ثقافة و فنسياسة

كريستيان س.مونيتور: عمر حاذق ..حكاية شاعر في السجن

تروي مجلة “كريستيان ساينس مونيتور” الأمريكية قصة الشاعر السكندري المعتقل عمر حاذق  وتلتقي أسرته.

  egypt12714_standard_600x400

لويزا لافلاك – كريستيان ساينس مونيتور

ترجمة – محمود مصطفى

في شهوره الأولى في السجن، كان عمر حاذق يعمل في الليل فقط مسترقاً بعض الوقت مع مفكرته عندما يشعل الحراس الأضواء في الخارج، وقد ينتظر الكاتب الشاب ساعات من أجل هذه اللحظة بينما يغطّ زملاء زنزانته في النوم.

“لطالما قال إنه لا يمكنه العيش بدون كتابة” تقول شقيقة عمر، زهراء. يقبع عمر، 36 عاماً، الآن في سجن في الإسكندرية وهو أحد آلاف المصريين المعتقلين في حملة محتدة ضد المعارضة.

اعتقل عمر خلال مظاهرة في ديسمبر 2013 بعد أيام قليلة من تجريم حكومة مصر للتجمعات العامة بدون تصريح رسمي. الشاعر الشاب الموهوب كان من المفترض أن يناقش التفاصيل الأخيرة حول روايته الاولى مع الناشرين في  الأمسية نفسها.

بدلاً من ذلك أمضى عمر ليلته في قسم شرطة ليحكم عليه بعد ذلك بالسجن لعامين بتهمة الاعتداء على ضابط وحيازة سلاح وهي اتهامات ترى أسرته أنها عبثية. تتسائل زهراء “كيف يمكن أن يضرب شاعر مرهف ضابط شرطة؟ لم يكن ليؤذي أحداً، هذا رجل ربح جوائز على قصائده الرومانسية.”

يُظهر فيديو يعود لعام 2012 عمر وهو يأسر لجنة تحكيم بإلقاءه الرخيم لإحدى قصائده. يبقي عمر نفسه منشغلاً في السجن، فبجانب العمل على روايتين يوثق عمر وقته في السجن عبر خطابات مفتوحة.

وكتب في مايو الماضي “السجن هو أغلى ثمن دفعته.” بعد حوالي أربعة أعوام من تجمع ملايين المصريين في الميادين العامة للمطالبة بسقوط الرئيس حسني مبارك، تعود نسخة معدلة من نظامه إلى المشهد.

وتحت حكم الرجل القوي الرئيس عبد الفتاح السيسي، هذه الميادين نفسها محظورة على المتظاهرين ويتحرك الإعلام المصري بشكل كبير على وقع خطى السلطات معلنين أن حملة القمع هي حرب على الإرهاب.

تقول الجماعات الحقوقية إنها وثقت آلاف الحالات مثل حالة حاذق حيث يواجه أفراد ألقي القبض عليهم في محيط مظاهرة اتهامات زائفة مشابهة. وتقول سارة ليا ويتسون مديرة قطاع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومان رايتس ووتش إن “النيابة المصرية استخدمت نفس قائمة التهم المعدة سلفاً مثل “التحريض على العنف” و”الإضرار بالأمن الوطني” لتبرير تجديد الحبس الإحتياطي بشكل دائم لعشرات الآلاف من المتظاهرين أو الداعمين المزعومين لجماعة الإخوان المسلمين.

يُعتقد بأن أكثر من 41 ألف شخص تعرض للاعتقال منذ 3 يوليو 2013 اليوم الذي عُزل فيه مرسي. ويحتجز المعتقلون عادة في أقسام الشرطة ومعسكرات الأمن المركزي والسجون الرسمية. فيما احتجز مئات في مواقع سرية للجيش في الإسماعيلية.

بينما تكافح مصلحة السجون في مصر لمواكبة حجم الاعتقالات، تقول التقارير من الداخل إن الأوضاع في حالة تردي.  وأن داخل المعتقلات التعذيب أمر شائع ويصحبه الآن تكدس غير عادي وحرمان اعتيادي من الرعاية الصحية. وتكشف خطابات عمر المؤثرة عن معاناته للتوفيق بين حياته الماضية وحياته التي يعيشها الآن.

عندما جلب له محاميه نسخة من روايته الأولى التي سلمها في اليوم الذي اعتقل فيه،  شعر عمر بأنه ضائع وأخفى الكتاب وكتب “لا أدري لماذا فعلت ذلك، ربما لأني أردت أن أنتظر لحظة خاصة لأبقي الأمر شخصياً وكما في أي زنزانة ممتلئة عن آخرها ..لأ شيء شخصي.”

وقال “ثم عرضت الرواية على أعز أصدقائي واحتضنني وعندها عرف الآخرون في الزنزانة أن شيئاً سعيداً حدث لي ولذلك عرضت الرواية على الكل.”

يقول عمر وزملاؤه المعتقلين إن زيارات الأهل تمر بسرعة جداً خاصة وأن الكثير من الأقارب يسافرون لساعات كي يصلوا إلى السجن محملين بالطعام للتعويض عن حصص الغذاء الضئيلة في السجن.

ويقول السجناء السابقون إنهم أغلب الوقت يدركون بألم أن أقاربهم لا يخبرونهم بكل ما يحدث خارج جدران السجن، وفي خطاب بتاريخ 9 أبريل،  يصف عمر ألم معرفة أن معتقل زميل لم يكن يعرف بتدهور صحة والده “عرفت من أمي أن أسرته نقلت الوالد من مستشفى خاصة إلى أخرى حكومية بعد أن نفدت أموالهم والآن لا يمكنني النوم.”

والد الشاعر نفسه، عبد العزيز، يجد البعد عن ابنه صعباً “كان لعمر حضور كبير في هذا المنزل الذي أصبح صامتا الآن” يقول جالساً في منزلهم بوسط المدينة في الأسكندرية “لكن السجن غيّره، لم يعد شخصاً رومانسياً هو الآن واقعي.”

لكن مع تبقّي عاما آخر ليقضيه بين جدران السجن تعطي خطابات عمر المفعمة بالروح أملاً لأسرته، ففي رسالة أخيرة كتب عن أحلامه بالحرية وبأن يعاد نشر إحدى قصائده “إذا مت لا تدفنوني هنا. هاتوا السماء إلىّ.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى