مجتمع

المتأخرون هم المتفائلون

يعتقد المتأخرون عادة أنهم قادرون على إنجاز الكثير من المهام في أقل وقت ويرون عادة “الصورة الكبيرة ” للحياة

Elitedaily – جون هالتوانجر – ترجمة: محمد الصباغ

استيقظت في السادسة صباحاً، ثلاث ساعات قبل موعدي في العمل ومع ذلك وصلت متأخراً عشر دقائق. هذا أمر طبيعي إلى حد ما بالنسبة لي.

أستيقظ مبكراً وأحاول ملء الوقت بتمارين قصيرة أو إفطار واتابع بعض الأخبار، كما أغرق في احلام اليقظة في الوقت الذي أعاني فيه وأنا أرتدي الجوارب. أنظر إلى الساعة وأفكر: ”مازال لديّ بعض الوقت“. هذا ما يحدث معي في كل وظيفة ويحدث أيضاً نفس الأمر في المقابلات الاجتماعية، انا عادة لا أقوم بفعل شئ في موعده ولست وحدي في ذلك.

كما تقول المستشار الإداري، ديانا ديلونزور: ”أغلب الأشخاص المتأخرين كانوا كذلك طيلة حياتهم، يتأخرون على كل نشاط يقومون به سواء سيىئا أم جيدا“.

لو كنت من هذا النوع من الأشخاص، فأنا أعرف أنك لست كسولا أو غير منتج أو متهور. أعلم أيضا أنك لا تحاول إهانة أي شخص بتأخرك. هذا الأمر (التأخير) هو ببساطة نتيجة لشخصيتك وسيكولوجيتك لا أكثر ولا أقل.

الأشخاص المتأخرين بشكل مستمر هم أكثر تفاؤلاً، ويعتقدون أنهم يمكن أن ينجزوا العديد من المهام في وقت أقل من بقية الأشخاص وينجحون عندما تتعدد مهامهم. ببساطة إنهم التفاؤل للغاية.

ذلك يجعلهم غير واقعيين ولا يقدرون الوقت بشكل جيد، ويدفعون ثمن ذلك على المدى الطويل بعدة طرق.

رأى الباحثون أن للتفاؤل فوائد صحية لا تحصى، بداية من تقليل الضغط العصبي والإصابة بأمراض القلب إلى تقوية جهاز المناعة. وبشكل عام فإن السعادة والإيجابية مرتبطان بطول العمر.

وتوصلت دراسة أخرى بجامعة “سان دييجو” إلى أن التأخير مرتبط بالأشخاص الذين يميلون إلى الاسترخاء والهدوء. بمعنى آخر، الأشخاص المتأخرين عادة لا يسعدون بالأشياء البسيطة، فهم يركزون على الصورة الكبيرة ويرون في المستقبل عددا لا يحصى من الاحتمالات.

كما يجب أن نشير إلى أن الالتزام بالمواعيد هو أمر نسبي. والوقت والتأخير لهما معاني مختلفة في ثقافات وسياقات مختلفة. مثلاً في الولايات المتحدة، دائماً ما نعتبر التأخير إهانة أو علامة على أخلاقيات عمل سيئة. وإذا توجهت إلى أوروبا فستجد أن الأمر يختلف من دولة لأخرى، ففي ألمانيا الالتزام بالمواعيد من الأمور ذات الأهمية القصوى.

عندما تأخر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن مقابلته مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، غادرت لأن الأمور تدار هكذا في بلدها.

ويختلف الوضع في إسبانيا، فهم مشهورون بتوقيتهم الخاص وتناولهم الغداء في العاشرة مساء. و في أمريكا الجنوبية ستجد أن الالتزام بالمواعيد ليس بالأهمية القصوى.

يحب الأشخاص المتأخرين عادة أن يتوقفوا لشم بعض الأزهار، أما الملتزمون بمواعيدهم فقد يتعلمون شيئاً أو اثنين من ذلك، والعكس.  الحياة لا تعني أبدا أن نخطط لكل تفاصيلها، كما أنها لا تعني الارتباط المستمر بالجداول الزمنية كي لا نفقد الاستمتاع باللحظة.

العيش في الحاضر أمر حيوي لسلامة عقولنا. وفي بعض الأحيان يكون أفضل أن تسير مع التيار. لا يمكن أن نقضي كل وقتنا نفكر في الماضي أو نحلم بالمستقبل، ولو فعلنا سينتهي بنا الأمر بافتقاد متعة أشياء تحدث حولنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى