سياسة

حوار – خالد علي: لهذا نخوض الانتخابات بعد أن قاطعنا وهذا موقف التوكيلات والسلسلة البشرية

أول حوار مع “المرشح” خالد علي: جوهر العملية الانتخابية جمع التوكيلات.. والسلطة رغم ما تدعيه من شعبية تجمع التوكيلات بالطريقة التي يراها الجميع

كتبت- ندى الخولي وفاطمة لطفي

وجوه من النشطاء السياسيين البارزين، ودوائر عمل في كل مكان. وسؤال مازح يُوجه لكل وجه جديد “أهلًا بك.. أين توكيلك؟”.

هنا مقر الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي المحتمل والمحامي الحقوقي خالد علي، الذي يقع على بعد عشرات الأمتار من ميدان التحرير. الشبان يملأون المقر ولاحظنا أن “باسوورد” شبكة الإنترنت هنا يضم اسم خالد وسنة 2022، هل لهذا دلالة ما؟

ونحن ندخل إلى مكتب المرشح المحتمل يهمس إلينا أحد أبرز رجال حملته بأن صحفيين كثر جاؤوا في وسائل إعلام مصرية ثم لم ينشروا شيئا، ربما فسر لنا هذا السبب في أننا نجري الآن أول حوار في وسيلة نشر مصرية منذ أعلن خالد نيته الترشح  رسميا للرئاسة.

هانحن هنا إذًا قبل أيام معدودة من ذكرى 25 يناير التي دعا خالد أبنائها لإثبات أنها ليست ثورة يتيمة،  دار حوارنا معه في غضون ساعة. تحدث فيه عن “محرقة الانتخابات” و” السلسلة البشرية”، و”حالة الإحباط واليأس”.. وتفاصيل أخرى تحملها السطور التالية.

وإلى نص الحوار..

  • لماذا قررتم المشاركة في انتخابات 2018 رغم أنكم قاطعتم انتخابات 2014؟ ما الفارق؟

كل الناس كانت تتناقش في انتخابات 2018 منذ عام 2016، بدأت المناقشة حول تلك الانتخابات تنشط، في كل الأحزاب وكل القوى السياسية. بالنسبة لنا كنا موجودين في المجال العام. أنا عضو في حزب تحت التأسيس. وبدأ النقاش يخرج من الحزب للناس في المجال العام. تتساءل: “انتخابات 2018 خلال بقت على الأبواب فاضل سنة، لو عاوزين تدخلوا الانتخابات دي بجد لازم تبنوا من دلوقتي وتبقوا موجودين، كل دا كان يناقش بشكل علني”.

بداية إعلاني عن الانتخابات كان في فبراير الماضي بعد حكم تيران وصنافير، أجريت حوارًا مع قناة “العربي” قلت فيه أنني قاطعت انتخابات 2014 وكان لدي مبرراتي للمقاطعة، لكن أرى أن انتخابات 2018 من المهم أن يحدث مشاركة فيها، لأن هذا الرجل –الرئيس عبد الفتاح السيسي- حكم مصر طوال تلك المدة وكان له مؤيدون بشدة وآخرون بدأوا يقيمون هذا الحكم وهذه السياسات والقرارات، وأنا تقديري أن هناك فرصة لمحاولة الاشتباك مع هذا بشرط أن القوى السياسية تسعى لتلك المشاركة.

  • وكيف انتقلت من مرحلة الرأي إلى قرار خوض الانتخابات وحيدا تقريبا؟

ظهرت صفحة شعبية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أطلقها شباب ليسوا من الحملة ولا الحزب، هم مجموعة شباب تعرفت عليهم لاحقًا من حزب الدستور تحت شعار “مع بعض نقدر” وبدأ الناس تسأل عن معنى هذا الشعار وتتساءل من أنتم وماذا تفعلون.

ثم فوجئت بعدها بتحريك القضية ضدي –قاصدًا قضية الفعل الفاضح- وبدأنا نتناقش حول الانتخابات، وكونا مجموعة وتناقشنا من شهر أبريل ووبدأنا فتح حوارات مع كل الأطراف.

مرت الحركة الوطنية والسياسية المصرية بمرحلة انتكاسة وقمع رهيبة جدًا بعد التوقيع على الاتفاقية –تيران وصنافير- في أعقاب الحكم القضائي، ثم تم تحرير قضايا للشباب المتظاهرين وتم استنزاف الحركة السياسية حوالي 4 أشهر كنا نركض وراء أصدقائنا المقبوض عليهم ونجمع الكفالات.

بعدها عادت المناقشة تتصدر المشهد من شهر سبتمبر الماضي، وطُرحت بعض الأسماء مثل السفير معصوم مرزوق، واسمي كان مطروح، وحمدين صباحي أعلن عدم خوضه، والمستشار هشام جنينة، ومحمد أنور السادات كان يفكر أيضًا. في هذا التوقيت تم حصر بورصة الأسماء.

سارت قضيتي وصدر حكم واستأنفنا عليه وقلنا تلك القضية مُفبركة وبذلنا مجهود في الاستئناف والمحكمة أجلت أكثر من مرة حتى شهر مارس المقبل.

المستشار هشام جنينة نُسب له منشور بأنه مقاطع، والسادات تناقشت معه وقال إنه يفكر وتواصلنا سياسيًا. وكنت على تواصل مع باقي الأطراف والقوى السياسية، والسفير معصوم مرزوق سألني، قلت له أنني أفكر في خوض الانتخابات، قال: طالما ستنزل فلن أنزل وسأدعمك. بكل نبل أعلن هذا الموقف في أكثر من مناسبة.

وحاولنا مع كل القوى السياسية الموجودة للتحدث عن أهمية المعركة وأهمية الاشتباك معها وأن تكون جزء منها، وجدنا أن القوى السياسية كانت في مرحلة تقييم للموقف، ومرحلة التقييم لم تنتقل للقرار أبدًا في أي مرحلة، حتى قرار المقاطعة أم المشاركة لم يكن محسومًا لديها.

مبادرة عصام حجي، كانت على تواصل معي وتلقيت أكثر من اتصال من عصام حجي، وأطلقوا استفتاءً سابقًا على أسماء المرشحين خرج بنتيجة دعم خالد علي في مرحلة من المراحل.

ثم مع تطور الأحداث وتوقيع الاتفاقية، حرروا بيانًا آخرًا يمهد للمقاطعة، ثم أخيرًا أصدروا قرارًا بالمقاطعة. وهم المجموعة الوحيدة التي أعلنت مقاطعة الانتخابات حتى الآن، هي مبادرة عضام حجي.

لكن كل الأحزاب حتى هذه اللحظة وبرغم من أن مرحلة جمع التوكيلات شارفت على الانتهاء، لم يعلن أحد أنه سيقاطع أم يشارك. ونحن نطرح أنفسنا ونستعد للمناقشة مع كل القوى السياسية، وكنا نتمنى كل القوى السياسية تعطي قرارًا جماعيًا أيًا كان شكله.

  • وما تفسيرك لحالة الاحجام تلك من قبل الأحزاب وعدم توصلها لقرار حتى الآن؟

القوى السياسية ترى أنه ليس من السهل مقاطعة الانتخابات، وفي نفس الوقت ترى من الصعوبة أن تعلن المشاركة ولصالح من.

لا أسمى تلك “حالة ارتباك” لكن أصفها بخطورة وصعوبة المشهد الذي يجعل القرار صعبًا على كل الأطراف.

نحن لم يكن أمامنا سوى المجازفة. نعم نجازف في معركة بلا ضمانات ولا اعتماد إلا على كل الأطراف والأشخاص والبنات والشباب والرجال والنساء ممن لديهم شجاعة التوجه للشهر العقاري لتوثيق توكيل لأي مرشح آخر غير عبد الفتاح السيسي.

  • أعلنتم سابقًا عن تمسككم بمجموعة من الضمانات ثم قلتم إنها لم تتحقق.. ولاحقًا أعلنتم عن مجموعة من الانتهاكات.. كيف يؤثر ذلك على قراركم لمواصلة الترشح؟

عندما أعلنا، قلنا إننا سنستكمل مرحلة جمع التوكيلات، ومن وجهة نظرنا أن جوهر العملية الانتخابية في عملية جمع التوكيلات، ولذلك هذه السلطة بكل ما لها وبكل ما تدعيه من قوة ونفوذ وشعبية طاغية للرئيس؛ تجمع توكيلات بالطريقة التي يراها الجميع.

بلا تجني؛ التوكيلات تُجمع بموظفين يتم إجبارهم على التوقيع يخافون الفصل إذا لم يحرروا تلك التوكيلات. وأصحاب معاشات قيل لهم في بعض الأحيان: القبض مقابل التوكيل. وباستغلال حاجة الناس ودفع أموال مقابل تلك التوكيلات. وبالرغم من ذلك، تلك التوكيلات لم تكسر حاجز المليون.

هذا المرشح بكل هذا الزخم وكل تلك الأجهزة التي تعمل معه، وبكل هذه الآليات التي يتم استخدامها لجمع التوكيلات.

نحن نحاول وأمامنا مضايقات كبرى الحملة رصدت منها 50 حالة كنماذج لأننا لا نغطي جميع مكاتب الشهر العقاري.

وصلت لمراحل أن الناس أبلغونا أن ضباط أمن دولة يتواجدون في مقار الشهر العقاري، يساومون الناس ما بين التوكيل أو البطاقة، فيضطر الناس للتنازل عن التوكيل، وهذا رصدناه في أكثر من مكتب.

وقدمنا شكاوى في اللجنة العليا للانتخابات.

واختراق أعمال الدعاية التي تشارك فيها مؤسسات الدولة. مؤسسة الرئاسة نفسها لا تحترم قرارات اللجنة العليا للانتخابات. لأنها عقدت مؤتمرًا لمدة 3 أيام تحت مسمى “انجازات رئيس الجمهورية”، فهذا اختراق للدعاية لأن رئيس الجمهورية مرشح لفترة ثانية.

كان يمكن إجراء هذا المؤتمر في فترة الدعاية احترامًا للقرار الصادر عن اللجنة. لكن الرئاسة نفسها تستخدم أموال الرئاسة والأموال العامة في شرح انجازات مرشح، لأنه منذ فتح باب الترشح وتحرير التوكيلات أصبح مرشحًا محتملًا.

هي معركة جوهرها التوكيلات، وهل سننجح في كسر حالة الخوف والإحباط الموجودة لدى الناس أم لا. لأننا نواجه ليس فقط قمع السلطة، ولا فقط أجهزتها غير المحايدة، لكننا نواجه إحباطًا ويأسًا من المستقبل ومن جدوى العملية برمتها، وخوف تبعات تحرير التوكيلات وملاحقته بأي شكل من الأشكال.

  • أمام تلك التخوفات التي أشرت إليها.. لا بد من الإشارة إلى تخوفات أخرى، مثل مصير السلسلة البشرية التي دعوتم لها يوم 25 يناير وغيرها؟

في مرحلة من المراحل أعلنا أننا سنبدأ في البناء الإداري والتنظيمي للحملة في 6 نوفمبر، وخلال تلك المدة تلقينا تعليقات بأن خطابنا منخفض قليلًا ولا بد من رفع سقفه كما في 2012. ولماذا لا تتحدثون عن المعتقلين وربط الأجر والأسعار، وأن خطابنا في مواجهة عبد الفتاح السيسي وسلطته، خطاب ضعيف جدًا.

كل تلك تعليقات تلقيناها، وأيضًا تلقينا تعليقات على ضرورة استدعاء الناس للشارع وأن يكون الشارع جزء من المشهد.

فجاءت فكرة تقديم التوكيلات يوم 25 يناير تلبيةً لانتقادات وردت للحملة، لو تمكننا من جمعها.

أحلم وأتمنى هذا المشهد يوم 25. والسلسلة في حد ذاتها ليست عملًا احتجاجيًا بل احتفاليًا، وأزعم أن السلطة لن تتمكن من أن تقول لا، و”لو عاوزين يمنعونا وياخدوا الصناديق مننا في الشارع، ومش هقدم وهقوم إن السلطة خدت الصناديق وحبست الشباب”.

وتقديرنا أنه لن يحدث حبس، بل سيتفاوضون معنا حول شكل تلك السلسلة في أي مساحة ومسافة، لكن هذا في الحقيقة كان تلبيةً لتعليقات الناس.

تقديرنا أنه بهذا نضغط على السلطة بأن الناس يتواجدون في يوم تاريخي بالنسبة لنا ومهم، والسلطة هي التي سيكون لديها مأزق كيفية التعامل مع هذا المشهد.

ولذلك هم يصنعون مشهد الطوابير في مقار الشهر العقاري، وهدفها القول بأن هناك شعبية لرئيس الجمهورية والناس تدعمه، وهي شعبية زائفة من ناحية. ومن الناحية الثانية أنهم يدفعون كل الشباب النظيف المؤمن بأهمية التغيير في هذه البلد بأن يقولوا “العملية دي بايظة”، يدفعونهم دفعًا للبعد عن المعركة.

نحن نقول إن التصويت في الصندوق يمكن تزويره ويخرج بنتيجة غير الموجودة بتسديد الأصوات. لكن في الشهر العقاري فإن وثيقتك التي تقدمها هم لا يقدرون على تزويرها.

كما أن مليون توكيل لهم في الشهر العقاري يتساوى مع 25 ألف توكيل لنا. لأنه ربما من وجهة نظرنا مع احترامي لكل فرد في الشعب المصري سواءً حرر لي توكيلًا أم لا، لكن التوكيل الواحد لنا يساوي 10 آلاف توكيل إجباري تم تحريره بالإجبار.

يكفي أن أحمد ماهر وهو يخضع لحكم مراقبة، كل يوم يبات في القسم، وبالرغم من ذلك أصر يحرر توكيلًا ويعلن بالصورة على صفحته حتى قبل تسليم التوكيل لنا. الأثر القانوني للمليون توكيل سيتساوى مع الأثر القانوني لـ25 ألف توكيل.

أما الأثر السياسي لـ25 ألف توكيل، بأنهم تموا باختيارية وحرية عكس التوكيلات الأخرى تمت بطريقة من وجهة نظرنا معروفة للناس جميعها ورصدها صحفيون حتى إن لم يستطيعوا كتابة ذلك في صحفهم.

  • هل هناك حصيلة مبدئية للتوكيلات التي جمعتوها؟

حتى الآن لا يمكن أن نعلن رقمًا، الأعداد المطروحة هي المتداولة عن الشهر العقاري. عملية التسليم ستتم من يوم الأحد، ولدينا أزمة كبيرة في الجانب التنظيمي، بسبب أننا لا نستطيع صرف أي مبالغ على العملية الانتخابية إلا من خلال حساب بنكي يتم فتحه بعد إعلان القائمة النهائية, لذلك نناشد كل المصريين الذين حرروا توكيلات ويتواصلون معنا هاتفيًا، لكن لا تعرف كيفية تسليمها لأننا في النهاية لسنا حزبا كبيرا، بل مجموعة أو حملة متنوعة من جهات وألوان طيف مختلفة، لذا نتمنى أن كل الناس تصب التوكيلات لدينا اعتبارًا من يوم الأحد.

ويوم الثلاثاء قد يكون لدينا مؤشرًا واضحًا عن الأرقام التي تمكنا من جمعنا. لكن لدينا مؤشر واضح من ردود أفعال الناس نراه إيجابيًا من ناحية.

ومن الناحية الأخرى، هناك تطورات سياسية تحدث مثل أن حزب الدستور أعلن دعمه للحملة ومشاركته فيها، وكذلك حركة 6 أبريل بجبهتيها، والاشتراكيين الثوريين، وحزب مصر الحرية، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي الذي فتح الباب لأعضائه لتحرير توكيلات، واتحاد شباب الحزب المصري الديمقراطي قرر أن ينضموا للحملة، وطلاب حزب مصر القوية.

وتقديري أن كل تلك التطورات السياسية مهمة، يواكبها من وجهة نظري شخصيات سياسية من ألوان طيف متنوعة ومتعددة لم يتخيل أحد أنهم من الممكن أن يتفقوا في يوم من الأيام على شيء سوى تيران وصنافير.

شخصيات من تيارات كانت تراني “مش كويس” أو خطابي لا يعجبهم أو مواقفي القديمة كانت ضدهم، ومع ذلك أعلنوا أنهم سيشاركوا في معركة جمع التوكيلات، وأن خالد علي يمثلهم في هذه المرحلة.

وتقديري أن هذا نجاح كبير جدًا ومهم وربما لو أُحسن استغلاله أن يكون خطوة مهمة جدًا لإعادة اللحمة ما بين القوى السياسية المصرية مرى أخرى، أو على الأقل ما بين العاقلين منهم غير المتشددين أو غير المتطرفين. وإحساسهم بأن هناك متغير جديد على الأرض، وليس من الممكن أن نستغرق كل الوقت في خلافات الماضي وتجاربنا القديمة، وأن الواقع يفرض علينا تحديات مختلفة.

لذاك نجد مثلًا أن شخصيات مصرية خارج مصر أصدرت بيانا طالبت فيه بتحرير توكيلات، ونشرت هذا البيان، وبدأت الصحف تهاجمنا بقول “ناس منهم هاربة”، ونرد عليهم: نحن نرحب بأي مصري لا يدعو إلى العنف ولا يدعو إلى الإرهاب، أن يحرر لنا توكيلًا طالما يحمل الجنسية المصرية ولم يتورط في سلاح ولم يدعو إلى عنف، نحن نرحب به وهذه إضافة لنا نشكره على أنه يريد أن يشارك.

هذه طبائع الأمور؛ عندما تكون هناك انتخابات، يجب أن تقرر الناس ستشارك أم لا، وإذا قررت المشاركة فلصالح من.

كما أن العديد من الشباب في القوى السياسية كانوا في بعض الأحيان ضد بعض، ومختلفين على الموقف من الانتخابات وشخص خالد علي، وبالرغم من ذلك حرروا توكيلات.

هناك ناس هاجمتني وكانت ضدي وضد مواقفي وضد ترشحي، لكن قالت “لما إنت تبقى ضد السيسي أنا هديك مش حبًا فيك، لكن لأنك تمثل التيار الذي أمثله رغم اختلافي معك”، وهذه إيجابية أشكرهم عليها. وأقول لهم “رغم توكيلاتكم ربما يظل خلافنا في وجهات النظر قائم”، لكن هذه تحركات إيجابية نجحت فيها الحملة وهي خطوات مهمة جدًا.

أدعو كل أبناء يناير أن يحللوا المشهد، ويروا ما هي الإيجابيات التي يمكن البناء عليها، لأني أرى أنها خطوات إيجابية حتى الآن.

  • من هنا؛ لا بد من السؤال عن أن الرهان على أبناء يناير والشباب والقوى السياسية كان رهان حمدين صباحي في انتخابات 2014، ومع ذلك وصل لمحطة “الثلاثاء بتاع حمدين” حيث اللجان الفارغة، كيف تتجنبون مثل تلك التجربة؟

المشهد يختلف، “التلات بتاع حمدين” كان يوم الانتخابات، ونحن ما زلنا في مرحلة جمع التوكيلات. وأثناء انتخابات 2014 أعلن حزب العيش والحرية مساندة حملة حمدين صباحي وعمل توكيلات له، رغم أنني كنت مع المقاطعة. ومدير حملتي كان أحمد فوزي  انتقل للعمل في حملة حمدين صباحي، وفعلًا حمدين كمل التوكيلات وكان الوضع ليس في نفس حالة المناخ السيء الحالي.

التحدي نعم موجود، لكن خطابك توجهه لمن، ومن لديه استعداد يأخذ المخاطرة؟ لكن بالتأكيد إذا ما وفقنا الله في هذه المرحلة، دورنا خلال المرحلة القادمة أن نقول خطاب لكل الشعب المصري، وأن نعرض برنامجنا ونشرح لماذا نحن رافضون الرئيس عبد الفتاح السيسي ونرفض سياساته ونراها سياسات ليس فقط مضرة بل خطيرة على مستقبل البلد.

  • كيف تواجهون حالة الإحباط والخوف الشديدة حتى من المشاركة السياسية في عملية قد تبدو للبعض معروف نتائجها مسبقًا؟

مصر في مرحلة صعبة، وليس هناك شيء محسوم. لو حسبت عناصر القوى المادية الموجودة على الأرض، قد تقول: نعم هو فرصه أعلى من أي أحد. لكن في ظل المتغيرات التي تحدث يوميًا. وجدنا رئيس المخابرات “اتشال” والجديد هو مدير مكتبه. هل هذا شيء عادي أم تعبير عن وضع ما داخل دولاب الدولة في حالة من الارتباك. وهل حالة الارتباك تلك سيكون لها مردود في السيطرة على العملية الانتخابية أم لا، وهل طريقة جمع التوكيلات بهذه الطريقة ستدفع الناس للتصرف عكسها في الصندوق أم لا. عملية فرز الأصوات كيف ستتم وماذا سيحدث؟

طول الوقت، من يعمل في العمل السياسي لا يحسب الموضوع أسفل قدمه، بل يحسب إلى ماذا ستؤدي تلك التفاعلات غدًا. لذلك نقول: لا شيء محسوم. وكلام ليس حقيقي.

جامبيا حصل فيها أن مرشح الدولة كان يتعامل باستهزاء مع مرشح المعارضة ويرى أنه ليس له قيمة وأنه كسبان في كل الحالات، وتصرف بتعالي جدًا، وفوجئ أن النتيجة عكس ما يريد. حتى اللجنة العليا للانتخابات التي اختارها وأمام نتيجة حجم التصويت؛ قررت أن تلك لحظة مناسبة.

ليس من الشرط أن يتحقق هذا السيناريو. قد لا يتحقق، لكن أدعو كل الناس أن تعرف أن تغيير الوضع على الأرض لا يأتي منة أو منحة من أحد. نحن في وضع سياسي “الناس حتى مابتنزلش تتظاهر”، هناك من يقول “اللي جه بالدبابة يمشي بالدبابة.. لكن إحنا مش بتوع دبابة ولا 25 يناير جت بدبابة، بل جاءت بأحلام ناس كانت تبني يوم وراء يوم ونضال وراء نضال ومجموعة وراء مجموعة حتى تكون هذا المشهد في يناير”.

لذلك لا بد أن نفهم أن هناك أجيالا موجودة أصبحت أكثر نشاطًا، لم تحضر يناير. في يناير 2011 كانت في الإعدادية والآن أصبحوا طلاب الجامعات. لم يخوضوا يناير ولم يروها. موجودة في ظل وضع سياسي صعب جدًا وسيء جدًا. “الناس حتى ما بتعرفش تكتب على فيسبوك لإن أي حد بيكتب ممكن يتعمل له قضية أو يتفصل من الشغل”.

على الأقل نخوض معركة نضالية نعرف الناس بنا. هناك ناس كثر لا تعرفنا. لا بد من الخروج من خلافاتنا، ولا بد أن نشتبك مع الناس ويرونا نخوض معارك ونتحدى هذا الرجل. اليوم قد لا يثقون بنا لكن غدّا ممكن.

هذه المراكمة في تقديري هي التي يمكن أن تحقق نتيجة. الإحباط لا يحرز نتيجة، ولا يوجد سلطة مثل السلطة الحالية تعطي الحرية للشعب منحة. لدينا الكثير من شبابنا من أجل أمنهم اضطروا يخرجوا ويتركوا البلد. لدينا آلاف موجودين في السجون بقضايا وهمية. كلنا مهددين بقضايا. كلنا ممكن ندخل السجن على أي شيء يُقال في الشارع.

هل تعتقدون أنني وحملتي عندما أخذنا القرار، كان لدينا من السذاجة أن نرى “الدنيا هادئة” نحن نعرف أن هذا النظام يحاسب أي أحد بمجرد أن تجرأ على معارضته أو قول رأي مستقل، ونعرف أننا سدفع ثمن هذا. وليس لدينا أوهام أن الجماهير العريضة ستخرج تسندنا.

ولست ناقم على الطوابير الموجودة في الشارع تحرر توكيلا للسيسي بـ100 و50 و30 جنيهًا. لأن هؤلاء شعبنا وضحايا. وكما أن السلطة مسؤولة عنهم نحن أيضًا مسؤولون عنهم. حتى لو كانت مسؤولية أخلاقية.

“لكن دوري أنا وزملائي والناس اللي زيي أن نقول إحنا هنا ونرفع الراية.. يمكن الناس تصطف علينا” يمكن الناس تضحك علينا أو تهاجمنا الآن، لكن ممكن بكرة تصطف على الجيل الذي سيعمل في هذه الحملة أو حملات أخرى. لا بد أن يرانا الناس في المعركة ونشتبك معهم ونقول شيء ونقدم أنفسنا.

ليس من الطبيعي أن يقولوا “مفيش حد غيره.. كله هرب منه”، أريد أن أقول أن هناك أسماء كبيرة جدًا لم تدخل تلك المعركة، ولو دخلت كان من الممكن أن تدير حملة أفضل مني بكثير لأن لديها إمكانيات مادية وتنظيمية أحسن مني. لم تنزل لأنها خافت أن تُحرق. هي محرقة بالفعل. خافت أن يُقال عليها كلام “إنت متفق مع الدولة وخلافه”. نحن في مرحلة صعبة جدًا ونواجه هجومًا من الجميع، ووسط هذا الهجوم نكسب أنصارًا.

كنا نتمنى أن يتم هذا مبكرًا وأن القوى السياسية تدعم فيها، كنا نتمنى أشياء كثيرة لم تحدث، لكنها الآن تحدث. تحدث ببطء وتراكم. لكن تحدث.

  • هل ترى أن وجود منافسين حقيقيين في المشهد الانتخابي كان سيكون أفضل لك أم سيشكل خطورة وتفتيت للأصوات؟

كان نفسنا أن أكثر من مرشح يخوض معركة جمع التوكيلات. وكنت سأكون سعيدا بأن يخوض المنافسة أكثر من مرشح قوي، لأن التحدي هو كسر احتكار السلطة للمشهد السياسي. بالتالي عندما يكون هناك أكثر من حملة قوي ستشجع بعضها.

عندما يتجمع الناس في الشهر العقاري لتوكيل خالد علي، وآخرون لتوكيل “س” وآخرون يوكلون “ص”، فإن الشهر العقاري سيضطر لتحرير توكيلات الجميع. لكن عندما يكون رئيس الجمهورية مقابل واحد فقط ضده، فهذا الوضع ضعيف. كنا نتمنى أن تكون هناك عدة حملات تحرر بيانًا مشتركًا للهيئة الوطنية للانتخابات لتجمع الانتهاكات.

الإعلام المصري لا ينشر أي شيء عن الانتهاكات. الصحافة تم تأميمها. حتى المواقع الإلكترونية الجادة التي ترغب في العمل تقلق من الحجب. سيف الحجب موجود. كل تلك الطوابير الموجودة نعرف أنها مزيفة. بالتالي لو كان أكثر من مرشح تقدم كان سيكون هذا أفضل بالنسة لنا وليس مضر على الإطلاق.

  • وماذا عن الحملات الانتخابية الأخرى. ما تقييمك لها والمنافسة معها؟

ننافس جهاز دولة، بكل أدوات القمع لديه وبكل بنيته التنظيمية والمالية في مواجة ناس تحرر توكيلات لا نعرفهم. “ساعات يكون هناك تعمُد إنهم يقعدوا 4 ساعات. وفي الآخر يقوله بعدين لما أخلص توكيلات السيسي الأول” وساعات يتم ترهيبهم, هذا وضع في غاية الصعوبة، ورغم ذلك مؤشرات جمع التوكيلات لدينا والتي يعلنها الناس على مواقع التواصل الاجتماعي في غاية الإيجابية.

  • أين تقع مواجهة الإرهاب في برنامجك الذي يتركز في أغلبه على القضايا الاقتصادية؟

هناك متخصصون يعدون مجموعة من الملفات، ولكن على العكس تمامًا، وردنا كمية انتقادات كبيرة جدًا عن أن خطابنا يركز على الحريات والمناخ والمجال العام. “لدرجة أن عمرو أديب مسك المجال العام دا ربع ساعة بيتكلم عنه.. وقالولنا ابدؤوا اتكلموا في الاقتصاد”.

الملامح البرنامجية من 40 نقطة اختارنا منهم 14 نقطة باعتبارهم نقاط عاجلة. نظمنا 4 مؤتمرات صحفية في كل مؤتمر قلنا خطاب.

المؤتمر الأول تحدثنا عن 9 مبادئ رئيسية. المؤتمر الثاني تحدثنا عن مجموعة نقاط، وبالأمس تحدثنا عن مجموعة أخرى.

تحدثنا عن المصالحة ولم ننكر أنه يوجد إرهاب، لكن السلطة تصنع سياسات لخلق بيئة خصبة للإرهاب ولاستمراره ولانتشاره باعتبار أن الإرهاب آداه تصوب به نفسها في الداخل وفي الخارج.

في الخارج تقول لهم “أنا اللي هسيطر على الإرهاب”، وفي الداخل “تقمعنا به”.

وعندما سُئلنا عن المصالحة، قلنا بكل وضوح: نرى أن أي مستقبل لهذه البلد لن يحدث إلا بمصالحة وطنية تضمن العدالة والحقيقة والإنصاف وجبر الضرر. وبصرف النظر عن أي فصيل سياسي “لا يهمني أنت في أي فصيل سياسي”. المصالحة والعدالة الانتقالية منصوص عليها في دستور 2014. وبالتالي نحن نلتزم بدستور 2014، ولهذا كان هناك وزارة للعدالة الانتقالية لكن تم إعدامها رميًا بالرصاص بكل قصد وبكل عمدية حتى لا تكون موجودة.

  • كيف تقيم إنجازات السيسي التي أعلن عنها في المؤتمر الأخير؟

تقديري أن الحديث عن الإنجازات هو سهل لأي سلطة. والمؤشر ليس باعتباري معارضا له أو منافسا له في الانتخابات لأنه ربما يكون كلامي مجروحا في هذه اللحظة، لكن المؤشر هو صدى فترة حكمه في 4 سنوات على حياة الناس “بيقول حاجات متناقضة مع بعضها. قال: الناس شبعت من الجوع وشربت من العطش.. ومنين إنت بتقول إنك عملت إنجازات.. ما هو يا عملت إنجازات يا معملتش”.

كيف تقول أنك صنعت إنجازات مهولة وجبارة والناس لا تشعر بيها، ومنذ شهرين كنت تقول:” أنا معنديش صحة أنا معنديش تعليم”. الخطابات لا بد أن تكون واحدة. وكيف تكون الإنجازات في ظل أن القوى الشرائية للجنيه سحقت كل المصريين بفضل سياسات التعويم التي تبناها. كيف وكل يوم أسعار السلع والخدمات الأسياسية ترتفع. كيف وهناك تأميم للإعلام وللصحافة والمواقع الإلكترونية. كيف والخوف في كل بين وفي كل شارع وكل صاحب محل وكشك. كيف وسيناء أصبح جزء منها كبير في حالة خطر. ووجود كلام أن صفقة القرن في حقيقتها هي بالتنازل عن جزء غالي من سيناء. كيف والإرهاب موجود في الواحات، وهناك استهداف لوزيري الدفاع والداخلية.

  • سؤال أخير.. هل تخشى مصيرك السياسي وفي الشارع حال خسارتك المعركة؟

لا.. تقديري أن هناك تطورا في موقفي الشخصي ورؤيتي للأشياء، وأزعم أن هذا التطور كان بفضل تيران وصنافير. من الممكن أن تدخل معركة تُهزم فيها ماديًا، لكنك في الحقيقة منتصر فيها أخلاقيًا وسياسيًا.

معركة تيران وصنافير كانت معركة انتصرنا فيها أخلاقيًا وسياسيًا، دافعنا عن الأرض ورفضنا بيعها والمحكمة حكمت لصالحنا. لكن القوة على الأرض فرضت واقع مختلف، رغم أنه على الأرض لم نتمكن أن نلغي الاتفاقية؛ لكن أخلاقيًا وسياسيًا خضنا معركة لا أحد ينكرها.

معركة الانتخابات، كل المؤشرات فيها تقول: “ابعد.. إجري.. هتتحرق”. نعم. لككني رافع راية وأقول إنني أقاوم وأعرف أنها صعبة جدًا ونتائجها مؤلمة جدًا. لكني أتمنى في يوم من الأيام أن يقول الناس إننا كنا شجعان ورفعنا راية المقازمة بشكل علني ولم نخف وأكملنا بإمكانياتنا البسيطة والمحدودة وبالأعداد المحدودة من الحاليين الداعمين لنا في هذه المرحلة.

أتمنى ألا أكون مخطئا. وأن يقدّر الناس أننا نصنع محاولة أخلاقية يمكن تحظى باحترامهم وتقديرهم في يوم من الأيام.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى