اقتصادمنوعات

الألمان بعد فضيحة فولكس فاجن: حان الوقت لنتخلى عن الغرور

دير شبيجل: انتشرت الغطرسة  في أوساط الصناعة الألمانية ونتج عن ذلك فضيحة فولكس فاجن

ديرشبيجل –  آرمين ماهلر – ترجمة: محمد الصباغ

جاء أفضل تعليق حول فضيحة فولكس فاجن من جانب المدير التنفيذي مارتن فينتركورن نفسه، قبل أن يتقدم باستقالته الأسبوع الماضي. قال ”الغرور والرضا التام هما  أسوأ ما قد يصيبنا.“ لم يأت هذا التصريح خلال رسالته الأخيرة التي حاول الاعتذار فيها عن تدمير الشركة لنفسها. قال تلك الجملة خلال حوار له مع ”شبيجل“ منذ عام مضى.  وقصد بحديثه وصف خطر افتراضي. لم يدرك بعد أن الأسوأ  قد حدث منذ فترة طويلة.

ينتشر إيمان بين قادة الصناعة في ألمانيا بأنهم لا يمكن أن يقهروا. عندما يتعلق الأمر بالأهداف التي وضعوها بأنفسهم، سوف يلجأون إلى كل الوسائل الممكنة. وفي قضية فولكس فاجن، لم يستطيعوا تحقيق الهدف بتجريد شركة تويوتا من تصدرها لعالم صناعة السيارات.

ماحدث لفولكس فاجن مثّل ضربة قوية للاقتصاد الألماني وسيحتاج وقتاً للتعافي. في السنوات الأخيرة، لاحظ العامة بشكل كبير، بأن الصناعة الألمانية فقدت الكثير من بريقها وشركات قليلة فقط هي من ظلت تلعب الأدوار الكبرى . فشركة لوفتهانزا تعاني وسط هجوم شركات طيران أخرى بميزانيات كبيرة، بينما عمالقة الطاقة (E.on) و (RWE) يحاربون من أجل البقاء لأقرب فرصة.

تختلف كل حالة عن الأخرى، مع وجود بعض التشابه مثل عدم القدرة على التعامل مع الظروف المتغيرة وتجاهل التيارات السياسية والاجتماعية. فمثلاً عمالقة الطاقة  (E.on) و (RWE) رفضوا تقبل تراجع التأييد الشعبي للطاقة النووية واستثمروا قليلاً جداً في الطاقة المتجددة، وعلقت آمالها على الدعم السياسي. فيما واجهت فولكس فاجن معايير الانبعاثات  “العوادم “الأكثر صرامة بالتلاعب في الاختبارات بدلاً من استخدام محركات تقلل الانبعاثات. كما عملت جماعات الضغط الصناعية على ضمان أن المعايير القانونية غير صارمة.

استمرت الشركات العملاقة في الطاقة في طريقها حتى قررت المستشارة ميركل بشكل مفاجئ التحول من الطاقة النووية إلى الطاقة المتجددة مع كارثة فوكوشيما. وجاءت الدعوات بصحوة لصناع السيارات فقط بعدما قامت الوكالة الأمريكية لحماية البيئة بالكشف عن خداع فولكس فاجن.

هناك درس واحد يمكن استخلاصه: هذه الشركات في حاجة إلى مواجهة الواقع. يجب أن يتخلوا عن اعتقادهم الغير صحيح بأن الواقع يمكن أن يتم تشكيله من خلال احتياجاتهم. يجب أن تنتهي الصفقات والتفاهمات مع السياسيين. يعني ذلك أيضاً أنهم يجب أن يودعوا غرورهم.

هل يبدو الأمر ساذجاً؟ ربما. لكنه ليس الحل الوحيد. فليس من المصادفة بل أنه مع ظهرو فضيحة فولكس فاجن ، تصدرت شركة آبل عناوين الصحف. فوفقاً لوول ستريت جورنال، تخطط الشركة ومقرها كاليفورنيا أن تطلق سيارتها الخاصة بحلول عام 2019. كما أن شركة جوجل تطور سيارة بدون قائد. وبالإضافة إلى ذلك أظهرت شركة تسلا الأمريكية للسيارات كيف لوافد جديد أن يحدث خللاً في السوق.

تلك الشركات المنافسة غالباً تمتلك أموالاً لا حصر لها، وربما على دراية أكثر بالبرمجيات وهو الشئ الأكثر أهمية. والأكثر من ذلك، أن سيارة المستقبل ستكون كجهاز كمبيوتر يسير على أربعة عجلات. فهل ستستمر شركات السيارات الألمانية في لعب دورها الريادي في سوق المستقبل؟ طرح هذا السؤال حتى من قبل مأساة فولكس فاجن، والإجابة الآن أصبحت غير واضحة أكثر من أي وقت مضى.

كيف سيبقى المصنّع الألماني في المنافسة مع وجود تساؤلات خطيرة حول الثقة فيها، وتشويه السمعة. لن يدمر ما حدث شركة فولكس فاجن فقط بل سيشمل قطاع الصناعة في ألمانيا بالكامل. كما سيؤثر الأمر سلباً على العامة، الذين ترتبط هويتهم بشكل كبير بقوة الاقتصاد والمنتجات الألمانية. فلا يرى الشعب الألماني نفسه كمجموعة من المخادعين. قد يكون الآخرين كذلك، من بينهم اليونان كما يعتقد العامة، وهؤلاء ينظر إليهم الألمان بنظرة إزدراء.

إذا، لقد حان الوقت لنودع الغرور.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى