ثقافة و فنمجتمع

فيديو: مرافعة النيابة ضد “ناجي”: عاث فسادا بفحش الكلام.. ومن لم يقرأ محفوظ؟

فيديو: مرافعة النيابة ضد “أحمد ناجي”:  عاث فسادا  بفحش الكلام.. ومن لم يقرأ محفوظ؟

 ، http://albedaiah.com/sites/default/files/styles/full_content/public/news/2016/02/20/0_1.jpg?itok=9aDQFs5D

زحمة

نشر حساب يوتيوب  يحمل اسم ياسر ربيع، وهم اسم ممثل النيابة في قضية “خدش الحياء” التي أدين فيها الروائي أحمد ناجي بالحبس سنتين بدءا من فبراير الماضي.

نشر مرافعة ممثل النيابة ياسر ربيع وهو مدير نيابة وسط القاهرة الكلية، في قضية ناجي، وعلى الرغم من أن المرافعة تعود إلى ديسمبر 2015 فإن الفيديو رفع على موقع يوتيوب في 22 نوفمبر الجاري.

ولا ينشر الحساب سوى هذا الفيديو وهو بعنوان “قضية خدش الحياء العام”.

وهنا نص الكلمة

كلمة ممثل النيابة

باسم الله المنتقم الجبار، سيدي الرئيس حضرات السادة المستشارين.

صامدة كالطود العظيم تقف الحرية كما تشهد عصور التاريخ أمام كل تحد يعتري سبيلها.

فلن يهز كيانها سقطة ضالة أو هفوة باطلة حتى وإن أساء البعض فهمها وسلكوا فيها مسالك وعرة.

وتصوروا أن الحرية، لا سيما الحرية الفكرية تقتضي التفكير بلا ضوابط ولا قيود.

فتسببوا بذلك في صدم المشاعر الإنسانية وهزوا معايير القيم العليا وعاثوا في الأرض فسادا زاعمين أنهم مصلحون أو مجددون، إلا أنهم باسم الحرية يكذبون وباسم الأدب يفترون.

على إحدى القنوات الفضائية ظهر أحدهم  يتحدث عن هذه القضية على الرغم من طرحها أمام منصة القضاء المصري ليقول فيها كلمته، ويصف تقديمها بالعار تارة وبتقصيف الأقلام تارة أخرى ولو كان منصفا محقا في عرضه محترما متابعيه لعرض ما تم نشره نصا مما حواه الاتهام ولوث الأسماع بما به من فحش الكلام.

والغريب أن يقابل بين هذه الرواية وبين آي القرآن الكريم في سورة يوسف، فهل هذا التوجه الخبيث يقابل قول الحق تبارك وتعالى “ولقد همت به وهم بها”، وفرق بين هم بشري وهم النبي..  إن القرآن تحدث عن العلاقة الجنسية بأدب جم وحياء رفيع، كان متمثلا في قول الله “هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين”.

فمن منا لم يقرأ لنجيب محفوظ أو يوسف السباعي أو لإحسان عبدالقدوس، وكانت قلعة أخبار اليوم بما تنشره من  روايات لا إسفاف فيها لعمالقة الصحفيين مثلا على مراعاة الآداب والأخلاق.

إنهم -المتهمون- ومن على شاكلتهم يريدون الإتيان على فضائل الآداب بكل ساعد ويزعمون أنهم ملهمون وأن غايتهم حرية الفكر والإبداع إلا أنه إذا تابعت أقوالهم وكتاباتهم وجدتهم صرعى المجون والشذوذ الفكري وأن غايتهم الأولى فتنة القراء عن قيمهم بأروع وسائل الختل والمداهنة.

https://zahma.cairolive.com/wp-content/uploads/2016/02/najilife.jpg
أحمد ناجي في المحكمة وغلاف روايته استخدام الحياة

ومن مضاعفات هذا الجهل أن تُخدع به الأغرار وأن تُبذل الجهود لإشاعته ومد رقعته وأن تزاحم به المثل العليا حتى يضيق الخناق على الإبداع فيزهق وينفسح المجال أمام الباطل فيخلو الجو لتضليله وتضرب الحياة بوسواسه إلا أن النيابة العامة رأت أنه لا بد أن تفضح هذا الشرود الصحفي.. وأن نميط اللثام عن وجهه الدميم (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون).

مشيرا إلى إن كان قد أفلح المتهمون في شيء فهو استثارة احتقارنا لهذا الضرب من الكتابات الجريئة الوقاح على مثل الأدب وقيمه الصحاح، كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ وأانه أمام ظاهرة الشذوذ الفكري في فهم الحرية، ومنها بالذات الحرية الفكرية كان لا بد أن نقف.. لأنه إذا كان وصف الأعضاء التناسلية بأسمائها الفاحشة إبداعا فكلام فتيات الليل أكثر إبداعا, وإذا كانت المشاهد الجنسية إبداعا فالأفلام الإباحية أكثر إبداعا.

وهل أصبح التعري تأدبا والمخادنة تساميا والمعابثة مجاملة والتعفف رذيلة والتصون خرافة والتمسك بالمثل والأخلاق جريمة تقعد لها الدنيا ولا تقوم؟

إن المعركة بيننا وبين هذه الصفراوات البالية لن تهدأ ما بقيت مسرحا لتلك الدسائس ضد الأخلاق واستبدلت التسفيه بالتوجيه، والتزوير بالتنوير، والتهريج بالتتويج، والإثارة بالإنارة، والدعاية بالرعاية، والسخافة بالصحافة، والإجحاف بالإنصاف، والسفهاء بالعلماء، والأقزام بالأعلام، والإجرام بالإعلام، والدجل بالعمل، والادعاء بالعطاء، والشجار بالحوار، والتناوش بالتعايش.

وفي معركتنا هذه قد نتهم بالعنف أو ننسب إلى خلق نبغضه، ولكن هل شدة السخط على الباطل ورفع العقيرة في استنكاره يعدان عنفا؟ ما نظن ذلك حقا، لأن المستقيم مع طبائع الأشياء، أن تغضب إذا وجدت حقا ينهب، والمستقيم مع طبائع الأشياء أن يشتد غضبك إذا وجدت المعتدين والمغيرين يمضون في طريق الحياة كأنهم لم يصنعوا شيئا يؤاخذون به، فإذا بلغ الجور على الأخلاق وبلغ التحريف للآداب مرحلة أنكى وأحرج فماذا نصنع؟

ماذا نصنع إذا رأيت الخناصر قد انعقدت على محو القيم وإهانة الفصحى بلغة سوقية ركيكة تنهل من ألفاظ جنسية متدنية ماذا نصنع؟ أنبتسم ابتسامة المهادنة؟ أم ابتسامة المداهنة؟ إن اللطف مع هذه الدسائس مرض ينبغي علاجه والعنف في تقديم المتهمين لساحة عدلكم أبسط قواعد العدل غيرة على الحقائق التي يجب أن تعرف والأخلاق التي يجب أن تصان.

كان لزاما علينا تجسيم المآرب التي يسعى لها المغرضون نفضح طواياهم ونلقي عليهم الأضواء الكاشفة.

وقائع الدعوى كما وقرت في يقين النيابة العامة تتمثل في أب مصري سعى لكي ينير عقول بناته بالقراءة كيف لا وهي وسيلة توسيع المدارك والقدرات، وقال المتنبي “أعز مكان في الدنى سرج سابح.. وخير جليس في الزمان كتاب”، فاشترى لهن مجلة قومية والتي يرأس تحريرها المتهم الثاني ففوجئ بزوجته تستصرخه ومن صنيعه تستنكره وعندما طالع المجلة وجد قيام المتهم الأول بنشر الفصل الخامس من رواية له تحت عنوان “ملف استخدام الحياة” وذلك بالعدد رقم 1097 الصادر بتاريخ 3/8/2014 الصفحتين رقمي 22،23 حيث تضمنت الرواية بين ثناياها عبارات وألفاظ خادشة للحياء العام تنأى النيابة العامة عن ترديدها والتي دارت حول تصوير ممارسة الرذيلة بين رجل وامرأة وتناول تفاصيل هذه الممارسة باستخدام مرادفات جنسية متدنية تصف الأعضاء الجنسية لهما وكيفية ممارسة تلك العلاقة المحرمة على نحو ما جاء بالرواية والغريب أن يصدر هذا الشذوذ الفكري عن جريدة قومية تنفق عليها الدولة.

وتساءل ممثل النيابة العامة عن شعور الأب حينما قرأ ما بالرواية من ابتذال لا يتصور وألفاظ ننأى بأنفسنا عن تردادها ومرادفات متدنية تصف الكائن البشري كحيوان ينقاد وراء شهواته وكيف كان شعور الأب عند رؤية ابنتيه ترويان عليه مثل ذلك الخبر المحزن في وفاة أخلاق وضمير صحفي يقال عليه كاتب وروائي وما هو إلا قاتل لأحلام أبناء وبنات ذلك الوطن, فراح بين جملة وأخرى ينحط بأخلاقه ويقلل من احترام عقول أبت أن تظل في ظلام الجهل السحيق ولم يكن ذنبهم إلا إرادة تنوير عقولهم بقراءة أو ثقافة.

شدد ممثل النيابة العامة على أن الأسر تألمت لقراءة ذلك الموضوع الذي يتعدى على الفضيلة ويخدش عاطفة الحياء بين الناس، مشيرا إلى أن الآداب والفنون دعامتان رئيسيتان في بناء الأمم والحضارات ينبغي أن تقدم غذاء صالحا يبني ولا يهدم يعمر ولا يخرب، مضيفا أن التاريخ خلد عمالقة في الأدب والفنون قدموا فكرا بناءً للمجتمع حتى تجاربهم الشخصية صاغوها في قالب عف نظيف بعيد عن الإسفاف وما الأيام للدكتور طه حسين بمنكرة أو مستهجنة ولكن لما قلت البراعة الأدبية عند المتأخرين في الألفاظ والمعاني اتجهوا إلى الابتذال في استثارة الغرائز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى