سياسة

أمير قطر يكتب لأوباما: حربنا على الإرهاب ساعدت طغاة الشرق الأوسط

أمير قطر يكتب في نيويورك تايمز رسالة إلى أوباما : فقدان الأمل، وليس الإسلام، سبب الإرهاب

 

نيويورك تايمز – تميم بن حمد آل ثاني – ترجمة: محمد الصباغ

يمر الشرق الأوسط بأوقات صعبة. لحقت الأزمات في ليبيا و اليمن بالعنف الجاري في سوريا و العراق، بينما يستمر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بلا توقف. لكن رغم سوء الموقف الآن، سيصبح أكثر تدهوراً لو تقم دول العالم المحبة للسلام بالتحرك سريعاً لكبح جماح قوى العنف و عدم الاستقرار.

عندما أقابل الرئيس الأمريكي أوباما يوم الثلاثاء في واشنطن، كجزء من زيارة رسمية للولايات المتحدة، ستكون رسالتي واضحة: يجب أن نتعاون من أجل إعادة الشرق الأوسط من على حافة الانهيار. سيتطلب ذلك تعهدا واضحا يستند إلى  رؤية طويلة الأمد للعدالة، و الأمن و السلام لكل شعوب المنطقة. و نحن في قطر سنعمل ما بوسعنا للمساعدة في تحقيق تلك الرؤية.

و للوصول إلى تلك النهاية، سوف تشكل علاقتنا الثنائية القوية أساساً صلباً للتعاون بين قطر و الولايات المتحدة في الجانب الإقليمي و ما أبعد من ذلك. في الواقع، شراكتنا الإستراتيجية قد تعمقت في السنوات الأخيرة بالرغم من الاضطرابات في المنطقة.

بالرغم من كون قطر نقطة استقرار في بحر من الاضطرابات، فنحن نبقى  جزءا  لا يتجزأ من تلك المنطقة، و نهتم بشدة برخائها. اشتركنا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب، و نتحد مع شركائنا في الخليج لمواجهة عنف التطرف في كل أشكاله.  و تماشياً مع دورنا كوسطاء بين المتنازعين الإقليميين، فقد كنا نشطين في جهودنا الدبلوماسية لحل الصراعات القائمة في أماكن النزاع مثل السودان، و لبنان، و اليمن.

و في تصريحاته الأخيرة حول التحديات التي تظهر من تهديدات الإرهاب، قال الرئيس أوباما إن” الحلول العسكرية غير كافية لدحر الإرهاب و تخطي التحديات الإستراتيجية الهائلة التى تواجه الشرق الأوسط و العالم. و نحن نتفق في قطر مع هذا الموقف”.

أعرف أن كثيرين في الغرب ينظرون إلى تهديدات الإرهاب و يقولون إن المشكلة في الإسلام. لكن كمسلم، أستطيع أن أقول لكم أن المشكلة ليست الإسلام بل فقدان الأمل. هو نوع فقدان الأمل الذي ينتشر في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين و السوريين، و في المدن التي أنهكتها الحرب في سوريا، و العراق و اليمن و ليبيا و أيضاً في غزة.

هو فقدان الأمل الذي نراه أيضاً في الضواحي الفقيرة المجاورة للمدن الأوروبية الكبيرة، و نعم، في الولايات المتحدة أيضاً. و هو فقدان الأمل الذي لا يعرف لا دولة ولا دين، هذا ما نريد مواجهته إذا أردنا كبح الإرهاب.

هذا لا يعني التبرير للإرهاب. فقطر كانت حازمة في إدانتها للأفعال البربرية التي قامت بها الجماعات المتطرفة، و كان دعمها ثابتاً في كل المبادرات الإقليمية و الدولية ضد الإرهاب. لكن القنابل و الرصاص وحدهم لن يجلبوا الفوز في الحرب ضد الإرهاب.

سيتطلب مواجهة الأسباب الجذرية للإرهاب أسلوباً لحل المشكلة يكون أكثر عمقاً و على المدى الطويل و أكثر استراتيجية. سوف يتطلب من القادة السياسيين الشجاعة لمناقشة حلول قائمة على التعددية و الشمولية و تقاسم السلطة في النزاعات الإقليمية. و سوف يتطلب أيضاً محاسبة الطواغيت.

لسوء الحظ، فحربنا ضد الإرهاب ،في بعض الحالات،  تساعد في الإبقاء على ديكتاتوريات ملطخة بالدماء ساهمت في بروزه –الإرهاب-. نحن نعتقد أن المعركة ضد عنف المتطرفين ستنجح فقط لو اقتنع شعوب المنطقة أننا ملتزمون بإنهاء حكم المستبدين مثل بشار الأسد في سوريا، الذي يمارس إبادة جماعية ضد شعبه. لكن المسؤولية في القيام بذلك لا يجب أن تتحملها الولايات المتحدة الأمريكية وحدها. يجب أن تعمل الدول العربية معاً من أجل حل سياسي في سوريا.

يجب أيضاً أن نعد أنفسنا على المدى الطويل من أجل تجنب تلك الأنواع من الفشل الكارثي كالتي شهدناه في العراق عقب سقوط صدام حسين عام 2003. يجب أن نركز جهودنا في فترة بعد الحرب في سوريا على توحيد الشعب كمواطنين متساويين في دولة ذات سيادة. في هذا الوقت، يجب أن نتجنب تعميق الإنقسامات الطائفية التي أضعفت الحكومات و الأمم، و أذكت نيران عنف المتطرفين. يجب أن يبدأ ذلك بجهود توعية لمحاربة محاولات تعميق و استغلال الإنقسام السني الشيعي لأغراض سياسية.

يجب أيضاً أن نجد حلول دبلوماسية للصراعات الطويلة التى تعمق عدم الثقة و تغذي الإحباط الذي يؤدي إلى التطرف. يجب أن يتنتهي الإحتلال العسكري الإسرائيلي الممتد منذ عقود لفلسطين، و يجب أن تصنع دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة. سوف يكون من السهل إنكار التوقعات بحل هذا الصراع الذي يبدو مستعصياً، و مع حصار غزة العام الماضي اتضح أن الوضع الراهن لم يعد خياراً.

خلال السنوات الثلاث الماضية، وقف المجتمع الدولي متفرجاً أمام نداءات الشباب في العالم العربي بالحرية، و العدالة و الأمن الإقتصادي، و طغت قوة السياسة و احتقرت نداءاتهم. و بالرغم من كل التشاؤم الذي تولّد بواسطة قوى العنف و القمع، فالشباب في العالم العربي باقون في ثباتهم و التزامهم من أجل مستقبل أفضل. مستمرون في آمالهم بشرق أوسط حيث تحترم كرامة الإنسان و تكون العدالة حقيقية و منصفة.

لكن آمالهم لن تصمد لو لم نتحرك، ويجب أن نتحرك، لكسب ثقتهم و دعمهم مرة أخرى بتجديد التزامنا بالقيم التي تظاهروا من أجلها في الربيع العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى