مجتمع

واشنطن بوست: هل انتهى عهد الأحضان؟ البعض يأمل ذلك

جدل بشأن الحدود والمساحات الجسدية الممسوح بها

واشنطن بوست 

ترجمة وإعداد: فاطمة لطفي

أثار تقرير بعنوان “تذكير: هي ليست مدينة بعناق لأحد، حتى في الأعياد والإجازات” جدلا وانقساما بشأن استمرارية ثقافة العناق في الحياة اليومية، بين الأصدقاء وزملاء العمل، بعد الخلافات ووقت الصلح وبين الفتيات الصغيرات وأقربائهن في الأعياد والمناسبات العائلية، خاصة مع انتشار ونجاح حملة #MeToo التي شجعت مئات النساء والفتيات حول العالم، على مشاركة تجاربهن مع التحرش والاعتداء الجنسي بعد عهود طويلة من الصمت.

وتناول مقال في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية الجدل بشأن الاحتضان كثقافة اعتاد الناس ممارستها باعتبارها شكلا من أشكال الترابط الاجتماعي والتعبير عن التقدير والحب، مشيرا إلى التقرير الذي نشرته منظمة “Girl Scouts” الشبابية الأمريكية بشأن ضرورة توقف الأهالي عن حث بناتهن الصغيرات على عناق أقربائهن دون ترك لهن حرية الاختيار.

يقول التقرير الذي نشر في نوفمبر الماضي، إنه من الضروري ألا يزرع الأهالي في عقول بناتهم فكرة أنهن مدينات بالعناق أو المودة الجسدية نحو من حولهن، وتقول الطبيبة النفسية، أندريا باستياني إنه عليهم تعليم بناتهم في سن صغير وضع حدود ومساحات للتعامل مع أجسادهن، مع توقع أن يتم احترامها، والذي بدوره سيؤثر على شعورهن نحو أجسادهن عندما تكبرن.

وتضيف “مع الأسف، هناك بعض الأشخاص يستغلون الأطفال، لذا زرع هذه المفاهيم في عقل طفلتك سيساعدها في فهم حقوقها، ومعرفة متى يتم التعدي على الحدود المسموح بها، ومتى يجب أن تطلب المساعدة”.

ويشير التقرير إلى أنه ينبغي منح طفلتك المساحة لتقرر إذا كانت تريد أن تحتضن من حولها، مشددا على أن منحها حرية الاختيار لا يعني أن تكون فظة مع الآخرين، هناك الكثير من الطرق التي يمكنها من خلالها التعبير عن التقدير والامتنان والحب ولا تتطلب تلامسا جسديا. و”لا ينبغي أن تعليمها أنه يجب أن تعانق أقربائها عندما يجلبون لها الهدايا، لأن ذلك سيفتح مساحة لتساؤل بشأن هل هي “مدينة لأحد بأي شكل من أشكال العاطفة الجسدية إذا دعاها للعشاء أو أهداها شيئا في حياتها بعد ذلك”.

لكن من يتخيل أن “الحضن” سيثير كل هذا الغضب؟ نحن نعانق الآخرين للترحيب بهم، لتوديعهم. الرؤساء يحضنون بعضهم وحتى الغرباء. لا يوجد ضرر في ذلك أليس كذلك؟ الحضن علامة على أننا منفتحون وأننا نهتم لأمر من حولنا. لكن الآن لدينا حملة “MeToo”، واتضح أنه ليس جميع من حولنا يرغبون في العناق.

الخلاف الذي ولده التقرير كشف عن انقسام بشأن المودة الجسدية العادية بين الأشخاص. وطرح إشكالية بشأن لماذا قد يكون خاطئا فتح ذراعيك لشخص حولك-زميلك في العمل على سبيل المثال- لمعانقته؟

وما الذي يجعل مسألة الحضن “معقدة” في الحكم بشأنها إلى هذا الحد؟

من الخارج. تبدو كل الأحضان عادية وغير ضارة، لكن فقط الشخص الذي يتم معانقته، هو الذي يقرر إذا ما كان عناقا عاديا أم هناك شيئا ما خاطئا. هناك واقعة يمكن القياس عليها حدثت الصيف الماضي، عندما قفزت المغنية الأمريكية “كشا” على الكوميديان جيري ساينفيلد على البساط الأحمر وتوسلت لتحتضنه. وألحت لذلك بينما كانت الكاميرات تصوّر. لكنه رفض بنبرة صوت مرتفعة ومنزعجة. السؤال هنا، هل كان الحضن هذا فعلا خاطئا. يبدو كذلك.

تقول ليزي بوست، رئيس مشارك لمعهد “إيميلي بوست” “أجده ذلك هستيريا أن نحضن من حولنا ونحن لسنا واثقين تماما من رغبتنا في ذلك”. وترى أننا نحضن أكثر من اللازم موضحة “أقول ذلك لأننا في بعض الأحيان نشعر بالحرج أثناء العناق، أو من قول شيء لمنع الآخر. لو كان ذلك عاديا لعانقناهم فحسب، دون أن نشعر أن هناك شئ ما”.

فيما تقول جاريسون كيللر أن الحضن يجب أن يكون متبادلا. ويرى آخر أنه إذا كان الحضن يمثل تهديدا لمن حولك، فينبغي ألا تقدم عليه.

من ناحية أخرى، يقول سريني بيلاي، طبيب نفسي بجامعة هارفرد أن هناك دراسات تشير إلى أن الحضن يخفف من التوتر “الحضن شكل من أشكال الترابط الاجتماعي الذي يساعد في تهدئه التوتر والضغط. ويمكن للعناق الجيد أن يساعد في إفراز هرمون الأوكسيتوسين، وتحسين جهاز المناعة وخفض ضغط الدم”.

لكنه يحذر قائلا “عندما يكون الحضن محرجا أو غير ملائما، لا يمكنني أن أتخيل أنه سيساعد في تهدئة أي شخص”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى