سياسة

نيويوركر: عائلة السيسي “صدمت” في فض رابعة..و”الحجاب” أبعد الرئيس عن الغرب

نيويوركر: عائلة السيسي “صدمت” في فض رابعة..و”الحجاب” أبعد الرئيس عن الغرب

 

نيويوركر- بيتر هيسلر

ترجمة وإعداد فاطمة لطفي

يتحدّث الجميع عنالمقال الجديد الذي كتبه بيتر هيسلر في مجلة “النيويوركر” الأمريكية بعنوان “ثورة مصر الفاشلة“، ويتباحثون على موقع “فيسبوك” وفي غرف الأخبار وصالونات النخبة حول ما إذا كان المقال يضيف أي شيء جديد أم لا.

وربما هيسلر، الذي يحظى بسمعة قوية ككاتب يتقصى بعمق في الشأن السياسي المصري والمجتمع، من خلال نصوص تضم آلاف الكلمات في مجلة “نيويوركر” رفيعة المستوى مثل المقال التالي الذي ترجمه موقع “زحمة” عن رجال الأعمال الصينيين في مصر: (كيف وصل الصينيون إلى قلب الصعيد.. بـ”قمصان اللانجري”؟)، يبدو أنه قام بعمله جيدا، بالنظر إلى حقيقة أن الكثير من الأشخاص رأوا المقال طويلا جدا، شديد التفصيل إلى درجة الملل، بينما رأى الكثير أيضًا أنه مدهش ومليء بالتفاصيل المثيرة للاهتمام.

مع ذلك، ما يبدو واضحًا أنه يعتمد على مصادر معظمها ثانوي في محاولة لوصف الأعمال الداخلية للحكومة والنظام المصري، وللسيسي نفسه. معظم هذه المصادر دبلوماسيون ومسؤولون أوروبيون وأمريكيون (ظلت هوية معظمهم مجهولة) التقوا السيسي عدة مرات. كما استشهد الكاتب بصحفية “المصري اليوم”، فتحية الدخاخني أكثر من مرة لإلقاء نظرة على علاقة الرئاسة بالصحافة (الدخاخني كانت مراسلة صحيفة المصري اليوم للرئاسة).

كما تمكن هيسلر من الوصول إلى الوفد الرئاسي المنتدب الذي زار لندن للاجتماع برئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون، الاجتماع الذي عقد بعد أربعة أيام فقط من تحطم الطائرة الروسية المنكوبة بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ.

الكاتب: بيتر هيسلر

 

وفيما يلي بعض النقاط والأجزاء الرئيسية التي جاءت في المقال:  

– كشف السيسي، عن غير عمد، الكثير عن آليات السياسة في بلاده أكثر مما يمكن أن يتصوّر أي شخص.

– يحظى السيسي بسمعة التحدث بهدوء كبير ،  وهي صفة  لها تأثيرها على الأجانب،  أخبرني دبلوماسي أوروبي: “عندما تتحدث إليه، فإنه خلافًا لمعظم الجنرالات، يستمع إليك”، وأكمل: “ليس منمقًا في حديثه”. بينما قالت مسؤولة أمريكية: “ترى ساسة يريدون دائمًا أن يكون صوتهم هو الأعلى في الغرفة، بينما يوجد أشخاص يملكون القدرة، لكن ليس بالضرورة أن يكونوا الأعلى صوتًا”. وتابعت متحدثة عن السيسي: “أعتقد أيضًا أن وضعيته المحافظة هي أداة تلزم وتجذب الأشخاص ليستمعوا إلى ما يقوله. ما هي الإشارة التي يريد إيصالها؟ وهل هناك معنى أعمق وراء ذلك؟”.

– تبدأ الثورات غالبًا على يد الصادقين والشجعان، ومن ثم يستحوذ عليها هؤلاء من هم هادئون وحذرون.

– في مارس 2013، ومع تصاعد الأزمة (في ظل حكم الإخوان المسلمين)، زار وزير الدفاع الأسبق، تشاك هيغل القاهرة، حيث التقى السيسي للمرة الأولى: “تفاهمنا جيدًا” وأخبرني قائلًا: “أعتقد بأنه رآني شخصا يفهم في الشأن العسكري، شخصا يفهم التهديدات والحرب”.

ومع ازدياد الوضع سوءًا، أصبح هيغل، الشخص الوحيد في حكومة الولايات المتحدة الذي كان السيسي يتواصل معه. يقدّر هيغل بأنهم أجروا نحو خمسين محادثة هاتفية: “كنا حرفيًا نتحدث في حدود مرة أسبوعيًا، وتستمر المحادثة ساعة وأحيانًا أكثر”.

يعتقد الكثير من الأشخاص أن الجيش كان يخطط دائمًا للإطاحة بالرئيس المنتخب، محمد مرسي، لكن هيغل مقتنع أن السيسي لم يكن لديه أي نية في البداية للاستيلاء على السلطة. يؤيده دبلوماسيون آخرون. قال لي دبلوماسي أوروبي التقى السيسي عشرات المرات: “ليس شخصًا قضى حياته متلهفًا للسلطة، ومتشوقًا ليصبح رئيسًا”. لكن أكد عدد من المراقبين أن الدوافع تميّع خلال فترة الاضطراب السياسي”. حيث أخبرني مسؤول بارز سابق في إدارة أوباما: “لم أحظَ أبدًا بموقف يخبرني فيه ملايين الأشخاص أنني سأغيّر البلاد إذا ترشحت. لا أعرف كيف يمكن لذك أن يؤثر على نفسيتي”.

– كل شيء استلزم رجلا كالسيسي ليصعد في مصر الثورية، بصمت وسرية، والتزام بالنظام، جعل أيضًا من المستحيل له أن يحدث تغييرًا حقيقيًا.

– تزوج السيسي من  ابنة  خاله، أمر شائع لدى المصريين المحافظين، وزوجته وابنته ربتا منزل. لم أستطع إيجاد دليل في الصحافة المصرية أن لأي من نساء عائلة السيسي، حياة مهنية أو وظيفة. قال فتحي السيسي، أحد أبناء عمومة الرئيس، لصحيفة الوطن إن السيسي رفض مرتين تكليفا بأن يكون مندوبا عسكريا في الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب طلب السلطات المصرية لزوجة السيسي أن تخلع عنها حجابها في أثناء تواجدهما في الغرب.

– أخبرتني الدخاخني أن الصحافة البحرينية ذكرت مرة أن زوجة السيسي  قد صحبته في زيارة معلنة ورسمية إلى المملكة، وبالتالي فقد ذكرت المصري اليوم ذلك في مادة صحفية، لكن مكتب الرئيس هاتف  الصحيفة، وطالبها بحذف المادة.

– قال لي دبلوماسي أوروبي: “السؤال الأكبر حول السيسي هو إذا ما كان قادرًا على الانتقال من كونه  القائد العام للقوات المسلحة إلى رجل سياسي”. يكمل: “يمنحك الانطباع ب أنه يرى  السياسة كنشاط  يقسّم الأمة”،  وقال لي مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية إن السيسي  يحكم بلا حزب سياسي لأنه يرى مخاطر وجود الحزب بدلا من فوائده،  يقول: “يحتاج الساسة فعليًا إلى الأحزاب لأسباب أكثر من مجرد الترشح خلالها تحتاج إلى أن تسمع من شعبك في جميع أنحاء البلاد”.

– أخبرني دبلوماسي صيني بوضوح، في القاهرة أن مصر تسير في الاتجاه المعاكس من الصين. “إنها صورة عكسية”. بينما قال لي أشرف الشريف، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة: “يمكنني فهم العقد الاجتماعي المتمثل في  السلطوية في مقابل التنمية. لكن في مصر لديك سلطوية   مقابل “لا تنمية”.

– قال لي دبلوماسي أوروبي: “اعتدنا القول إن الأمريكيين المساكين أعطوا مليارا ونصف المليار “سنويا”  ولم يحصلوا على شيء مقابل ذلك”. “حسنًا لقد منح الإمارتيون والسعوديون ثلاثين مليارا في عامين ولم يحصلوا على شيء في المقابل”. لكن جميع هذه الدول حصلت بالضبط على ما دفعت لأجله. إذ طالما حركتها التعريفات المحدودة للاستقرار، حيث تريد الولايات المتحدة الأمريكية السلام بين مصر وإسرائيل، وتريد دول الخليج السلام بين  الشيعة والسنة. وجميعهم يريد حكومة مصرية تحارب التطرف الإسلامي. إذا كانوا بالفعل يرغبون في إحداث تغيير اجتماعي وسياسي، لم يكونوا ليوجهوا غالبية تمويلهم إلى الجيش المصري، المؤسسة المحافظة التي لا خبرة لها في الاقتصاد أو السياسة الاجتماعية والسياسية. وليس مفاجئًا أن يرى، رجل عسكري كالسيسي، العالم بشكل دفاعي. لكن ربما يتطلب تحقيق الاستقرار السياسي طويل المدى تغييرًا اقتصاديًا واجتماعيًا عاجلًا. قال لي رجل أعمال أجنبي: “إذا كنت دولة أجنبية تعتمد على السيسي كمانح للاستقرار، وهو يفشل باستمرار في خلق وظائف مستدامة للمصريين الشباب، إذن ما نوع الاستقرار الذي يقدمه”؟

– في مصر، هناك تاريخ من التوتر بين الجيش والشرطة، مع تغيّر موازين القوى.

– سلوكيات قوات الأمن كانت واحدة من مسببات الثورة، لكنّ أيًا من الحكومات المتعاقبة لم تكن قوية كفاية لفرض إصلاحات. أخبرني  مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية: “سألت السيسي ذات مرة، لماذا لا تفعل شيئًا مع الشرطة؟  فقال لي لأنه:  لا يستطيع، إنها مثل مافْيا من مليون شخص“.

– أخبرني تشاك هيغل بتحذيره للسيسي مرارًا أن لا يتخذ إجراءات عنيفة، لكنه أكد أن هناك فرقا بين الجيش والشرطة: “يقول إنهم كانوا يعملون مع الشرطة،  كانوا يحاولون منعها من أن تكون وحشية جدًا”. وتابع: “قلت له، عليك إيجاد طريقة للتعامل مع هذا، وحينها قال لي: “أنا لا أتحكم في سلوكيات الشرطة”.

– يعرف السيسي مثله مثل جميع الزعماء المصريين من قبله، أن الشرطة يمكن أن تفعل أشياء، لن يكون مسؤولًا عنها مسؤولية مباشرة. في صباح الرابع عشر من أغسطس عام 2013، فضت الشرطة اعتصامات مؤيدي الرئيس محمد مرسي بوحشية صادمة. لم يكن المحتجون سلميين جميعًا، كان مع بعضهم أسلحة، وقُتل ثمانية من أفراد الشرطة ” خلال فض اعتصام رابعة العدوية”. لكن الغالبية العظمى من المتظاهرين كانت غير مسلحة، كما لم تقدم قوات الأمن تحذيرات كافية أو مخارج آمنة للأشخاص لمغادرة ساحة الاعتصام. وتقدّر منظمة هيومن رايتس ووتش أن أكثر من ألف شخص قتلوا في ذلك اليوم.

وبعد المذبحة، تحادث هيغل والسيسي هاتفيًا، يقول هيغل: “قال إنه آسف.. آسف جدًا”، وأكمل هيغل: “قال إنه كان يتمنى أن لا تصل الأمور إلى ذلك، هذا شيء لم يرده أبدًا، أو كانت تريده بلاده”، وأضاف: “تحدث عن عائلته وعن زوجته”.

سألته عما قاله السيسي عن عائلته، فقال هيغل: “كانوا مصدومين مما حدث، كانت زوجته منزعجة وعائلته كذلك، لرؤية إراقة الدماء”. وأكمل: “لم يقل إنهم لاموه على ذلك، لكنهم تأثروا فعلًا بما حدث، وقال إنهم دعوا وصلوا للجميع”.

أنهت المذبحة فعليًا مرحلة الثورة. واختبر المصريون، على حد تعبير دبلوماسي أوروبي، “الألم العصبي   جراء الاضطراب”.

– هذا العام، اندفع السيسي في بعض لحظات الصدق العلني غير المعتاد: “انظروا إلى بلادكم جيدًا”، قال خلال خطاب تليفزيوني في مايو: “هذه ليست دولة حقيقية، هذه شبه دولة”. بعد خمس سنوات من التحرير، الإنجاز الرئيسي للثورة هو الكشف، وليس الإصلاح، ومع زوال كل الوهم، يتبين أن مصر دولة دون مؤسسات حقيقية، يحكمها رجل ليس بالسياسي الحقيقي.

– ورغم كل مشكلات البلاد، تظل احتمالية الانهيار التام أمرًا بعيدًا. وعلى عكس االدول التي شكّلتها الامبريالية مثل سوريا والعراق، تملك مصر حسّا قويا بالوحدة،  إنها بالنهاية أقدم دولة على الأرض. وحقيقة أن الإسلام الراديكالي لا يحظى بجاذبية كبيرة لدى المصريين اليوم، رغم كل ما شهدوه من معاناة، هو عامل إيجابي آخر.

يشير بعض المحللين إلى أن مبارك أصبح أقل في التفكير بالطريقة العسكرية بمرور الوقت، وربما السيسي، الذي يبدو ليس ضعيفًا نحو الفساد، سيتقدم بصورة إيجابية. ويخشى حتى أعنف ناقديه، البديل عنه، يقول النائب أنور السادات: “أعتقد أنه سواء  كان السيسي هو الخيار الأمثل أم لا، لا نملك خيارا آخر غير أن ينجح”. وأكمل: “لا تستطيع مصر تحمّل  ثورة ثالثة”.

كما قال دبلوماسي أوروبي إن السيسي يمكنه التصدي بسهولة لأي تحرك ضده، مثلما فعل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ردا على محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا. وأضاف: “يمكنه أن يوجه نداءً للشعب ويقول: “أنا أمثل النظام، وسيدعمونه جيدًا”. وأضاف: “ربما يناشد أيضًا مسؤولين أمريكيين، خاصة أنه بعد فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب، كان السيسي، أول زعيم أجنبي يهاتف ترامب ليهنئه بالفوز”.

moment

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى