سياسة

هاآرتس: مهاجران مصريان يبددان الوحدة الفرنسية

 هاآرتس: يجلس الآن فى متنزه ” بوتيه شومو” شابان من المهاجرين المصريين يعتقدان أن مؤامرة على الإسلام وراء الهجوم على شارلي إبدو.

 Haaretz  – ياير إيتينجر

 ترجمة دعاء جمال

“تسألني إذا ما كنت ذهبت للمسيرة؟”.. هكذا يرد عماد، شاب مصري يبلغ 24 عاما، مستنكرا  سؤالي عن عدم حضوره  مظاهرات الأحد في باريس التى اجتذبت مليون ونصف المليون مشارك. ويضيف: “لماذا أذهب؟.. الجميع كانوا يحملون لافتات لدعم الوحدة وضد العنف، لكن لا تصدق هذا فهذه واجهة فقط، ولكن ما ورائها كانت مظاهرة ضد المسلمين فى فرنسا.. ضدنا.”

يقول عماد: “ظهر الأحد على بعد شارعين من هنا عند محطة الحافلات، قابلت جارتى، شابة مسلمة ترتدى الحجاب، سألتها إذا كانت ذاهبة للمسيرة فضحكت فى وجهى وقالت لماذا أذهب لمكان يريدون قطع رأسى فيه؟.. وهى محقة.”

 فى مشهد باريسي معتاد، يجلس عماد وصديقه أحمد خارج أحد المقاهي، يحتسون الإسبريسو من أكواب بيضاء صغيرة على مائدة بأكواب مياه ومنفضة سجائر مليئة بكعوب السجائر الأمريكية. دعاني كلاهما للجلوس، ودار حديثنا عن الحياة فى فرنسا ثم تناولنا مسيرة الأحد، التى وصفتها تشكيلة متنوعة من الصحف الفرنسية المنتشرة على موائد المقاهي بعنوان مدوية مثل “كلنا واحد.” لكن هذا ليس دقيقا

المقهى يقع عند التقاطع الرئيسى للدائرة 19 المطلة على متنزه ” بوتيه شومو” أحد أجمل المتنزهات فى باريس، غير أنه فى الأيام الأخيرة ارتبط اسمه بالمجموعة الإرهابية التى ضمت الأخوين كواشى وصار يطلق عليها اسم “عصابة بوتيه شومو”. المتنزه الضخم فى الطرف الشمالى الشرقي للعاصمة الفرنسية يحده حي من المهاجرين القدامى المسلمين، واليهود، والمسيحيين والآسيويين ومحبي موسيقى الجاز الحضرية بالإضافة لأشخاص يتحدون التصنيف والتوصيف الاجتماعي، وجميعهم فرنسيين.

  وهذا كان المكان المناسب لتلك الجلسة المثالية التى استمعت فيها لآراء أحمد وعماد حول الوضع الراهن باللغة العربية. هما لا يعبران إلا عن موقفهما، والآراء المخالفة لهم تمثل بصراحة الأغلبية الصامتة من المهاجرين فى فرنسا ممن يدينون الإرهاب، ويظهرون تعاطفا تجاه الضحايا مهما كان انتمائهم الديني.

 قدم الاعلام الفرنسي قدرا كبيرا من رسائل التوحد والرفض لمظاهر الإرهاب خلال الأيام الماضية، لكن أحمد  وعماد تطوعا اليوم لتبديد كل ذلك.

 كل منهما هاجر إلى فرنسا من مصر فى سن صغير مع عائلته، ويبدو أحمد مرتاحاً لحياته فى فرنسا بينما من الواضح أن عماد سيعود يوما ما للقاهرة التى لم يزرها منذ تركها فى الـ 16 من عمره.

 يقول أحمد: “أى شخص ينفذ هجوما إرهابيا، هو شخص لديه مشاكل شخصية، ولكن ليس لها علاقة بالدين، الشخص الذى يسبب المشاكل لا يفعلها بسبب الدين ولكن ربما لأن لديه مشاكل اقتصادية ونفسية”.

عماد الشاب ذو الوجه الصبيانى، يأخذ الأمور إلى منحى أخر حيث يثير الشكوك حول أن القتلة هم نفس الأفراد الذين حددهم الإعلام الفرنسى، متسائلاً “هل القتلة يتحركون وهم يحملون بطاقات هوية؟، مشيراً إلى التقرير الذى أفاد أن “سعيد كواشي” ترك بطاقة هويته فى السيارة التى فر بها مع أخيه. الفترة الزمنية القصيرة بين هجوم الأربعاء على شارلى إبدو وهجوم الجمعة على السوبرماركت، تثير المزيد من شكوك عماد الذى يقول إن “الحادثتين ربما المقصود بهما إثارة الناس ضد المسلمين”.

 وعبر عماد عن غضبه من أن المهاجرين فى فرنسا عليهم العمل بوظائف وضيعة: “لماذا نحتاج إلى العمل فى السوق المفتوح و لماذا نحن من نبنى لهم منازلهم؟ هذه وظيفتنا هنا، هناك الكثير من العنصرية فى الشوارع الفرنسية، إذا كنت مسلماً أوعربياً كل شىء متلاعب به حتى لا تنجح، كل أموال الفرنسيين تعود لهم.”

 وهنا انسجم أحمد قائلاً: “كل المهاجرين فى فرنسا يحلمون بنوعاً ما من المستقبل، منهم من جاء ليجنى المال، أخر ليدرس، وكلهم لديهم أحلام  وتصورات، والحقيقة أنه فى النهاية تتحطم أحلام الكثيرين.”

 بالنسبة لعماد، فواقع حضور رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لمسيرة الأحد تقوي اعتقاده بوجود مؤامرة.

 “أنظر من يأتى هنا، نتنياهو رئيس دولة إرهابية وهو أكبر إرهابي فى العالم، أيمكنك مقارنة ما حدث هنا فى فرنسا مع ما فعله بغزة؟ كم من الأطفال قتل، وكم من النساء؟ إنه النفاق.”

 ويضيف عماد المزيد من التفاصيل على نظريته للمؤامرة، ويقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يخطط لسرقة الحرم القدسي الشريف من المسلمين، والآن يحاول الحصول على موطىء قدم لها فى فرنسا. إنه مسرح عرائس، دمى متحركة، ومن يمسك بالخيوط؟”. توقف عماد لدقيقة ليدخن سيجارته ثم أجاب “إسرائيل وأمريكا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى