ترجمات

اللاجئون السوريون في لبنان.. هل يُجبرون على المغادرة؟

مقابر المدينة اللبنانية ترفض دفن الموتى السوريين

 

 

المصدر- NEW YORK TIMES  
By Vivian Yee

ترجمة: رنا ياسر 

لقد تسبب تزايد عدد اللاجئين السوريين على الحدود اللبنانية بشكل كبير في وقوع مسؤولية كبيرة على عاتق كل من عُمدة بلدة عرسال اللبنانية، باسل الحجيري ونقاط التفتيش الحدودية.

إذ يرى الحجيري محنته تنطوي حاليًا على مشكلة اللاجئين السوريين، فهم يعيشون في كابوس أقل -من وجهة نظره- أما من جانب اللاجئين أنفسهم، فهم ما زالوا يعيشون كابوسا فعليا.
على مدار سبع سنوات في سوريا أدت الحرب إلى نزوح أكثر من نصف سكان البلد، تاركة ملايين من اللاجئين غرقى، وعند وجودهم على الحدود بين البلدان الأردنية واللبنانية، تستقبلهم عرسال، حتى فاضت الغُرف السكنية المؤجرة والمخيمات بأكثر من 120 ألف سوري، أي أربعة أضعاف سكانها اللبنانيين حسبما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقر ير لها.


ومع اقتراب نصر الحكومة السورية في المعركة، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد، أن البلاد آمنة للسوريين مرة أخرى، ورغم ذلك صار اللبنانيون مترددين للضغط على هؤلاء اللاجئين للمغادرة بعدما بدؤوا بالتوجه إلى الطرق المؤدية إلى سوريا.

وعليه، فإنه منذ أكثر من شهر مضى، حملت القوافل ما يقرُب من ألفي سوريا عبروا الحدود عائدين إلى منازلهم التي هجروها، إلا أنه ما زال القليل منهم لا يعرف إذ كانت منازلهم باقية أم هُدمت بفعل القنابل والقذائف.

لذا ربما يظل عدد منهم عالقًا في لبنان. وبُيد أن آلاف السوريين في لبنان تقدموا بطلب للعودة إلى أراضيهم، إلا أنهم رُفضوا من قبل حكومة بشار الأسد، ويؤمن العديد منهم أيضًا باستمرارية بقاء الأسد في السلطة، على اعتبار أن
 نتيجة وجودة مقبولة بشكل ضمني من قبل القوى العالمية التي تساوم على مستقبل سوريا، وحال عودتهم لن يواجهوا سوى التعذيب أو يُقبض عليهم أو الموت أو التجنيد القسري.
  
ومع ازدياد الأحداث تعقيدًا، اكتشف قليل من اللاجئين الذين تركوا عرسال أنهم سيكونون في مأمن في بلادهم، وستكون حياتهم أفضل مما هي عليهم مقارنة بالمكوث في خيمة لا مستقبل لها على الأراضي اللبنانية.

“ستكون حياتي بخير مما هي عليه الآن” هذا ما ردده سائق سيارة أجرة سابق من قرية فليطة -قرية تقع على طريق يربط لبنان ببيرود السورية- قبل مغادرته في أول قافلة غادرت لبنان، “كنت أعيش في خيمة في عرسال، ولا مانع من البقاء في نفس الخيمة هناك في سوريا”.

استقبل لبنان عددا كبيرا من السوريين، تجاوز عددهم المليون، إذ إنهم شكلوا ربع سكان البلاد، لم يكن الترحيب بوجودهم لطيفًا دومًا، إذ لم تمنح السلطات اللبنانية مُطلقًا أي حقوق كاملة لمئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذين عاشوا في لبنان منذ عام 1940 وستينيات القرن العشرين حتى مع تحول مخيمات اللاجئين إلى مدن دائمة.

وبالمثل فإن الحكومة اللبنانية حظرت إقامة مخيمات للاجئين وتسببت في جعل حياة السوريين شاقة، وبطرق مختلفة على أمل عودتهم في أقرب وقت ممكن، حسبما أوردت صحيفة “نيويورك تايمز”.

لم يستطع معظم السوريين في لبنان التحرك بحرية في جميع أنحاء البلاد، فهم ممنوعون من دخول الحدائق العامة ومن إشغال بعض الوظائف، فضلا عن أن الأطفال السوريين الذين يذهبون إلى المدرسة مفصولون بشكل كبير عن الأطفال اللبنانيين.   


يُشار إلى أن مقابر المدينة ترفض دفن الموتى السوريين، كما يرفض الكثير من أصحاب العقارات المستأجرين السوريين، وتاريخيًا، فقد احتلت القوات السورية لبنان منذ عام 1967 حتى عام 2005، ولذلك فإن لبنان لن تعمل على تحسين علاقاتها مع سكان الدولة التي تستضيفها على أرضها ولن تحمل أي حساسية حول التوازن الطائفي الهش الذي تمارسه البلاد -تبعًا لما ذكرته الصحيفة الأمريكية- وعليه فإن خوف القادة اللبنانيين سيؤثر سلبيًا على اللاجئين السنّة المستوطنين في المناطق اللبنانية.

يلوم السياسيون اللبنانيون، السوريين على خفض أجور اللبنانيين -نظرًا لكثافة عدد السوريين- وكذلك إثقال كاهل البنية التحتية اللبنانية. وفي الوقت ذاته، فإن اللاجئين السوريين، يتم طردهم وترحيلهم وضربهم وكذلك قتلهم من قبل اللبنانيين.

“ليس لدينا أي ضمانات آمنة من الأسد، إلا أن سوريا أفضل من هنا”، كلمات رددها لاجئ سوري يُدعى محمد عبدالعزيز، أب لستة أبناء من قرية فليطة أيضًا، مُعربًا بقوله”فقد خُيرنا بين السيئ والأسوأ”.


ووفقًا لما ذكرته الصحيفة الأمريكية، ليس غريبًا إذن أن نسمع عن ضغط الزعماء اللبنانيين لعودة أولئك اللاجئين بعدما قام حزب الله المؤيد للأسد في لبنان بفتح عدة مكاتب في جميع أنحاء البلاد للاجئين لتسجيل عودتهم. 


وحذرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، هذا الربيع من أنه لا ينبغي الضغط على اللاجئين للعودة، في حين هدد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بتجميد طلبات وتصاريح الإقامة المقدمة للوزارة لصالح المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان بعدما استنتج باسيل أن المفوضية لا تشجع النازحين على العودة، بل تعمد إلى تخويفهم من الخدمة العسكرية والوضع الأمني وحالة السكن والعيش وقطع المساعدات عنهم وعودتهم دون رعاية أممية، وغيرها من المسائل التي تدفعهم إلى عدم العودة إلى سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى