سياسة

الأسترالية مُصمِّمة “البوركيني”: ليس رمزًا للإسلام

الاسترالية مُصمِّمة “البوركيني”: ليس رمزًا للإسلام

14074561_1054083961293783_1602270117_o

الجارديان-

أهيدا زانيتي (مصممة البوركيني/ المايوه الشرعي)

ترجمة: فاطمة لطفي

عندما صممت “البوركيني” في أوائل عام 2004، كان من أجل منح المرأة الحرية، وليس لسلبها منها. أرادت ابنة أختي لعب كرة الشبكة لكن كان صعبًا انضمامها للفريق لارتدائها الحجاب. كان على أختي أن تكافح لأجل حق ابنتها في اللعب، وعليها أن تجادل في الأمر وتسأل، لماذا منعت ابنتي من اللعب بسبب احتشامها؟

وعند السماح لها في النهاية باللعب ذهبنا جميعًا لمشاهدتها ودعمها وما كانت ترتديه كان غير ملائم تمامًا للزي الرياضي، زي “تحتي” خفيف، وسروال رياضي فضفاض وحجابها، كان غير مناسب تمامًا لأي نوع من الرياضة.

لذا ذهبت للبيت وبحثت عن شيء أفضل لها لترتديه، زي رياضي للفتيات المسلمات، ولم أجد شيئا، كنت أعلم أنه لا يوجد شيء كهذا في أستراليا. دفعني الأمر للتفكير لأنني عندما كنت طفلة لم أمارس أي رياضة، لم نشترك في أي شيء لأننا اخترنا أن نكون محتشمات، لكن بالنسبة لابنة أختي، أردتها أن تجد شيئًا يلائم شكل الحياة في أستراليا والملابس الغربية، وفي الوقت نفسه يستوفي احتياجات الفتاة المسلمة.

جلست في رواق منزلي وصممت شيئًا. نظرت إلى الحجاب وفكرت، هل سيتقبل المجتمع الإسلامي هذا؟ من المفترض أن يغطي الحجاب شعرك وشكل جسدك، لكنه كان يظهر شكل الرقبة، وفكرت أن الأمر لا يهم كثيرًا.

قبل أن أطلق التصميم، جهزت نموذجًا مصحوبا باستبيان لمعرفة رأي الناس حوله، هل سيرتدونه؟ هل سيشجعهم على أن يكونوا أكثر نشاطًا؟ أن يلعبوا رياضة أكثر؟ يمارسون سباحة؟ في البداية، لم يتقبله الكثيرون، لكني طورته تجاريًا وقمت بعمل جيد.

بعد الحادي عشر من سبتمر، وأحداث شغب في كرونولا، وحظر النقاب في فرنسا، وردود الأفعال العنيفة الدولية التي أثارها كل ذلك حول أننا جميعًا “كمسلمين” أشخاص سيئون بسبب أفعال مجموعة قليلة من المجرمين لا يعبرون عن المسلمين. لم أرد لأي شخص أن يحاكم الفتيات لارتدائهن “البوركيني” إنها فقط فتاة تسعى للاحتشام.

في تلك الفترة، كان لدينا نحن نساء الجالية المسلمة مخاوف من الخروج وحدنا. ومخاوف من الذهاب إلى الشواطئ وحمامات السباحة، وأنا أردت للفتيات أن يمتلكن الثقة لاستكمال حياتهن على نحو جيد. الرياضة هامة جدًا، ونحن كأستراليين أردنا أن نفعل شيئا إيجابيا، وأي امرأة يمكنها ارتداء البوركيني، المسيحية، اليهودية، الهندوسية. لأنه فقط زي يناسب المرأة المحتشمة، أو امرأة لديها سرطان في الجلد، أو أم جديدة لا تريد ارتداء المايوه البكيني، إنه لا يرمز للإسلام.

عندما أطلقت على التصميم اسم “بوركيني” لم أكن أفكر أنه “برقع” للشاطئ. البرقع كان مجرد كلمة بالنسبة لي، نشأت في أستراليا طيلة حياتي، وصممت هذا الرداء للسباحة وكان علي أن أسمّيه سريعًا. كان فقط مزجا بين ثقافتين، نحن أستراليون لكننا مسلمون أيضًا باختيارنا. “البرقع” لا يرمز لأي شيء هنا، ولم يذكر في القرآن وديننا لا يطلب منا تغطية وجوهنا، إنه اختيار من أرادت ارتدائه.. توجب علي البحث عن الكلمة وكانت توصف بأنها نوع من المعطف الذي يغطي الجسد كاملا ومن ناحية أخرى لديك البكيني، لذا جمعت الكلمتين معًا. البوركيني.

وما يجري الآن في فرنسا يجعلني حزينة جدًا. آمل أن لا يكون الأمر عن العنصرية. أظن أنهم أساؤوا فهم الزي الذي هو إيجابي جدا، ويرمز إلى الرفاهية والبهجة والمتعة واللياقة البدنية والصحة والآن يطالبون النساء أن يتركن الشواطئ ويعودن إلى المطابخ.

البوركيني يمنح المرأة الحرية، والآن يريدون أن يسلبوا هذه الحرية منها، من الأفضل الآن إذن؟ حركة طالبان أم السياسيون الفرنسيون؟ الاثنان سيئان بنفس القدر.

لا أظن أن على أي رجل القلق بشأن ما ترتديه المرأة، لا أحد يجبرنا على شيء، إنه اختيار المرأة. ما تراه هو اختيارنا. هل أسمي نفسي نسوية؟ نعم ربما أنا كذلك. أحب أن أقف وراء الرجل، لكنني أنا من أختار ذلك. أريده أن يعود له كل الفضل، وأن أحقق الإنجازات بهدوء.

ثم ما هي القيم الفرنسية؟ الليبرالية؟ أنتم تخبروننا ما نرتديه، وتخبروننا ما الذي لا نفعله عند إجبارنا على العودة إلى المنزل؟ ماذا تريدوننا أن نفعل إذن؟ إذا دفعتم الناس بعيدا وعزلتموهم فهذا بالتأكيد ليس فعل سليم لأي سياسي في أي دولة.

أتذكر المرة الأولى التي جربت فيها التصميم. كان في “البانيو”، كان علي التأكد أنه يصلح للسباحة. ثم اختبرته في “الغوص”، وذهبت إلى حمام سباحة محلي للتأكد منه. ثم ذهبت إلى حمام سباحة “روزلاندز” وتذكرت كيف كان الجميع يحدق بي وفي ما أرتديه. وبعد ممارسة الغوص وجدت أن غطاء الرأس ثابتًا ففكرت أن هذا رائع.

كانت هذه هي المرة الأولى التي أسبح فيها في مكان عام، وكانت تجربة رائعة. أتذكر هذا الشعور جيدًا. شعرت بالحرية. شعرت بالقوة. بأنني أمتلك حمام السباحة.

ممارسة الغوص في المياه هي واحدة من أفضل المشاعر في العالم. وتعرفون؟ كنت أرتدي البكيني تحت البوركيني. وامتلكت أفضل ما في العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى