سياسة

ماذا يعني تأجيل استكمال بناء سد النهضة أربع سنوات؟

بعدما أعلنت إثيوبيا تأجيل استكمال بناء السد.. ماذا تعني تلك الخطوة؟

زحمة

قبل أيام، أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها تحتاج إلى 4 سنوات لإنجاز سد النهضة.

وقال مدير مشروع سد النهضة، كيفلي هورو، إن الانتهاء من بناء سد النهضة الذي يقام على نهر النيل في إثيوبيا سيكون في عام 2022، حسبما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية.

وفي أغسطس الماضي، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إن هناك مشكلات تعرقل بناء سد النهضة وتهدد بعدم إتمام بنائه في الموعد المحدد.

وأطلقت إثيوبيا في أبريل 2011 مشروع ”سد النهضة” الذي كان من المتوقع أن يتم الانتهاء من تشييده في العام 2017.

وأُنفق على السد الذي يجري بناؤه في منطقة بينيشانجول بإثيوبيا، على بعد نحو 15 كيلومترا إلى الشرق من الحدود مع السودان، أُنفق حتى الآن نحو 98 مليار بر إثيوبي (3 مليارات يورو).

وجهة النظر الإثيوبية:

قال مدير السد إن البناء تأخر بسبب التغيير في التصميم، مما أدى إلى زيادة سعة توليده وتأخير الأعمال الكهروميكانيكية، لكن أعمال البناء جارية دون انقطاع، على حد قوله.

بينما قال رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، إنه رصد تأخرا في تنفيذ الجوانب الكهروميكانيكية لسد النهضة من جانب هيئة المعادن والهندسة المتعاقد معها.

وأكد رئيس الوزراء الإثيوبى على أن شركة الإنشاءات الإثيوبية، وهى إحدى شركات المقاولات التابعة للجيش مسؤولة عن تأخر البناء في مشروع سد النهضة، مما دفع حكومته إلى نقل العقد لمقاول آخر.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن شركة ساليني الإيطالية تقوم بإتمام الجزء الخاص بها من المشروع في الوقت المحدد، وهي الآن تطالب بمبالغ ضخمة بسبب التأخير من جانب هيئة المعادن والهندسة.

وتابع رئيس الوزراء الإثيوبي، بحسب الوكالة: “بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير كان تم تخطيطه للانتهاء في خمس سنوات لكن لم نتمكن من ذلك بسبب إدراة فاشلة للمشروع وخاصة بسبب تدخل شركة ميتيك (شركة تابعة لقوة الدفاع الإثيوبية)”.

يذكر أن رئيس الشركة السابق الميجور جنرال كينفي داجنيو ومسؤولين آخرين بارزين، سجنوا أخيرا لاتهامهم بالفساد والاختلاس.

وذكرت إذاعة “فانا” الإثيوبية، أن أديس أبابا تجري حاليا مناقشات مع خبراء فنيين ومسؤولين إثيوبيين، بشأن السد لتقييم وضع المشروع خلال الفترة الماضية.

وجهة النظر المصرية:

نقلت وسائل إعلام مختلفة، عن مصادر لم تسمّها، أن مصر رحبت بتأجيل افتتاح سد النهضة 4 سنوات، بيد أن ذلك الأمر لم يتأكد، لكن مصادر أخرى شددت على أن المسألة ليست بالتأخير بقدر ما تتعلق بالالتزام بما تم التوصل إليه من اتفاقات بشأن السد من خلال التفاهمات والاجتماعات الثلاثية، التي ضمت إلى جانب مصر وإثيوبيا، السودان.

ونهاية الشهر الماضي، أعلنت الحكومة المصرية أن محادثات ستجري مع إثيوبيا في غضون أسبوعين لتسوية الخلافات المتبقية بشأن سد النهضة، الذي ترى القاهرة أنه يمثل تهديدا لمواردها المائية.

وعقد البلدان والسودان سلسلة اجتماعات بشأن السد الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار دون التوصل إلى اتفاق رغم تحقيق بعض التقدم.

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، عقب محادثات أجراها في أديس أبابا مع نظيره الإثيوبي أبي أحمد، إن الجانبين اتفقا على الإسراع في المحادثات، حيث اتفق رئيس الوزراء المصري مع نظيره الإثيوبي على بدء المباحثات الثنائية خلال الأسبوعين المقبلين بشأن التوافق على النقاط التي لم يتم الاتفاق عليها.

وأعلن مجلس الوزراء المصري أن رئيس وزراء إثيوبيا أكد مجددا حرصه الشخصي على حقوق القاهرة في نهر النيل.

وقال مصدر حكومي مصري لموقع “روسيا اليوم” إن الحكومة المصرية بحاجة إلى مزيد من الوقت لدراسة ما أعلنته الحكومة الإثيوبية من أنها تحتاج إلى 4 سنوات لإنجاز سد النهضة.

كما رحبت مصادر غير حكومية في حديث لـRT، بالقرار واصفة إياه بالإيجابي وأنه يأتي نتاج ثمار للتعاون المصري الإثيوبي في الآونة الأخيرة والزيارات المكوكية بين المسؤولين في البلدين.

رأي خبراء في القرار الإثيوبي:

قال الدكتور خالد أبوزيد، الأمين العام للشراكة المائية المصرية، عضو المكتب التنفيذي للمجلس العربي للمياه، إن ما تم تداوله من جانب الحكومة الإثيوبية حول الانتهاء من مشروع سد النهضة عام 2022 يعني أن المشروع يواجه مشاكل مالية، وأن ما تم الانتهاء منه لا يزيد على 65% من إجمالي الأعمال بالمشروع.

وأضاف أبوزيد، في تصريحات خاصة لـ”المصري اليوم”: “ليس من المهم الانتهاء من المشروع العام الحالي أو عام 2022، ولكن الأهم هو الالتزام بما تم الاتفاق عليه وفقا لإعلان المبادئ الموقع بين قادة الدول الثلاث عام 2015 بالعاصمة السودانية الخرطوم، بضرورة الاتفاق قبل بدء الملء على قواعد الملء الأول وقواعد التشغيل السنوي”.

وقال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في كلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة، إن تأخر استكمال السد حتى عام 2022 كان متوقعا، وذلك ليس لأسباب فنية ولكن لأسباب مالية تسببت في توقف الأعمال في توفير توربينات السد.

من جانبه، قال الدكتور ضياء الدين القوصي، خبير المياه الدولي، إن سد النهضة الإثيوبي كان يمر بمراحل بناء بمعدلات سريعة للغاية قبل ثورة 30 يونيو، لافتا إلى أن التأجيل يمثل فرصة ذهبية للتعاون بين القاهرة وأديس بابا.

وأضاف القوصي، في تصريحات لمصراوي: “سبق وتوقعنا التأخير والأهم نجاح المفاوضات، والأهم في الفترة الحالية العودة للمفاوضات ونجاحها في ظل أننا تعاني من شح مائي، وربما يكون التأجيل فرصة للاتفاق بشأن كمية التخزين والملء التي تنهي أبرز الخلافات بين الدولتين”.

وأوضح أن تأخر المشروع يعد فرصة ذهبية للجانبين لتنفيذ إعلان المبادئ الموقع بين القاهرة وأديس بابا في عام 2015، ومصر يجب عليها الاستفادة من الوضع الحالي بما يضمن الحفاظ على حصصنا المائية ولا يتعارض مع طريق التنمية الإثيوبي.

وكذلك قال الدكتور عباس الشراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن تأخر أعمال التنفيذ يرجع إلى أسباب مالية في المقام الأول، حيث قررت الشركة الإثيوبية عدم توفير توربينات السد.

وأضاف لمصراوي: “إثيوبيا قامت بحقن الأرض المبني عليها السد أكثر من مرة لأنها مناطق زلازل وبراكين، والخبراء السودانون بين الحين والآخر يطلقون تحذيرات من مواصفات مخالفة خاصة بالسد”.

وأوضح أن تأخر التنفيذ يعني أن الوقت الأن ممهد تماما للوصول إلى صيغة توافقية بل وعرض مصر خدمتها الفنية والبنائية، خاصة أن سبب التوتر في الآوقات الماضية كان سرعة البناء وبطء التفاوض، وتابع: “سبب التوتر زال الآن الطرفان يتحركان مع بعضهما البعض”.

توقعات بأسباب قرار تأجيل استكمال بناء السد:

وفي أغسطس الماضي، انكشفت أولى المشكلات المتعلقة بالسد بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، الذي كان جديدا وقتها، آبي أحمد عن “مشكلات تتعلق بتصميم السد، الأمر الذي ينذر بعرقلة إتمام بنائه”.

ومن بين المشكلات التي أشار إليها آبي أحمد عدم القدرة على تثبيت توربينة إنتاج الكهرباء، وعدم القدرة على استكمال المشروع وفق الجدول الزمني المحدد.

ووصف آبي أحمد إدارة مشروع السد بالإدارة الفاشلة واضطره الأمر إلى سحب شركة شركة المعادن والهندسة “ميتيك” من المشروع بسبب الفساد المالي والإدارة الذي تسببت به، مع العلم أن هذه الشركة تابعة للجيش الإثيوبي.

واتهمت الشركة أيضا بالنهب والسرقة، إذ أفادت تقارير بأن الشركة متهمة بسرقة ما يزيد على 284 مليون دولار (8 مليارات برر إثيوبي).

وسجن رئيس الشركة السابق، الجنرال كينفي داغنيو، ومسؤولين آخرين بارزين مؤخرا لاتهامهم بالفساد والاختلاس.

بالإضافة إلى ذلك، عثرت السلطات الأمنية الإثيوبية، في يوليو الماضي، على مدير مشروع سد النهضة، سيمجنيو بيكيلي، مقتولا داخل سيارته في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

وتفاقمت الأوضاع عندما نظم العمال في السد إضرابا للمطالبة بزيادة رواتبهم بالنظر إلى التأخيرات في إنجاز أعمال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى