سياسة

مهدي حسن في نيويورك تايمز: لهذا أحنّ إلى جورج بوش

مهدي حسن: ربما أضرت سياسة بوش الخارجية بالمسلمين خارج أمريكا لكن في الداخل لم يخلط بينهم والإرهاب عكس ما يحدث الآن

نيويورك تايمز – مهدي حسن – ترجمة: محمد الصباغ

كبريطاني، مثل الملايين من رفاقي، عارضت غزو العراق عام 2003، ولم أتوقع مطلقاً أن أجد نفسي في وقت ما معجباً بالرئيس جورج دابليو بوش. لكن كمسلم جاء للعمل في أمريكا، كان عليّ مراجعة رأيي.

بعد أقل من أسبوع على هجمات 11 سبتمبر 2001، التي أسفرت عن مقتل 2996 شخصا، عقد الرئيس الأمريكي جورج دابليو بوش مؤتمراً صحفياً بالمركز الإسلامي في واشنطن. وقال آنذاك: ”إن الإرهاب ليس حقيقة الإسلام”، وأحاطه حينها أئمة وقادة المجتمعات المسلمة، وأضاف: ”الإسلام سلام“.

تلك الرسالة تكررت كثيراً للشهور وخلال السنوات التي تلت ذلك. وقال الرئيس أيضاً: ”حربنا ضد الشر، وليس ضد الإسلام“.

في الأيام الأخيرة، زعم دونالد ترامب أن ”الآلاف والآلاف“ من المسلمين في مدينة نيوجيرسي قد احتفلوا عقب سقوط برجي التجارة العالميين – وهوالتصريح الذي نفاه عمدة المدينة ووصفته لجنة للتحقق من الحقائق السياسية بأنه كذب. قال ترامب أيضاً إنه ”سيبدأ بالفعل في تنفيذ“ قاعدة بيانات فيدرالية لتسجيل قرابة 3 ملايين مسلم أو أكثر، ولن يمانع في أن يحمل المسلمون الأمريكيون بطاقات هوية خاصة توضح معتقدهم.

كما قال المتنافس الآخر وجراح الأعصاب السابق، بن كارسون، إنه يعارض السماح للمسلمين بالترشح للرئاسة لأن الإسلام ”لا يتناسق“ مع الدستور. كما قارن أيضاً بعض اللاجئين السوريين بـ”الكلاب المسعورة“.

امتد شعور العداء نحو المسلمين إلى المرشحين الجمهوريين. فقال جيب بوش، حاكم فلوريدا السابق، إنه يفضل منح اللجوء للمسيحيين بدلا من المسلمين. أما السيناتور ماركو روبيو من فلوريدا فحاول المزايدة على ترامب، فقال إنه لن يغلق فقط المساجد بل المقاهي الإسلامية وأماكن تناول الطعام أيضاً.

أما السيناتور راند بول التحرري الذي أجرى بداية العام تعديلات على قانون باتريوت –لمكافحة الإرهاب الذي صدر بعد هجمات 11 سبتمبر- وخطب حينها كالثوريين، فطالب بـ”تدقيق كبير“ على المهاجرين المسلمين. فيما زعم رفيقه بالكونجرس تيد كروز أن الشريعة الإسلامية ”مشكلة هائلة“ في الولايات المتحدة.

وفي القائمة الطويلة نجد أن مايك هاكابي حاكم أركانساس قال إن الإسلام ”دين يشجع على فوضى عمليات القتل في الكوكب“.

يعد الحاكم كريس كريستي من نيوجيرسي استثناء بين المرشحين الجمهوريين فقد هاجم ”المجانين“ المعادين للمسلمين، و ”حماقاتهم“ فيما يتعلق بالشريعة الإسلامية. كان ذلك عام 2011، لكن الآن حتى كريستي، اصطف بجوار المهاجمين للاجئين السوريين.

وفقاً لاستطلاع شبكة “إي بي سي” و”واشنطن بوست”، فإن الآراء السلبية تجاه الإسلام ارتفعت بمعدل 18 نقطة بين الجمهوريين في الفترة بين أكتوبر 2001 ومارس 2009. وانتخاب رئيس اسمه الأوسط اوباما، دون النظر إلى ظهور ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية، ساعد ذلك فقط في تشدد التوقعات المسبقة لنواة المصوتين الجمهوريين.

الآن، 83% من الجمهوريين يؤيدون رأي كارسون بأن الرئيس لا يجب أن يكون مسلماً. وفقط 49% من المصوتين للحزب الجمهوري في آيوا يعتقدون أن الإسلام يجب أن يكون قانونياً في الولايات المتحدة.

من المهم إدراك كيف لا تتماشى تلك الآراء مع تاريخ الحزب الجمهوري. في عام 1957، كان دوايت أيزنهاور أول رئيس يتحدث من أحد المساجد الأمريكية. وفي حفل افتتاح نفس المركز الإسلامي الذي ألقى فيه بوش خطابا في 2001، أكد ايزنهاور لمتابعيه إن الأمة ”ستقاتل بكل قوتها“ من أجل حق المسلمين في العبادة وفقاً لمعتقداتهم.

وفي عام 1974، جيرالد فورد أصبح أول رئيس يبعث برسالة إلى المسلمين الأمريكيين في عيد الفطر، وقال إن التنوع الأمريكي ”تعزز بشكل كبير بالتراث الديني“ للمسلمين الأمريكيين. أما في عام 1981، عيّن رونالد ريجان أول سفير أمريكي مسلم، وهو روبرت ديكسون كران الذي كان قد تحول إلى الإسلام.

كانت تلك خطوات الجمهوريين التي اتبعها جورج بوش عام 2002 عندما أصبح حينها أول رئيس أمريكي يزور مسجداً في العيد. كانت له ميزة حينذاك أنه كان رئيساً فعلياً وليس مرشحاً. حينها أدرك ومستشاروه مثل كارل روف ومايكل جيرسون أن تشويه المسلمين وتصوير الإسلام بالعدو لا يغذّي فقط تنظيم القاعدة لكن أيضاً يضر بفرص حزبهم الانتخابية.

للإقليات أهمية بشكل عام، إن لم تكن رئيسية، في الانتخابات. وفي دراسة للجنة الحزب الجمهوري في أعقاب خسارة ميت رومني عام 2012 أشارت إلى أن ”الكثير من الإقليات اعتقدوا بشكل خاطئ أن الجمهوريين لا يحبونهم أو لا يريدونهم في البلاد“. للتأكيد، نسبة المسلمين تمثل فقط من 1 إلى 2% من المصوتين في الولايات المتحدة، لكن في عام 2000، مع بداية الانتخابات الرئاسية، حينما انتهت الانتخابات بفلوريدا بفارق 537 صوتا، كان أكثر من 42 ألف مسلم قد صوتوا للجمهوريين في الولاية. ومن وجهة نظر الناشط المحافظ جروفر نوركوسيت فقد ”اانتخب جورج بوش رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية بسبب أصوات المسلمين“.

ربما أضرت سياسة بوش الخارجية بالمسلمين خارج أمريكا، لكن في الداخل تودد إلى الناخبين المسلمين ورفض الخلط بين الإسلام والإرهاب. وفي حزنه على إعادة انتخاب بوش عام 2004، قال الاقتصادي جون كينيث جالبريث: ”لم أعتقد أبداً أنني سأحنّ إلى رونالد ريجان“. أدركت هذا الشعور، عند استماعي إلى خطابات الكراهية غير المسؤولة من مجموعة من المرشحين ضد المسلمين.

لم أعتقد أبداً أنني سأقول ذلك، لكنني الآن أحنّ إلى حزب جورج دابليو بوش الجمهوري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى