اقتصادسياسة

مليارات الخليج .. فرصة السيسي

 مليارات الخليج  ستساعد السيسي في إجراء الإصلاحات الصعبة خلال عامين، ولكن لازالت أمامه تحديات صعبة أهمها خلق الوظائف

صورة السيسي على ورقة عملة 200 جنيه  مصطنعة  في القاهرة
صورة السيسي على ورقة عملة 200 جنيه مصطنعة في القاهرة

إيرين بانكو – إنترناشونال بيزنس تايمز

ترجمة – محمود مصطفى

بينما يستعد عبد الفتاح السيسي ليصبح رئيس مصر القادم، ستكون أولى تحدياته إصلاح اقتصاد أكبر الدول العربية سكانا،ً سيتوجب عليه التعامل مع بطالة مستفحلة وعجز متزايد، ومشكلة دعم الطاقة الذي يسمح للمصريين بتحمل كلفة الحياة، لكنه يكلف الحكومة أموالاً لا تمتلكها.

ويواجه السيسي أيضاً عجزاً معجزاً في الميزانية تقول توقعات الحكومة أنه سيصل إلى 14% من الناتج المحلي في العام المالي المقبل، لكن المحللين يقولون إن الرئيس المنتخب مؤخراً لن يكون في عجلة من أمره للتحرك بسرعة، من أجل تنفيذ برامج إصلاح تخفض الإنفاق الحكومي المتزايد لأنه يتلقى مساعدات بمليارات الدولارات من دول الخليج.

خلال فترة رئاسة محمد مرسي، المدعوم من الاخوان المسلمين، أعلنت قطر أنها ستستثمر 18 مليار دولار في مصر خلال خمس سنوات وتلتها دول خليجية أخرى تهد بمليارات للمساعدة في جلب الاستقرار لمصر التي تفتقد السيولة.

وبالرغم من عزل مرسي في انقلاب العام الماضي، تظل الاستثمارات قائمة. ويقول السيسي إنه يخطط لاستخدام جزء من الأموال في مشاريع بنية تحتية ضخمة خاصة في الجنوب.

قد تساعد هذه المشاريع في تخفيض البطالة التي وصلت نسبتها الرسمية إلى 13.4% في الربع الأول من 2014، ويقول الخبراء أن مشاريع التنمية تخلق فرصاً جديدة للاستثمار وخلق ثقة في الإقتصاد.

منذ اندلعت الثورة في 2011، انخفضت العملة انخفاضاً حاداً وتصاعد التضخم ونما عجز الميزانية. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فإن معدل النمو السنوي انخفض من 5.1% في 2010 إلى 1.8% في 2011، يستعيد النمو معدلاته،  ولكن مصر تظل بلداً به أكثر من 80 مليون نسمة ويبلغ متوسط الناتج المحلي للفرد أكثر بقليل من 3200 دولار، كما أن معدل النمو بطيء جدا، بالقياس بأقران مصر في الشرق الأوسط.

“ألمح السيسي، إلى حد ما، إلى أنه في عاميه الأولين سيكون تركيزه منصباً على إعادة الأشياء إلى طبيعتها. سيبدأ السيسي أولاً بمشروعات تنموية هامة يستطيع من خلالها ضخ الأموال في الإقتصاد،” يقول بول سالم نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن.

ما يمثل مشكلة أكبر من البطالة، هو العبء المالي لدعم الطاقة الذي زاد من عجز الحكومة بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. مصر هي أكبر دولة منتجة للبترول في إفريقيا وليست عضوة في منظمة الاوبك، وثاني اكبر منتجي الغاز الطبيعي في القارة، وتدعم مصر الوقود بشدة وهو تدبير شعبي جعل من البلاد مدينة بمليارات الدولارات.

تدفع الحكومة المصرية بسعر السوق لشركات البترول الأجنبية، ثم تقوم ببيع البترول المحسن إلى مستهلكين محليين بسعر مخفض والآن هي مدينة لهذه الشركات بستة مليارات دولار.

ومع ذلك فإن السيسي لن يبدأ في معالجة هذه المسألة على المدى القصير، يقول سالم “السيسي قال إنه سيتحرك ببطء في مسألة تخفيض الدعم لأنه يعرف انه سيكون أمراً مؤلماً للشعب.

ومع الكثير من الاموال المتدفقة من الخليج، يستطيع السيسي أن يركز انتباهه على مناطق أخرى في الاقتصاد لأنه يعرف أنه لديه المال لتغطية العجز لكنه سيحتاج للتعامل مع المشكلة بعد ذلك.

وبحسب تصنيفات وكالة فيتش، فإنه بدون إصلاحات مالية بارزة سيبقى الدين المصري الحكومي عند نسبة 90% من الناتج الإجمالي المحلي وهي نسبة تفوق كل أقران مصر في التصنيف. الوكالة سحبت تصنيف العملة الأجنبية لمصر من القائمة السلبية للمرة الأولى منذ يناير 2011، مشيرة إلى تحسن مبدئي في الاستقرار السياسي والإقتصادي.

يستعيد النمو المصري نعدلاته لكنه لا زال بعيدا عن المنافسة

واحدة من الطرق التي حاولت بها الحكومة تخفيف أثر دعم الوقود، كانت توزيع بطاقات ذكية مصممة لمراقبة استهلاك الوقود في محطة البنزين، وهو ما يساعد على توجيه الدعم لمستحقيه،  أنجوس بلير من مركز أبحاث “سيجنيت”، وهو مركز أبحاث مختص بدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تقول أن البطاقات الذكية ستساعد أيضاً في منع بيع الوقود بصورة غير شرعية في السوق السوداء.

قرار البدء باستخدام البطاقات الذكية لتوزيع الجازولين والديزل كان خطوة نحوة استيفاء شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض، ويطلب الصندوق من مصر أن تقلص عجز الميزانية قبل أن تعطيها قرضاً قيمته 4.8 مليار دولار.

حتى مع منح الأموال الخليجية وقرض صندوق النقد المحتمل متنفساً له، يحتاج السيسي إلى أن يقلق الآن بشأن الإبقاء على الإضاءة وأجهزة التكييف، لمن يمتلكونها، تعمل عندما يحل الصيف المصري الساخن بمتطلبات الطاقة المرتفعة خلاله.

بعد انتهاء الصيف، سيتوجب على السيسي التعامل مع مسائل إقتصادية أكبر مثل كيفية خلق وظائف بشكل مستديم وسيجتاج إلى أن يبدأ في الفكير في خطط الازدهار على المدى البعيد  إلا إنه –وقد أتى من خلفية عسكرية-  لا خبرة له في مجال الأعمال.

“إذا نظرنا إلى الأمام لنرى ما سيتطلبه الأمر لتوفير وظائف، فهناك علامة استفهام كبيرة حول السيسي وإلى أين سيتجه حيال ذلك،” تقول ميشيل دان الباحثة بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي مضيفة أن السيسي قد يبدأ رئاسته بمنظور دولتي للإقتصاد.

يتوقع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 2.3% في 2014 صعوداً من 1.8% في 2013، لكن وفقاً لدان قد لا يرى المصريون تحسناً في حياتهم اليومية مباشرة.

تقول دان “يحتاج السيسي إلى أن يجعل المصريين يشعرون بأن الأمور تتحسن من حولهم. سيتراجع الدعم للسيسي إذا لم يوجد تحسن ملحوظ خلال عام.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى