سياسة

سي إن إن: المصريون يحزنون.. لكن هل يدركون؟

كثير من المصريين سيفشلون في إدراك أن التمييز الديني هو السبب في عنف يوم الأحد 

A victim is seen on a stretcher after a bomb went off at a Coptic church in Tanta, Egypt, April 9, 2017. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany
A victim is seen on a stretcher after a bomb went off at a Coptic church in Tanta, Egypt, April 9, 2017. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany

سي إن إن- تيموثي كالداس

ترجمة وإعداد- سلمى خطاب

بعد تفجير كنيستين في أحد الزعف في طنطا والإسكندرية، دخل الشعب المصري في حالة من الحداد، فمرة آخري يُستهدف المواطنون الأقباط ويقتلون بسبب عقيدتهم، ومرة آخري تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا تحمل وجوه وقصص لأبرياء قُتلوا وهم متجمعون للعبادة.

وكما هو الحال في مثل تلك  الحالة، تصدر الدولة المصرية على الفور دعواتها للوحدة الوطنية، حيث قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية عبر تغريدة على حسابه على موقع “تويتر” إن الهجمات البغيضة فشلت في زعزعت إحساس المصريين بالوحدة.

سيحزن المصريون على هذا الحادث بحق، لكن كثيرا  منهم أيضًا سيفشل في فهم التحدي الأساسي الذي يشكله التمييز الديني كمحرك أساسي لأحداث عنف يوم الأحد، إضافة إلي التصور  واسع الانتشار بأن المسيحيين  مواطنين  أقل بحقوق أقل، مما يشكل أرضا خصبة لهؤلاء الذين يسعون للتحريض على أعمال عنف ضدهم.

علاوة على ذلك، فإن أزمات الأقباط عادة ما يتجاهلها المسئولون المحليون، أو يتعاملون معها كأمر مبالغ فيه أو غير موجود من الأساس، هذا الفشل حتى في إدراك التمييز الذي يواجهه الأقباط يجعل من حل المشكلة عمليًا مستحيل.

وبنفس الطريقة التي واجه بها السياسيون الأمريكيون مناقشات جادة عقبت إطلاق نار كثيف من خلال كلمات مثل “صلواتنا ودعائنا”، يواجه السياسيون المصريون ووسائل الإعلام المصرية الأزمة بكلمة “الوحدة الوطنية”، فاليوم وخلال هذا الأسبوع سيصمم المصريون على أنهم شعب واحد، وسيتحدث المسلمين بحماس شديد عن إخوتهم وأخواتهم المسيحيين، ويحكون القصص عن أصدقائهم المقربين المسيحيين.

ورغم ذلك، في نهاية المطاف لن يظهر شبح التمييز الديني الواسع الذي يضرب بجذوره في المجتمع المصري، وواقعيًا ستخنق التعبيرات المندفعة عن الوحدة الوطنية الانتقادات المشروعة للتمييز ضد المسيحيين في مصر.

إثارة هذه الأمور حاليًا ستقابل بريبة وسيصمم البعض على التأكيد على أنها محاولات لزرع الفتن والقلاقل، وسيقمع خطاب “الآن ليس الوقت المناسب” أي فعل مثمر في الوقت المناسب فعلًا حين يدرك المجتمع أن حزنهم يحتاج إلي تغير.

الكثير من المسيحيين المصرين سيجدون أن دعوات المسئولين إلي الوحدة خدعة، فأين كانت هذه الوحدة حين فشلت الدولة في محاكمة الرجل الذي جرد سيدة مسيحية مسنة من ملابسها وجرها في الشوارع بسبب شائعات أن ابنها على علاقة بسيدة مسلمة؟، وأين كانت هذه الوحدة بعد سنوات من الجدال والهجوم على الكنائس بحجة بنائها أو تجديدها بشكل غير قانوني، والاستمرار  في وضع قيود على بناء الكنائس أكثر من تلك الموضوعة على بناء المساجد؟، وأين تكون هذه الوحدة في كل مرة تقع فيها اشتباكات طائفية في قرية نائية، ويقوم فيها المسئولون بحماية الجناة من خلال “الجلسات العرفية” لحمايتهم من الملاحقة القانونية؟.

كذلك،  كثير من المصريين المسلمين سينظرون إلي صور ضحايا يوم الأحد بحزن وتعاطف، وفي اليوم التالي سيستخدمون تعبيرات مثل “مسيحي بس كويس” كما لو أنه أمر غير مألوف أن يكون هناك مسيحي “كويس”.

فهذه النظرة التمييزية المتأصلة تشكل صميم التعصب الديني الذي يعتبر أساس التطرف العنيف والذي تستخدمه جماعات إرهابية مثل تنظيم داعش، ومشاركة الدولة في هذا التعصب تساعد علي تدعيمه.

فنفس الكنائس التي تم تدميرها في هجمات يوم الأحد الإرهابية المتعصبة، ستخضع يوم الاثنين إلي “تعصب الدولة” المتمثل في قانون بناء وتجديد الكنائس.

والتعازي لن توقف الاعتداء القادم، أو تحد من تجنيد المنظمات الإرهابية، كذلك صور بابا الأقباط وهو يلتقي مع شيخ الأزهر، لن تعيد الضحايا أو تحمي آخرين غيرهم من نفس مصيرهم.

التمييز الواسع والذي يُمارس يوميًا، على المستويين القانوني والاجتماعي، أكبر بكثير من الشعارات المتعبة التي تخرج عقب كل مأساة، الإرهابيون صعدوا من حملاتهم ضد المسيحيين المصريين، في وقت فشلت فيه الخطابات والسياسات القديمة للدولة، وبات من الضروري اتباع نهج جديد على المستوي الأمني، والاعتراف  بحقوق الأقلية الدينية في المساواة لا   كمواطنين من الدرجة الثانية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى