ترجماتسياسة

كيف حصلت إسرائيل على دعم واشنطن لتدمير المفاعل النووي السوري؟

“جيروزاليم بوست”: “كان أولمرت على صواب في اتخاذ هذا الخيار

NSC Pre-Brief. Meeting with the Prime Minister of Israel. Oval.

 

ترجمة: ماري مراد

المصدر: Jerusalem Post

MIKE EVANS

 

عرض مايك إيفانز، مؤسس متحف أصدقاء صهيون، كواليس الدعم الضمني الذي قدمته واشنطن لإسرائيل، والذي سمح للأخيرة بقصف المفاعل النووي السوري في ديسمبر 2007، مؤكدا أن التزام تل أبيب بالغموض بعد الحادث كان الهدف منه تجنب أي رد فعل انتقامي من الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي مقالته بصحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، أوضح مايك أن إسرائيل عازمة، حتى بعد الحوادث الأخيرة ولا سيما إسقاط مقاتلتها في سوريا، على حماية أراضيها.

وإلى نص المقال:

جلس الزعيمان في المقر الخاص في البيت الأبيض، الرئيس جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء إيهود أولمرت.

الزعيمان أشعلا السيجار احتفالا بقصف المفاعل النووي السوري، ونظر بوش باهتمام إلى أولمرت، وقال له: “لم أكن أعتقد أنك تمتلك الشجاعة لفعل هذا”، فأجابه أولمرت: “قلت لك إنني سأفعلها”، فقال له بوش: “حسنا، على الأقل أنا أطول منك إيهود”.

ومثل طفلين صغيرين، أدار الزعيمان ظهرهما ليلتقطا صورة في محاولة لقياس طولهما، لقد رأيت الصورة حينما كنت واقفا لفترة على بوفيه خلف مكتب أولمرت، ووقع عليها الرئيس بوش بكلمات “مستعد لمساعدتك”.

George Bush and Ehud Olmert (credit: Eric Draper)

وبدأ السيناريو في 6 سبتمبر 2007، في مجمع شرق سوريا، حيث كان يزعم أنه يضم مفاعلا نوويا، الذي تم بناؤه بمساعدة الكوريين الشماليين، بحسب “نيويوركر”.

الهجوم على الموقع السوري نتيجة غارة حدث في فيينا قبل أشهر، ولم تعترف إسرائيل أبدا بمسؤوليتها عنها، وبحسب المحرر السابق لجيروزاليم بوست ديفيد ماكوفسكي، الذي كتب في نيويوركر عام 2012، أن عملاء الموساد تجرأوا على التسلل إلى منزل إبراهيم عثمان، رئيس هيئة الطاقة الذرية السورية، مضيفا: “كان عثمان في المدينة يحضر اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد خرج، وفي أقل من ساعة، دخل عملاء الموساد، وحصلوا على معلومات سرية للغاية من حاسوب عثمان، وغادروا دون أي أثر”.

ونتيجة لذلك، علم الموساد أنه على ما يبدو أن شائعات تشييد المفاعل النووى في سوريا كانت صحيحة، وعملية اتخاذ قرار تدمير المفاعل السوري بدأت بما يمكن أن يكون معركة بين: رئيس الوزراء أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك، واتهم باراك أولمرت بأنه طائش ولم يرتب استعدادات مناسبة، كما رأى رئيس الوزراء متحمسا بشكل مفرط.

وبينما ناقش الرجلان الهجوم، اتخذ أولمرت خطوة غير مسبوقة بالاتصال مع بوش سعيا إلى الحصول على المساعدة الأمريكية، وكان بوش على علم فقط بـ”بمنشأة مخفية جيدا في شرق سوريا” ورفض المساعدة الأمريكية، إذ شعر أنه لا يوجد سبب منطقي محدد للهجوم.

وفي اجتماع مع رئيس الوزراء أولمرت، قال لي إن بوش عرض خدمات وزيرة الخارجية آنذاك كونداليزا رايس في محاولة لإيجاد حل دبلوماسي للمشكلة، لكن أولمرت قال إن رده كان “نحن لا نحتاج إلى دبلوماسية. أريدك أن تدمره أو أنا سأفعل”، وحينما رفض بوش، أعطى أولمرت الضوء الأخضر.

رئيس الوزراء اختار أن يسير على خطى مناحيم بيجن، الذي أمر بتدمير مفاعل أوزوريس العراقي في عام 1981، وقام بانحرافين طفيفين: طلب أولمرت مساعدة من الرئيس بوش، ثم اختار بعد الحادثة عدم إبلاغ العالم بأسره بالهجوم الإسرائيلي.

وعندما دمرت القوات الجوية الإسرائيلية الموقع الموجود شمال غرب دمشق خلال منتصف الليل في 6 ديسمبر 2017، تركز انتباه العالم على حقيقة أن سوريا كانت لديها طموحات نووية بدلا من وسائل التدمير.

واعتزام إسرائيل خلق حالة من الغموض حول الغارة كان محاولة للحفاظ على مكانة الرئيس السوري بشار الأسد وردع ضربة انتقامية، ومع مرور أكثر من عقد، يبدو أن أولمرت كان على صواب في اتخاذ هذا الخيار: تم تجنب الحرب، ولم تتكبد إسرائيل أي خسائر، وبصرف النظر عن الردود المثيرة للجدل من إيران وكوريا الشمالية، فإن قادة العالم التزموا الصمت.

اليوم، يمكن للمجتمع الدولي أن ينظر بامتنان إلى الإسرائيليين من أجل القضاء على ما كان يمكن أن يشكل تهديدا أكبر من داعش إذا تمكنت تلك المجموعة الإرهابية من الحصول على الأجهزة النووية من العراق أو سوريا.

وفي السنوات اللاحقة، ظهرت بيانات متعلقة بالمهمة الإسرائيلية، وعندما أنجزت الطائرة مهمتها، كانت هناك كلمة واحدة بسيطة هي “أريزونا” تهمس فوق موجات الأثير، التي كانت تأكيدا على اكتمال المهمة وتدمير الموقع وعدم فقدان أي طيار إسرائيلي.

عندما نُقل ذلك إلى رئيس الوزراء أولمرت، بعث ببيان إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يخطره بالملابسات المحيطة بالهجوم ويطلب منه إطلاع الرئيس الأسد في سوريا، بغض النظر عن صيغة الإرسال، كانت الرسالة “لا تبني محطة نووية أخرى”.

وكان رجل سوريا القوي في موقف صعب، لم يستطع شجب تدمير إسرائيل للمفاعل النووي الذي اعترف بعدم وجوده، والتزم أولمرت والإسرائيليون الصمت، وبحسب وكالة الأنباء السورية فإن سلاح الجو الإسرائيلي ألقى بعض الذخائر وعاد إلى المجال الجوي الإسرائيلي ولم يحدث ضرر.

ومنذ الهجوم السوري عام 2007، كانت إسرائيل متكتمة بالإعلان عن ضربات أمنية تتجاوز حدودها، وكثيرا ما يتم الإبلاغ عن هذه الحوادث من قبل الكيانات الأجنبية التي حصلت “بطريقة ما” على تسجيلات أو صور فوتوغرافية، وقد يصدر بيان غامض من المصادر الإسرائيلية، لكن التفاصيل يتم حذفها بشكل عام.

خلال السنوات العديدة الماضية، كانت هناك تقارير لهجمات إسرائيلية عديدة داخل سوريا من قبل مصادر أخبار أجنبية، وأعلنت إسرائيل مسؤوليتها عن حوادث قليلة، حتى عندما تم إسقاط إحدى مقاتلاتها “إف 16” في فبراير 2018، كان لهذا تأثيرا ضئيلا، إن وجد، على عزم إسرائيل حماية نفسها.

اقرأ أيضا: إسرائيل تعلن رسميا أنها قصفت مفاعلا نوويا في سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى