العلاقات العاطفية وغيرها من الموضوعات التي تنتمي للحياة الخاصة، تحولت إلى مساحة رقمية تشابكت مع المحتوى العام (الأخبار).

يقول “فيسبوك” إن التغييرات الجذرية التي سيجريها على منصته، ستحسن من حالة مستخدميه. وفي مسعاه إلى توفير هذا المزاج الجيد للمستخدمين، سيساعد فيسبوك مستخدميه في العثور على محتوى على صلة بهم لتحقيق ما وصفه مارك بـ”التفاعل الإيجابي”.

هذا التحوّل في استراتيجيات الشركة القادمة لم يأت مصادفة عقب مرور عام من ضغوط تعرضت لها الشركة بعد التدقيق الحكومي لها، بسبب دورها في انتشار معلومات مضللة ومنشورات تحض على خطاب الكراهية. أجرى مارك حواره مع نيويورك تايمز فيما كانت شركته تستعد لجلسة محاكمة في السابع عشر من يناير، في تحقيقات بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية في القضية المعروفة بـ”كابيتول هيل” بشأن انتشار دعايات متطرفة على الإنترنت. وخلال جلسات استماع سابقة، قال موقع “فيسبوك” للكونجرس الأمريكي إن عملاء يعملون لصالح شركة على صلة بالكرملين، نشروا محتوى وصل إلى ما يقدر بـ 126 مليون مستخدم في الولايات المتحدة عام 2016.

ونتيجة لمحاولة “فيسبوك” أن ينأى بنفسه عن دورة الأخبار المشتعلة، من خلال العودة إلى أصوله إلى منصة تعني بالتواصل مع الأصدقاء والعائلة، سيجد الناشرون الذين يعتمدون على فيسبوك كمنصة لتداول الأخبار أنفسهم في مأزق.

ووكالات الأنباء التي أنشأت علاقة قوية مع قراءها ومتابعيها عبر وسائل أخرى ستراقب عن كثب إذا ما كان حجم جمهورها سيتقلص خلال الأشهر المقبلة. يقول جون ريدينج، المدير التنفيذي لصحيفة فايننشال تايمز ” تغيير الشروط بهذه السرعة يسلط الضوء على مدى قوة هذه المنصات وكيف أصبحت الهياكل التنظيمية للمؤسسات مساحة صعبة للناشرين للعمل والتنقل”. وأضاف ” سيكون لهذا تداعيات كبيرة على كيفية تلقي الأفراد للأخبار، أين يجدونها ومدى جودة ما يحصلون عليه”.

ومن ناحية أخرى، سلط جونا بيريتي، المدير التنفيذي لـ “BuzzFeed” الضوء على حدة التوترات بين المؤسسات الإعلامية وعمالقة الإنترنت “فيسبوك وجوجل” في منشور ساخر على الموقع ديسمبر الماضي، عندما انتقد علنا تلك المنصات الضخمة قائلا “جوجل وفيسبوك يحصلون على النصيب الأكبر من أرباح الإعلانات ويدفعون أقل مما ينبغي لصانعي المحتوى”.

وحثت الشركة التي أطلقت يوما ما على فيسبوك “الصفحة الرئيسية للإنترنت” مستخدميها لتحميل تطبيقها الإلكتروني، وعلقت في عبارة موجزة على تداعيات التغييرات الحديثة “فيسبوك ينفصل عن عالم الأخبار”.

ووفقاً لدراسة حديثة قدمها مركز ابحاث ” Pew” فإن ما يقرب من نصف البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية على الأقل يحصلون على بعض الأخبار من “فيسبوك”، وبعد التغيير سيظل الأشخاص يشاهدون المقالات التي يشاركها أصدقائهم، لكن المشاركات من صفحات الناشرين ستظهر بشكل أقل.

إن انسحاب فيسبوك من الأخبار والذي يعتمد بالضرورة على المنافسة، سيتيح المجال لظهور منشورات الأصدقاء والعائلة، وقد يعزز محاولة الشركة لدخول الصين، إذ واجهت الشركة مقاومة شديدة هناك.

وقال السيد فايسبيرج، رئيس مجلس إدارة “Slate”: “إن الفيسبوك لن يدخل الصين، إلا إذا كان يراقب الأخبار – وهذا في الواقع حل جيد لذلك”.

“فالمستخدمون الذين يعيشون في ظل النظم القمعية ليس لديهم  إمكانية الوصول إلى الأخبار الحقيقية، ولا يمكن تقاسمها، لأنها محظور قانونا”.

وكما يظهر الموقع الآن، لمستخدمي الفيسبوك فإنهم يرون مجموعات مختلفة من الوظائف والإعلانات مصممة وفقا لعاداتهم وتفضيلاتهم على الانترنت . وعلى الرغم من أن الفيسبوك يعطي الأولوية لبعض المواد، مثل الإعلانات التي تحظى بإعجابات وتعليقات سريعة، ولكن في الأسابيع المقبلة، من المرجح أن يلاحظ المستخدمون انخفاضا في عدد المشاركات التي تظهر من المؤسسات الإعلامية.

وكتب آدم موسيري، رئيس قسم  الأخبار في “فيسبوك” يوم الخميس.”نظرا لأن المساحة المخصصة  لعرض الأخبار محدودة، ستظهر المزيد من المشاركات من الأصدقاء والعائلة والتحديثات التي تشعل المحادثة تعني أننا سنعرض محتوى عامًا أقل، بما في ذلك مقاطع الفيديو والمشاركات الأخرى من الناشرين”.

ويشكك جيسون كينت، الرئيس التنفيذي للمحتوى الرقمي لصحيفة “التايمز” وعدد من المؤسسات الترفيهية والإخبارية في خطة الفيسبوك

ويقول كينت: “إذا كان هذا التغيير مهما كما يصفه فيسبوك، فإن المؤسسات الإخبارية ستخرج من العمل أو تنجح بناء على تغيير لم يكن متوقعًا”

وأضاف كينت أنه كان يأمل في أن يكون “الفيسبوك”  قد وجد سبيلا  لمحاصرة القصص الإخبارية غير الحقيقية والكاذبة بدلا من معاقبة الناشرين.

وتابع: “سنقرأ المنشورات كموضوعات من شأنها أن تعزز المشاركة وربما تدفع بعيدا عن مخاطر السياسة، فخصائص الأخبار لن يسمح لها أن يكون لها نفس طبيعة  وجود المنشورات الشخصية”.

بينما قال راجو ناريسيتي، الرئيس التنفيذي لمجموعة “Gizmodo” الإعلامية،  التي تدير “Jezebel” ومواقع أخرى، إنه يتوقع حدوث تغييرات مفاجئة في أي يوم. وأضاف أنه لم يسمع من الفيسبوك عن مصير الشركات الأخرى مثل شركته، المتخصصة في صناعة وسائل الإعلام، واقترح أن شركة زوكربيرج يجب أن تكون أقل غموضًا.

وتابع ناريسيتي: “كما هو الحال دائما، سيكون من الجيد أن نرى الشفافية من أي منصة، ولا سيما الفيسبوك”

وبالنسبة للشركات العالمية، فقد أثبت الاعتماد على الشركة كمحرك للمرور نموذج عمل غير موثوق به. وقال صحفي صربي، إن حركة المرور إلى موقعه الإخباري من فيسبوك شهدت انخفاضا ملحوظًا، في حين كانت التجارب جارية في فيسبوك، وكتب في “Times Op-Ed” أن مثل هذه التغييرات التي لا يمكنن التنبؤ بها من قبل الشركة تمثل تهديدا وجوديا “لقدرة المواطنين في جميع البلدان على اكتشاف  الحقيقة عن مجتمعاتهم وقادتهم”

ودفع فيسبوك الملايين للناشرين، بما في ذلك صحيفة التايمز، للاستثمار في صنع فيديو لايف من خلال فيسبوك، ولكن من غير الواضح مدى نجاح هذا التوجه.

ولقد أقر الناشرون المحترفون بالفعل بأنه يجب عليهم العثور على جماهير كبيرة بدون مساعدة مستخدمي فيسبوك. وانخفضت حركة الإحالة إلى محتوى وسائل الإعلام من الفيسبوك بنسبة 25 في المئة من فبراير 2017 إلى أكتوبر 2017، وفقا لـ”Parse.ly”  وهي شركة متخصصة في تحليلات النشر الرقمي.

ومن المؤكد أن التغييرات الخوارزمية سوف تؤثر على الشركات  التي تدعمها الإعلانات مثل “BuzzFeed”،”Bustle”، إذ تعتمد مثل تلك الشركات جزئيًا على الفيسبوك . ويتعين على الناشرين الذين أقنعوا مؤخرا القراء بالاشتراك في صفحاتهم على فيسبوك، بما في ذلك صحيفة “Washington Post” و “The Times”، أن يواجهوا انخفاضات محتملة في اعداد الزيارات.

وكما بدأ  فيسبوك عام 2009، عاد زوكربيرج عام 2018 بإتاحة الأولوية للجمهور، يقول في مقالته: “إن العالم يشعر بالقلق والانقسام”، كما أن لدى فيسبوك الكثير من العمل الذي يجب القيام به – سواء كان ذلك من أجل حماية مجتمعنا من الإساءة والكراهية،  أو التأكد من أن الوقت الذي يقضيه المستخدم على منصة فيسبوك هو وقت مفيد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى