ترجماتسياسة

في قمة بوتين وترامب.. ماذا عن”الجاسوس سنودن”؟

هل يطلب ترامب من بوتين تسليم العميل السابق لوكالة الأمن القومي الأمريكي؟

المصدر: politico – 

ترجمة: ماري مراد

بالتزامن مع قمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، الإثنين في هلسنكي الفنلدية، يريد مشرعون من الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) من ترامب أن يطالب بوتين بتسليم 12 هاكرز تم اتهامهم مؤخرا بتخريب انتخابات عام 2016. لكن هذا غير محتمل، لا سيما أن ترامب يتجاهل في الغالب الحديث عن التدخل في الانتخابات الروسية.

لكن بوتين يأوي قرصانًا آخر مطلوبًا لدى الولايات المتحدة- لم يشكك ترامب أبدًا في تهمته: “إدوارد سنودن”.

وكان ترامب يتعهد بإعادة المذنب الذي كان يعمل بوكالة الأمن القومي إلى البلاد. لكنه حينما أصبح رئيسيًا لم يُظهر أي رغبة في مواجهة بوتين في ما يتعلق بسنودن.

لم لا؟ يقول مسؤولون أمريكيون سابقون إن الأنفس هدأت بخصوص الهارب الذي هز مجتمع المخابرات قبل خمس سنوات. لقد طغت فضائح القرصنة الحديثة على أفعاله. وأصبح ترامب نفسه منتقدًا قاسيًا لبرامج المراقبة الأمريكية، التي يدعي دون أدلة أن إدارة سابقه أوباما استخدمتها ضده بشكل خاطئ.

وحتى مع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن تسليم سنودن سيكون طريقة سهلة لبوتن لكي يفعل معروفًا لترامب، وهو ما يمنح الرئيس انتصارا يرضي بشكل خاص مسؤولي الاستخبارات والأمن القومي الغاضبين من أنه لم يفعل المزيد لمواجهة التدخل الروسي في الانتخابات. قبل أن يؤدي ترامب اليمين في يناير 2017، كتب مايكل موريل، نائب المدير السابق لـ”سي آي إيه”، أن تسليم سنودن سيكون “هدية التنصيب المثالية” من بوتين إلى ترامب.

وقال جيوفري ستون، أستاذ في كلية الحقوق بجامعة شيكاغو وعمل في لجنة مراقبة استخبارات أجنبية أنشأها الرئيس باراك أوباما، بعد تسريبات سنودن: “إذا كان ترامب يريد ذلك كانتصار، فلماذا يمانع بوتين؟”.

وأضاف: “إذا أراد بوتين تقديم خدمة لصالح ترامب أو جعل ترامب يبدو جيدا، فسيكون الأمر سهلا بالنسبة لبوتين”.

ولجأ سنودن إلى موسكو في منتصف عام 2013 بعد الإفراج العلني عن مجموعات من ملفات وكالة الأمن القومي السرية التي سرقها بينما كان متعاقدًا خاصًا. وقد أطلق على نفسه اسم مبُلغ يكشف مخالفات المراقبة، لكن العديد من المسؤولين الأمريكيين السابقين والحاليين يعتبرونه خائناً أو أسوأ.

ترامب من بينهم، إذ أعلن في تغريدة عبر موقع تويتر في أبريل 2014: “سنودن جاسوس تسبب في ضرر كبير للولايات المتحدة. الجاسوس في الأيام القديمة، عندما كان بلدنا محترمًا وقويًا، كان سيتم إعدامه”.

وكمرشح عام 2016 ، قال ترامب إنه يمكن أن يأخذ سنودن من الروس، الذين منحوه حق اللجوء السياسي. ووعد ترامب بمصادقة بوتين وإصلاح العلاقات الأمريكية الروسية، وأصر على أن الزعيم الروسي -الذي قال إنه لا يحترم أوباما- لن “يبقي أبدًا” على شخص مثل سنودن إذا كان ترامب رئيسًا.

لكن منذ ذلك الحين، يبدو أن سنودن قد سقط من قائمة مهام ترامب. ويعتقد البعض بأن الرئيس الروسي يحب الإبقاء عليه في كنفه، حتى في الوقت الذي يريد فيه عقد صفقات مع ترامب.

وقال كينيث روث، المدير التنفيذي لـ”هيومن رايتس ووتش” وأحد أبرز المدافعين عن تسريبات سنودن “البطولية”: “لا أعتقد أن ذلك يأتي في أولويات أجندة ترامب، وفي الواقع، لا أعتقد أبن بوتين لديه اهتمام كبير بتسليمه”.

لا يزال سنودن مختبئًا في روسيا مع شريكته ليندساي ميلز، وفي الغالب يحافظ على عدم الظهور. في الشهر الماضي فقط، شاركت ميلز صورة نادرة لسنودن على حسابها عبر موقع “انستجرام”.

وخلال لقاء عبر “بودكاست” مع موقع”The Intercept”، تناول سنودن إمكانية تسليمه بنفسه في مايو.

وقال سنودن للصحافي مهدي حسن، قبل إعلان اجتماع يوم الإثنين في هلسنكي: “دونالد ترامب سيخرج إلى روسيا، كما تعلمون، كلما كان ذلك ممكنا. يبدو أنه لا يحب شخصًا في العالم أكثر من الرئيس الروسي. هل سيحاول إبرام اتفاق؟ ربما. هل يمكنني فعل أي شيء حيال هذا؟ لا”.

ولم يكن ترامب المسؤول الوحيد في الولايات المتحدة الذي دعا إلى عودة وإعدام سنودن. بصفته عضوًا في الكونغرس في 2016، إذ ردد وزير الخارجية مايك بومبيو رأي ترامب. وقال بومبيو لـ”C-SPAN” في فبراير من ذلك العام: “يجب إعادته من روسيا وإتاحة الإجراءات القانونية الواجبة، وأعتقد أن النتيجة الصحيحة ستكون أنه سيُفرض عليه حكم الإعدام”.

بعد بداية تسريباته في يونيو 2013، تصدر سنودن عناوين الأخبار العالمية لأشهر عدة. ولكن عندما طالب كبار المشرعين بتسليم 25 روسيًا اتهمتهم وزارة العدل الآن بالتدخل في انتخابات عام 2016، فإن سنودن لم يُذكر.

“يجب إحضار هؤلاء الأفراد إلى الولايات المتحدة حتى يتمكنوا من المثول للمحاكمة، ويجب أن تطالبهم بان يسلمهم بوتين” كتب ثمانية أعضاء ديمقراطيين كبار في مجلس الشيوخ، بمن فيهم ديمقراطي بارز في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، في خطاب يوم السبت لترامب، لم يطرق إلى متعاقد وكالة الأمن القومي.

إذا كان بوتين سيرسل سنودن إلى الولايات المتحدة، فإنه سينتظر المحاكمة في زنزانة السجن. تجدر الإشارة إلى أن اتهامات التجسس ضده تحمل عقودا من السجن وتمنعه من استخدام دفاع المبلغين فى المحاكمة.

وصرح المدعي العام الأمريكي السابق إريك هولدر، لروسيا عام 2013 بأن الولايات المتحدة لن تسعى إلى فرض عقوبة الإعدام على سنودن، كطريقة لمنع روسيا من منح اللجوء السياسي للمتعاقد السابق. وأخبر هولدر روسيا بأن التهم الموجهة ضد سنودن لا تحمل عقوبة الإعدام وأن الحكومة لن تطبق عقوبة الإعدام حتى لو وجهت إليه تهمة ارتكاب جرائم إضافية تحمل عقوبة الإعدام. لكن ليس من الواضح ما إذا كانت وزارة العدل في ترامب ستوافق على ذلك.

حتى بعض أشد منتقدي سنودن يشيرون إلى أن هلسنكي ليست المكان المناسب لمناقشة مصيره، لا سيما إذا كان ترامب وبوتين سيواجهان قضايا سياسة جوهرية مثل الشرق الأوسط.

وقال الجمهوري مايك روجرز الذي شغل منصب رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب في وقت تسريبات سنودن: “إذا كان الجهد يهدف إلى تقديم حل لسوريا، فلا يجب طرح الأمر. لكن إذا كان الاجتماع له طابع أكثر احتفالية، فسيكون من المناسب أن يكون الموضوع على جدول الأعمال”.

واتهم روجرز، سنودن بأنه خائن عرض حياة الأمريكيين للخطر، لدرجة أنه قال، دون دليل محدد، إنه يجب أن يواجه اتهامات بالقتل. لكنه أشار إلى أن موسكو نفسها، حيث يعتقد البعض أن حرية سنودن مقيدة، هي نوع من السجن بالنسبة له.

وقال روجرز، في إيميل لـ”POLITICO”: “إنه بائس للغاية في بيئة شديدة المراقبة في روسيا. قد يكون هذا أفضل عقاب”.

وفي السياق نفسه، ذكر ماثيو واكسمان، مدير برنامج قانون الأمن القومي في كلية كولومبيا للحقوق ومسؤول سابق كبير في إدارة جورج دبليو بوش، أنه لا يتوقع ذكر سنودن في قمة الإثنين، ولكن من المستحيل التأكد من ذلك، على حد تعبيره.

وقال واكسمان: “ترامب لا يمكن التنبؤ به، ويبدو في بعض الأحيان أنه يهتم أكثر بمهارة الصفقات أكثر من جوهرها”.

وأضاف واكسمان أن بوتين “سوف يدرس سيكولوجية ترامب بعناية” ويمكنه أن يقدم سنودن إذا اعتقد أنه سيساعده في الفوز باتفاقات أخرى من نظيره الأمريكي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى