سياسة

في حواره للصحف القومية.. السيسي: حجم التخلف في بلدنا يفوق الخيال لكني متفائل

لا يوجد صراع إطلاقًا بين أجهزة الدولة.. وهكذا أرى الرئيس ترامب

SISIJOURNALIST
الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال حواره مع رؤساء الصحف القومية

قال الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال الجزء الثاني من حواره مع رؤساء الصحف القومية الثلاث إن “حجم التخلف والتراجع الذي لحق ببلدنا يفوق الخيال، وصار حجم العمل والإنجاز يفوق الخيال لكنني متفائل لأن مصر دولة تنتفض وتنهض.. وأقسم بالله إننا سنحقق معا ما هو فوق خيال المصريين.. إذا صبروا”.

وواصل السيسي خلال الجزء الثاني من الحوار المنشور صباح الخميس أنه “لا وجود لصراع أو منافسات بين أجهزة الدولة، ولا تنسوا أن هناك مغرضين يطلقون شائعات الهدف منها النيل من هيبة الدولة، إنني أنظم العمل بين الأجهزة بحكم سلطاتي الدستورية.. فكيف يحدث صراع.. “أمال أنا باعمل إيه”؟!

وإلى النص الكامل للجزء الثاني من الحوار نقلًا عن صحيفة الأهرام: 

سيادة الرئيس.. سمعناك أكثر من مرة تقول إنك لن تتقدم للترشح إلا بإرادة شعبية، وأنك لن تستمر في منصبك إلا برغبة الشعب وكانت المرة الأخيرة في مؤتمر الشباب بالإسماعيلية. نعلم أنك لست ممن يضيق بالمسؤولية مهما تكن عسيرة.. فهل السبب هو تأكيد تقديسك لإرادة الشعب، أم أنه كبرياء المقاتل؟

إننى أريد أن أطمئن الشعب على أنه سيد اختياره. وإجابتي في مؤتمر الإسماعيلية كانت ردا على سؤال يقول: هل لو جاءت نتائج الانتخابات في غير مصلحتك، ستستمر في منصبك؟! لا أشعر أبدا بالزهق من المسؤولية، وأنا مستعد أن أقاتل مع الناس ما دامت راضية بقتالي.

سيادة الرئيس.. أمامنا أقل من عام على الانتخابات الرئاسية المقبلة.. هل اتخذت قرارك بشأن الترشح، لا سيما أن هناك بوادر وتصريحات في الشارع السياسي تحاول التبكير بأجواء الانتخابات؟

الرئيس: نترك هذا الموضوع لحينه، ولكل حادث حديث.

سيادة الرئيس.. هناك مخاوف لدى البعض من تعرضهم لحملات تشويه إعلامية إذا ما أعلنوا عزمهم الترشح للرئاسة.. ماذا تقول للإعلام؟

الرئيس: أدعو الإعلام إلى أن يعطى لهم الفرصة، ويتكلم بموضوعية وتجرد لأجل مصلحة الوطن.

سيادة الرئيس.. ألا تشعر بالقلق نفسه الذي يساور الكثيرين إزاء مستقبل الحكم بعد فترة الرئاسة الثانية إذا قررت خوضها وفزت بها، في ظل ضعف الحياة السياسية وغيبة وجود قوى سياسية فعالة وشخصيات مؤثرة يمكنها كسب ثقة الجماهير ومؤسسات الدولة بما يحفظ استقرار الحكم في البلاد؟

الرئيس: أولا.. أنا لست ضامنا عمري.

ثانيا.. إنني أنظر إلى الدولة وأبحث عن عناصر تستطيع قيادة مصر مستقبلا عن طريق الاحتكاك المباشر، والاختبار والتأهيل وإسناد المسؤوليات ومتابعة النتائج.. أبحث عن شخصيات قادرة تتمتع بالكفاءة والنزاهة والشرف والمقدرة على قيادة مؤسسات الدولة والإدراك الواعي لدولة بحجم مصر.. وكلما نجحنا في أن تعمل مؤسسات الدولة بصورة قوية وفي تكامل بينها، نقدر نتوقع أن يعمل القادم بشكل أفضل وأسهل.

إنني لا أنسى مشهد الرئيس الفرنسي أولاند وهو يشير مودعا الرئيس الجديد ماكرون بكل اللطف والأمان، وأتمنى أن أرى هذا المشهد في مصر.

سيادة ا‍لرئيس.. على ذكر مؤسسات الدولة.. سمعناك أخيرا تدعو المؤسسات إلى التكامل ونبذ الخلافات، ما الذي ينقصنا لبناء علاقات صحية بين المؤسسات الدستورية؟

الرئيس: هذه تجربتنا في ظل دستور جديد يصوغ مسارات تعامل جديدة بين المؤسسات.

وأي دستور في أي دولة هو الذي يشكل صيغة مجتمعية بين الشعب ومؤسسات الدولة.. ولا بد لنا أن نقبل التجربة ولا نخشاها، وأتمنى كمؤسسات دولة أن نكون منتبهين كي تنجح تجربتنا.

سيادة الرئيس.. قانون الهيئات القضائية أثار جدلا بين رجال القضاء ونعلم أنك لم تشأ التدخل احتراما للسلطة التشريعية، ثم وجدنا مجلس الدولة يرسل إليكم اسم مرشح وحيد لرئاسة المجلس، خلافا لنص القانون.. كيف ترى علاقة الحكم بالقضاء؟

الرئيس: أنا أحترم كل مؤسسات الدولة وأحافظ عليها، والقضاء مؤسسة محترمة تحب مصر وتخاف عليها، أما بالنسبة لمجلس الدولة فهم درسوا الموضوع بشكل متكامل، ووضعوا اختيارهم وسأتخذ قراري طبقا للقانون وللمصلحة الوطنية.

سيادة الرئيس.. تثار أقاويل في بعض الأروقة السياسية وفي بعض الكتابات عن وجود صراع أو منافسة بين الأجهزة.. هل لذلك ظل من حقيقة، وبماذا تفسر هذه الأقاويل؟

الرئيس: هذا الكلام غير موجود على الإطلاق. ولا تنسوا أن هناك مغرضين يطلقون شائعات الهدف منها النيل من هيبة الدولة، ثم على أي شيء سيتنافسون أو يتصارعون؟! ثم إن المدد الزمنية لرئيس الجمهورية التي كفلها الدستور، لم تعد كما كانت من قبل حينما كانت أنظمة الحكم تبقى 20 أو 30 سنة، وتداول السلطة معناه أن من يأتي للحكم هو وشأنه مع أجهزة الدولة.. ومعنى الصراع غياب صانع القرار.. إنني أنظم العمل بين الأجهزة بحكم سلطاتي الدستورية.. فكيف يحدث صراع.. “أمال أنا باعمل إيه”؟!

سيادة الرئيس.. هل اختلفت عملية صنع القرار واتخاذه بين المشير السيسي والرئيس السيسي؟

الرئيس: أريد أن أطمئن بأن الأمور لا تؤخذ إلا في إطار مؤسسي، هناك مؤسسات سيادية ومجالس متخصصة ورؤى خبراء ومتخصصون من خارج الإطار التنظيمي.. كما أنني أقابل شخصيات في لقاءات غير معلنة وأستمع إلى تصوراتهم وتقديراتهم، والأداء يتطور كل يوم إلى الأفضل.

سيادة الرئيس.. دعوت أكثر من مرة إلى اندماجات بين الأحزاب المتشابهة في برامجها وتوجهاتها السياسية، ليكون عندنا أكثر من حزب قوى يسهم في تفريخ الكوادر ويضمن تداول السلطة.. كيف يمكن عمليا أن تتحقق هذه الدعوة؟

الرئيس: علينا أن لا نتعجل، وينبغي أن لا نسيء لأحزابنا ونصفها بأنها كرتونية أو ضعيفة، يجب أن نشجعها لتقوم بدور أكثر فاعلية، وأتمنى أن نرى الأحزاب، ذات الأيديولوجيات المتشابهة، تسعى لإيجاد صور للتنسيق أو الاندماج، وأنا داعم لها جميعا، وأطمئن إليها، وأثق فيها ثم كم مضى من فرص على تجربتنا الحزبية؟! إن هناك دولا مضى عليها أكثر من 200 أو 300 سنة ونضجت تجربتها الحزبية، ومع ذلك ما زالت تتحرك وتتطور، إنني ضد الإساءة لقوانا السياسية، ونكون أشبه بمن يعاير ابنه لو رسب في مادة ولا يعاونه على النجاح.

سيادة الرئيس.. لاحظنا تغييرا أكثر من وزير للتعليم في الفترة الأخيرة، هل لهذا علاقة بالرغبة في الإسراع بملف تطوير التعليم؟

الرئيس: الدكتور طارق شوقي وزير التعليم الجديد كانت عنده الفرصة كأمين عام للمجالس الرئاسية المتخصصة ومسؤول عن المجلس التخصصي للتعليم والبحث العلمي ليتابع هذا الملف بعناية، وكان هذا الموضوع محل دراسة من جانبه، وهو صاحب فكرة بنك المعرفة الذي وصفه خبراء عالميون بأنه فكرة عبقرية، وسألونا كيف نتيح هذه المكتبة التي تحوي نتاج أرقى المراكز والبحوث في العالم، وجزء كبير منها معرب، وجزء آخر بالإنجليزية واللغات الأخرى، وكل ما نتمنى معرفته من علوم متاح وفقا للعقد الذي أبرمناه، ولبنك المعرفة موقع هائل له «سيرفر» استغرق تجهيزه نحو 4 أشهر، ليس معنى هذا أن الوزراء السابقين على الدكتور طارق كانوا سيئين.. أبدا إنما التحدي كبير لذا اخترنا أن نعطي فرصة للمتابع.

سيادة الرئيس.. ملف الزيادة السكانية أحد أهم التحديات التي تجابه التنمية في مصر.. هل هناك إجراءات تتم دراستها لمواجهة ارتفاع معدلات زيادة السكان؟

الرئيس: لعلكم لاحظتم أننا بدأنا نرفع نبرة الحديث عن هذه القضية بعدما كنا نتحدث عنها على استحياء بسبب خطة تثبيت الدولة.

الحكومة تتحرك لدراسة برامج ومقترحات ومشروعات قوانين لضبط الزيادة السكانية، بعدما ارتفع عدد المواليد سنويا إلى 2.5 مليون نسمة بمعدل يزيد على 3 أمثال النسبة في الصين التي نجحت في ضبط النمو السكاني منذ عقود وحققت نتائج اقتصادية مبهرة.

بمناسبة مؤتمرات الشباب ما تقييمك للنجاح الذي تحققه هذه المؤتمرات، وتواصلك مع الشباب.. وهل صحيح ما يردده البعض عن أنه مغلق على اتجاهات سياسية؟

الرئيس: فكرة عقد هذه المؤتمرات عبقرية، وحققت كل أهدافها، ووعي الشباب الذين ألتقيهم في المؤتمرات أكثر من رائع، فأستمع إلى تجاربهم وأفكارهم، من خلال هذا الجسر الحقيقي مع الشباب، وأنا أعتبر هذه المؤتمرات أحد عناصر قوة مصر الناعمة.. وفي زياراتي الأخيرة استمعت إلى ثناء مسؤولين كبار على هذه المؤتمرات ورغبتهم في حضورها، وستتم دعوتهم إلى المؤتمرات المقبلة، وهناك أيضا مؤتمر دولي للشباب في نوفمبر يجرى الإعداد له، ودعوة المؤسسات الشبابية من مختلف دول العالم لحضوره.

مؤتمرات الشباب غير مغلقة، ونحن نحرص على أن تعقد في كل مرة بمحافظة مختلفة، ويحضرها أبناء هذه المحافظات بالأساس بجانب شباب من باقي المحافظات، وهناك شباب من أحزاب وقوى سياسية يشارك في المؤتمرات بالحضور أو من خلال الأسئلة، كما تابعنا في مؤتمر الإسماعيلية عبر جلسة (اسأل الرئيس)، وهذه المؤتمرات أكثر اتساعا وشمولية من اللقاءات المغلقة، فضلا عن أنها تستمر 3 أيام وتذاع جلساتها على الهواء بمحطات التليفزيون ويشاهدها باقي أبناء الشعب، وبالنسبة للفئات الجماهيرية الأخيرة من غير الشباب كالعمال والمرأة، فإنني حريص على حضور كل مناسباتهم.

سيادة الرئيس.. ألم يحن الوقت لإطلاق حملة قومية لمحو الأمية خلال فترة زمنية محددة؟

الرئيس: تتذكرون في مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، أنه تم تكليف شباب الأحزاب في مقررات المؤتمر بتبني قضية محو الأمية والعمل التطوعي، وقد انتهوا فعلا من وضع ملامح لحملة قومية وإجراءات تنفيذها، وسوف ترسل إلى الرئاسة أول الأسبوع المقبل، والأمر المشرِّف أن الأحزاب شاركت بحماس وقدمت مقترحاتها.

سيادة الرئيس.. التقيتم مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية منذ أيام كيف ترى دورها في نشر الثقافة ومجابهة التطرف؟

الرئيس: نحن حريصون على كوادرنا والشخصيات التي أعطت وأثرت الحياة الثقافية، مثل د.إسماعيل سراج الدين رئيس مجلس الأمناء السابق للمكتبة، وقلت له: أنت معنا في مجالس أخرى، كمجلس كبار العلماء والمجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف.

وقلت لأعضاء مجلس الأمناء إننا مستعدون للقيام بدور أكبر وأوسع سواء داخل مصر أو خارجها لدعم رسالة مكتبة الإسكندرية كمنارة عالمية.

سيادة الرئيس.. بمناسبة ذكر المجلس الأعلى لمكافحة التطرف والإرهاب.. متى يتم تشكيله؟

الرئيس: نحن نعمل على وضع قانون المجلس وتشكيله، وقد عقد رئيس مجلس الوزراء ثلاثة اجتماعات للتنسيق وبحث تشكيل المجلس ومهامه والتشريع الخاص به. وأمام المجلس قضية كبرى هي قضية الفكر المتطرف ومكافحة الإرهاب الناجم عنه، ومهمته وضع إجراءات فكرية وإنسانية من خلال عمل مؤسسي له القدرة على تمرير قراراته على مستوى الدولة.

سيادة الرئيس.. هل لا يزال الإرهاب يمثل خطرا يهدد بقاء الدولة؟ وكيف تسير الحرب على الإرهاب؟

الرئيس: لا.. لم يعد الإرهاب يهدد بقاء الدولة المصرية.. ولن يستطيع أحد أن يهدد بقاء الدولة إلا الداخل المصري.. شعب مصر وحده هو من يقرر الحفاظ على الدولة وبقائها من عدمه.. وهذا رهاني الكبير الذي أعلقه على عقل وقلب وضمير المصريين جميعا هو أن يحافظوا على بلادهم. والإرهاب بصفة عامة فساد فكري في عقائد من يعتنقونه.

والموقف بالنسبة للحرب على الإرهاب تحسن بشكل كبير، وقدرتنا على المجابهة تزداد بصورة كبيرة، والإرهاب قضية لا تنتهي في يوم وليلة، لذا يستخدم كأداة لتدمير الدولة، ولنا أن نلاحظ حجم الخسائر التي لحقت بنا في إيرادات السياحة التي تأثرت بالإرهاب.

وهدم الدولة لا يكون عبر التأثير على الاقتصاد، وإنما عبر استخدام الاقتصاد كأداة لهدم آمال الناس. لذا لا بد من تحرك الناس لإصلاح الواقع، وهذا لن يتحقق إلا بالعمل والفهم وإدراك التحديات، وأنني مطمئن للجهود الأمنية العسكرية التي تتحسن كل يوم في مجابهة الإرهاب.

سيادة الرئيس.. فور وقوع حادثي كنيستي طنطا والإسكندرية، لم تتردد في إعلان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر.. هل أثمر هذا الإجراء؟

الرئيس: حالة الطوارئ أتاحت الفرصة للأجهزة للتعامل في إطار صلاحيات أوسع، وأعطت إشارة قوية بأننا لن نتردد في حماية بلادنا مهما تطلب الأمر.. وجاء رد فعل الشعب ليعكس فهمه ووعيه بحجم المخاطر، ولاحظنا ذلك في إجماع البرلمان على قرار إعلان الطوارئ وموقف الرأي العام.

سيادة الرئيس.. في غير مجابهة الإرهاب، لم يلاحظ أحد أن هناك حالة طوارئ معلنة في مصر.. ما السبب؟

الرئيس: لأننا لا نحاول اتخاذ إجراءات استثنائية لا لزوم لها.

سيادة الرئيس.. لاحظنا في الأسبوع الماضي خروج فتاوى غير مسؤولة بتكفير مواطنين مصريين من أناس كان يفترض فيهم الوعي والتحلي بالمسؤولية.. كيف تابعت هذه التصريحات؟

الرئيس: هذه التصريحات تؤكد أن تخلف الفهم الديني ما زال هو التحدي، ولا بد أن نتحسب من الهوس الديني، فنحن نريد أن نعيش ونمارس إيماننا باعتدال حقيقي وبسماحة وفهم، وأرى أن رد فعل الناس واستيائهم كان أبلغ رد على مثل هذه الفتاوى غير المسؤولة.

سيادة الرئيس.. الأزهر تعرض لهجمة إعلامية شرسة، لم تخفت حدتها رغم العبارات القاطعة التي أعلنتها بخطابك في أثناء زيارة بابا الفاتيكان لمصر، والتي تؤكد الإعلاء من شأن الأزهر والتقدير لشيخه.. كيف ترى دور الأزهر؟

الرئيس: الخط العام لنا هو الحفاظ على مؤسسات الدولة المصرية وتشجيعها على القيام بدورها وتطويرها لتتناسب مع التحديات والمخاطر التى تواجهنا، والأزهر له مكانة كبيرة في مصر وخارجها، لذا نحن مصرون على أن ينهض بهذا الدور، والمنطقة والعالم أحوج ما يكونان لهذا الدور.

سيادة الرئيس.. زيارة البابا فرانسيس لمصر كانت أكثر من ناجحة.. ورغم ذلك لم نستطع استثمارها الاستثمار الأمثل عالميا سواء من الناحية السياسية والأمنية أو من الناحية الدعائية السياحية.. هل تتفق مع هذا الرأي؟

الرئيس: لست معكم، لماذا لا تصدقون أن ما تحقق جيد جدا.. لماذا تشعرون بأنكم مقصرون وتجلدون ذواتكم؟ الاستفادة تحققت بالفعل، العالم ينظر إلينا.. فهل تحقق هذا دون جهد مبذول. كذلك وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها تحدثت عن الزيارة وعن مصر.. تنفيذ الزيارة في حد ذاتها في هذا التوقيت إنجاز.. ترتيباتها إنجاز.. فعالياتها إنجاز.. كلام البابا عن مصر أم الدنيا، وعن أنها التي أنقذت العالم من المجاعة في عهد النبي يوسف، وأنها التي ستنقذ المنطقة من مجاعة الأخوة والمحبة.. كل هذا إنجاز، نحن الذين نعطي الآخرين الانطباع عن بلادنا.. لو قلنا إن البلد به فساد سينقلون عنا.. ولو قلنا إنه غير مستقر أو أن الحكومة ضعيفة سينقلون ذلك أيضا عنا.

سيادة الرئيس.. نسألك في كل مرة عن الإعلام المصري.. هل تجد أنه بدأ يصحح مساره، أم يرتد إلى الوراء؟

الرئيس: لا يوجد ارتداد إلى الوراء، إعلامنا يتحرك للأمام وسنتحسن أكثر وهذه ليست مجاملة للإعلام.

سيادة الرئيس.. أخيرا أنشئ المجلس الأعلى للإعلام، والهيئتان المسؤولتان عن ماسبيرو، والصحافة القومية.. ما هو الدور الذي تنشده من المجلس والهيئتين؟

الرئيس: التجربة ما زالت في بدايتها.. وكل الدعم لها في ضوء الدستور والقانون، نحن لا نريد أن نتعجل النتائج، فالأمور تأخذ وقتها، ولا بد أن نشجع ونحترم المؤسسات التي أقرها الدستور، وأنا أدعم وأحترم هذه المؤسسات لأنها تقوم بدور رائع في خدمة دعم وبناء الوطن، وهذا الدور سيكتمل بعد صدور قانون الصحافة والإعلام، وإنني متأكد من أنها ستحقق النتائج المرجوة.

سيادة الرئيس.. نأتي لعلاقات مصر مع محيطها العربي والدولي.

تلقيت دعوة من خادم الحرمين للمشاركة في القمة العربية – الإسلامية – الأمريكية بالرياض.. هل ستشارك فيها؟

الرئيس: سأشارك – بإذن الله – في هذه القمة التي ستعقد في 21 مايو، وأنا حريص على تلبية أي دعوة من الملك سلمان.. فمصر والسعودية جناحا هذه الأمة، والتنسيق والتعاون والتشاور يتم على أعلى درجة.. ودائما تجد مصر مع أي جهد يسهم في تحقيق الاستقرار ومجابهة التطرف والإرهاب.. وسنحاول استثمار المؤتمر ولقاءاته لمصلحة الاستقرار في المنطقة.

سيادة الرئيس.. التقيت الرئيس الأمريكي ترامب الشهر الماضي في واشنطن، وتلقيت منه اتصالا هاتفيا منذ يومين تناول قمة الرياض المقبلة، وعبر فيه عن تطلعه لزيارة مصر في أقرب وقت.. كيف ترى مسار العلاقات المصرية – الأمريكية في ضوء وعود الرئيس الأمريكي الجديد لمصر بتقديم كل العون والمساندة لها؟

الرئيس: لدي ثقة كبيرة في شخص الرئيس ترامب وفي قدراته وفي وعوده.. وهناك أشياء نعلن عنها وأشياء لا نعلنها.. الأمور تسير بإيجابية، وأنا أعتبر الرئيس ترامب شخصية متفردة وعظيمة للغاية، فهو إذا دخل في قضية لا يقبل عدم النجاح فيها، ولا يرضى بغير النجاح.

سيادة الرئيس.. أطلقتم على القضية الفلسطينية اسم “قضية القرن”، وتحدثت مع الرئيس ترامب بشأن العمل على إحلال السلام وحل هذه القضية والتعاون لإنهاء باقي أزمات المنطقة.. هل هناك أمل إزاء حل هذه القضية في ظل إدارة ترامب؟

الرئيس: الفلسطينيون مستعدون للسلام.. والعرب مستعدون للسلام.. وإسرائيل ترى أنه يوفر فرصة، وبالفعل هناك فرصة إذا أحسن اغتنامها فسنصل إلى حل وسيصبح الصراع تاريخا.. والرئيس ترامب هو الرقم الحاسم في هذا الحل.. وتقديري أنه لا يأخذ أوقاتا طويلة في حسم القضايا، والآليات ومحاور الحركة لديه مختلفة لأنه شخصية قادرة، لا يعمل كالآخرين.. وأقول للرأي العام والشعب الإسرائيلي إن لديكم فرصة للسلام، ولدينا جميعا فرصة لنعيش معا ونوفر مستقبلا أفضل لشعوبنا بعيدا عن الكراهية، ومن الخطأ الشديد إهدار هذه الفرصة ونحن ندخل القمة العربية – الإسلامية – الأمريكية باستراتيجية ذات آمال عريضة، وعندما التقيت الرئيس ترامب في البيت الأبيض كان تركيزنا على مكافحة الإرهاب وحل القضية الفلسطينية.. ومصلحتنا واحدة في هذا الشأن.

سيادة الرئيس.. كيف تقيم التعاون المصري- الخليجي في ضوء جولتك الأخيرة بدول الخليج الشقيقة؟

الرئيس: العلاقات المصرية – الخليجية لا يمكن أن تنفصم، فنحن مصيرنا واحد.. والجولة جاءت في إطار تعزيز علاقات التعاون وبحث الوضع الإقليمي.. ونحن نزور الأشقاء في دول الخليج وهم يزوروننا من أجل التنسيق والتشاور.

سمعناك توجه الشكر لدولة الإمارات عند افتتاح صوامع الغلال الجديدة؟

الرئيس: هذا صحيح.. فدولة الإمارات الشقيقة أهدت مصر 25 صومعة غلال، قيمة الواحدة منها 150 مليون جنيه منذ 3 سنوات، وقد أنشأت هذه الصوامع 3 جهات مصرية هي المقاولون العرب، والهيئة الهندسية، والهيئة العربية للتصنيع، بالتعاون مع خبرة أجنبية.

سيادة الرئيس.. سوريا تحتل مكانة تاريخية خاصة لدى مصر.. أين الدور المصري في حل الأزمة السورية؟

الرئيس: دائما نسعى إلى أن يكون لنا دور إيجابي في دعم أي جهد سياسي لإيجاد مخرج في إطار الحفاظ على الأراضي السورية ووحدتها واحترام إرادة الشعب السوري في اختيار مصيره، ورفض أن يكون هذا الشعب أسيرا، أو الدولة السورية أسيرة للجماعات الإرهابية المتطرفة. وهذا هو موقفنا مع كل القضايا العربية الأخرى، فلن نستعيد عافيتنا كمنطقة عربية إلا باستعادة هذه الدول وانتشالها من أزماتها.

سيادة الرئيس.. يبدو الدور المصري نشيطا في الأزمة الليبية، وقد التقيت منذ أيام المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي.. إلى أين تسير جهود تحقيق الوفاق الوطني الليبي؟

الرئيس: ليبيا دولة جوار مباشر، واستقرارها يؤثر بشكل مباشر على أمننا القومي.. ونحن حريصون على أن يكون لنا دور إيجابي داعم لإيجاد حل سياسي يحقق الاستقرار الأمني لليبيا الشقيقة.. والحقيقة أن لقائي المشير حفتر كان لقاء رائعا، وأنا أثق به، ونحن ندعم بقوة صمود التوافق بين الأشقاء الليبيين، وندعو إلى رفع حظر تسليح الجيش الوطني الليبي الذي نعتبره الأساس في تحقيق الاستقرار والأمن في ليبيا.. نحن ندعم الجيوش الوطنية في كل الدول العربية التي تعاني أزمات. وهناك تنسيق بيننا وبين الأشقاء في الإمارات الذين يلعبون دورا إيجابيا لمصلحة عودة الاستقرار إلى ليبيا، والمصلحة واحدة بيننا في إعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد الشقيق من أجل عودة الدولة الليبية.

سيادة الرئيس.. سمعنا كثيرا من روسيا عن قرب عودة رحلات الطيران إلى مصر، لكن لم يتحقق شيء، وبدأنا نسمع تصريحات من مسؤولين روس ترجئ هذا الأمر.. كيف تسير العلاقات المصرية الروسية.. وإلى أين وصل اتفاق إنشاء محطة الضبعة النووية؟

الرئيس: أحد ثوابت علاقات مصر الدولية هو الانفتاح على جميع الدول بعيدا عن الاستقطاب والتحالفات.. ونحن نقدر روسيا ودورها ودعمها لنا، ولا يمكن أن نعلق علاقتنا على موضوع عودة السياحة.. فالعلاقات بين الدول أكبر من هذا بكثير، إننا نسعى لتوفير الأمن والأمان لكل السياح وليس للسياح الروس فقط، وهذا يعكس قوة وهيبة الدولة المصرية، ومن يزور مصر آمن ولا بد أن يكون آمنا.

أما بالنسبة لموضوع الضبعة، فالاتفاق يشمل أربعة عقود وتم التوصل نهائيا لثلاثة منها، والتفاوض مستمر على ما تبقى من عقود، وبمجرد أن تكون جاهزة، سنبدأ العمل في اتجاه توقيعها، والأمور على مسار العلاقات المصرية – الروسية تمضي بشكل طبيعي.

سيادة الرئيس.. كيف ترى العلاقات المصرية – الفرنسية، في ظل دخول الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون قصر الإليزيه؟

الرئيس: علاقتنا بفرنسا رائعة، وقد أصدرنا بيان تهنئة للرئيس الفرنسي الجديد باسم رئاسة الجمهورية.. ونحن نقدر انشغال الرئيس ماكرون بتسلم السلطة لتوه، لنهاتفه ونقدم له التهنئة.. أيضا علاقتنا بألمانيا طيبة وتسير بشكل جيد معها ومع دول الاتحاد الأوروبي.

سيادة الرئيس.. نلاحظ أن العلاقات المصرية – السودانية ينتابها مد وجزر، بالرغم من الأواصر التاريخية الوطيدة التي تربط البلدين والشعبين.. إلى درجة التراشق عبر وسائل التواصل والإعلام.. كيف تقيم هذه العلاقات؟

الرئيس: العلاقات المصرية – السودانية تتسم بالخصوصية الشديدة وتتعدى مرحلة الشراكة الاستراتيجية إلى مرحلة المصير الواحد.. النيل الذي جمع الشعبين المصري والسوداني على مدى التاريخ سيظل شاهدا على ذلك.. وأنا على اتصال دائم بالرئيس عمر البشير، وأرفض أي محاولات من شأنها النيل من عمق العلاقات بين البلدين.

سيادة الرئيس.. كيف تسير الأمور مع إثيوبيا في ملف سد النهضة؟

الرئيس: منذ أن توليت مهام منصبي وأنا أولي العلاقات مع إثيوبيا أهمية خاصة.. ورؤية الدولة تجاه العلاقات مع إثيوبيا قائمة على الاحترام المتبادل ومراعاة تحقيق مصالح البلدين.. ونحن حريصون على استمرار التعاون والاتصال بين الدولتين.. وخلال القمة الإفريقية الأخيرة التقيت رئيس الوزراء الإثيوبي، واتفقنا على استمرار عمل اللجان الفنية والهندسية الخاصة بمتابعة سد النهضة، وحرصنا على أن نزيل جميع مسببات التوتر بين البلدين.

قبل أن نختتم حوارنا.. نود أن نسألك عن تحالف 30 يونيو ونحن نقترب من الذكرى الرابعة لهذه الثورة المجيدة.. هناك من يرى أن هذا التحالف قد انتهى أو على الأقل أصابه التآكل.. هل تتفق مع هذه الرؤية؟

الرئيس: هذا التحالف الوطني لم ينته وقد فرضته الحالة القائمة وقتها والظروف. وشعبنا قادر بوعيه وإرادته على أن يتحرك تلقائيا ببوصلة تثير الإعجاب الشديد، وشعبنا كان يرى كل شيء دون توجيه.. وكل الناس تتحرك في مواجهة الخطر.

وأنا لم أشاهد أن هذا التحالف أصابه ضعف أو تفكك فهو موجود وقائم سواء في مواجهة خطر وقتي أو خطر ممتد. ونحن ليس أمامنا خيار إلا العمل والصبر والتضحية ثم الإيثار.

سؤالنا الأخير.. كما تعودنا أن نسألك يا سيادة الرئيس: هل ما زلت متفائلا؟

يبتسم الرئيس ويقول: كيف بعدما ذكرت لا أكون متفائلا.. إن حجم التخلف والتراجع الذي لحق ببلدنا كان يفوق الخيال، وصار حجم العمل والإنجاز فوق الخيال.

إنني متفائل لأن مصر دولة تنتفض وتنهض.. وأقسم بالله إننا سنحقق معا ما هو فوق خيال المصريين.. إذا صبروا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى