ترجماتمجتمع

المرأة المتدينة في إسرائيل.. “الماكرة” لا ترتقي مهنيا

الفروق الفردية في الاستيعاب تصب لصالح الأنثى ، لكن المرأة الإسرائيلية المتدينة تفسح المجال  للرجل

Credit: EPA

  makorrishon.co.il  إعداد وترجمة  محمد عبد الدايم

وفقا لمعطيات نشرتها وزارة التعليم الإسرائيلية عام 2016؛ فإن واحدا من كل ستة معاهد تعليمية في إسرائيل  هو مدرسة ثانوية للبنات أو معهد للتلميذات من القطاع الديني، ولوحظ أن البنات من هذا الوسط الديني يتميزن على المستوى التعليمي والتربوي، لكن قليلا منهن يستثمرن هذا التميز ليحولنه إلى مبادرة وطموح من أجل الترقي العلمي والوظيفي، فيكتفين بعد التخرج بمزاولة مهن “ذوات الياقات الوردية”، كالتدريس، وحضانة الأطفال، والرعاية الصحية (كممرضات) والعمل الاجتماعي.

كما أشارت إحصاءات تم جمعها مؤخرا إلى وجود هوة تزيد من العام 2014 بين نسبة الإقبال على المهن من النساء المتدينات مقارنة بالعلمانيات، فأظهرت البيانات أن واحدة من كل أربع نساء متدينات تعمل في مجال التعليم، بينما لا تتعدى نسبة من يعملن في مجال التعليم من العلمانيات 13%، وفي حين ترتفع نسبة المتدينات في مجالات الصحة والرفاه والدعم الاجتماعي إلى 14% مقابل نسبة 9% فقط من العلمانيات، وفي مقابل هذا تقل كثيرا نسبة النساء المتدينات في مجالات التكنولوجيا أوالعقارات أو الهندسة مقارنة بارتفاع كبير في نسبة المشتغلات من العلمانيات.

على جانب آخر، هناك وجهة نظر مخالفة في أمر ارتفاع المستوى العلمي للمتدينات بالمدارس قبل التخرج؛ فبالمقارنة في المستوى العام بين المدارس الدينية وبين العلمانية يمكن ملاحظة أن الأخيرة أفضل في المستوى العلمي من المدارس الدينية، ومن ثم فالمرأة الإسرائيلية التي تتخرج من مدرسة علمانية تكون بطبيعة الحال أقدر من المرأة المتدينة على الترقي الوظيفي والعمل بمجالات مرموقة.

كذلك لوحظ أن تراجع النساء في مجالات العمل المرموقة ليس قاصرا على المرأة الإسرائيلية المتدينة فحسب، بل إن الأمر ملحوظ كذلك في نطاق النساء الفلسطينيات بالداخل الإسرائيلي.

نقص الثقة وعدم الشعور بالأمان: –

في تفسيرها لتراجع طموح النساء المتدينات في العمل بمجالات التكنولوجيا والمناصب القيادية تشير أكاديمية إسرائيلية متدينة من القلائل اللاتي كسرن هذه القاعدة إلى أن قلة عدد النساء الإسرائيليات من القطاع الديني ممن يقررن مواصلة الارتقاء الوظيفي يعود في الأساس إلى تراجع الإحساس بالأمان الذاتي، ونقص الثقة، فمن المفارقات أن معظم من يكسرن هذه القاعدة ويطمحن في الارتقاء وظيفيا تشير نتائجهن في مراحل التعليم إلى تفوق ملحوظ في آخر مراحل التعليم قبل التخرج، أي أن النساء الإسرائيليات من القطاع الديني يملكن مقدرة على التميز العلمي، مما يتيح لهن التقدم الوظيفي، لكن القليل منهن فقط من يواصلن المسيرة المهنية، بينما تقنع الغالبية الأخرى بوظائف عادية نتيجة كبت الطموح، ونقص الثقة وعدم الشعور بالأمان الذاتي.

الزواج والأمومة معوقان للمرأة المتدينة: –

يمكن أن يكون لنمط الحياة الاجتماعية تأثير على نسبة عمل النساء المتدينات في الوظائف المرموقة مقارنة بالعلمانيات، فالمرأة المتدينة بإسرائيل تتزوج في عمر أصغر بكثير من المرأة العلمانية، ومن لا تسلك كثير من المتدينات طريق التعليم الجامعي ومن بعده الوظائف العليا، أما المرأة العلمانية فيمكن أن تؤجل الزواج إلى حين انتهائها من دراستها الجامعية أو التخصصية في مرحلة ما بعد التخرج من الثانوية (البجروت).

واستتباعا للزواج المبكر؛ تتحمل المرأة الإسرائيلية المتدينة عبء الأمومة أكثر من المرأة العلمانية، فالأخيرة يمكن أن تؤجل الإنجاب لبعض الوقت، أو تختار أن تنجب عدد أقل من الأطفال، بينما تحمل المرأة المتدينة على عاتقها حمل منزل الزوجية والأطفال مما يثقل عليها كثيرا إذا فكرت في مواصلة التعليم كي ترتقي وظيفيا مثلما تفعل المرأة العلمانية.

مجالات تعليم غير مطروقة: –

بطبيعة الحال، نظرا للأفكار الأيديولوجية، فإن النساء المتدينات في إسرائيل لا يقبلن على تخصصات تعليمية بعينها، مثل العلوم السياسية، وعلوم الجريمة والتحقيقات الجنائية، وقليل منهن من تقرر دراسة العلوم الاجتماعية أو التكنولوجية.

تعزف النساء المتدينات عن تزكية طموحهن في الحياة المهنية رغم أن أغلب الأبحاث قد أشارت إلى أن الفروق الفردية في الاستيعاب التعليمي تصب في صالح الأنثى مقارنة بالذكر، لكن المرأة الإسرائيلية المتدينة تفسح المجال بسهولة للرجل كي يرتقي وظيفيا بعد التخرج، بينما تكتفي هي بأن تكون مربية في حضانة، أو مُدرسة، أو ممرضة، أو فقط ربة بيت تطبخ وتخدم زوجا وتعول أطفالا.

امرأة ذكية: ماكرة غريبة الأطوار: –

من الأمور الملفتة التي تؤثر سلبا على الترقي الوظيفي للمرأة المتدينة في إسرائيل النظرة السلبية لها إذا حققت طفرة تعليمية وقررت مواصلة العمل الوظيفي، فكلما زاد ذكاء المرأة وتوقد طموحها العلمي ورغبتها في وظيفة أعلى كلما استفحل الخوف منها.

 فالشريعة اليهودية تؤكد على كراهية تعليم المرأة، لأنها كلما تعلمت زادت حكمتها وبالتالي صارت أكثر مكرا، وأصبح بمقدورها التحايل على زوجها، لذا فالمرأة الجاهلة فهي مطلوبة أكثر كزوجة، لأنها في هذه الحالة تكون أداة طيعة في يد زوجها، ويصعب عليها أن تفكر بمكر أو تعمل في الخفاء.

يضاف إلى ذلك التشريعات الدينية التي تحرم خروج المرأة اليهودية من البيت واختلاطها بالرجل، حتى أن بعض المدارس الدينية في إسرائيل تمنع المرأة من التدريس لأطفال ذكور، باعتبار أن هذا أمر غير لائق أن يرى الأطفال الذكور امرأة متعلمة.

أمر طبيعي ومطلوب: –

يرى بعض الحاخامات في إسرائيل أن تراجع المرأة المتدينة في الحقل الوظيفي أمر طبيعي، بل ومطلوب كذلك، ولا داع إطلاقا لتغييره، لأن الصهيونية الدينية تبجل المرأة التي تكرس حياتها للمنزل وتربي أطفالها، ولا يجب أن تتخلى عن هذا الدور وتسعى للتقدم الوظيفي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى