سياسة

نيويورك تايمز : لا حرية دينية في مصر رغم الإطاحة بالإخوان

رغم الإطاحة بالإخوان المسلمين، لازالت السجون المصرية تستقبل الشيعة والأقباط والملحدين بتهم ازدراء الأديان، ولم يختف الاحتقان الطائفي ولازالت أفلام السينما تتعرض للمنع.

frr

عن    نيويورك تايمز  – 

ترجمة وإعداد – ملكة بدر

بعد 9 أشهر من الإطاحة بحكومة الإخوان، مازال المفكرون في مصر والأقليات الدينية ينتظرون من القيادة الجديدة أن تفي بوعدها بعد أن عادت البلاد للسقوط في فخ الطائفية الذي نال منها لعقود طويلة.

ومازالت النيابة مستمرة في إرسال المسيحيين الأقباط والمسلمين الشيعة والملحدين إلى السجون بتهم ازدراء الأديان، فيما قامت لجنة من علماء المسلمين، من الأزهر بموجب الدستور الجديد المدعوم عسكريًا، بمنع عرض فيلم “نوح” الأمريكي على شاشات السينما لأنه ينتهك الحظر الإسلامي على تصوير الأنبياء.

أما قائد الجيش الذي يقف خلف استيلاء الجيش على السلطة بعد الإطاحة بمرسي، عبد الفتاح السيسي، فيستخدم للوصول إلى الأغلبية المسلمة لغة التقوى التي يتشاركها مع أنور السادات، الملقب بالرئيس المؤمن، الذي كان يستخدم السلطة والمرجعية الدينية لتعزيز شرعيته وكان هو من أدرج الشريعة الإسلامية لأول مرة في الدستور المصري.

وشددت الحكومة الجديدة قبضتها على المساجد، لتدفع بالأئمة إلى اتباع الخطب التي أقرتها الدولة، فيما كان السيسي يستمع بحرص إلى الشيوخ المسلمين الذين تحالفوا معه وقدموا إليه تبريرات دينية لممارسة العنف ضد معارضيه الإسلاميين.

من ناحية أخرى، هلل الأقباط والأقليات الدينية الأخرى لاستيلاء الجيش على السلطة خوفًا من الإخوان المسلمين، الجماعة الدينية التي كان لقادتها تاريخ طويل من تحقير شأن غير المسلمين. أغلقت السلطات العسكرية شبكات القنوات الفضائية الإسلامية السلفية التي كانت تشن حملات وصم وتنديد بالمسيحيين والمسلمين الشيعة، و قلصت الإصلاحات الدستورية المدعومة من الجيش دور الشريعة الإسلامية في الدستور الذي مال أكثر نحو فكرة أن الحرية الدينية أصبحت الآن مطلقة.

وبالرغم من ذلك، ساءت التوترات الطائفية بشكل ما، فالأقباط، الذين يمثلون نحو 10 مليون نسمة من التعداد الكلي لسكان مصر، تعرضوا للعنف باعتبارهم كبش فداء من قبل الإسلاميين الغاضبين من تأييد الكنيسة للإطاحة بحكمهم. ولم يكن وكلاء النيابة أو ضباط الشرطة، طوال عملهم حتى قبل تولي مرسي الحكم بكثير، قد فعلوا الكثير لحماية الأقباط أو الأقليات الدينية الأخرى، حسبما يقول الحقوقيون.

“لا شيء تغير فعلا”، يقول كميل كمال، المسيحي القاطن بأسيوط الذي سجن نجله بيشوي (26 سنة) في عهد مرسي بعد إدانته في اتهامات تتعلق بنشر الكفر على “فيسبوك”. كان كامل يأمل في أن تكون نهاية الحكم الإسلامي سببًا في تحرير ابنه، وقد شعرت العائلة في نوفمبر الماضي بالفرحة عندما أمرت محكمة الاستئناف بإعادة محاكمته، لكن بيشوي بعد 5 أشهر مازال قابعًا وراء القضبان. وربما يكون السبب وراء تجاهل النيابة المواعيد النهائية لإطلاق سراح بيشوي أو إعادة محاكمته هو الخوف من الغوغاء الذين تجمعوا أمام المحكمة في أولى جلسات محاكمته.

أما الدستور المعدّل، فبالرغم من لغته الكاسحة، إلا إنه مازال يحدد الحرية الدينية على المسلمين والمسيحيين واليهود فقط، كما إنه ينص على أن للبرلمان الحق في تنظيم جرائم مثل ازدراء الأديان.

يقول إسحق إبراهيم، الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن المسيحيين والمنشقين دينيًا “ربما يشعرون نفسيًا بحال أفضل” لأن الإسلاميين عادوا إلى الجحور تحت الأرض، لكن الثقافة الطائفية مازالت موجودة وفاعلة.

كان النزاع حول فيلم نوح، الذي يتحدث عن الطوفان المذكور في الإنجيل والقرآن، بمثابة اختبار حقيقي واضح، فقد أصدرت لجنة من علماء المسلمين الشهر الماضي بيانًا بشأن الفيلم، بدأت فيه بالإشارة إلى أن الدستور الجديد لا يستمر فقط في الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية وإنما يمنح الأزهر أيضًا سلطة حصرية لتفسير الإسلام. مُنع نوح من العرض في دور السينما المصرية “لأسباب دينية” باعتباره “يخالف بوضوح مباديء الشريعة الإسلامية”.

في 2012، حكم على الأديب كرم صابر، مؤلف مجموعة قصصية بعنوان “أين الله”، غيابيًا بالسجن 5 سنوات بتهمة التجديف، أو الكفر، بعد بلاغات قدمها شيوخ سلفيون في بني سويف. وبعد استيلاء الجيش على السلطة، طلبت محكمة استئناف أن تراجع لجنة من علماء الأزهر الكتاب، والشهر الماضي، أيدت المحكمة الحكم على صابر.

وفي مدينة الإسماعيلية، ألقت السلطات القبض على شريف جابر، الطالب الذي اتهم بإنشاء صفحة للملحدين على فيسبوك، بينما توعد مدير أمن الإسكندرية في حلقة تلفزيونية تناقش الإلحاد بحملة تشنها قوات الأمن على الملحدين في المدينة.

ولم يكن المسلمون الشيعة، الذين يعتبرهم أغلبية المسلمين السنة في مصر مهرطقين، بحال أفضل، إذ كانوا هم أيضًا “هدفًا” لعملية قنص الأقليات الدينية، على حد قول إبراهيم. فقد ألقي القبض على أحدهم أثناء زيارته لمسجد الحسين في أحد المناسبات الشيعية واتهم بالكفر وحكم عليه بالسجن 5 سنوات. وتحتجز الشرطة الآن اثنين آخرين من الشيعة في مدينة الدقهلية بينما يتم التحقيق معهما على خلفية نفس الاتهامات.

أما السيسي، الجنرال السابق الذي ترك منصبه من أجل الترشح للرئاسة، فعادة ما يصور نفسه باعتباره حامي الإسلام المعتدل الحميد، متهمًا خصومه الإسلاميين بالتلاعب بالدين.

وبالرغم من الشكاوى بشأن استمرار الطائفية، إلا أن ذلك لم يمنع القيادات القبطية من الإعلان بوضوح عن دعمها للسيسي باعتباره الحامي من أخطار الأغلبية المسلمة “والرجل الذي أنقذ مصر” على حد قول البابا تواضروس الثاني.

وينتقد بعض الأقباط ما بدا أنه نسيان للوعد الذي قطعه تواضروس منذ عامين، بأن تبتعد الكنيسة عن السياسات الحزبية، فيما يقول آخرون إن البابا تصرف كبقية المصريين الذين يعتبرون السيسي هو المنقذ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى