ترجمات

كيف تقنع المتشككين بقيمة النسوية؟

المفهوم بسيط وغالبا ما يُساء فهمه

 

The economist – Laura Bates

ترجمة: ماري مراد

أن تكون نسويًا يعني ببساطة أنك تعتقد بأن الجميع يجب أن يعاملوا على قدم المساواة، بعض النظر عن الجنس، وأنك أيضًا تعتقد في ضرورة االمساواة بين الجنسين اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وشخصيًا، وبوضع الأمور هكذا، فمن الصعب بالتأكيد على أي شخص إنكار أنه نسوي، لكن مثل هذا المفهوم البسيط غالبًا ما يُساء فهمه بشكل كبير.

ربما أكثر الاعتراضات شيوعا على “النسوية” هو الحجة القائلة بأنها غير ضرورية، لأن المساواة تحققت بالفعل. وهذه الفكرة تتغذى على الصورة النمطية الشائعة للنسويات بأنهن ساحرات غاضبات يكرهن الرجال، ويجب أنهن يبالغن في ردود فعلهن نظرًا لعدم وجود مشكلة حقيقية لحلها. إذن كيف نقنع المشككين في أن النسوية لا تزال ضرورية وقيمة بالفعل؟

أسهل مكان للبدء منه، هو عن طريق دحض الفكرة التي تقول إن عدم المساواة بين الجنسين لم تعد موجودة. هذا بسيط بما فيه الكفاية. فعلى الصعيد العالمي، ووفقًا للأمم المتحدة، تتعرض امرأة واحدة على الأقل من كل 3 نساء للضرب أو الإكراه على ممارسة الجنس أو إساءة المعاملة على يد شريك حميم خلال حياتها. وفي عام 2016، قدر تقرير لليونسكو أن هناك أكثر من 130 مليون فتاة في العالم خارج المدرسة. وأفادت تقارير لمجموعة “Girls Not Brides” أو “فيتات لسن عرائس” بأنه في كل عام تتزوج 12 مليون فتاة قبل سن 18 عامًا.

وفي بريطانيا، كشف تحليل رسمي صادر عن مسح الجريمة في إنجلترا وويلز أنه في الـ12 شهرًا التي سبقت مارس 2017 تعرضت أكثر من 510 ألف امرأة لنوع ما من الاعتداء الجنسي، بما في ذلك ما يقدر بنحو 144 ألفًا تعرضن للاغتصاب أو محاولة اغتصاب أو اعتداء بالإيلاج، كما يعاني ربع النساء، وواحدة من بين اثنين من النساء المعاقات في بريطانيا من العنف الأسري في حياتهن. علاوة على أن ما يقرب من ثلث الفتيات من الفئة العمرية 16-18 عامًا يعانين من التعرض لملامسات جنسية غير مرغوبة في المدرسة.

لا يمكن إنكار أن هذه المشاكل وغيرها من عدم المساواة في الأجور إلى ما يسمى “بعنف الشرف” وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث إلى التحرش الجنسي في مكان العمل، تؤثر بشكل غير متكافئ على النساء.

وأيضًا، من السهل إظهار أن المرأة بعيدة عن المساواة حينما يتعلق الأمر بالتمثيل في المناصب الهامة وذات التأثير. فاعتبارا من عام 2017، كان أقل من ثلث النواب البريطانيين من النساء، أي ربع أعضاء مجلس اللوردات وأقل من ربع القضاة في محكمة الاستئناف والمحكمة العليا، كما نُصب أول تمثال عام لامرأة سوداء في بريطانيا (ماري سيكل) عام 2016.

ويجادل بعض المتشككين بأن النسوية تبقى مشكلة لأن هدفها الحقيقي ليس تحقيق المساواة، بل تقدم النساء بأي ثمن لإيذاء الرجال، ويخشى الرجال من أن يؤدي التركيز على حقوق المرأة إلى إهمال مشاكلهم، مثل معدلات الانتحار العالية بينهم.

الأمر ليس كذلك فأنا أحث المتشككين على الإشارة إلى أي قضية تؤثر بشكل خاص على الرجال. فغالبًا ما يرتبط هذا التفكير بنوع من القوالب النمطية القائمة على نوع الجنس التي عفا عليها الزمن والتي تلتزم النسويات بمعالجتها.

وعلى سبيل المثال، لا يمكن فصل معدلات الانتحار المرتفعة بشكل مأساوي بين الذكور عن حقيقة أن الرجال أقل احتمالا بكثير من النساء للحصول على دعم لمشاكل الصحة العقلية، فعندما نجلب الرجال في عالم يعلمهم أنه ليس من الرجولة التحدث عن مشاعرهم، فإننا نلحق الضرر بهم بشكل رهيب.

والقوالب النمطية القائمة على الجنس ليست منفصلة عن الواقع، فيوجد وجهان للعملة، وفي هذه الحالة، الوجه الآخر هو المفهوم الشائع بأن النساء أكثر عاطفة واضطرابا؛ الكليشه الذي يعيب المرأة في العمل، والنسويات حريصة على تفكيك هذه الصور النمطية، في جميع أشكالها. لذا فإن معالجة عدم المساواة بين الجنسين في أساسها، كما تهدف النسويات، ستساعد الجميع بغض النظر عن الجنس.

أخيرًا، المجادلة للمتشككين الذين لا يعارضون النسوية، لكنهم ببساطة يشعرون بأنهم لا دخل لهم بها. باستطاعتنا إظهار لهم أن النسوية في مصلحة الجميع، وليس على المستوى الفردي فقط؛ وعلى مستوى تنظيمي واجتماعي أوسع فإن منافعها أيضًا واضحة. وكشفت الأبحاث مرارًا وتكرارًا أن التنوع بين الجنسين في مجالس إدارة الشركات يرتبط بزيادة نمو الإنتاجية والعائدات للمستثمرين، وعلى المستوى الدولي، فإن أفضل مؤشر لهدوء الدولة ليس مستوى ثروتها أو مستوى الديمقراطية فيها أو هويتها العرقية – الدينية، لكن كيف تُعامل النساء.

غالبًا ما تصور وسائل الإعلام أي سؤال يتعلق بالنسوية على أنه معركة يتصارع فيها الرجال ضد النساء “معركة الجنسين”، “حروب الجنسين”، قد تكون مثل هذه عناوين جذابة، لكنها تعطي انطباعًا خاطئًا (وأحيانًا متعمدًا) عن أهداف النسوية.

نحن عادة ما نُشجع على الفوز على المتشككين بدعوتهم إلى التفكير في أخواتهم أو أمهاتهم أو صديقاتهم، لكن في الحقيقة نحن لسنا في حاجة إلى الإشارة إلى أن الرجال يتضررون حينما تتعرض النساء المرتبطة بهم للمضايقة أو التمييز أو الاعتداء. ينبغي أن يكون كافيًا القول بأن أي امرأة، تتعلق بك أم لا، تستحق المساواة، وأن تعيش حياة خالية من هذه الأشكال من الإساءة. أليس هذا سببًا كافيًا كي تسمي نفسك نسويًا؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى