اقتصادترجمات

مصر في انتظار دفعة “السيارات الكهربية المُستعملة”.. هل نحن مستعدون؟

يستغرق شحن السيارة من 30 إلى 45 دقيقة

ظهرت المركبات الكهربية كأحدث صيحة في صناعة وسائل النقل، ويذكر تقرير للوكالة الدولية للطاقة IEA أن الصين والولايات المتحدة والدول الأوروبية هي الأسواق الرئيسية لتسويق هذه المركبات؛ لكن وجودها تنامى في جميع أنحاء العالم ووصل عدد المركبات المُستخدمة بالفعل على الطرقات إلى نحو مليوني مركبة في 2016، مع استمرار تزايد العدد وفتح أسواق جديدة مثل الهند التي أصدرت قرارًا حديثًا باعتبار محطات الشحن الكهربي “خدمة”، وعدم حاجتها إلى الحصول على رخصة كمحطات الشحن بالوقود والغاز الطبيعي.

ورغم هذه الزيادة والانتشار، فإن مبيعات السيارات الكهربية لا تمثل سوى نسبة 1% من مبيعات سوق السيارات في العالم، بحسب المعلومات التي قدمتها شركة LMC Automotive المختصة بدراسة هذه السوق؛ وفقًا لما أوضحه موقع “بيزنس فوروارد” التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة.

كذلك وجدت مجموعة “بوسطن” الاستشارية الدولية أن المركبات التي تعمل بالبطارية الكهربية لن تحظى بنسبة كبيرة من مبيعات سوق السيارات حتى عام 2025، وسترتفع نسبتها إلى 14% من المبيعات العالمية بحلول عام 2030.

في مصر يحمل وضع السيارات الكهربية طابعًا خاصًا، حيث توجد مخاوف من نقص البنية التحتية القائمة التي يمكنها التفاعل مع هذا النوع من المركبات، فضلًا عن مخاوف لدى اتحاد الصناعات المصرية تتعلق بالأمن والصيانة ومراكز الخدمة. وفي الوقت نفسه، تستعد مصر لاستقبال أول دفعة من السيارات الكهربية “المُستعملة”، بعدما أصدر وزير التجارة والصناعة طارق قابيل مرسومًا يسمح باستيرادها، وذلك بشرط أن يكون عمرها 3 سنوات على الأكثر وباستثناء استيراد الدراجات النارية.

قابيل أشار في بيان صحفي إلى أن استيراد السيارات بشكل عام لا يخضع لقواعد خاصة، طالما أنه يمتثل للقواعد المذكورة في قانون الاستيراد والتصدير؛ لكن الوزارة أصدرت هذا المرسوم الخاص للسيارات الكهربية لتشجيع المصريين على استخدام سيارات صديقة للبيئة، علاوةً على كونها أرخص في الشحن والصيانة من السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي، أو المعروفة بسيارات الغاز الطبيعي.

وأضاف البيان أنه لن تُفرض جمارك على هذه السيارات، وأن مصر ستحاول اللحاق بالدول الأوروبية الرائدة في هذا المجال مثل بريطانيا، بحيث تفرض قانونًا بعدم السماح باستخدام أي مركبات سوى المركبات الكهربية بحلول عام 2040. ويُذكر في هذا الصدد أن مصر تأمل في تعزيز إنتاجها واستخدامها للطاقة المتجددة بوجه عام، ليصبح بنسبة 22% من أجمالي الإنتاج والاستخدام بحلول عام 2020 جزء من خطة التنمية المُستدامة.

محمد مصطفى، الرئيس التنفيذي لشركة “ريفولتا” المُقرر استيرادها للسيارات في مصر، أوضح أن سعر السيارة الكهربية الجديدة يبدأ من 700 ألف جنيه مصري، فيما يبدأ سعر المُستعملة من 600 ألف جنيه. ويتكلف شحن السيارة حوالي 50 جنيهًا لقيادتها لمسافة 300 كليومتر، أي ان شحنها أرخص كثيرًا من شحن سيارات الغاز الطبيعي.

أما عن البنية التحتية المطلوبة، أشار مصطفى: “السيارات ستصل مصر في يونيو المقبل، وحتى هذا الوقت سيكون عدد محطات الشحن قد ارتفع من العدد الحالي، وهو 17 محطة، إلى 65 محطة. ولا يمكننا أن نطلب من الحكومة والقطاع الخاص والمستثمرين أن يؤجلوا تشغيل السيارات الكهربية حتى وجود البنية التحتية؛ بل يجب أن نستورد السيارات أولًا حتى تُبنى البنية التحتية. مصر بها 5 سيارات كهربي حاليًا، والبنية التحتية لهذا النوع من السيارات تتحمل ارتفاع هذا العدد إلى 1000 سيارة”.

وتابع رئيس “ريفولتا” مؤكدًا أن الطرق ستربط خمس مدن بالقاهرة في خلال شهرين من الآن، وستكون لدينا محطة شحن كهربي كل 30 كيلومتر على الطريق، وهذا كافٍ ليخدم الدفعات التي ستستوردها مصر. وإذا استمر هذا التعاون، فستكون نصف السيارات في مصر كهربية في خلال 10 سنوات من الآن.

السيارات الكهربية ليست “حلمًا ورديًا”

من جانبه اعترض وائل عمار، رئيس قسم النقل باتحاد الصناعات المصرية، على الحجج التي ذكرها مصطفى، مؤكدًا أن “فضلًا عن أن المحطات يجب أن تتواجد أولًا في أنحاء الجمهورية، فإن البنية التحتية لا تعني محطات الشحن فقط”، ومشددًا على أنه يجب إعلان ما إذا كانت الشركة المستوردة هي المتعاقدة مع المصدّر أم لا.

عمار فسّر اعتراضه بأن مصر تفتقد الكوادر البشرية المؤهلة لصيانة هذه السيارات وخدمتها، موضحًا: “إنها تقنية جديدة عل العالم أجمع وقد تكون لها عيوبها. إذا وُجدت مشكلة تتعلق بالأمان أو أسطح المتانة فإن المصنّع يخبر المتعاقدين معه حول العالم بها، أما في الحالة المصرية فمن هو المتعاقد؟ وماذا سيكون التصرف في حالة وجود مشاكل؟ لا أحد يعرف”.

ولأن شحن السيارة الكهربية يستغرق من 30 إلى 45 دقيقة، رأى عمار أن كل منزل به سيارة كهربية يجب أن يمتلك آلية لشحنها؛ في حين لا توجد ضمانات أو آليات تحكم استخدام السيارات الكهربية في مصر. وأشار إلى أن مصر تحاول تشجيع صناعة السيارات التي تدهورت على مدار العام الماضي؛ لكن عليها أولًا أن تعمل على حل المشاكل الأخرى قبل استيراد سيارات كهربية.

وبعيدًا عن الوضع المصري، فإن السيارات الكهربية ليست تقنية مبشرة بالقدر الذي يُروَّج له حاليًا، وفقًا لمارتن بروكنر الأستاذ المحاضر في الاستدامة بجامعة “مردوخ” الأسترالية، الذي نشر مقالة بموقع “Conversation” العلمي حول مخاطر مُحتملة لهذا النوع من السيارات.

يذكر بروكنر أن مادة النيكل المُستخدمة في صناعة بطاريات السيارات هي مادة سامة عند استخراجها من باطن الأرض، كما أن العناصر المُستخدمة في هذه الصناعة “محدودة طبيعيًا” وغير متوفرة بكثرة، وفي الوقت نفسه لا توجد طريقة آمنة لإعادة تدوير بطاريات الليثيوم-أيون الموجودة بالسيارات الكهربية.

ووفقًا لدراسة يشير إليها بروكنر منشورة بموقع “Science Direct” العلمي، فإن هناك مخاوف من انبعاثات الجسيمات الدقيقة من المركبات الكهربية، نظرًا لكونها أثقل وزنًا من المركبات العادية. كذلك عزم الدوران الكبير للسيارات الكهربية يسبب إبلاءً أسرع لإطارات السيارات وينشر جسيمات الغبار.

ويضيف أستاذ الاستدامة أن الشركات الكبرى في صناعة المركبات مثل “بورش” تسعى إلى ابتكار وسائل نقل جديدة تخفف من الزحام، وأنه لا حاجة لابتكار نوع جديد من السيارات لا يضيف إلا مزيدًا من الزحام ولا يطوّر من “نموذج النقل” في العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى