سياسة

هآرتس: مصر وقطر تتصالحان .. حماس وتركيا تخسران

 

هآرتس: المصالحة المصرية القطرية تمت بتخطيط وقيادة سعودية تعزل تركيا وتضعف حماس

السعودية خططت جيدا للمصالحة وإنهاء الخلاف في الخليج
السعودية خططت جيدا للمصالحة وإنهاء الخلاف في الخليج

 هآرتس –  زافي بارئيل Zvi Bar’el

ترجمة – محمد الصباغ

يصنع التقارب المصري القطري تكتلا عربيا  بقيادة سعودية،  و من المرجح أن يملي هذا التحالف شروطه على حركة حماس، يعزل تركيا،  و يساعد في العملية العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

فبعد أسبوعين من عودة العلاقات بين دول الخليج و قطر، جاء الدور على مصر لتعلن أنها اتخذت نفس الموقف من الدوحة. و أظهرت التصريحات التي خرجت من القاهرة و الدوحة  يوم الأحد أن الدولتين بدأتا صفحة جديدة في علاقاتهما، و ذلك بعد لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي بمبعوث أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني وبحضور ممثل عن المملكة العربية السعودية.

و جاء في بيان قطر أن الدولة الخليجية  ستعمل على تأكيد مكانة مصر كقائدة للعالم العربي و الإسلامي، و أضاف البيان أن ”أمن مصر من أمن قطر“. و بذلك البيان وضعت نهاية للفترة الطويلة من المعارك الدبلوماسية و اللفظية  بين البلدين منذ عزل الرئيس المصري محمد مرسي و القبض عليه في يوليو 2013.

هذا التقارب تم صناعته بإتقان من السعودية التى بدأت حملة دبلوماسية ضد قطر في مارس الماضي، و أقنعت البحرين و الإمارات باستدعاء سفرائهما من الدوحة. ثم سحبت مصر سفيرها و تم تكليف الإعلام الحكومي المصري ببدء حملة انتقادات ضد قطر.

كان التدخل القطري في الشؤون الداخلية للدول الخليجية و مصر السبب المعلن للصراع،  لكن المحرك الرئيسي للأزمة كان الدعم القطري للإخوان المسلمين، الذين اعتبرتهم القاهرة منظمة إرهابية و فعلت ذلك أيضاً السعودية و الإمارات، بالإضافة لدعم الدوحة للمليشيات الإسلامية في سوريا التي لا تتعاون مع السعودية، و التقارب القطري مع إيران عدو السعودية القوي.

ظهرت توتر العلاقات بين قطر و مصر بكثافة من خلال قناة الجزيرة، المملوكة من قبل العائلة الملكية في قطر، و التي جعلت -القناة –  من نفسها متحدثا باسم جماعة الإخوان المسلمين في حربها ضد السلطات المصرية. وكانت قطر قد أودعت ملايين الدولارات في البنوك المصرية إبان حكم مرسي القصير لمساعدة المصريين على الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية،  ثم طالبت مصر مؤخراً برد 6 مليار دولار.

 أعطت السعودية و الإمارات منحاً و قروض لمصر لمساعدتها على السداد، و جعل ذلك القاهرة تقريباً تعتمد  مالياً اعتماداً كلياً على هاتين الدولتين. و سرعان ما تحول هذا الاعتماد لتعاون دبلوماسي من النوع الذي يتطلب من مصر أن تتوافق مع الخط الدبلوماسي السعودي سواء في العلاقات العربية أو أوسع من ذلك في الاعتبارات الدولية. و بتلك العملية كون السعوديون كتلة عربية صلبة كانت فقط قطر من يتحدي وجودها.

الآن، و مع إعادة العلاقات مع قطر، أصبحت السعودية قادرة على فرض سياستها تجاه كل من الإخوان المسلمين، المعارضة السورية، إيران و وكلائها الإقليميين مثل حزب الله في لبنان.

تتوقع مصر، التي يمكن اعتبارها المستفيد الأول من هذا التقارب، أن توقف قطر دعمها للإخوان على الأقل رسمياً. و يمكن أيضاً أن تعود الدوحة لمساعدة مصر اقتصادياً لتلتحق بالاستثمارات السعودية و الإماراتية في مجال البنى التحتية و التعمير.

و في نفس الوقت، من المتوقع  أن تواجه حركة حماس صعوبات جديدة، مع احتمالية أن تنسق قطر مع مصر لأي مشاريع أو مساعدات لصالح قطاع غزة. و يعني ذلك أن تزداد سيطرة السيسي على عملية إعادة الإعمار و التنمية في القطاع.

يؤثر هذا التقارب على الحكم الفلسطيني في قطاع غزة حسب حجم المساندة القطرية أو المساعدة المشروطة  بالموافقة المصرية. حكم حماس المنفرد في القطاع سيتآكل كثيراً. و في هذا السياق فإن السعوديين بمساعدة مصر سيكون لهم تأثير كبير على  صنع القرار الفلسطيني.

و ستكون الانفراجة  بين قطر و مصر مؤثرة في الموقف التركي و السياسة الخارجية أيضاً. فتركيا الآن وحيدة في موقفها المعارض لمصر، خصوصاّ في ظل الجهود الإيرانية لتجديد العلاقات مع القاهرة و زيادة نفوذ السيسي.

حتى الآن، تعاونت قطر و تركيا لعزل مصر،  ولكن من هذه اللحظة صار لزاماً على تركيا إعادة التفكير في خطواتها. أما إيران التى تمتلك تجارة و تعاونا كبيرا مع قطر فمن غير المتوقع أن تتأثر كثيراً بالمصالحة، حتى لو عنى ذلك تقوية الموقف العربي في مواجهتها بخصوص إمكانية توقيع الاتفاق النووي الذي سيغير كثيراً من موقفها الاستراتيجي تجاه الغرب و تحديداً علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية.

و يبدو أن المصالحة رسخت التدرج السياسي في الشرق الأوسط، فالسعودية تتواجد على القمة محاطة بكتلة من المعاونين، دون الحديث عن الخنوع، و تلك الكتلة من الدول صارت  بديلا غير رسمي لجامعة الدول العربية.  بديل سيخدم جدا الحرب  ضد المتمردين في المنطقة وخصوصا تنظيم الدولة الإسلامية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى