سياسة

هآرتس:حزب الله أم داعش؟ تلك هي المسألة

 هآرتس:  حزب الله من جهة ، داعش من جهة،  وجبهة النصرة من جهة. أين المفر؟

 hozbdaesh

زفي بارئيل – هاآرتس

ترجمة – محمود مصطفى

بالرغم من أن “الدولة الإسلامية” أعلنت أنها ومجموعات معارضة أخرى قد سيطرت على معبر القنيطرة بين سوريا وإسرائيل في هضبة الجولان،  وبالرغم حتى من أن علمها قد ارتفع بالقرب من المعبر، إلا أن “الدولة” لم تصل إلى هناك بعد. فجبهة النصرة مع جبهة ثوار سوريا، وهو تحالف من التنظيمات الإسلامية يعمل مع الجيش السوري الحر، هم من يسيطرون على المعبر الحدودي.

هذا الخليط من التنظيمات الذي   تعتبر  وزارة الخارجية الأمريكية  بعضه معتدلاً، بينما بعضه فروع للقاعدة مثل جبهة النصرة، يجعل الأمر أصعب بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا لوضع استراتيجية للتعامل معهم.

وعلى النقيض من العراق، حيث تسيطر الدولة الإسلامية على أراضي متصلة، تجعل من السهل توجيه ضربات جوية إليها، يمنع تعقد التنظيمات وتشتت الأراضي الواقعة تحت سيطرة كل منهم أية جهود مركزة ضدهم.

المأزق الأمريكي واضح: هل نعتبر الرئيس بشار الأسد وحلفاؤه وجيشه حلفاءً وجزءًا من الحل لتفكيك الدولة الإسلامية؟ هل يجب أن يتلقى الجيش السوري الحر أسلحة متطورة لكي يستطيع محاربة الدولة الإسلامية بكفاءة في ضوء إخفاقاتها على جبهات أخرى، ووسط مخاوف مبررة من أن تصل هذه الأسلحة إلى أيدي تنظيمات أكثر راديكالية كما حدث من قبل؟

كيف يمكن للمرء أن يتعامل مع حقيقة أن الجيش الحر يتعاون مع الجبهة الإسلامية، التي لا يعرف عنها موقفا متعاونا مع الغرب، ومع جبهة ثوار سوريا التي  ينتمي بعض أعضائها إلى جبهة النصرة؟ أضف لهذا الخليط من التساؤلات رد الفعل غير المعروف لإيران إذا بدأت الولايات المتحدة في ضرب أهداف في سوريا، وأيضاً رد الفعل غير الواضح لروسيا التي تدهورت علاقاتها بالولايات المتحدة إلى حد غير مسبوق في العصر الحديث.

هذا المأزق غير موجود في العراق، حيث تتفق إيران وروسيا على الحاجة للتخلص من داعش بالقوة. هناك حل محتمل، وقد لا يكون عملياً، وهو مبادرة من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي من المتوقع منه أن يطرح تأسيس تحالف عربي ودولي تحت مظلة الجامعة العربية يتخذ الخطوات للتخلص من الدولة الإسلامية.

شرط تأسيس هذا التحالف هو التخلص من الأسد في سوريا، وهي فكرة تلقى قبولاً في واشنطن التي تفضل تحالفاً دولياً. من المتوقع أن تعارض روسيا وإيران هذه الفكرة، وطالما لم يتشكل هذا التحالف وطالما لم تعطي الولايات المتحدة تسليحاً مناسباً لمجموعات المعارضة ستتمكن الدولة الإسلامية من الاستمرار في خططها.

الفرضية السائدة الآن بخصوص العراق هي أن الدولة الإسلامية ستقنع بتشديد سيطرتها على المناطق السنية التي استحوذت عليها في يونيو ولن تتقدم باتجاه الجنوب وباتجاه بغداد، حيث توجد تشكيلات ضخمة من قوات الجيش العراقي وأيضاً ميليشيات شيعية.

الأمور مختلفة في سوريا، حيث المخاوف من أن وحدات الدولة الإسلامية ستتقدم جنوباً باتجاه درعا من أجل التخلص من قوات الأسد في تلك المنطقة والتخلص كذلك من جبهة النصرة، التي لها معاقل في الجنوب، ومن هناك يمكن للدولة الاستمرار باتجاه الأردن.

وهذا يضع الأسد والدول الغربية في تناقض مروع، هل من الأفضل أن تسيطر جبهة النصرة والمجموعات الإسلامية العاملة معها على معبر القنيطرة وتمنع الدولة الإسلامية من التحرك جنوباً؟ أم هل يُغض النظر عن نوايا الأسد وحزب الله في السيطرة على المعبر؟

هذا أيضاً مأزق صعب لإسرائيل، فبينما يسيطر الجيش السوري على حدود الجولان كان هناك هدوء لأربعة عقود. الآن الخيار هو بين الأسد وقوات حزب الله رابضة على حدود إسرائيل الشمال شرقية، وبين جبهة النصرة والتنظيمات الأخرى.

تقييمات قوات الدفاع الإسرائيلية تقول إن أياً من حزب الله وجبهة النصرة لا يرغب في فتح جبهة جديدة مع إسرائيل في الوقت الراهن. ويؤكد هذا التقييم أيضاً أن الدولة الإسلامية، وبالرغم من الحملة الكلامية الصاخبة ضد إسرائيل، هي جماعة تتصرف بمنطق عسكري ولن تخاطر بجر إسرائيل إلى صراعاتها.

الدولة توسعت بشكل كبير في العراق وسوريا ويجب ان تتعاون مع آخرين من أجل الحفاظ على سيطرتها، وفي ذلك يجب أن تتعاون، برغبتها أو بدافع الضرورة، مع زعماء مدنيين وقبليين وآخرين محليين من أجل أن تستطيع الحكم.

ومع ذلك، هناك فارق بين الحفاظ على السيطرة على مدينة أو منطقة وبين إخضاع مناطق جديدة وهو ما يتطلب تحريك مقاتلين بين مناطق مختلفة. الأهداف السياسية للدولة الإسلامية غير واضحة؛ هل ستكتفي بالسيطرة على المساحات الشاسعة من الأراضي التي احتلتها ومن ضمنها معظم حقول النفط في سوريا وبعضها في العراق؟ أم تخطط لاتباع نموذج طالبان في أفغانستان؟

وفقاً لهذا النموذج وبعد عقد من إزاحتهم – أي طالبان-من السلطة بواسطة الغزو الأمريكي، أصبح جناحهم المعتدل، لنستخدم هذا المصطلح الغامض، مرغوباً فيه وحتى شريكاً حيوياً في الحوار في أعين النظام الأفغاني الجديد، بعد تشجيع أمريكي. في غياب أية استراتيجية أخرى، قد يجد العراق وسوريا أنفسهما في نفس الوضع.

*زفي بارئيل: هو محلل شئون الشرق الأوسط في صحيفة هآرتس الإسرائيلية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى