سياسة

الجارديان: الفلسطينيون في عزلتهم الأكبر منذ 1948

الجارديان: معجزة صغرى يحققها الفلسطينيون اليوم

الجارديان – Mouin Rabbani– ترجمة: محمد الصباغ

مرة أخرى، تم تكذيب فكرة أن النضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير يمكن انهاؤه، وأن القضية الفلسطينية تم ابعادها من على الأجندة الدولية. بالرغم من الاضطرابات الاقليمية التي لم يسبق لها مثيل، وأزمة اللاجئين العالمية، والجهود الكبرى من إسرائيل ورعاتها الغربيين من أجل إعلان أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مجرد مشهد جانبي صغير حتى إشعار آخر، لكن مرة أخرى تصدر عناوين الصحف.

كيفية وصولنا إلى هذه النقطة ليس بالأمر شديد الغموض. فتحت رعاية اتفاقية أوسلو، وخلال العقدين الماضيين، بتعزيزوتشديد سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى درجة غير مسبوقة.، الشعب الفلسطيني الآن أكثر عزلة وتمزقاً من أي وقت مضى منذ تجريده من أملاكه وترحيله عام 1948. والقادة الذين في وقت ما كانوا يتمتعون بدرجة من الدعم الشعبي الذي يحسدهم عليه رؤساء الدول المنتخبين ديمقراطياً، هبطت شعبيتهم إلى درجة عدم الشرعية وتم وصمهم بأنهم أجزاء من المشروع الاستعماري الإسرائيلي.

بالنسبة للفلسطينيين بشكل خاص يعتبر هذا العقد كارثياً. وأي خيال متبقي بأن إسرائيل ستتفاوض من أجل تسوية تاريخية أو سيجبرها الحاصلون على جائزة نوبل للسلام بواشنطن وبروكسل عن التخلي عن الاحتلال، لا يمكن أن يستمر. في حين وقف من نصبوا أنفسهم قادة للمجتمع الدولي مكتوفي الأيدي أمام قيام حكومة بنيامين نتنياهو بإنشاء مستوطنة جديدة تلو الأخرى في الضفة الغربية، وبتقديس لا ينتهي أشاروا إلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وبسبب الإعتداءات القاتلة ضد قطاع غزة تم تحويله إلى أكبر معسكر اعتقال على وجه الأرض.

ومع مواجهة اللاجئين الفلسطينيين في العالم العربي مرة أخرى أزمة وجودية، قام قادة إسرائيل بحملة ممنهجة من سحب الشرعية والتهميش ضد المواطنين العرب في إسرائيل. يساعد ذلك في توضيح سبب أن عدم الاستقرار الحالي لا يرتبط بقطاع غزة والضفة الغربية فقط. مؤخراً كان في القدس الشرقية والضفة الغربية حيث شهدت اشتعال فتيل الأحداث الأخيرة.

أثبتت سياسة الفصل الإسرائيلية ”نحن هنا وهم هناك“ مرة أخرى عدم تماشيها مع الواقع. في الواقع فإن جدار الضفة الغربية وحصار غزة  قد عزل الناخب الإسرائيلي عن الصراع. لكن عنف واستفزازات الجيش الإسرائيلي المستمرة (الأنشطة الإسرائيلية لمساعدة الاستيطان، وإصرار حكومة نتنياهو على تغيير الوضع القائم بالحرم القدسي الشريف لتعزز من عدوانيتها)، تسبب في ما لا مفر منه مرة أخرى.

ما نراه الآن من مستوى المظاهرات الفلسطينية بعتبر معجزة صغرى، وتدل على أن الشباب اليوم لم يعد حبيساً، ولديه من العزم على الوصول إلى الحرية الشاملة، وليس أقل من الأجيال السابقة.

من غير المحتمل إلى الآن أن يتطور الأمر إلى تمرد منظم ومستمر. هم يعكسون بشكل ما قساوة وعدم شفقة التكتيكات الإسرائيلية. ببساطة تم تفكيك البنية التنظيمية المطلوبة لحشد تمرد واسع ومستمر بشكل منهجي خلال العقد الماضي من قبل السلطة الفلسطينية. فما زالت ملتزمة بالتعاون الأمني مع إسرائيل، التي وصفها قائد السلطة محمود عباس بالمقدسة.

تنعدم فرص أن تدفع التصرفات الإسرائيلية بعباس إلى الهاوية. في الواقع، فعندما بكي كالذئب أمام الأمم المتحدة الشهر الماضي ماتت الأغنام ضحكاً. لأن عباس ممنوع بشكل منتظم من الخيارات الأخرى، سيبقى أكثر مرونة مع التهديدات ضد إسرائيل أكثر من أمن شعبه خلال الفترة المتبقية من ولايته. من جانبه، أن تبقى حركة حماس الإسلامية ملتزمة ببقاء حكمها في غزة قبل أي شئ آخر.

وقد تثبت الأزمة الحالية أنها محفزة للعمل الجاد من أجل إعادة إحياء حركة فلسطينية موحدة ومتماسكة وفعالة قادرة على مواصلة النضال من أجل حق الفلسطينيين في تقرير المصير. أما الحقيقة الصعبة فهي أنه حتى يتغلب الفلسطينيون على العقبات الداخلية التي تمنعهم من التمرد، سيبقون غير قادرين على تحدي إسرائيل بنجاح أو السيطرة على من يدعمون سياساتها.

لنكن واضحين، لا يعفي أي شئ مما قيل إسرائيل وخصوصاً رعاتها الدوليين من مسؤولية إدامة الاحتلال. وفي هذا الشأن أتذكر لقائي مع دبلوماسي أوروبي، عندما طلبيت منها تسمية شكل واحد من أشكال المقاومة الفلسطينية غير العنيفة والتي ستكون حكومتها مستعدة لدعمها، لم أستقبل سوى نظرة مرتبكة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى