مجتمع

واشنطن بوست: كيف ستجفف فرنسا التمويل الأجنبي لمساجدها؟

واشنطن بوست: كيف ستجفف فرنسا التمويل الأجنبي لمساجدها؟

واشنطن بوست- جيمس ماكلوي

إعداد وترجمة: محمد الصباغ

بعد 3 هجمات إرهابية كبيرة في السنة ونصف السنة الماضية، أجبر الغضب الشعبي الحكومة الفرنسية على التحرك. لكنّ قرارا معينا هو ما أثار الجدل: إغلاق مساجد معينة ومنع التمويل الأجنبي الذي كانت تتلقاه.

في نهاية الشهر الماضي، بعد أسابيع على هجوم نيس، دعا رئيس الوزراء مانويل فالس لحظر التمويل الأجنبي للمساجد في فرنسا “لفترة يتم تحديدها.” وبعد أيام، أعلن وزير الداخلية، برنار كازنوف، عن اتخاذ إجراءات أكثر وضوحا: وقال إنه منذ ديسمبر 2015، تم إغلاق 20 مسجدا سلفيا.

وأضاف كازنوف في تصريحات بعد لقائه مع دعاة مسلمين “لا مكان هنا في فرنسا لمن يدعون ويحرضون على الكراهية في صلواتهم ومساجدهم.” وبالنسبة لكثير من المسلمين، هذه المساجد هي حيث صار الأشخاص إرهابيين.

وقال مروان محمد، مدير مؤسسة مناهضة للإسلاموفوبيا في فرنسا: “يعطي الأمر فكرة أن هناك ما يربط المساجد بالإرهاب. هي طريقة لربط المشكلة بالمسلمين مرة أخرى.”

هناك حوالي 2500 دار عبادة إسلامية في فرنسا، ولا يرتقي جميعها إلى اعتباره مسجدا بشكل رسمي. ووفقا لفرانس 24، هناك حوالي 120 دارا ترتبط بالسلفية المتشددة.

وبالرغم من الدعاية الهائلة للأمر، انتشرت التساؤلات حول المساجد التي تتلقى تمويلا أجنبيا خصوصا من حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، وتساءل كثيرون عما إذا كان الإجراء بالفعل سيؤتي ثماره كما يشاع في كثير من الأحيان، خصوصا في دولة تواجه غسيل الأموال وتمويل الإرهاب منذ 1990.

ووفقا لتقرير اللجنة الذي صدر الشهر الماضي بواسطة البرلمان الفرنسي، كان نصيب الأسد من التمويل ذاهبا إلى المساجد الجديدة في فرنسا عبر تبرعات فردية في البلاد، وليس من حكومات أجنبية. وأشارت النتائج في التقرير إلى أن النسبة الكبرى من التمويل تأتي من المغرب والجزائر، الدولتين اللتين أرسلتا 6 ملايين يورو و2 مليون يورو على الترتيب، هذا العام.

لكن البيانات الأساسية للتقرير ألقت بالضوء على ما أطلق عليه القائمين على التقرير “الهيكل الأساسي للمشكلة”.

في دولة فرنسا شديدة العلمانية، المساجد -كالكنائس والمعابد اليهودية وأي دور عبادة أخرى- لا تمتلك الحق قانونا في استقبال أي تمويل من الدولة. ونتيجة لذلك، الطريقة الوحيدة لتمويل المساجد الجديدة هي بتبرعات الأفراد والمنظمات الخيرية، وفقا للتقرير.

وجاء في التقرير “بطريقة ما، توجد نية لتنظيم الإسلام في فرنسا من أجل سيطرة أكبر، لكن من جانب آخر لا يمكن المساس بالإسلام بسبب قانون سنة 1905. وبالتالي تبقى المعادلة بلا حلول.”

وتم تمرير قانون عام 1905 بعد أزمة سياسية عرفت بقضية دريفوس، وضمن بشكل رسمي فصل الكنيسة عن الدولة في فرنسا.

وأوصى التقرير الحكومة بإنشاء مؤسسة يمكنها مراقبة عملية نقل الأموال الأجنبية إلى المساجد الفرنسية. وكما ذكرت المشرعة ناتالي جوليت، لقناة فرانس 24، فإن الفكرة في التقرير “ليست حظر التمويل الأجنبي، لكن جعله شفافا ومشروطا.”

استمعت الحكومة لذلك، وأعلنت تأسيس منظمة الأعمال الإسلامية، التي -نظريا- سوف تقوم بذلك بشكل دقيق، بالإضافة إلى متابعة تدريب الأئمة من مواليد الخارج. لكن لاحقا أعلنت عن شيء آخر: المنظمة سيديرها شخص غير مسلم، وهو وزير الداخلية السابق جون بيير شوفامو، 77 عاما.

ويرى مروان محمد مدير مؤسسة مناهضة للإسلاموفوبيا في فرنسا أن ذلك الأمر إهانة مزدوجة للمسلمين الفرنسيين.

وتابع “في البداية اختاروا شخصا لا يمثل أي شيء بالنسبة للمجتمع المسلم- كما لو أنهم يصادرون آراء المسلمين.”

وأكد “أيضا يعتبرون بذلك أن 4 ملايين مسلم في فرنسا، لا يوجد فيهم من هو كفء للمنصب. من بين كل هؤلاء، لا رجل ولا امرأة يصلحون!”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى